سلسبيل هي سرسبيل ذاتها

إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2019-12-20


يتميز التجوال في الأحياء القديمة في طهران بأجواء مغايرة، حالة الأزقة النظيفة، البيوت ذات الفناء، الأشجار الباسقة في المنازل والجيران الذين يعرفون بعضهم بعضا. قد يكون هذا غريباً بالنسبة لطهران ولا يمكن تصديقه للأجيال القادمة، لكن يمكن إحيائه بالذكريات المنسية لأحياءها وسكّانها، هذا ما تفعله الكتب. سلسبيل يفعل نفس الشيء، سلسبيل هو مجموعة تقاريرعن أشخاص يعيشون في المنطقة 10 في طهران . سكّان أحياء مثل، سلسبيل وبريانك وأذربيجان وقصر الدشت وخوش وجيحون. في هذا الكتاب، يتحدثون عن ماضيهم وحاضرهم، عن الحي الذي يعيشون فيه ليكونوا جزءاً من التاريخ الشفهي لمنطقة 10.

ذكريات صحفي قديم

في كتاب "سلسبيل" تم الإهتمام بالكثير من الأشخاص، من أصحاب المتاجر القدماء لمنطقة 10 وأيضاً المثقفين. يعد أصغر ضرابي أحد المثقفين في هذه المنطقة، صحفي ومختص في أشعار حافظ وهو يسكن في سلسبيل حيث يشير في الكتاب عن الحي قائلاً: "كان جزءاً من سلسبيل يزرع فيه القمح. كما كان في نهايته بستان كبير يسمّي كلستان حيث أصبح الآن مكاناً للترفيه. كانت السنوات 1963م تتألف من العديد من متاجر الملابس، وعدد من محلات الزجاج والخياطة، وبعض المقاهي،  كانت شائعة في الحي تربة الحمام. بالطبع، كان هناك العديد من المقاهي في جميع أنحاء  سلسبيل".

في الماضي، ونظراً لصغر حجم طهران والأحياء التي يقل عدد سكانها عما هو عليه الآن، كان الجيران يعرفون بعضهم بعضاً جيداً ويتفقدون جيرانهم. تعد منطقة سلسبيل أحد الأحياء القديمة التي ازدهرت فيها أواصر الأخوة بين جيرانها بشكل كبير. وقال السيد ضرابي حول هذا الموضوع: "سلسبيل ونواب كانا حيين خاصين " اتت خصوصيتهم من حسن الجوار. لم تكن هناك شقق وعمارات مثلما هو اليوم. كانت المنازل في طابق واحد أو طابقين على الأكثر، وكلها قريبة من بعضها. كان الناس على اتصال دائم، و لم يكن سلسبيل ونواب مناطق تجارية كما أصبحا في الوقت الراهن. حسن الجوار والتودد بين أهالي الأحياء، جعل الحياة جميلة ومحببة".

سلسبيل، بستان ومنتجات زراعية صيفية

أهل الشارع والسوق هم رواة هذا الكتاب، بداية من السيد "حسن علي صدقي توانا" صاحب مقهي "وطن" والتي تعتبر أول مقهي في شارع سلسبيل، حتي "مايكل هامان" المخرج الألماني حيث تجول في هذا الحي يوماً من الأيام والسيدة "طاهرة صادق رزم بيشه" المعلمة المتقاعدة في سلسبيل حيث تتذكر جيداً البساتين المحيطة بالحي.كما أنّ "بابك مقدم" أحد سكان سلسبيل، هو أيضاً أحد رواة هذا الكتاب والذي يتحدث عن أول سكان هذا الحي والأماكن الترفيهية الموجودة فيها. جزء من حديثه حول حالة الغذاء في الماضي بالنسبة لسلسبيل: "في ما مضي كان في أسفل سلسبيل البساتين والمنتجات الصيفية. كما يتم جلب الفواكه والمكسرات من قري كن ـ سولقان وطرشت وشارع آزادي الحالي حيث كان شارعاً ضيقاً وذلك عن طريق الحمير والأبغال إلي سلسبيل. معظم الناس يزرعون الخضروات في حديقتهم وغالباً ما يكون لديهم أشجار فواكه، وخاصة البرسيمون في فناء منازلهم. كان هناك أيضاً بعض مراكز تربية المواشي في المنطقة التي تجلب الألبان إلى السكان المحليين بواسطة البغال والدراجات".

إشارة إلى كتاب "العلاقات التقليدية"

يشير مؤلف الكتاب، في جزء منه، إلى المعلومات الواردة في الكتب، إذ أنّ كتاب "العلاقات التقليدية" للكاتب " الدكتورمحمد مهدي فرقاني" هو أحد هذه الكتب: " بالإضافة إلى الحكايات قراءة الشاهنامة، كانت هناك في كثير من الأحيان النكات في المقهى، وتزيد الأوقات مرحا. كما تعتبرالمقاهي حتى في بعض الأحيان مزاد لبيع البضائع. يقال إنّ المقاهي كانت أكثر مكاناً يأوي الشعراء لأنهم وجدوه المكان الأفضل لأسمارهم.علي أية حال، إلى جانب أدواره الأخرى في المجتمع، مثل توفير مرافق الترفيه والتسلية، مكاناً نشطاً ومثيراً للتواصل الثقافي.

تأييداً للكتاب

يحكي المؤلف عن ماضي الحي عبر حوار مع سكانه القدامى لتصوير جزء من طهران. مَن تحدث عن حيّه في الكتاب جرّب الحياة في سلسبيل. يمكن الوثوق بذكرياتهم. تعد ذكرياتهم جزء من ذاكرة طهران الشفهية. تُستخدم الصور أيضاً بين هذه المذكرات لتوثيق الكلمات مع الصورة.

ومع ذلك، حصل المؤلف على موافقة بعض الأشخاص على كتابه. "سيد عبد الله أنوار - باحث وكاتب ومؤلف، ونصر الله حدادي – أخصائي في معرفة خارطة طهران – و "رضى كيانيان "ممثل وكاتب.

أكد السيد "رضا كيانيان" في جزء من مقدمته في الكتاب المعنون "ذكريات الناس في الأمس تعتبر وثيقة للغد" قائلاً أنّ ذكريات الناس في الماضي تبني غدهم بلاشك: "تاريخ مدينة طهران عبارة عن أبنية قديمة، أبنية تم بنائها في زمن القاجاريين ورضى شاه لكن بعد ذلك تم تهديمها مما ساهم بضياع هوية المدينة. سلسبيل الماضي أو رودكي اليوم أو كل من أحياء طهران الشهيرة، لا تذكرنا بالماضي فقط. إنما ذكريات الأزقة والأحياء، تعتبر هويتنا. أحياء بهوية وتراث تاريخي لايمكن نسيانها علي الإطلاق".

مقدمة خبير في تاريخ طهران

كتاب "سلسبيل" حوارات مع السكان، على الرغم من أنهم عاشوا في الأحياء القديمة في طهران، لكنهم ليسوا خبراء في معرفة طهران كما ينبغي، لذا فإنّ جميع الكتب من جانب واحد والمقدمة التي كتبها السيد"نصر الله حدادي" من طرف واحد. في الواقع، إنه يوفر معلومات كاملة عن ماضي طهران. يشير حدادي أولاً إلى طهران في حصار شاه طهماسبي وحصار ناصري أيضاً. "أراضي مظفري من الأمس إلى سلسبيل اليوم" جزء آخر من المقدمة التي جاء فيها: "إنّ حي سلسبيل، منذ أن كان يقع خلف معسكر باغ الشاه، أتيحت له الفرصة ليكون منذ عام  1959م وفي أقل من سنتين أن يمتلك أنابيب للمياه. استغرق تطوير خط الأنابيب عامين، وكانت منطقة معسكر باغ شاه هي المكان الأول الذي كان يحتوي على أنابيب للمياه. سلسبيل أو "سرسبيل" إذ اعتبرناها أول منطقة تحصل علي أنابيب المياه، أو إذ سميناها بشارع رودكي، يعتبر اليوم من ضمن الأحياء المزدحمة في طهران، من خلال طريق سريع سيكون أكثر فاعلية في تسهيل حركة المرور في المنطقة إذا استمر إلي جنوب المدينة ومتصلًا بطريق  نواب السريع".

من بين موضوعات الكتاب المعمار القديم للمساجد ودور السينما التي أغلقت ومحلات الأحذية في شمال سلسبيل وشخصيات الثورة والسكان الأوائل لسلسبيل و قائد سلسبيل الشهيد. كما تم تعريف الشخصيات الأكثر شهرة في جزء من الكتاب المعنون "شخصيات سلسبيل" حيث يمكن الإشارة إلي أشخاص مثل "كوروش يغمائي"، فنان وعازف، "فريدون فروغي"، فنان، عازف وملحن، "سيد حسن حسيني" شاعر ومؤلف و"منصور برزكر"بطل في المصارعة الرومانية".

كما أنّ ألبوم الصور القديم "محمود حبيبي" و "محمد علي أسد زاده" يلمحان أيضاً إلى مدينة سلسبيل وسكانها منذ وقت ليس ببعيد حتى يحظى المتلقى بصورة كبيرة عن المنطقة.

---------------------

[1] سلسبيل: تاريخ طهران الشفهي، جوادي نصب، معصومة، ميراث أهل القلم، طهران، الطبعة الثانية، شتاء عام 2015م، مصور، يحتوي علي 196 صفحة.

 

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 2533


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة