نقد علي التاريخ الشفهي للحرب،مراجعة تجربة إحدي المقابلات

محمد دروديان
ترجمة: أحمد حيدري

2021-3-13


بعد قرار مركز توثيق وبحوث الدفاع المقدس بالتحدث مع أمراء الحرب تحت عنوان "التاريخ الشفوي للقادة"، الذي صممه ونفذه الراحل الدكتور أردستاني، فإنّ دراسة التاريخ الشفوي حتى الآن، ونظراً لأهميتها المنهجية، لقد قمت بذلك باستمرار وكتبت ملاحظات مختلفة في هذا المجال.

في المصادر الفارسية، تم النظر في التاريخ الشفوي والتأكيد عليه أكثر من خلال صحة الطريقة الشفوية وتمييزها مع التاريخ المكتوب، وفي معظم الحالات من خلال طريقة المقابلة، يتم اعتبارها هي نفسها. في المصادر الأجنبية، المتأثرة بالآراء الفلسفية الموجودة في هذا المجال، هناك آراء أخرى منهجية لم تحظ باهتمام كبير في التاريخ الشفوي للحرب. في هذه المذكرة، سأراجع تجربة التاريخ الشفوي مع العميد غلام علي رشيد.

كانت المرحلة الأولى من التاريخ الشفوي مع العميد رشيد "تحليلية ونقدية" للغاية. وبهذه الطريقة، ومن خلال سلسلة من الأسئلة حول أحداث ومسار الحرب، تمت دراسة البنية الفكرية للعميد رشيد من منظاره للأحداث والتقارير المنبثقة منها... الطريقة  المشار إليها أعلاه، والتي هي قريبة من "التاريخ الشفوي النقدي"، تم إعدادها للحوار على أساس الاحتمالات التجريبية والقدرات العقلية المذكورة. بدأت المرحلة الأولى من التاريخ الشفوي بأوضاع البلاد بعد انتصار الثورة وموقعه في دزفول واستمرت حتى فتح خرمشهر. وبعد المحادثات تم تعديل هيكلية القضايا المذكورة في مجلدين مع التركيز على عملية التطورات الأمنية والعسكرية على النحو المذكور.

وقد انتقد بعض الأصدقاء الأسلوب، ومنهم الراحل الدكتور أردستاني، المسؤول آنذاك عن مركز توثيق وبحوث الدفاع المقدس، لاستخدامه "أسئلة حرجة" على أساس موضوع العميد رشيد وموقعه. وكان رأيه في نقد الطريقة المذكورة : "لماذا لا تدعه يتكلم؟" مع قبول هذا الرأي، أكدت في الرد،  "الغرض من التاريخ الشفوي هو الكشف عن المواقف وصقل الأحداث وتوضيحها، وليس صنع التاريخ باستخدام الكلام دون طرح أسئلة نقدية." في الواقع، مع فكرة أنّ التاريخ كان حقيقة في الزمان والمكان، سعيت إلى توضيح الحقائق التاريخية من خلال الحوار النقدي. في هذا السياق، أتحدث إلى أي شخص يذكره العميد رشيد كعامل أو شاهد تاريخي، في لقاءات أخرى وبحضور العميد رشيد نفسه، حتى إذا كان هناك تناقض بين الأقوال فسيظهر ذلك، حيث لقد اتضحت من خلالها حالات تاريخية مهمة جداً.

ولقد استؤنفت المرحلة الثانية من التاريخ الشفوي مع العميد رشيد بعد توقف طويل ومراجعة أسلوب الحوار، كما توقفت بعد فترة بسبب انتشار فيروس كورونا. في المرحلة الجديدة، مستشهداً بمذكراته التي كُتبت بعد الحرب، أعيد قراءة أحداث اليوميات. في الحوارات الجديدة، يتم تقديم بعض الموضوعات بتفصيل كبير والبعض الآخر لتقديم لمحة عامة عن الوضع باستخدام مصادر أخرى تم نشرها في هذا المجال. وكان الفارق الأهم بين هذه المرحلة والسابقة، بالإضافة إلى ذكر تفاصيل الأحداث، هو رفض التحدث إلى أشخاص آخرين ذُكرت أسماؤهم أو ذكرت في الكتيب. في الوقت نفسه، يبدو لي أنّ القاسم المشترك في المرحلتين كان التركيز على الأحداث السياسية العسكرية للحرب، بطريقة وصفية وتحليلية،  على المستويين الجزئي والعام.

في رأيي، وبناءً على هذه التجربة، إذا تم سرد التاريخ الشفهي أو المكتوب وكتابته مع التركيز على وصف وتحليل "الحدث"، فمن الناحية المنهجية، فإنّ استخدام الأساليب الشفوية أو المكتوبة سيكون له نفس النتيجة في الدراسات التاريخية ويمكن أن تكون مكملة. إذا كانت الطريقة الشفوية، بدلاً من الحدث،  تركز على "الفعل البشري" في مواجهة الأحداث التاريخية، فإنّ التاريخ الشفوي يصبح مهماً من منظور مراجعة " تجربة المواجهة الإنسانية مع الحرب". في هذه الحالة، لن تكون الحرب موضوع حوار في التاريخ الشفوي على أساس "أحداث تاريخية في الماضي"، بل على أساس "تجربة" من قبل أشخاص مختلفين، لأنّ الحدث ووقوعه في الزمان والمكان، هو الموضوع، وهو ليس حواراً، بل استعراضاً للتجربة الإنسانية والتفسير التاريخي الذي يحدث. من هذا المنظور، فإنّ التاريخ الشفوي للقادة هو سرد تجربة ومراجعتها في شكل سرد تاريخي، من منظور الراوي، ونحن نواجه "روايات متعددة" من "تجارب مشتركة".

28/2/2021م

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2160


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة