ليالي الذكريات الثلاثمائة وستة عشر- 2

ما بقي من سلاح الحرب، الثقافة والإيثار والشهادة

إلناز درويشي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-9-14


 

أقيمت مراسم ليالي الذكريات الثلاثمائة وستة عشر في 27/8/2020 بصورة مجازية على موقع آبارت. وشارك كلّ من مصطفى بيدقي الأسر المحرر من يد التكفريين والسردار علي ولي زادة وأدار الحوار داوود صالحي.

كان الراوي الثاني السردار علي ولي زادة مختص متفجرات في سنوات الدفاع الثمان المقدس. يدخل المختصون في المتفجرات الميدان قبل الجميع؛ وحتى اليوم لم يتركوه. كانوا الأقرب للشهادة. السردار علي ولي زادة ابن الشهيد الحاج ولي زادة وأخ للشهيد الحاج أصغر والحاج أكبر وأمير ولي زادة.

وبدأ حديثه قائلا:

عمليات خيبر في منطقة خوزستان وهور العظيم كانت تقريبا على ثلاث جبهات في منطقة الطلائية والجزر الشمالية والقرنة. كنت في منطقة القرنة، وبعد انهاء العمليات، تراجعت للخلف. رأيت في طريق العودة حول الأسلاك الشائكة أسماء الشهداء؛ أصدقاء كانوا قبل أيام معي.

تمّ الاعلان بعد عمليات خيبر اخلاء الجزر الشمالية والجنوبية. ولأنّ آبار النفط في الجزر تقرر ارسال فريق لتفجير الآبار. رست المهمة عليّ. ملأنا ثلاث سمتيات بالعتاد الذي حصلنا عليه من خنادق العراق. كان تحليقنا مساء، حين وصلنا، كان الوقت قليلا لانزال العتاد؛ لأنّ العراقيين يسمعون صوت المروحية. أرسلوا خلفي المرحوم حسين كربلائي وداريوش جعفر زادة بالدراجات النارية.

قال جعفر زادة: "علينا الذهاب للمقر". حين وصلنا كان الشهيد همت ينتظرنا. لم أر الشهيد همت على هذه الحالة من التعب. كان الوضع صعب جدا في المنطقة. قال لي الشهيد همت: "أُلغيت عملية تفجير البئر، طلب الإمام في رسالة أن نحافظ على الجزيرة، وسيبقى الشباب وإن تحوّل الأمر إلى كربلاء". وتغيّرت المهمة من تفجير إلى الحفاظ على المنطقة. كان بيننا وبين العراقيين سدين الاول لفرقة 10 سيد الشهداء والثانية لفرقة علي بن أبي طالب. كان ضغط العراقيين على حسن سيد الشهداء. قال لي الشهيد همت: "لو استطعنا تغيير اتجاه الماء من اليسار لليمين لارتاح بالنا من ناحية الجزيرة". قلت له: "يمكننا تحريك الماء لعمق مترين". فرح وسأل: "كم نحتاج من الوقت؟" قلت: "عادة أربعين أو خمسين دقيقة ولكن أثناء التمارين لا يتعدى الوقت الربع ساعة". وكان أول تفجير على هذا المستوى في الحرب.

في الطريق للتعرف على المنطقة، وجدنا الكثير من الشهداء والجرحى. حُدد وقت التفجير، قلت لمسؤل التفجيرات في فيلق 10 سيد الشهداء السيد محمد زينالي حسيني انقل الشباب للخلف؛  لأنه بعد تفجير السدّ لا يمكن التراجع.

كان تفجير السدّ على مرحلتين، أن نضع المتفجرات في حفرة. والهدف من التفجير فتح حفرة بعمق أربع أمتار. انقسمنا لفريقين، لأنّ علينا العودة سريعا. نفذت المرحلة الاولى ونفذ الثانية محمد ظهوريان. أثناء العمل، أطلق العراقيون النار. أشعلوا أضواء الدبابات وبات السماء ضاوية. بعد الانفجار الأول أطلق العراقيون مضادات الطائرات، ظنوا أنه يقصفون. في المرحلة الثانية تمت بخير وبنجاح. الماء الفاصل بيننا والعراقيين سبب في وقف الدبابات. كان معنا مهندسا من المقر لمراقبة العمل. وكان الأمر أشبه بمعجزة.

وأضاف: هناك أمران يتعلقان بالتفجيرات: الأول تكنيك العمل والثاني نفسيات المفجرين. ما يقوم به شباب التفجيرات في الحرب، يدلّ ليس لدينا وقت محدد، كل الاعوام الثمان كانت محرم وعاشوراء.

يدخل المحاربون المنطقة في زمن العمليات، في حال يدخل المفجرين قبل العمليات للتعرف على المنطقة وبعد العمليات يقومون بتطير الأرض من الألغام. كانت نفسية الشهادة والإيثار وهي من محصلات محرم وعاشوراء، ومن بعد ذلك دخلت هذه الثقافة للجامعة.وما هو ما ظهر في المنطقة كمقاومة سوريا ولبنان والعراق. لم نأت بأسلحة من الحرب بل سلاحنا الأساس ثقافة الإيثار والشهادة. يمكنني القول بكل ثقة أنّ أمنيات كل شهدائنا كانت زيارة كربلاء لا غير.

ويتحدث عن ابطال مفعول قنبلة كيميائية بعد عمليات بدر: بعد عمليات بدر، جاء المهندس رضائي من طرف وزارة الحرس إلى مقر حميد. أحضر لي رسالة من محسن رفيق دوست يقول فيها هناك قنبلة في المنطقة ويجب ابطال مفعلوها وأن ترسل إلى طهران ليعملوا عليها. وطلب مني الإخوة في الجيش أن أبطل مفعول قنبلة، لذلك حولت لهم المهمة. أرسلت الرسالة إلى القوة الجوية لإرسال فريق. مرت ثلاث أشهر حتى التقيت رضائي ثانية  في المقر. كان حزينا جدا، إذ في هذه الفترة ذهبت الكثير من الفرق لابطال مفعول القنبلة ولكنهم لم ينجحوا. وكان أمرا طبيعيا، لأنه كان نظاما غير معروف لنا.

صيف خوزستان حار جدا؛ طلبت منهم الذهاب وأنا أرتدي نفس ثيابي. نظر رضائي لي وقال: "يا سيد ولي زادة لا تأذني أكثر، ذهبنا طوال ثلاث أشهر بفرق عديدة لابطال مفعولها". قلت: "أنا جاد، توكلنا على الله وسننجح". كنا عائلة تعمل في مدّ الأنابيب وأحيانا استخدم أطروحات مدّ الأنابيب لابطال القنابل. أخذت في الطريق مفكين وكما هي العادة كان متطوعين من الشباب، كان علي فريدون نجاد الذي فقد يديه وعين واخترت أيضا رضا طاهري للذهاب معنا. وكان معنا من فريق توثيقي وفريق دفاعي بيلوجي.

أخرجنا القنبلة من الأرض. هناك خيط  ملوّن حول القنابل الكيميائية وعليها رقم محدد. الخيط الأصفر غاز الأعصاب والأحمر غاز السيانور والأزرق الخردل. يدلّ الخيط الاحمر على أنها غاز السيانور. وضعنا أكياسا حولها للانفجار الأول. ولأنّ في القنابل الكيميائية لا أهمية للشظايا بل للغاز، سيكون الجدار الأولي رفيع. طلبوا منا افريق اليبلوجي ارتداء الثياب المخصصة لمثل هذه المهمة. تشبه ثيابنا ما يرتديه الممرضون والممرضات الآن. كانت الثياب خانقة في أجواء خوزستان الساخنة. وطبق العادة طلبنا منهم التراجع وجلست مع علي فريدون للحديث مع القنبلة. حين يريد خبراء التفجيرات ابطال مفعول قنبلة يقيمون علاقة معها لمعرفة هل تمثل خطرا لهم أم لا. قلت لعلي: "ليس لديّ شعور أن تجرأ القنبلة على أذيتنا". ما أن فصلنا الجزء العلوي، صدر منها دخان. رميت المفكات ورميت نفسي خلف التراب. ضحك علي وقال: "أعتقد أنك أخطأت وهي القنبلة ذاتها". مرت عشر دقائق ولم يحدث شيء. عدت لها مرة أخرى. الحمد لله استطعنا ابطالها والقليل من السائل فيها وسلمناها للسيد رضائي. وأخذت فوّة القنبلة للتمرن عليها.

عاد رضائي بعد أسبوعين وقلت له وأنا أضحك: "ماذا حدث؟ سلمنا القنبلة". قال: "أخذناها ولكن لم نجرأ على لمسها، نخاف أن تنفجر". وتقرر أن ألقي عليها نظرة إذا ذهبت إلى طهران. وبعد اسبوعين ذهبت. أعددت ما أحتاجه وأجرت السائل منها وسلمته. لم يكن عملا صعبا ولكن ليس لديهم تجربة".

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2173


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة