قصص نسائية عن شخصيات وحياة رجال الثورة والحرب- 2

مذكرات جيلا بديهيان عن زوجها الشهيد الحاج إبراهيم همت

الكتاب الثاني من مجموعة النصف الخفي من القمر

جعفر غلشن روغني
ترجمة: هادي سالمي

2020-9-14


 

"كان منتصف الليل حين انتبهت لشخص يطرق النافذة. كنت الوحيدة المستيقظة. إقتربتُ من النافذة، رأيت الحاج يحمل على كتفه بندقية وقلق جدا. وكأنه كان يحرس منطقتنا. قال: قبل قليل نزلت أخت إذهبي لترين هل هي منا أو واحدة من المرأتين (كانت فتاتين مشكوكتين). حيث قال كان بستان وهو مخيف. المنطقة كلها مخيفة. كنت مترددة وخائفة. نزلت وبعد لحظة عدت. قلت لنفسي بأنّ الحاج بالتاكيد قد أتى خلفي. ولكنه لم يأت لقد تركني. ووجدت أنها واحدة منا. وبعد مضي فترة طلب يدي. بالطبع عن طريق إحدى السيدات. لم يكن هذا متوقعا. كنت أكثر ديانة منه. وكنت أجد من يطلب الزواج مني كانه يهينني. كان قلبي في مكان آخر، الشهادة و... حين طرح موضوع الخطبة، قلت بسرعة لا. وأصرّ على أن نتحدث. ورفضت. ثمّ قررت العودة إلى اصفهان، ولكني مرضت. كانت المنطقة ملوثة. أُصيب أكثرنا بالحصبة. أخذت للمشفى. وأتى الأصدقاء لي ورافقهم الحاج. جاء مرتين وحده. (ص 17 و18).

هذه بداية حكاية أشهر وأحب قائد عسكري في سنوات الدفاع المقدس. القائد الذي ولد في العام 1955 وتزوج في 1981 وبعد زواج طال سنتين ورزق فيه بطفلين باسم مهدي ومصطفى، وفي عمليات خيبر في جزيرة مجنون نال الشهادة العام 1983. كانت أثناء شهادته قائد فيلق 27 محمد رسول الله، شخصية هادئة.

تحكي السيدة جيلا بديهيان عن ذكرياتها، عن رجل ظاهره هادئ ومبتسم ومتصل بالعالم الأعلى، لكنه في الواقع قائد عسكري ويتعامل مع القوات التي تأتمر بأمره بقوة وصرامة. وحينها نرى رجلا يحبّ زوجته المستقلبية بشدة ولكي يصل إليها يستخدم كل الوسائل حتى يصل لها.

ولدت السيدة بديهيان في العام 1958 في اصقهان. ولأنّ أباها يعمل في الجيش، تنقلوا بين الأهواز وتبريز وطهران. وكان من المقرر أن تدخل الجامعة طبق ما اتخذته العائلة من تدابير، بيد أنّ حدوث الثورة الإسلاميية أدخلها في عالم آخر. غضب أبوها من نشاطاته الثورية إلى أن قال لها: "ما دخل الفتيات بمثل هذه الأمور. لا أعلم هل دخلت الجامعة للدراسة أو أن تقلبي الدنيا على رأسنا؟" بعد انتصار الثورة وحين كانت كردستان أرضا لأعداء الثورة والجماعات المسلحة، دخلت الجامعة لكي ترسل عن طريقها إلى المنطقة. "كنت متحمسة. كتبت في ورقتي: أشعر أنّ هذه الحرب ستقرر مصيري. أحسست أني عليّ في هذه الحرب المرور بالكثير من المصاعب". (ص 15)

كانت تفكّر حينها فقط بالشهادة، وكانت تظنّ أنها الوحيدة التي حملت القرآن قارئة فيه طوال الطريق. ظنت أنها رحلة الآخرة؛ إلى درجة حين سألها مسؤل المهمات إلى أين تريدن الذهاب؟ ظنت أنّ المهمة هي من ستحدد مصيرها. قالت: أرسلوني حيث لم يذهب أحد. أرسلوها مع أربع أشخاص. "حين وصلنا؛ وجدته أنه مكان لا يمكن لأيّ شخص الذهاب إليه. كانت سنندج مزدحمة. وقد حرر قبل فترة قليل الدكتور جمران باوة ووصلنا إلى منطقة ساخنة".

في بداية دخولها وقبل أن تستريح، أجبرت على دخول جلسة وكان من المقرر أن يتحدث فيها مسؤل العلاقات العامة في حرس باوة الحاج همت. كان اول لقاء مع زوجها المستقبلي بأسوء صورة ممكنة. وصفت الحاج همت: ارتدى لباسا كرديا وقميصا صينيا وعلى زاوية جيبه صورة الإمام الخميني. نحيف ولكنه يضحك. كانت لحيته أطول من المعتاد. (ص 14) في نفس هذه الجلسة تصادم الحاج همت مع بديهيان "خرجتُ من الجلسة. تخنقني العبرة. تمنيتُ أن أعود لاصفهان ولكني لم اجرأ" (ص 15) وتعرفت على الوضع رويدا رويدا واتخذت قرار البقاء؛ وإن كانت الأيام الصعبة قادمة. على حدّ تعبيرها "كان تعامله معي حادّأ. أو على الأقل هكذا أحسست به. يظهر أنه جدي جدا وسيئ الخلق". (16) ولكن بعد فترة وإثر حادث وقع في مكان إقامة الاخوات وكانت السيدة بديهيان حاضرة فيها، ظهر وجه آخر منه وطلب يدها ورفضته.

رفضت على تصرفه حين التقته أول مرة، وقررت العودة لاصفهان لكنها دخلت المشفى. في المشفى، الحاج همت والذي تلقى الرفض، زارها مرتين لوحده ليجد فرصة ويطلب يدها.

بعد شفائها عادت إلى اصفهان ولم تتصور أن يكون الحاج همت زوجها. وحين ذهبت إلى الجامعة "بحث عني الشباب الذين كانوا في نفس المنطقة. ظننت أنه استجد أمر. وقبل أن ننهي تحياتنا دخل الحاج. عرفت أنّ عليّ الحديث معه وهو من نسق لكل هذا. غضبت وكانت ردة فعلي غاضبة. قال الحاج: كلّ كلامك عن الجهاد. هل ظننت أنني حجر، سأسجنك في البيت؟ أنا أحبّ أن تكون زوجتي محاربة. لا أريد ربة بيت. كانت المرة الأولى التي يصارحني بنفسه بالزواج. رفضت ولم تكن فكرة الزواج تخطر على بالي والحقيقة كنت أخاف من الحاج. حين أسمع صوته أرجف. خجلت أن أقول له لا تتزوج الفتاة من رجل تخافه". ( ص 19) وقد رفضته للمرة الثانية.

بعد مرور عام صممت على الذهاب مرة أخرى إلى المنطقة. "حدثت أمور عجيبة حتى وصلت إلى باوة مرة أخرى وليس مكان آخر. وقبل ذهابي كانت الاستخارات للمناطق الاخرى سيئة، ولكنها جيدة لمنطقة كردستان. قلت لصديقتي التي ترافقني: اسم قائد حرس باوة همت وقد طلب يدي، لا أريد الذهاب لنفس المنطقة. سنذهب إلى سقز". ( ص 19) ولكن أخذنا الطريق إلى باوة. كانت تبكي طوال الطريق. وحين وصلت إلى باوة دخلت في سلك التعليم. كان الحاج همت حينها يحجّ. ولكن حدث لقاء بالصدفة. كان من المقرر أن يحاضر أحد كوادر الحرس للتلامذة. أصرّ مدير المدرسة على حضور الحاج همت. و"قبل بدأ البرنامج بساعة اتصلوا وأخبرونا أن قائم المقام ليس بحالة جيدة ولا يمكنه الحضور. وقد أخبر مدير المدرسة الحاج لكي يحضر. ولكي لا أراه ذهبت إلى المكتبة التي تقع في القبو". وقد جاء إليه الساعي بأمر من المدير ثلاث مرات لكي تحضر وقال: "طلبك المدير. والأخ همت على وشك الوصول". وذهبت غاضبة إلى مكتب المدير. وبينما تفتح الباب لتخبر المدير بانشغالها وقعت عيناها على الحاج همت. حلق الحاج همت شعر رأسه وكان نحيفا وأخذ سمرة، نهض وقال: أهلا بك. من الجيد أنك عدت لباوة. "في اليوم الثاني أرسل سيدة لطلب يدي (هذه المرة الثالثة). يظهر أنّ الأمر يصعب على الحاج ليقوم به بنفسه. لأنّ من أتتني أنهت الامر وقالت: دعيني أخبرك بأمر: بالتأكيد أنه سيستشهد، لقد أقسموا على شهادته" (ص 21)

بعد هذا الحديث، قررت السيدة بديهيان أن تدعو أربعين يوما. "بعد انقضاء الأربعين يوم سأجيب على اول من يطلب يدي. وجاءت آية من سورة الكهف وكانت جيدة. سوف تعانين ممن ستدخلين فيه ولكنك ستفوزين فوزا عظيما". (ص 21) وعلى هذا الأساس وافقت على الزواج من الحاج همت، ولكن شرطت شرطين: الأول "قلت للحاج لعائلتي ثقافتها الخاصة. ليسوا متديينين ولا يحبون الحرس. وقد يخالف أبي وأمّي. أنت من ستفاتحهم بالأمر. والامر الثاني لن أقبل بالمهر. حين تطلب يدي من أبي لا تحدد المهر. قال: ليس لديّ وقت لهذه الأمور. قلت: طيب إذا ليس لديك وقت فلماذا تقدم على الزواج. إذهب بالسلامة ونهضت. قال الحاج: صحيح أنه ليس لديّ وقت ولكن التوكل على الله".

قام بعد أن وافق على الشرطين: "ولكن لأخبرك أنّ خطبة عقدنا قد حدثت. حين كنت في الحج أطوف كنت بجانبي. وحين عدت ووجدتك هنا، آمنتُ أنها قسمتي". ثمّ قال بعد وقفة طويلة: "إذا جرحت أو أُسرت، سوف تتعذبين. فهل أنت مستعدة للزواج بي؟ قلت أرى علامة الحرس دامية. أنا معك في الشهادة". ( ص 21 و22)

تمت الخطوبة في اصفهان، دون مراسم. واشترى عائلة العروس خاتم عقيق ب 150 تومانا واسترى الحاج خاتم بألف تومان. "وذهبنا بثيابنا، هو بثياب الحرس التي أخذها من أخيه. ومن سيراه سيظن أنه موفد جديد للجبهة". (ص 23) وقال قبل الزواج: "لديّ طلب أن نزور الإمام".

وفي نفس المقرر للعقد، "بكة الحاج حتى الصباح. لا أعلم، قد يشعر بالخطيئة. قد يذكر التعبويين الشباب المستشهدين. بكى وقرأ القرآن. خاصوة سورة يس. بعد صلاة الصبح سألني: أين تحبين أن نذهب؟ قلت: لمقبرة الشهداء. رفع رأسه شاكرا وقال: خفت أن تقولي غيرها. ذهبنا لساعات. لا يريد الحاج العودة. حمل عن كلّ شهيد ذكرى. كنت أسمع وأنظر له. كنت أحسده". (ص 23 و24)

في اليوم الثاني من العقد اتجها إلى باوة. أسكن الحاج همت زوجته في بناية الحرس وذهب إلى خندق دخل فيه الماء. ورأيت وجها آخر للحاج. "الحقيقة تعجبتُ. كنت أجده انسانا عنيفا. ولكن في كردستان ورغم الفترة القصيرة ولم نكن كثيرا بقرب بعض انتبهت كم يختلف الحاج همت عن الأخ همت الذي أعرفه حتى أنه يختلف مع الجميع. قد تكون خطبة العقد من معجزات الاسلام. حين يُقال تتغير معه أمور كثيرة". (ص 25)

تذكر بديهيان أيامها في دزفول ورغم مرور السنوات لا تريد العودة لها. ذهب الحاج همت للاعداد لعمليات الفتح المبين إلى دزفول. "لم يكن لدينا مكان لنسكن فيه وسكنا في بيت أحد الاخوة من التعبئة. كانت فترة حرب. شعرت بأني أزعج العائلة. في يوم صعدت للسطح ووجدته فيه قنّ دجاج. غسلت السطح ونظفته. واحضر الحاج شرشفا لنعدّ لنا غرفتين. واشتريت بما معي من مال صحنين وملعقتين ومائدة. واحضرنا بطانية عسكرية. أذكر أنه لم يكن لدينا موقد. لم ناكل طعاما ساخنا طوال هذه الفترة. هذه كانت بداية حياتنا. أصبت برأتي، لأنّ الغرفة ملوثة. كنت أسعل. ورحل صاحب البيت إلى عمليات. بقيت وحدي في البيت. لا اعرف المدينة وأحيانا لا يأتي الحاج أياما". (ص 26)

في هذه الأيام وصل الحاج منتصف الليل للبيت، ومن شدّة خجله وبعد أن ضغط على الجرس أخفى نفسه في الزقاق المظلم. يخجل أن يعود على هذه الحالة للبيت: "نفض حذاءه مرات مسقطا الطين عنه. كان مغبارا". وتقول عن تلك الليلة: "رأيت الكثير من الرجال. كان أزواج صديقاتي يعيشون في راحة بال. ولكن كم كانوا يدّعون. كان الحاج كبيرا. كان لديه الحقّ في مطالبتنا لكنه يعود للبيت خجلا. استحم بالماء البارد. لم يكن لدينا ماء ساخن. أطال المكوث في الحمام. قلقت. كان لدى الحاج التهاب في الجيوب الانفية. خفت من اختناقه. طرقت باب الحمام. لم يجبني فتحت الباب ووجدته الماء ملوثا بالطين. جاء صوته حينها: هل تريدين رؤية هذا الطين لكي تخجليني أكثر؟ كان يقسو على نفسه ولكنه لا يسمح للقسوة أن تصيب الآخرين". )ص 27 و28)

مع بداية عمليات الفتح المبين في 1982 أجبرت على ترك دزفول.  كانت الأسباب كثيرة عند الحاج قال: "من اجل الاسلام عليك العودة. إذا كنت هنا لن يستقر لي بال". (ص 28) كانت تبكي حتى وصلت اصفهان.

ولادة مهدي من ذكريات السيدة بديهيان. تتذكر: "صباح ولادة مهدي اتصل بنا الحاج. كان قلقا. يسأل: هل أنت متأكدة بأنك بخير؟ قلت: لا. كل سيء جيد قبل... ولد مهدي ووصل خبر ولادته للحاج بعد ثلاث أيام. وصل لنا في اليوم الرابع الساعة الثالثة فجرا. كانت شهر محرم ووضع الحاج كوفية سوداء على رقبته. وجدته جميلا جدا. أعددنا له مكان لينام فيه فجلس بجانبي ومهدي. قال أريد البقاء بجانبك. وكان متعبا إلى درجة انه غفى في مكانه. مع اقتراب الشروق رفع مهدي. قال: لديّ الكثير لقوله لمهدي. قد أجد فرصة. كأنّ مهدي انسانا بالغا. أحنّ كثيرا لتلك اللحظة". (ص 28 و29)

وقبل وصول عمر مهدي لأربعين يوما، ذهبت مع الحاج همت إلى مدينة جنوبية وأقاما في منزل عمّ الحاج همت. وبعد اصرار من زوجته "خرج وعاد بسيارة. حاملة أثاثا بسيطا. ركبنا وذهبنا إلى انديمشك لمنازل مشفى الشهيد كلانتري. قال لي: أحمل مفتاح هذا المنزل منذ شهر، ولكني رجحت أن يسكنه غيري. يمكننا السكن في منزل عمي. اصرارك هو من دفعني للقدوم هنا. لم يكن لديّ ما أقوله. قال لي: إذا كنت تريدن أن أرضى عنك فزوريهم. تأكدي أنّ حياتنا أفضل من الجميع. هناك من الشباب من لم ير عائلته منذ 11 شهرا". (ص 29 و30)

وتتطرق لذكرى تتعلق بتعامله مع الآخرين من المحاربين. "لبس ثيابا بيضاء ونسى دفتره. كنت متفرغة. فتحت الدفتر. كانت رسال في داخله كتبه الشباب له. كتب أحدهم: لي ثلاث أشهر في الخندق منتظرا رؤيتك. وهناك رسائل أخرى شبيهة لها. حين عاد الحاج قلت: عليك الذهاب الآن. سخر الحاج مني وقال هل أذهب الآن أم أبقى؟ قلت: الحقيقة لقد قرأت الرسائل. حزن الحاج. قال هذه أسرار بيني وبين الشباب. هزّ رأسه وقال: لا تظني أني شخصية كبيرة، هذه أخلاق الشباب. بكى وقال: فمن أنا ليكتبوا لي". ( 31 و32)

وتطرق السيدة بديهيان لمقارنة زوجها مع بقية الثوريين. أخذت منه رخصة العودة إلى اصفهان بصعوبة لتكمل دراستها. "كانت مجموعة من الشباب تدعي الثورية. كانوا متدينيين. كلهم كانوا أنقين. حينها يأتي الحاج أمام عيني. بعد كل عمليات كان يصرّ على وزن نفسه. أجد أنّ وزنه انخفض 7 كيلو. حين أفكر بهذه الامور وأرى السادة أمامي أغضب. أعود للبيت قبل نهاية الدرس. حين يتصل الحاج أبكي. أقول له: عليك العودة للبيت الآن... حين أنهيت آخر امتحان وتخرجت، عرفت اللاندكروز للحرس. يقف الحاج بجانبها وحين رآني ابتسم. والآن أعرق قدره أمام الآخرين". (ص 33)

وتذكر طفلها الثاني: "اقتربت عمليات خيبر. كان الحاج يبكي. يقول: لا تخجلني يا الله هذه الليلة... دعوت الله في مكة وطلبت منه ألا أموت في بلد لا يتنفس فيه الإمام. ثمّ طلبتك من الله وطفلين. ودعوت الله ألا أؤسر ولا أصيب". (ص 34)

"يصل أحيانا للبيت، وأبيكي لنصف ساعة. يسألني الحاج عما حدث. فلا اجيبه. يقول هل أنت حزينة لأني أذهب للجبهة. فأقول له لا". (ص 31)

تذكر آخر مرة جاء فيها الحاج للبيت بعد مضي عقدين. كانت تنظر لوجه زوجها، وتشعر أنه كبر. "رغم أنّ عمر الحاج 28 سنة كان الجميع يظنه في الثانية والعشرين. بل أقلّ. ولكني رأيته تلك الليلة مختلفا فبكيت. قلت: ماذا حدث لك؟  لماذا أصبحت هكذا؟ ضحك الحاج وقال... إجلسي لديّ ما أقوله لك. جلست وقال: هل تعلمين ما رأيته الآن؟ قلت: لا. قال: رأيت انفصالي. مازحته: تتكلم مثل طفل. قال: لا. انظري للتاريخ. لا يريد الله للعاشقين البقاء سويا. مازحته: وهل نحن ليلى ومجنون؟ غضب الحاج وقال: كلما أردت قول كلمة جادة تمزحين. أريد الليلة الحديث معك. طوال فترة زواجنا إما أنك في بيت أمك أو أبيك. ولا أريد أن تحيي على هذه الطريقة بعدي. سأخبر أخي بإعداد البيت في شهرضا. حزنت. قلت له: طلبت مني ترك الجامعة لنذهب إلى لبنان... الآن (تتحدث عن الذهاب)" (ص 36)

أجبر على البقاء في البيت لأنّ السيارة تعطلت، عرفت بديهيان أنه اللقاء الأخير. "رأيت الحاج يختلف عن السابق. كان يقول: الشيء الوحيد الذي يمنع عني الشهادة هو أنتِ. حين أحلّ قضيتي معك فسيحين وقت الرحيل" (ص 36)  وهكذا انقضت لحظتهما "حين جاء السائق، جلس الحاج لأول مرة على عتبة البيت وأحكم شدذ خيوط حذائه، كان يشدّ الخيوط في السيارة. حضن مهدي ومصطفى. ضحك في الطريق. قال لمهدي: أنت يوم بعد يوم تسمن ألا تفكر كيف ستربيك أمك. لم يقل أنا، قال امك". ركب الحاج همت السيارة وذهب في حين اعتصر الحزن قلب زوجته. قالت تواسي نفسها "سيعود مثلما كان يفعل. سأصلي وأدعو حتى يعود". (ص 37 و38) بعد هذا اللقاء اتصل الحاج على زوجته "قلت لك لمرات أني سأموت قبلك. لن يحزن قلبي بك". (ص 38)

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3830


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة