ليالي الذكريات في نسختها الثلاثمئة والثالثة

ذكريات جلال شرفي

مريم رجبي
ترجمة: حسين حيدري

2019-7-13


وفقاً لموقع تاريخ إيران الشفوي، عقد برنامج ليالي ذكريات الدفاع المقدس في نسختها الثلاثمئة والثالثة، مساء يوم الخميس الموافق 28 يوليو 2019م في قاعة سورة بدائرة الفنون. وقد تحدث في هذا البرنامج كل من السيدة محبوبة عزيزي وعلي رضا مسافري وسيد جلال شرفي عن كتاب "(سياه چال مستر): ذكريات اختطاف جلال شرفي، الدبلوماسي الإيراني في بغداد" كما أقيمت مراسم تقديم هذا الكتاب.

رمز من الهوية الإيرانية

حررت السيدة محبوبة عزيزي كتاب (سياه چال مستر) الراوية الأولي لبرنامج ليالي الذكريات. حيث قالت: "ولد كتاب جديد ولي حصة متواضعة في ولادته. نقوم يومياً بمراجعة عدد كبير من الكتب المتعلقة بالحرب ونقرأ عددا منها كذلك. بعض هذه الكتب تتعلق بالذكريات. في الواقع، أحد القوالب المحفوظة في المكتبة هو إطار هذه الذكريات نفسها. من الأفضل إعطاء إحصائيات من المكتبة. بشكل إجمالي، لدينا حوالي 2509 عنوان كتاب يتعلق بذكريات مصنفة في مذكرات الكتابة اليومية والكتابة الذاتية والشفوية والأسر وذكريات العراقيين. أعمل منذ اثني عشر عاماً في مكتبة الحرب المتخصصة وأحب عملي. أعلم أنّ مذكرات السيد شرفي هي من نوع أدب الاحتجاز أو الأسر التي يفر من أسرِها هو أحد الأنواع الفرعية لنفس الأدب وتقع تحت نوعية الهروب من الإحتجاز في الأسر. تُقرأ بعض هذه الكتب بشكل كبير والبعض الآخر أقلّ، كما توجد كتب تبقي عالقة علي الرفوف لايقرأها أحد. أنا دائمة القلق على هذه الكتب، وهي ليست قليلة. منذ البداية، كان قلقي وهاجسي هو ما إذا كان هذا الكتاب سيستقبل من قبل الجمهور أم لا؟ فكرت في لماذا يتم قراءة بعض الكتب وبعضها عبارة عن وسائط صامتة؟ وكيف ينبغي أن تكتب الكتب، حتى يشتريها المواطن ويستفيد منها حتي في ظل الأوضاع الإقتصادية الراهنة؟ الآن أنا فرحة لولادة كتاب جديد عنوانه (سياه چال مستر) والذي لديّ حصة في ولادته وأخذ مكانته إلي جانب سائر الكتب الأخري. أتمني أن يحظي باهتمام القرّاء بشكل يليق به. قبل ذلك ولفترة من الزمن كنت أعمل في مجال تنقيح النصوص ومراجعتها اطلعت علي نصوص متنوعة ومختلفة، لهذا لم يكن عمل التنقيح جديد بالنسبة لي وأنا مطلعة إلي حد كبير على صعوباته. ولكن هذا هو أول نصّ لي يخرج على شكل كتاب.

منذ البداية، كنت مولعة بطريقة كتابة السيد سرهنكي. لقد جذبتني طلاقة وسهولة قراءة كتاباته، لكنني كنت أعرف أنّ سلاسته وبساطته في المظهر، لا يدل علي انعدام صعوبة عمله، وكما يقول المثل، فإنه سهل ممتنع. كنتُ اتباع كتاباته لسنوات واستمتعت بقرائتها. كنت أود إذا قررت يوماً ما أن أصبح كاتبة سأسير علي طريقته في التأليف والكتابة. في أحد أيام نوفمبر من عام 2017م، قدم لي السيد سرهنكي هذا العمل وقدم لي النص الأصلي الذي قدمه السيد شرفي إلى وزارة الخارجية للأحداث. قرأت النصّ كان الموضوع جذاباً وشيّقاً  بالنسبة لي وفريد من نوعه. لذلك، وبعد بضعة أيام وبعض المشاورات، قبلت هذا المشروع. كنت مثل الشخص الذي تركوه في أعماق المسبح ليتعلم السباحة. لقد دخلت عالم الكتابة. عمل صعب لكنه حلو في نفس الوقت. قطعنا موعداً للإجتماع مع السيد شرفي. كان ما يقلقني هو أنه كان أكثر ارتياحاً في مقابلة الرجال ولم يتمكن من التواصل معي لفظياً كما ينبغي، مما يجعل الأمر صعباً بالنسبة لي. كان من المهم أن تكون قادراً على كسب ثقته. أفهم شخصيتهي وأؤمن بها حتى أتمكن من الحصول على معلومات أكثر تفصيلاً عنه. أحمل الزوايا العاطفية والسلوكية والأخلاقية  علي الورقة. الآن يعكس هذا النص الابلاء الذي أصابه. أقترح قراءة هذا الكتاب. ليست قرائته جذابة وممتعة لكونني ساهمت في إعداده أو مراجعته، ولكن لأنّ ما حدث فيه نادر وقابل للقراءة. ومع ذلك، جاء السيد شرفي وتعرفنا علي بعضنا البعض. كانت هناك مخاوف بشأن الجلسة الأولي والثانية، لكن سرعان ما أصبح الوضع إعتيادياً. قال إنه في مارس 2006 اختطفه إرهابيون عراقيون في بغداد، وبعد عشرة أيام من التنقل والتعذيب، تم بيعه للإرهابيين الأمريكيين. ألقى الأمريكيون القبض على السيد شرفي لمدة 47 يوماً ووضعوه في حفرة بالقرب من أشجار النخيل في بغداد وعذبوه للحصول على معلومات عن مجموعة من المسلحين. كانت الأخبار التي أراد الأمريكيون أن يتحدث عنها كاذبة ولا تمت بالمصداقية بصلة وأنها ستبث من وسائل الإعلام الخاصة بهم. منذ كم يوم كنت أفكر في إخراج العمل وتحرير النصوص. بالتشاور مع السيد سرهنكي، بدأنا العمل بشكل يومي، بدءاً من اليوم الأول الذي تحدثنا فيه عن تلك الحفرة المظلمة. شاركنا العمل مع السيد شرفى وقبله. بدأت مقابلة حول الاختطاف واستمرت في اليوم التالي. خلال هذه الفترة، كان السيد سرهنكي كالمعلم الحنون يعمل إلي جانبنا حيث كنت أستفيد من إرشادته القيّمة والثمينة. إذا لم تكن تلك إرشادته النافعة، لما تمكنتُ من الكتابة بهذه السهولة. سأتحدث لكم في يوم ما عن كل تفاصيل ما حدث للقيام بهذا العمل. سوف نركزمع السيد شرفي، على كل مقابلة معينة في يوم خاص لنستمع لما يتذكره وما كان يحاول تذكره. لقد طرحت الأسئلة بشكل حضوري أو عن طريق الهاتف لجعل النصّ أكثر وثائقية. عمل السيد الشرفي جيداً وأجاب علي كل الأسئلة المطروحة. بالنظر إلى أنني علمت أنه التركيز علي أيام أسره سيفاقم حالته النفسية إلي حد كبير، لكن لم أمتلك خياراً للقيام بالعمل. على الرغم من أنني قرأت في مكان ما بأنه عندما تتحول الذكريات إلي كتاب، فإنّ العبء النفسي للمصاعب التي واجهها الشخص المعني، سوف يتم التخلص منها أو يقلصها. في بعض الأحيان ينتقل الضغط ونشعر به كمحاورين، لأنني أستمع لما يقوله السيد شرفي بشكل مباشر ودون وسيط وأؤمن بما يقوله. لقد كان صبوراً ويتعاون بحماس معي في الدقة والنظام، حيث ينبغي عليّ أن أتقدم إليه بجزيل الشكر وفائق الإمتنان. بعد الانتهاء من كل مقابلة، كنت أقوم بتنفيذ أعمال الطباعة والكتابة. بعد الانتهاء من المقابلات الأولية، بدأت العمل على النصّ. كل يوم بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي، كنت أعمل بين الساعة 4:30 لغاية الساعة 7:20. بدأت منذ اليوم الأول لحظة وضعه في الحفرة المظلمة. بشكل تدريجي وخطوة تلو الأخري،  أدركت أنّ الذكريات المكتوبة في مكتبنا، مكتب الأدب وفن المقاومة، كيف أصبحت ذات شهرة عالية وما هي الخطوات التي تخطتها وقطفت ثمارها فيما بعد. وكذلك الخطوات التي حدثت وكيفية وقوعها أيضاً. وضعت الأيام في وقت واحد بعناية فائقة. سارت الأعمال في بعض الأيام بشكل جيد، ولكن في بعض الأحيان لا تتجاوز الكتابة ذكري واحدة، وقد تستغرق أسبوعاً بأكمله. في النهاية، قمت بإجراء مقابلات إضافية لملأ المساحات الفارغة. قمت بإجراء  11 مقابلة مدة كلّ احدة منها ساعتان ودورتان إضافيتان لمدة 3 ساعات مع السيد شرفي.

إنّ اختيار الكلمات والجمل والمحادثات والمونولوجات معا واختيارها بطريقة مرتبة لم يكن أمراً سهلاً. رأيت بأم عيني أنّ كتابة النص العادي ليس عملا سهلا، و كما يقال أنها تنهك الإنسان. بعد التحرير، أرسلت النص إلى العديد من الخبراء. لقد درسوا وعلقوا عليها وبعض هذه التعليقات تم تطبيقها وأخذها بعين الإعتبار. أشكر جميع أحبائي هنا. كانت عائلتي أول من عرف ما حدث بعد ذلك و في كل يوم بعد كل مقابلة. كانوا في الحقيقة أول جمهور لكتابي، فوجئوا مثلي بسماع وقراءة ما حدث للسيد شرفي. هذا الكتاب هو مجموعة فرعية من قضية الأسر وموضوع الهروب. الفرق مع الاسر في الحرب هو عدم التأكد من الدولة التي قامت باعتقاله. يمكن القول أنه أسوأ من الأسر في الحرب. لأنه في مذكرات أسرى الحرب، يتمتع الأسرى بحقوق ما وتحميهم الاتفاقيات الدولية، لكن في هذا النوع من الأسر، لا يوجد افتراض للحقوق ومستقبل الأسرى مجهول وغير معروف. وضمن هذا المعنى، كان في يأس مطلق. الشخصية الرئيسية لهذا الكتاب وفي الواقع بطله هو شخص إيراني ورمز للثقافة والهوية الإيرانية. في الواقع، يتم نشر الذكريات للتعرف والتعلم من أبطالنا وما ذاقوه من سعادة ومرارة في الحياة. كان السبب في ذلك أنه يعتبر رمزاً للهوية الإيرانية. السيد شرفي، ومن خلال الثقافة التي نمى فيها، لديه إيمانه الخاص و معتقده بما يتطابق مع تفاصيل اعتقاله القابلة لقراءة والإستماع. تمّ تسجيل هذه الحادثة في ذهن السيد الشرفي  وستتكرر بشكل مستمر، لقد خفف من وطأة وثقل محنته من خلال حديثه عما جري له في الإعتقال. لهذا أصبح كتاب (سياه چال مستر) ليس مجرد كتاب بالنسبة لي، بل إنه مدخل إلى عالم جديد. العالم الذي سمح لي بالنمو وبتجربة اكتشاف حياة شخصية إيرانية فذّة، وإطلالة علي نافذة عالم من الكلمات والمفردات، والتعرف على الشخصيات والأفكار، ومتعة رؤية وفهم ولادة كتاب جديد. آمل أن يجد القارئ هذا المعنى. أشكر هنا السيد سرهنكي  الذي تعلمت منه الكثير، كما أشكرالسيد جلال شرفي، على لطفه وصبره، وعائلتي التي كانت تدعمني، ومن السيد صمد زاده ومكتبة الحرب الخاصة التي شجعتني علي المضيّ قدماً في هذا المشروع".

سأل داود صالحي، مقدم برنامج ليالي الذكريات السيدة عزيزي: "أخبريني عن الذكريات المرة والمرحة التي ضايقتك في كتابة هذا الكتاب ". أجابت السيدة عزيزي قائلة: "موضوع هذا الكتاب كان مذهلاً بالنسبة لي من البداية إلى النهاية، ليس لأنني مؤلفة للكتاب، بل بالأحرى كأول مستمع لذكريات السيد الشرفي. كانت هناك أيام جيدة في هذه المذكرات، والأيام التي سمعت فيها المصاعب التي واجهها السيد شرفي وشعرت بالحزن الشديد من خلالها. إذا أردت أن أخبركم بذكرياته الصعبة، فقد كان الوقت الذي تعرض فيه للتعذيب على يد شخص يسمي وصفي. وكان وصفي هو حارسه الخاص في تلك الحفرة المظلمة. واصفا حقيقة أنه في كثير من الحالات كان أكثر تساهلاً ومرونة من باقي الحراس الآخرين، لكنه كان أكثر شخص يقوم بتعذيب السيد شرفي. التعذيب الذي يندي له جبين الإنسانية كان يضربه بالسياط.  وكان داخل الزنزانة. لقد ذاق الأمرّين في تلك الفترة الزمنية الصعبة. كانت الأيام الجيدة لهذه الذكريات عندما تذكر السيد شرفي عائلته. في يوم من الأيام أحضروه للمقابلة، أي أنه خرج من تلك الحالة الرتيبة. لأنّ الوقت يمر عليه بصعوبة بالغة، كان ذلك رائعاً للغاية بالنسبة له ".

قال حينها مقدّم البرنامج: "وقع الحادث في 58 يوماً، ولم تقومي بذكر ما حدث طيلة عشرة أيام داخل صفحات الكتاب. في هذه الأيام الـ 48، تتكرر الأمور باستمرار، خاصة في الأيام العشرة إلى الثانية عشرة  الأولي حيث يتكرر هذا باستمرار للقارئ. كل يوم يأتي شخص ويضع الطعام. ينظر جلال شرفي إلى الأشياء، وينظر إلى الحشرات والفئران، وتتكرر هذه القصة في كل يوم. وكانت تلك الحفرة طولها مترين في ثلاثة أمتار، وارتفاعها نصف متر فقط، وفي جزء آخر منها لا تتعدي المترين أو عشر سانتيمترات فقط. هل تذكرين هذا التكرر بشكل متعمد؟" قالت السيدة عزيزي: "عندما يتركون شخصاً في مثل ذلك المكان  وليس لديهم أي تسهيلات أو أي إمكانيات تذكر، تتكرر الأمور عليه. كان هذا التكرار مؤلماً للسيد شرفي، وأردت أن أعكس هذا التكرار للقارئ لفهم ما حدث للسيد شرفي. أخبروني أنه قد يكون من الأفضل عدم وجود هذه التكرارات، لكنني وضعتها للقارئ عن عمد ليشعر ببعض ما شعر به السيد شرفي طيلة تلك الأيام ".

الخبر الجيّد في نوروز العام 2007م

وكان الراوي الثاني للبرنامج شخص شارك في العديد من عمليات الجنوب وجميع عمليات غرب البلاد.  وبسبب حالته غير المستقرة والجراحات في الحرب، لكنه حضر من مدينة جرجان للمشاركة في البرنامج، لكي يتحدث عن صديقه القديم السيد جلال شرفي. قال السيد علي رضا مسافري: "أعمل في الوقت الراهن مندوب الوزارة الخارجية في مدينة جرجان. بُعثت في مهمة عام 2005م إلي بغداد كقنصل في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولي الفخر بالعمل مع السيد شرفي. كانت لدينا بعض العلاقات في الوزارة الخارجية. تختلف طبيعة إدارتنا في مكتب وزارة الخارجية. كان السيد الشرفي، المستشار السياسي للسفارة الإيرانية، ويتابع القسم السياسي للعلاقات الثنائية مع إيران والعراق، وعملت أنا في منصب نائب القنصلية البرلمانية في وزارة الخارجية. كنا قريبين جداً من بعضنا البعض. لأنّ مهمات الدبلوماسيين كانت بشكل فردي، وبسبب انعدام الأمن، لم تكن العائلات موجودة. كانت حياتنا مندمجة مع العمل إلي حد كبير.  أكنّ إحتراماً خاصاً للسيد شرفي وذلك بسبب مصداقيته ونزاهته الكبيرتين. قضّينا حوالي عام ونيّف نعمل سويا. قاموا بعملية افتتاح الحسابات في 4 من فبراير عام 2007م. ذهب السيد شرفي مع السيد إسماعيل مهدوي لزيارة أعمال الديكور في البنك. كنت قلقاً عندما قلت وداعاً وقلت للسيد جلال شرفي  إنّ لديّ شعوراً غريباً وأنا قلق بشأنك. اعتني بنفسك جيداً. إقرأ سورة "الإخلاص" ثلاث مرات بينك وبين نفسك. قال لي السيد جلال: والله خير الحافظين، لا تقلق بشأني. عندما قاما بزيارة البنك، جاء السيد شرفي مبكراً حتي يركب السيارة وتم هذا الاختطاف. أجبره عدة رجال مسلحين على ركوب سيارة مجهولة.  لقد اعتقلت القوات العراقية فيما بعد عدد من هؤلاء المجرمين. حاولنا بجد وسألنا السلطات العراقية عما حدث في ذلك اليوم، وأدركنا أنّ الجماعات التكفيرية الخاضعة لسيطرة الأمريكيين قد نفذت عملية الاختطاف. لم يكن لدينا أخبار عنه. قال المسؤولون العراقيون أيضاً أننا أرسلنا إشارات بأننا على استعداد للتبادل، وأنهم لم يردوا لحد الآن. على أي حال، مرت هذه الأيام الصعبة.

لم يمر يوم ولم نكن فيه غير قلقين بشأن السيد شرفي. كان معظم أعضاء السفارة في إجازة في 2 أبريل 2007. كنت في السفارة مع شخصين. من بين الدبلوماسيين الـ 35، كان هناك ما بين ثلاثة إلى أربعة فقط يقيمون في السفارة. قال الأخوة الشيعة الذين كانوا على اتصال بالسفارة إنّ السيد جلال يعيش بأمن وأمان عندنا. ذهب الأصدقاء على الفور وقاموا بتسليم السيد شرفي لأنه استطاع أن يهرب من ذلك المكان ونقل نفسه إلى أصدقائنا العراقيين. لقد أدرك هو نفسه أنه إذا عاد للسفارة، فسيطاردونه وستكون هناك إمكانية لاختطافه مرة ثانية. كنا في عجلة من أمرنا. أتى السيد شرفي وكان جسده مكبلاً بالسلاسل ويرتدي ملابساً عربية. لقد رأينا السيد شرفي، وبسجلاته القتالية الخاصة وجسمه الرشيق، أصبح نحيفاً جداً. من ناحية أخرى، كنا قلقين بشأنه من جهة ومن جهة أخري فرحنا كثيراً لعودته. قمنا بفتح السلاسل والقيود بصعوبة كبيرة. في هذا الوقت، كانت عمليات الاختطاف كثيرة، حيث كانت تنفذ من قبل عملاء أميركا في العراق، وتدور حول السفارة. أخبرنا حراس السفارة أنّ هناك الكثير من السيارات المشبوهة. في واحدة أو سيارتين، شوهدت الأسلحة. في الوقت نفسه، تم الاتصال بي ورأيت رقماً عراقياً يتصل علي هاتفي. تحدثت معي امرأة بالفارسية: هل أنت السيد مسافري؟ قلت لها نعم تفضلي: إنّ مراسل الإذاعة والتلفزيون لمركز طهران وهو صديق السيد شمشادي، معنا في بغداد. سألتني بعد ذلك: أردت أن أتحري مصير السيد شرفي. نريد أن نتحدث عن نبأ تحريره. قلت بالتأكيد أنها من منافقي خلق ومن معسكر أشرف. لقد ثبت لي ذلك. قلت إنهم على علم بعددنا القليل في السفارة ويريدون مهاجمتنا واختطاف السيد شرفي ثانية. قلت لها لقد جاء السيد شرفي وذهب للحدود بحماية مشددة. لقد سألتني ثانية: هل هو الآن في طريقه إلي هناك؟ قلت لها: كلا. إنه الآن داخل الأراضي الإيرانية. يمكنك الذهاب وزيارته عندما يصل إلى المستشفى. قالت: هل أنت متأكد؟ قلت: سيدتي، أقول لك هذه التفاصيل لأنك زميلة السيد شمشادي في الإذاعة والتلفزيون. لقد استخدمت هذه الخدعة لمنع إعادة الهجوم على السفارة في نفس اليوم على الأقل.

كانت هزيمة استخباراتية صعبة على الأميركيين، حيث تمكن السيد الشرفي من الفرار. تعامل بمهارة مع الخريطة الجامحة واستطاع القيام بذلك بالتوكل علي الله. كان القلق واضح علي وجهه. في النهاية، وصل إلينا في منتصف الليل ورأينا السيد شرفي لازال قلقاً. قال حينها: سيأتون ثانية ويعتقلونني. قلت له: لاتقلق. صحيح أنّ عددنا قليل في داخل السفارة، لكن هناك حراس عراقيون. لم ينم  ل 48 ساعة قبل أن يتمكن من الهروب. فيما يتعلق بتاريخ النضال أثناء الدفاع المقدس والتعرف علي الأسلحة، وهذه الكلمات، طلبت من الحرس العراقي أن يقدم سلاحه لنا. قلت: أريد فقط وضع هذا في غرفتي حتى يشعر السيد شرفى بالراحة. قال أي غرفة؟ قلت: غرفته. في تلك الليلة، نقلناه إلى غرفتين أو ثلاث غرف، ودعوته أخيراً إلى غرفتي في ذلك المبنى وأغلقت الباب عليه. قمت بحراسته حتي الصباح. كان يستيقظ لعدة مرات ويسأل عما حدث له. هل جاؤوا ثانية؟ قلت له: لا يا أخي جلال. هذه أسلحة اليوزي معي. سأقتل لتصل أيديهم إليك. حلّ الصباح. وعندما جئنا بالفطور للسيد شرفي، لم تتمكن يده من تقطيع الخبز، أي أصبح ضعيفاً جسدياً للغاية. بعد تناول الفطور، قدمنا دعوة للإذاعة والتفلزيون وبعض المسؤولين العراقيين لأننا نعلم أنّ هزيمة الأمريكيين، ستجعلهم يعودون ثانية لاختطافه من داخل مبني السفارة. لقد فقدوا دبلوماسياً رفيع المستوي بعد ما كان لفترة شهرين محتجزاً لديهم. كانوا يبحثون عن صفقة جادة مع هذا الدبلوماسي، ولأنهم كانوا يعلمون أنه لم يكن هناك سوى عدد قليل منهم في السفارة، فقد أرادوا اختطافه مرة أخرى. لقد اتخذنا التدابير اللازمة، والتقينا مع السيد حسين ذو الأنواري . عندما جاءت السلطات العراقية، طلبتُ شخصياً من مراسل الإذاعة والتلفزيون، منذ اللحظة التي سلمناه لهم، أن يبدأ بتشغيل كاميرته حتي يتم تسليمه في حدود مهران بأمن وأمان وصحة كاملة. لقد سلمناه إلي القوات الأمنية العراقية حيث تقع مسؤوليته من الآن فصاعداً علي عاتقهم. قال العراقيون: لماذا تصورون؟ كونوا علي ثقة مما نقوم به تجاه السيد شرفي. كنت أوكد لهم أننا سلمناكم هذا الرجل وهو بصحة وسلامة. يجب عليكم أن تحافظون عليه بغية تسليمه للقوات الإيرانية في الحدود. وبهذه الطريقة، تمكنا من نقل السيد شرفي إلى المكان الصحيح والآمن. هناك الكثير من التفاصيل التي لا أستطيع البوح عنها في هذه الجلسة".

ورداً على سؤال مقدم البرنامج، الذي قال للسيد شرفي،  ماهي المكانة التي تحظى بها أنت وأصدقاؤك الآخرون في السفارة قال: "الدبلوماسي هو الممثل الرسمي للبلد. على وجه الخصوص، يعتبر دبلوماسي القسم السياسي، هو من يقوم بالمشاورات السياسية بين البلدين. يتم تقديم المشورة منذ أشهر لإبرام اتفاق سياسي ومذكرة تفاهم بين البلدين أو لزيارة الوزراء. بالنسبة للمذكرة، يفق الجانبان على أنّ هذا ينبغي أن يُقصي، هذا يجب أن يكون أو لا يكون. يجب الحفاظ على مصالح البلدين. يجب أن تكون القضية، على حد تعبير السيد ظريف، هي لعبة الفوز – الفوز. حسنًا، هذا الدبلوماسي لديه بعض المعلومات القيمة. وهو أيضًا الممثل الرسمي لتلك الدولة ويمكنه الحصول على امتيازات خاصة ضد ذلك الدبلوماسي. إذا لم يكن السيد شرفي رياضياً ويتمتع بجسم قوي، وله تاريخ حافل في هذا المجال لعدة سنوات، فإنّ الله وحد الذي يعلم ما كان سيحدث له والتهديدات التي كانت تحيط به. في النهاية، يمكنهم إخلاء معلوماتهم القيمة وحذفه من الساحة تماماً، أو إذا كان بإمكانهم إجبار الدبلوماسي على الإدلاء بالتصريحات رسمياً والتحدث بالبيانات التي يريدونها خلف المنصة الخاصة بهم. في العالم ، يذهبون إلى هوائيات الأخبار ويقولون إنّ دبلوماسيكم قال هذا. هذا الاعتداء مرتفع. لقد تلقينا نحن موظفي وزارة الخارجية تدريبات بشكل حيث  أينما نذهب لأداء واجبنا، سنكون علي قدر المسؤولية، إن كانت تلك المهمة في الدول الأوروبية التي يكون أمنها أكبر، أو دول مثل العراق واليمن وسوريا التي ليس فيها استقرار ودائماً الأخطار محدقة بنا. نحن نعمل بجدية، لأننا جنود هذا النظام. في نفس العراق، وفي عامي 2004 أو 2005، شهدنا شهادة السيد خليل نعيمي، المستشار الثقافي في السفارة من قبل الإرهابيين. أطلق النار مراراً على دبلوماسيينا في الشارع حتى يتمكنوا من الهروب بسلام من تلك القضايا الإرهابية. في ذلك الوقت، كان الانتحاريون في العراق يفجرون سيارتهم بالقرب من جدران السفارة وتسببت في انفجارات هائلة. يمكنهم كسر الجدار والهجوم مرة أخرى.

قضينا أياما لا نعرف فيها هل سنبقي علي قيد الحياة للصباح أم لا. على سبيل المثال، عندما أعدم صدام، كنا هناك. نشرت المجموعات التكفيرية المتشددة الموالية لصدام شائعة مفادها أنّ قوات فيلق القدس جاءت وأرغمت العراقيين على تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق صدام في أقرب وقت ممكن. في حين لم يكن هذا هو الحال. أجرى الأمريكيون محاكمة وسلموه إلى الشعب العراقي، وقال العراقيون أيضاً إنّ الحكم سيتم تنفيذه عاجلاً غير آجل بحق صدام. بعد أربع وعشرين ساعة من إعدام صدام، بدأ نحو ألفي شخص من قوات البعث  التابعة لصدام من شارع حيفا في بغداد وقالوا إنهم سيمحون السفارة من علي الخارطة. لو وصلوا ساعتها إلى السفارة، لقطعونا إرباً إرباً. قلنا للمسؤولين العراقيين أنّ مهمة الحفاظ علينا تقع علي عاتقهم. جاءت القوات العراقية وفرقتهم بالمروحيات. في ذلك الوقت لم تنشأ قنصلياتنا في كربلاء و البصرة وكردستان العراق. كنا نقوم بإصدار جميع التأشيرات في بغداد فقط. دائماً كانت القنصلية تعمل حتي الساعة السابعة مساءاً. لقد ساعدنا الله عز وجل في ذلك اليوم وانتهي عملنا في الساعة الرابعة والنصف عصراً. عند الساعة الخامسة سقطت صواريخ كاتيوشا وهدمت القنصلية التي كان يبلغ طولها حوالي  400 متراً. لله الحمد لم يتعرض أي شخص منا للأذي حيث الجميع غادر القنصلية قبل سقوط صواريخ الكاتيوشا بلحظات. هذه المخاطر تهدد دائما الدبلوماسيين وما زالت تهددهم".

قال مقدم البرنامج: "في فترة ستين يوماً، لم يكن السيد شرفي موجود. الجميع قلقون وربما تقوم وزارة الشؤون الخارجية في بلدنا وفي العراق بأمر ما. ربما زوجته كانت تتصل هاتفياً  باستمرار. في اليوم الأول، تأخرتم في الإعلان عن خبر اختطافه. من المثير للاهتمام أيضاً أنكم قلتم في اليوم الأول إنه في اجتماع الآن ولا يمكنه الإجابة. إذا كان لديك نقطة حول الستين يوم، أخبرنا من فضلك". قال السيد مسافري: "بعد عشرة أيام، كان ينبغي لنا إخبار عائلة السيد شرفي بأنّ الأخبار جاءت وأنه في حالة جيدة حيث أنّ هذه الأخبار غير صحيحة. إنهم يتبعون الصفقة فقط أو يطلبون المال. لم أكن حتى أنا على، لكنني أخبرت عائلته بهذا الأمر. قلنا للسلطات العراقية بانتظام أنه علي قيد  الحياة، ولدينا أخبار من جماعات شيعية عراقية تفيد بأنه على قيد الحياة. نحن نقول ذلك كي يتابعوا القضية بشكل جدي. نقوم باستمرار للمسؤولين العراقيين أنه علي قيد الحياة وذلك ثابت بالنسبة لنا. كانت يد الأمريكان واضحة في هذا الإختطاف. كنا نذهب إجازة بعد كل 45 يوماً. لكن ومن أجل ما حدث للسيد شرفي، لم يذهب أي شخص طيلة الستين يوماً. كان الجميع ينتظر سماع خبر جيد عن السيد شرفي. في ليلة العيد طلبنا من الجميع أن يذهب لزيارة عائلته وقلنا لهم ما ذنب عوائلكم الذين ينتظرون قدومكم في أيام العيد؟ بقينا نحن ثلاثة أو أربعة أشخاص، وأرسلنا الجميع للإجازة حيث بعد ذلك سمعوا بالخبر المفرح وهو عودة السيد شرفي سالماً غانماً".

قال السيد جواد معبودي فر، مدير عام قسم الاستقبال في وزارة الشؤون الخارجية: " في الليلة التي اتصل بي فيها السيد شرفي والتقينا وأعطاني هذا الكتاب، كنت أعرف إلى حد ما عن قضية أسره، لكن ليس كثيراً. عندما نظرت إلى الغلاف، رأيت الاسم على غلاف الكتاب. كنت أنا والسيد شرفي في مهمة لمدة خمس سنوات. كان هذا الإنسان متواضعا حيث أنني  لم أعرف سوى القليل عن القصة خلال كل السنوات التي سافرناها، كما أنه لم يتحدث عن هذا الموضوع طيلة هذه الفترة. كان هذا الكتاب جذاباً، وقد بدأت في الساعة 10:30، وانتهى بي المطاف في الساعة الثالثة والنصف صباحاً. لم أتوقف لحظة للنظر في الكتاب وكان الأمر مثيراً للاهتمام بالنسبة لي. لديّ أيضاً فتاة في نفس عمر ابنته. نحن - السيد شرفي وأنا - نعرف بعضنا البعض وأصدقاء مقربين. ولهذا السبب فهمت تماماً معنى الكتاب وما حدث لهذا الرجل.  كنت أبكي على ما كُتب في الصفحات ورأيت نفسي في تلك الزنزانة المظلمة. اتصلت به في الصباح وقلت لقد أنهيت الكتاب وكان الأمر غريباً بالنسبة له. كان لدي برنامج في صباح ذلك اليوم، واعتقدت أنني كنت متعباً ومرهقاً ولكنني أصبحت مرحاً ونشطاً. في الصباح قلت هذا للسيد الوزير(الدكتور محمد جواد ظريف)، لقد صدر كتاب ممتع. قلت إنّ الراوي صديقي ويجب أن تراه اليوم. أعتقد أنه في ذلك اليوم أو اليوم التالي، طلبت منه وجاء السيد شرفي للقائه. رحب السيد الوزير به كثيراً، ونحن أيضاً استقبلناه برحابة صدر وحفاوة كبيرتين، مَن عرفه ولم يعرفوا القصة، كانوا مسمتعين للغاية بالنسبة. كانت فترة عصيبة للغاية للسيد الشرفي وعائلته أن يتحملوا مثل هذه القضية الصعبة. لقد زاد حبي وتقديري لصديقي السيد شرفي حيث أتمني له ولعائلته الصحة والسلامة".

 

كأنما توقفت الثواني

كان سيد جلال شرفي الراوي الثالث للبرنامج. حيث قال: "لا أعرف من أين أبدأ. ما أمتلكه من خلال هذا الحادث، و مقابل تلك المجموعة الإرهابية والأمريكان،هي النفسيات والمعنويات المرتفعة فقط".

طرح مقدم البرنامج أسئلته بطلب من السيد جلال شرفي قائلاً: "نحب أن نسمع منك عن قضية اختطافك. ماذا حدث لك في اليوم الذي ذهبت فيه إلى البنك؟" قال شرفي: "لقد حدث الإختطاف في حوالي الساعة العاشرة أو الحادية عشرة حيث استغرقت العملية دقيقة أو دقيقتين فقط. ترجل عدة أشخاص من سيارة ولم يسمحوا لي بالتحدث علي الإطلاق. لم يعيروا لي أي إهتمام وأنا دبلوماسي لدي مسؤولية دبلوماسية في السفارة. تركوني في السيارة مكبل العينين واليدين. توقفت السيارة بعد مضييّ حوالي 45 دقيقة في مكان ما. لقد بقيت على تلك الحالة داخل السيارة. رُفع أذان الظهر. مرّ الوقت وأنا داخل تلك السيارة مكبل. رفع أذان المغرب بتوقيت أهل السنة و أنا لازلت داخل السيارة. رفع إذان العشاء أيضاً وأنا كنت داخل السيارة. نزلت من السيارة و بعد ساعة أو ساعتين رفع أذان الفجر.عندما كنت داخل السيارة، كانوا يضربونني بين الحين والآخر. عندما نزلت من داخل السيارة ليلاً، وضعوني في مكان ما. كانت عيناي معصوبتين. قال أحدهم: لدينا مناوبة يتناوب عليها ثمانية أفراد. يهاجمون بذلك العدد، يضربونني ويتعبون من ضربي ويذهبون وليعودوا ثانية. قال أحدهم لرئيسه أنّ جسده قوي جداً، مثل الحديد. قال لهم رئيسهم: أضربوا ذلك الحديد بما تقع عليه يدكم! علي سبيل المثال، كنت جالساً وعيناي ويداي مكبلتان، حينها ضربوني علي رأسي بآلة من حديد. يضربونني بالعصا ويركلونني وأسقط من الكرسي وأعود وأجلس عليه ثانية. لقد استمرت هذه الحالة لفترة من الزمن. بقيت حوالي يومين أو ثلاثة أيام في ذلك المبني. كان لديهم ثلاثة تلفزيونات لمشاهدة القنوات الفضائية. كان جزءاً من الأخبار يتعلق بقضية اختطافي علي يد هؤلاء الإرهابيين. قال جميع المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية، ورئيس البرلمان ورئيس لجنة الأمن القومي، أنّ السبب الرئيسي لهذا الحادث هم الأمريكان، لأنّ القوات العسكرية الأمريكية كانت في العراق، وكان كل شيء تحت سيطرتهم. قالوا إنّ الأميركيين مسؤولون عن صحة وسلامة ومصير الدبلوماسي الإيراني. عندما تم الإعلان عن ذلك في الأخبار، كان الإرهابيون سعداء للغاية. ضحكوا وجاءوا نحوي. وقالوا انتهي كل شيء. لقد ألقى الإيرانيون كل شيء علي عاتق الأمريكيين، ونحن الآن سنأخذك إلي مكان ما ونقطع رأسك.  وحينها سنذبحك أيضاً! لم يوجه أي شخص خطابه نحونا.

كنت في المبنى لمدة ثلاثة أيام، ثم انتقلت إلى مبنى آخر. لقد بدأ التعذيب هناك. قبل ذلك، كنت أتلقي أنواع التعذيب، بالركلات والعصي والأنابيب و آلات أخري، لكن بعد ذلك، كبلوا قدماي وعلقوني وضربوني بالسياط. يعذبونني ويقولون لي: ماذا تفعل في العراق؟ يجب عليكم ترك العراق. مرت الأيام العشرة الأولي بصعوبة بالغة جداً، وكان التعذيب تعذيباً صاخباً ومؤلماً إلي حد كبير. في اليوم السادس تقريباً ،وضعوني داخل السيارة. وكان الجو حاراً لدرجة أنني شعرت أني في مخبز. كان هناك القليل جداً من الأكسجين، وأصبت بحالة اختناق .لقد وضعوني بقوة أعتقد أنّ مسؤول الحافلة قال لهم،علينا أن ننطلق. انطلقت عدة سيارة بشكل متزامن. قالوا لي: "في عمليات الفحص التي سنصادفها، احرص على الصمت ". إذا كنت ترغب في التحرك و طلب المساعدة، يتم تفجير السيارة التي أنت علي متنها. تنفجر السيارة قبل وصول أيّ شخص لمساعدتك. كانت السيارة تسير أحياناً لساعات. كانت الأيام الحارة و الليالي باردة. من شدة العطش والتعب والألم، ضربت رأسي بقوة علي السيارة. كان الشخص المسؤل على مراقبتي، فوقي يضرب فخذي وحنجرتي ببندقية لتهدئتي، لكنني كنت أتألم لدرجة لم ألاحظ أني أُضرب . لقد ضربتُ رأسي بقوة في الجسم الحديدي لتخفيف آلام كتفي والعنق والأنف والحنجرة. كان الوقت فجرا عندما توسلتهم  لكي يعطونني ماء. قال الشخص القريب مني: إنّ الباب مقفل من الخارج.

وصلنا إلى قرية. رحبوا بهم وأخذوهم معهم لكي يناموا. بقي الحراس في السيارة معي. قال الحراس: إنّ الباب مغلق ويجب أن يعودوا في صباح يوم غد ويفتحون الباب. سألت: حسنًا، متي سيأتون إلي هنا؟ قالوا: في الصباح الباكر. سألني الحارس، أين تشعر بالألم؟ قلت له: كتفي. قام بتدليك كتفي. قلت له: رقبتي، قام بتدليكها أيضاً. قلت: ركبتي و قدماي... رأي أنه لافائدة من ذلك. سألني: هل أنت شيعي؟ قلت له: نعم. قال : أنا شيعي كذلك. بداية لم استطع التوسل بأهل البيت (عليهم السلام). كلما قلت: يا حسين (عليه السلام) أو يا زهراء (س)، يقومون بضربي. كان مسؤول الحراسة رجلاً متطرفاً. قال: أذكر لي المعصومين الأربعة عشر والأئمة الإثني عشر. لقد بدأت بذكر اسمائهم المباركة. عندما وصلت لذكر اسم الإمام الحسين (عليهم السلام)، قال: أها، سيأتي سيد شباب أهل جنتكم وسينقذك مما انتَ فيه.! وقام بضربي. الحارس الذي قال: أنا شيعياً، بدأت بالتوسل به وشعرت بالطمأنينة حينها. منذ الساعة الثانية والنصف من اليوم الماضي حتي الساعة الحادية عشرة من يومي، كنت داخل السيارة وهي تسير إلي جهة لا  أعرف وجهتها. توقفت السيارة في نهاية الليل وتقريباً حدث ذلك في تمام الساعة 11 من اليوم الآخر. عندما أخرجوني من السيارة، كنت لا استطع التحرك علي الإطلاق. لأني كنتُ مثبتا. بعد فتح وثاق يدي، لم أعد أستطيع تحريك يدي. خلال هذه الأيام العشرة، وقع عليّ أقسى أنواع التعذيب، أخذوني، على سبيل المثال، وتركوني في برد الصحراء العراقية القاحلة. استنشقت رائحة النار والدخان. الحراس الذين جاؤوا بي، كانوا جالسين حول النار ويشربون الشاي وأنا أسمع صوت فناجينهم. لكنني كنت أموت من شدّة البرد. برد العراق في الحقيقة قاحل جدا. طلبت منهم أن اقترب من النار لكي أشعر بالدفئ. قال أحدهم، وبعد أن أسمعني كلمات غير لائقة، كل ما نعانيه هو من جرّاء تواجدكم، وهل تريد الآن أن أقربك من النار؟ كنت ارتدي فانيلة فقط. كانت لديه قارورة ماء، قام بتفريغها علي عمودي الفقري وقال: ستشعر بالدفئ الآن! لربما كان أعنف تعذيب تعرضت له في تلك الفترة.

وفقاً لما قاله وصفي، أحد حراس تلك الحفرة الذي بقي إلي آخر يوم، يبدو ومنذ أواخر اليوم السادس، دخلت في غيبوبة لأربعة أيام. قال: ظننا أنك رحلت عن هذه الدنيا، لكن في لحظة ما ساعدك الله ووجدناك حيّاً. ما هو عمل الخير الذي قام به والدك أو والدتك حتي تحيا ثانية؟ عندما استيقظت، وجدت نفسي في تلك الحفرة. لقد بدأت مرحلة جديدة. الشخص الذي كان واقفاً بجانبي، قال: أنا مسؤول مكلف في سفارة أمريكا. كان يتحدث باللغة الإنجليزية وأحد العرب يترجم بالعربي ما يقوله. هو كان (مستر) نفسه. كنت طلبت منهم أن يمنحوني قرآناً أو كتاباً حتي ولو من المرحلة الإبتدائية. الشخص الذي يطالع الكتب يومياً، ويستمع للأخبار ويشاهد التلفاز، لديه طاقة وحيوية، لكن عندما دخل إلي الزنزانة فجأة والتي هي أوسع من القبر بقليل. لايسمع ولا يشاهد أحداً، ولا يكتب ولا يقرأ علي الإطلاق. كان الأمر صعباً للغاية. عندما طلبت منهم مصحفاً، قالوا: إنك نجس! أنتم تقبلون قرآناً آخراً وهذا القرآن يتعلق بالمسلمين، وليس قرآنكم. في أحد الأيام جاء شخص ليقوم بحلق شعري وينادونه بالأستاذ. جاء نحوي وقال: في ما تبقي من نهاية عمرك، ولا أحد يعلم هل ستعود للحياة ثانية أم لا، تُب إلي الله وعُد إلي الإسلام. جاء بكتاب كتبه أحد الشيوخ المتطرفين ويؤكد علي شركية الشيعة! الحدث الذي وقع هنا واستفدت منه كثيراً، حيث كتب فيه، يجب عليكم أن تتوكلوا علي الله عز وجل، آيات تدعو للأمل والطمأنينة، كانت حوالي ستون آية. لعلها كانت أغلي هدية من قبل الأستاذ و(مستر)، هو ذلك الكتاب. لقد قرأت الآيات مراراً وتكراراً من الأول حتي النهاية، ولم أنتبه للأحاديث والروايا التي تتهم الشيعة بالشرك وماشابه ذلك. الآيات الموجودة في الكتاب، ساعدتني نفسياً بشكل كبير. كنت أقرأ القرآن تارة مرتلا وتارة أخري بصوت عال. يمكن القول، إنني حصلت علي مؤنس لامثيل له في تلك الظروف. خلافاً لما كانوا يتصورونه، أي أنني سأتوب وأنحرف نحوهم.

للإجابة على سؤال السيد صالحي (مقدم البرنامج)، حول ما قيمة الدبلوماسي ولماذا يتم اختطافه بهذا الشكل، يجب أولاً أن أقول إنّ الأميركيين أتوا إلى العراق ولم يرغبوا بمساهمة  بلدان أخرى، حتى أولئك الذين اتحدوا معهم في غزو العراق، في عملية بناء الدولة العراقية الجديدة. لقد سعوا إلى إنشاء هياكل ودساتير وبرلمان وحكومة جديدة بناءً على ما يريدون هم أنفسهم. كما هاجموا دبلوماسيين آخرين من دول مثل الأردن والدول الإفريقية وحتي الروس. قاموا بضربهم واختطافهم أيضاً. كما أشرنا إلي دبلوماسينا من قبل، حيث استشهد السيد نعيمي بالقرب من سفارتنا في بغداد. قاموا باختطاف السيد فريدون جهاني، في طريق كربلاء واحتجزوه لحوالي ثلاثة أو أربعة أشهر. بسبب مشاكله الصحية، لاسيما الرئوية والكليس، كاد أن يموت بين أيديهم، لكن قاموا بإطلاق سراحه. قبل شهر واحد من هذه القضية، كنا في طريقنا لأداء واجب الزيارة، ومنعونا من الحركة وقالوا: ماذا تريدون من العراق؟إذا لم تذهبوا من هنا، ستلاقون حتفكم كما فعلنا بالسيد نعيمي. لم يرحموا ممثل الأمم المتحدة. أي أنّ الأمريكيين لم يوافقوا على أن تقوم الأمم المتحدة ببناء هيكل جديد في إطار عملية الديمقراطية والحرية التي يتحدثون عنها. وفي نفس الحادث الإرهابي، أطلقت نفس المجموعات الإرهابية النار على ممثل الأمم المتحدة في بغداد وقتلوه. إنّ قيمة وأهمية الدبلوماسيين بالنسبة للأميركيين الذين لا يريدون أن يتواجد هناك أحد قد تم الكشف عنه هنا. كان جزء من التعذيب في الأيام العشرة الأولى. ربما لم يكن لديهم غرض محدد. على سبيل المثال، ماذا تفعلون هنا؟ ربما كانوا يتبعون نفس الحرب الطائفية، لكن الأميركيين اتبعوا السيناريوهات والمؤامرات الخطيرة. جاء اليوم الأول وتعرضت للتعذيب والمضايقة بسبب بلتيارات الشيعية والجماعات العراقية. قلت: لا أعرف أحداً. لأنه إذا قلت عن فلان، فإنّ هذا سيجعل الأمر صعباً للغاية. جاؤوا وقالوا إنك لا تريد أن تقول أي شيء! إنّ قيمة الدبلوماسي بالنسبة للأمريكيين وأي مجموعة تختطفه، من الواضح هنا أنّ الدبلوماسي سيكون الممثل الرسمي لبلد ما وسيكون مناوئاً لبلده إذا تحدث بشيء مختلف. هذه تعتبر مكافأة لهم، وكذلك خيانة وتهديدات ضد البلد الذي ينتمي إليه الدبلوماسي. جاؤوا وقالوا: لا نحتاج إلى أي معلومات منك على الإطلاق . نكتب كل شيء وأنت تقرأه بصفتك دبلوماسي في جمهورية إيران الإسلامية والسكرتير الثاني للسفارة الإيرانية في بغداد، اقرأ ما كتبنا، هذا ما حدث في بلدنا، لقد فعلنا هذه الأشياء، وصلنا إلى هذه التطورات في المحادثات  النووية، في مناقشة العلاقات الثنائية و ... قبل بضعة أشهر من ذلك، كانت محادثاتنا النووية مع الأوروبيين مقطوعة بسبب الضغط الأمريكي. كنا نتابعه عن كثب. أحيلت قضيتنا إلى مجلس الأمن وأصدر أول قرار بفرض العقوبات علينا. أراد الأمريكيون الحصول على بعض المستندات والمعلومات لإرضاء حلفائهم الأوروبيين. على سبيل المثال،  يأتي شخص رسمي بصفته دبلوماسي ويقول بإمكاننا الوصول إلى قنبلة نووية بخلاف القنابل النووية التقليدية في العالم، أحد الأشياء التي كتبوها وطلبوا مني أن أقولها، هي نفس الجملة. لقد مرت اثنتا عشرة سنة على عمليات التفتيش. قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية 12 مرة، إنّ إيران ليس لديها أي انحراف عن الأطر البرلمانية وقواعد ولوائح الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في ذلك الوقت سعوا لتنفيذ عملية نفسية عن طريقي كدبلوماسي للجمهورية الإسلامية، وكانت فكرتهم أنهم سيخبرون الأوروبيين أنّ إيران قد احتالت عليهم كل هذه السنوات.

جاؤوا وقدموا لي بعض الإغراءات. إحدي هذه الإغراءات هي المدفئة الكهربائية، قالوا سوف نقدم عدداً من الخدمات. كانت إغراءاتهم الأخري، مفادها أنه إذا قبلت وتعاونت معنا، يمكنك الذهاب إلى أي بلد تريده، سنذهب ونجلب زوجتك وأطفالك ليعيشوا معك في أفضل حالات الرفاهية. سنعطيك بعض الموضوعات والمطالب وستعكسها، وسنبثها من الأقمار الصناعية التي نريدها.  كانت قيمة هذا الإختطاف تتمثل بهذه القضية إلي حد كبير. لم يكن أمامي إلا طريقان فقط، أو سأتحدث خلف المنصة في كل يوم وانتقص من بلدي وأمتي وأتحدث بما يريدونه هم أو يجب علي أن أنتحر وأهرب من هناك. في هذا الهروب إما أن أقتل أو أنقذ نفسي من أياديهم. كان الأمر صعباً جداً. كنت أفكر بزوجتي وبنتي وأخي ورفاقي وأموالي وممتلكاتي و... إلخ.قلت: يا إلهي هذه الزوجة وبنتها لن يتعلقا برقبتي مرة أخرى. كانا عندي أمانة و من اليوم فصاعداً لن يكونا لي. قمت بمغامرة خطيرة. قلت لنفسي: أن أُقتل أفضل بكثير من أن أتحدث من وراء ذلك المنبر بسوء و لن أبقي لزوجتي وبنتي وعائلتي مكانة وحيثية في المجتمع. نعم انتحرت بشكل حقيقي. لا أدري ماذا أفعل. ساعدني الله وحدثت هذه المعجزة بفضل دعاء المجتمع الإيراني وعائلتي أيضاً".

سأل مقدم البرنامج: " في الأيام العشرة الأولى التي أُصطحبت فيها إلى الزنزانة، لقد خطفوك وقاموا بإخلاء جيبوك من كل شيء تمتلكه داخل تلك السيارة. حصوا علي وثائق مختلفة كانت بحوزتك. دار حوار فيما بينكم، هل تتذكر ذلك لتحكيه لنا؟" قال السيد شرفي: "عندما وضعوني داخل السيارة، لم يكبلوني بإحكام. كان عصبة العين خفيفة وشفافة وكانت تسمح لي بأن أرى. كان شخص يجلس في المقدمة. كما كان آخر يجلس بجانبي. كانت محفظة النقود داخل جيبي، أخرجها وأخذ ما فيها من الدنيانير ووضعها داخل جيبه. أخذ ساعتي وقام بإطلاق تعابير نابية وقال: أيها المفلس، ليس معك الكثير من النقود. لم تكن ساعته ثمينة. أخذ النقود وأعطي المحفظة الخالية وبطاقتي الشخصية المتعلقة بالوزارة الخارجية لمسؤوله وقال: سيدي! لا شيء مهم معه. إنه إنسان مفلس وبائس".

قال مقدم البرنامج: "هل كان معك شيء داخل تلك الحفرة. إعادة مشاهد هذا الفيلم في عقل الإنسان يبدو إنه لأمر غريب إذ الرجل ليس لديه شيء ويكتب علي الجدران. ومع ذلك، مهما حدث، فأنت تستمتع بما معك. تقرأ القرآن، وتفكر في أشياء مضحكة، وتفكر في الأشياء السعيدة. كنت تأمل لنفسك. قرأت في مذكراتك أنك تتغني بأغاني سراج حتى تشعر بالسعادة، وكنت تتدرب كل يوم لتجعل صوتك أكثر جمالاً. هل هذا صحيحاً؟"

أجابه شرفي قائلاً: "نعم. كانت أوقاتاً وظروفاً حرجة ولا يمكن وصفها بهذه السهولة. أود اللجوء إلى أي شيء يخرجني من تلك الأجواء الغامضة. إذا فعلت ذلك واستسلمت لتلك الظروف، ستكون كارثة، وهذه النتيجة، التي كانت تحدث بالفعل، كانت مختلفة. يجب أن أضحك ليختفي هذا الحزن. في الظروف الصعبة، ستكون النفس أمارة بالسوء وهذا ما حدث لي. سألت: لماذا أنا الآن هنا؟ لماذا اخترت هذا المسار؟ لماذا كل هذه المشاكل؟ ما ذنب الزوجة والأطفال؟ إذا استمرت  هذه الحالة، كنت سأستسلم لذلك الفضاء المحيط بي. لكن الله ساعدني علي تخطّي تلك الظروف العصية علي التحمل. أود أن أقول إنه يمكن أن تتعرض لحادث وقتل في إيران في الوقت الحالي وأنت في مركز الاحتجاز وكان هناك جدال كنت أمر فيه مع كلّ لحظة. كان ينبغي عليّ أن أشعر أنني لن أخوض هذه الأفكار على الإطلاق. أحد الأشياء التي قمت بها هو تكرار أناشيد حسام الدين سراج الذي كان يرددها في أوائل الحرب، بعض العبارات التي تذكرتها وهمست بها مع نفسي. ذهبت إلى جو السخرية الذي شاهدته من خلال التلفاز، مثل ما يقدمه السيد مهران مديري ومسلسل (برره)، وتحدثت عن بعض الحوارات مع نفسي وضحكت حقًا. في كل لحظة، و طيلة الـ 24 ساعة في اليوم، ملأت أصعب لحظاتي بتلك الذكريات. كأنما توقفت الثواني. أقول أني أضحك، لربما لم يستغرق هذا بضعة ثواني وأشعر بالرضا والسرور. قد لا تصدقون أنّ الدموع لم تفارق عيني ولو للحظة واحدة. لم أنقطع عن التسبيحات وذكر الباري عز وجل. كأنما أصبحت من ضمن وجودي بشكل لا إرادي. علي سبيل المثال، أردت أن أقول شيئاً مختلفاً، لكنني وجدت نفسي ألهج بذكر الصلوات فقط".

سأل مقدم البرنامج: "إذا رأيت وصفي وذلك الحارس سيء السلوك، ماذا ستفعل بهما؟" قال السيد شرفي: "إذا رأيتهم الآن، سأدعوهم إلى أفضل مطاعم طهران أو حتى إلى منزلنا والقيام بإستضافتهم بأفضل طريقة ممكنة. سأقبل وجهيهما. لأنهم بشر وكانوا يفعلون ذلك من أجل توفير رزق زوجاتهم وأطفالهم في تلك الظروف الحاكمة علي ذلك البلد. كنت أدعو الله دائماً أن يلقي المحبة في قلوب هؤلاء الحراس لأثبت برائتي من كل شيء. بالطبع لا يَصْدقُ على (مستر). كان يتابع مهمته وعمله. قلت لهم: خذوني الي الأرض لأساعدكم علي حرث الأرض. في الحقيقة كنت أقوم بذلك العمل ولم أذهب إلي أي مكان آخر. أردت التخلص من تلك الأجواء الخانقة فقط. الأيام التي ذقت بها العذاب، لا تساوي شيئاً أمام مشقات وأتعاب أسر الشهداء والأحرار والمفقودين. أعتذر لأنني جئت وراء هذه المنصة وتحدثتُ عما حدث لي".

أقيم برنامج ليالي ذكريات الدفاع المقدس في نسختها الثالثة بعد الثلاثمئة، بجهود مركز دراسات وأبحاث ثقافة الأدب والإستدامة ومكتب الأدب وفن المقاومة، في 28 من يوليو لعام 2019 م في صالة سورة بدائرة الفنون. ستعقد الأمسية الآتية في 25 من الشهر المقبل.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 6488


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة