عقد أول برنامج « ليلة مع كاتب»

بختياري دانشور برواية المذكرات

مريم رجبي
ترجمة: حسين حيدري

2018-3-15


وفقاً لموقع تاريخ إيران الشفهي، أجري أول برنامج «ليلة مع كاتب» للراحل داود بختياري دانشوار من قبل مركز دراسات وبحوث الثقافة المستدامة في 12 من شهر اسفند لعام 1396 في صالة (تماشاخانه مهر) في المركز الفني. تحدث في هذا البرنامج ، مرتضي سرهنكي ، مؤسس مكتب الأدب وفن المقاومة  وداود أميريان كاتب قصصي وحامد خواجه وند ، ابن أخت الراحل بخيتاري دانشوار، عن ذكريات الكاتب.

كاتب ماهر بجانب محارب شجاع

كان المتحدث الأول السيد مرتضي سرهنكي وقال: قمنا بنشر كتاب تحت عنوان «اليوم الثالث للحصار» كان عبارة عن كتيب صغير كتبه محمد هادي. كان محمد هادي قائداً لكتيبة  تم أسر قواته في جزيرة شلحة. هذا الكتاب الصغيرهو مذكرات هذا القائد و رفاقه، حيث يتطرق إلي ما فعلوه هناك والأحداث التي عاصروها في تلك الجزيرة. جزء من الكتاب يسرد ما يتوجب علي القائد كي يأتي بقوات مساندة ، ثلاثة أو أربعة من الجنود أصيبوا وملقون علي حافّة الطريق الذي يصل إلي هذه الجزيرة. يتحدثون مع بعضهم البعض. شخص ما يقول للقائد أن الدبابات العراقية قادمة، إذهب ولا يريد أن تجلب قوات إلي هنا، أبقى مع الجنود. يقول القائد إنه درس الطبّ لعدة سنوات في ألمانيا ، ولم يتمكن من الاستمرارهناك ، وعاد إلى إيران ، وكان قد درس الهندسة الزراعية ، ونطلق عليه احيانا الطبيب و أحياناً المهندس. قال إنني سأبقي إلي جانب الرفاق المصابين، حتي لايطلق عليهم العراقيون رصاصة الخلاص عندما يأتون إلي هنا.

تم نشر هذا الكتاب (اليوم الثالث من الحصار) ولسنوات عديدة كانت هذه القضية تشغل بالي، إذ من كان ذلك الرجل؟ بالرغم من أنه يعلم جيداً سوف يموت ورغم ذلك بقي، لكن بقي في مكانه؟ هل الآن حي أو لا؟ مرت سنوات وأصبحت صداقتنا أنا و السيد محمد هادي  أقوي بشكل كبير وذهبنا معاً إلى جيذر برفقة بعض أصدقائنا للمشاركة في مجلسهم... في ذلك المجلس،كان القائد يقول للأولاد أن اكتبوا ذكرياتكم. جاء محمد هادي مرة واحدة بعد غياب طال لسنوات عديدة. سألته ماذا تفعل الآن؟ قال: سائق حافلة صغيرة في المدرسة. قائد الكتيبة الذي كان يرأس أكثر من 400 جندي! قال بعد ذلك: شعرت بالضيق الشديد قبل فترة من الزمن ، لأن والد أحد الأطفال جاء وأعطاني سخان مستعمل حيث يعتقد أنني أستحقه. قال: سمعت أنه تم إطلاق سراح السجناء ، لقد أتيت لرؤيتك كي أري هل تعمل هناك؟  هل تم إطلاق سراح المهندس خالدي؟ قلت: أنا لا أعرف وذهبت. مرة أخرى ، جاء وقال: سمعت من الأولاد أن المهندس خالدي تم أطلاق سراحه، أريد أن أذهب إليه، هل ترافقني إلي هناك؟ قلت له: لدي وظيفة ولا يمكن أن أذهب معك، أبلغه سلامي وتحياتي.

لقد مرت عدة سنوات علي ماحدث. يوماً ما كنت في المكتب و رأيت رجلاً كبير السن بوجه باشر ولحية بيضاء و سترة زيتونية جاء نحوي وقال بوقار هل أنت السيد فلاني؟قلت له نعم. قال : أنا المهندس أسد الله خالدي. لم اعرف في ذلك الوقت أنني كنت أعرف مثل هذا الشخص . قال: أنا خرجت للتو من الأسر. لقد عرفني علي سعادتكم شخص ما، وأتيت لأخبرك بذكريات أسري . سألت: هل تم القبض عليك في جزيرة الشلحة؟ قال : نعم سألت عن ذلك. هل كنت الشخص نفسه الذي بقي مع الجرحى؟ قال : نعم. ثم سألته: هل درست في ألمانيا؟ قال نعم و فرحت كثيراً.قال: منذ عشرين عاماً و أنت تشغل حيزاً كبيراً من ذهني و أنا فخور بتسجيل ذكرياتك.

لقد فكرت مع نفسي كثيراً بمن ساحاورهم لإظهار عظمة هذا الرجل. لقد مررت الشباب واحداً تلو الآخر في ذهني حتي تذكرت داوود. قلت لنفسي إن من يستطيع فعل هذا هو داود بختياري. اتصلت بـ داود  ووضعت يده بيد المهندس. كما حضرت أنا جلستين من هذه المقابلة. انتهت المقابلة  و غادر داوود كي يدونها. كما يأتي سماحة المهندس أحياناً إلي مكتبي و يقول: السيد سرهنكي! متي سينتهي مشروع كتابي؟ أنا أقوم بتوضيح بعض القضايا له و يأتي ثانية. حتي جاء يوماً و قال: هل تعرف لماذا أتردد هنا كل يوم؟ أخشى أن أموت و لا أري كتابي. علي أية حال ، جاء داود في أحد الأيام وقال إن الكتاب قد انتهى. استغرق الأمر بضعة أيام حتى قرأته وأجريت بعض التصحيحات اللازمة .قلت لداوود: لقد انتهي العمل، اتصل بالسيد خالدي من أجل الصور ووثائق نهاية الكتاب.

ذهب داود وعاد بعد أقل من خمس دقائق وقال: لقد توفي المهندس خالدي منذ ثلاثة أيام!

يقول داود أن المهندس خالدي كان في الحكومة المؤقتة نائب وزير الزراعة.  لقد جاء هذا الموضوع في الكتاب الذي قال فيه:  في الوقت الذي مسكت حقيبتي بيدي كي التحق بالرفاق في سوح الحرب و القتال ، رأيت في الفناء أن أضواء المسبح كانت مشتعلة منذ الليلة الماضية، كان الخدم أيضاً نائمون، أطفأت الأنوار ونظرت إلى القصر و قلت: وداعا ايها القصر الصغير. نُشر كتاب «الرجل الذي لم يري الأحلام» مع مذكرات أسد الله خالدي في الوقت الذي لم يطرح أدب الحرب كما هو حاليا، لكن داوود أخرج كافة الجزئيات وتكللت جهوده بنجاح و أصبحت من أروع و أفضل أعماله. قاتل المحاربون وأولادنا لديهم حرب أخرى بهذه الكلمات والجمل.»

نموذج من المثابرة والجدية

كان المتحدث الثاني في  أول برنامج  «ليلة مع كاتب» ، داود أميريان ، من كُتّاب الدفاع المقدس و أحد زملاء  داود بختياري. قال :« لدي الكثير من ضحك وشعر داودالعظيم .كنت أمزح معه وقال لي إن كان لدي عشرة بالمائة من نشاطك ومثابرتك وجديتك، لحصلت على جائزة نوبل عشرة مرات حتى الآن. عندما جاء داود، كان يكتب اسمه بواوين (داوود) ..قبت له علي سبيل المزحة: إعمل علي كتابين أو ثلاثة علي أقل التقديرات، بعدها استخدم الواوين! كان داود رجلاً متواضعاً حيث لدي أصدقاء يشعرون أنهم بالقمة بعد إنجازهم لأي عمل قاموا به، لكن داود و بالرغم من أفعاله الجيدة، لايدّعي شيء وكان متواضعاً بشكل كبير، لم يكن داود في خرمشهر أو البوسنة، لكنه يقوم بالبحث والقراءة، علي سبيل المثال في كتاب « طعم الحياة» توجد هنالك مرارة على الرغم من أنها قد تأتي من حياته الخاصة ، ولكن لاحد و لاحصر لجمالها حيث أنها ترتبط بأحداث خرمشهر. كتاب «مرسده» هي رواية كبيرة كانت نتيجة بحثه و جهوده... هذه الرواية هي واحدة من الروايات الإيرانية القليلة التي كتبت عن البوسنة.  استخدم عالم الحب في هذه الرواية ، أي الحب في قلب الحرب.

جاء داود إلي مراسيم وفاة والدي  و عندما أراد الذهاب لم يجد حذائه أي سرقوه. طلبت منه الانتظار حتي أذهب للبيت و آتيه بحذاء جديد، لكنه لم يقبل علي الإطلاق، كان متواضعا جداً. كما أنه يعمل بجهد و دون عناء و يساعد الناس بشكل مستمر. لقد أخبرني الحاج أحمد دهقان في اليوم الأول أو الثاني من شهر فروردين لعام 1387 (هـ. ش) و أبلغني بمراسيم رحيل داود. بداية ظننت أنهم يمزحون معي، لكن عندما اتصلت عرفت الحقيقة، لقد توفي في يبوم الـ 29 من شهر اسفند».

تعرفت عليه عندما كان يقوم بتقديم الخدمة لوالدته

كان الكابتن الطيار ، حامد خواجه وند، ابن شقيقة داود بختياري دانشوار، ثالث المتحدثين في هذا البرنامج. قال في كلمته :« لم يكن داود خالاً فقط بالنسبة لي وأخي ، إنه صديق جيد جدًا. كان داود حساسًا جدًا علي دراستنا و حياتنا بشكل كبير.كان يقدم لنا النصيحة باستمرار. أتذكر كان لدي امتحان في التاريخ و لم استوعب الموضوع حينها، دخل علي غرفتي و قال متسائلاً: بماذا انت منشغل أنت؟ قلت له: لدي إمتحان. قال بعد ذلك: كيف تقرأ الدرس بهذا الشكل؟ امسك الكتاب بيده و قرأ بصوت عال حتي أفهم الدرس.

لا يمكننا وصف داود من خلال كتاباته فقط، بل عرفته من خلال مراقبته لجدتي. اكتشفت أن داود وجد أن خدمة والديه لا تقدر بثمن في الحياة  إذا كان النجاح يرافق داود بشكل مستمر ، يمكنني القول بكل يقين أن دعاء جدتي كان وراء ذلك.

في يوم من الأيام كانت لديه مقابلة حيث أنه حساس جداً علي ملابسه، طلب مني أن آتيه بملابس. حينها انطلقت من تهرانسر و عندما وصلت إلي شارع رشت و مكتب الأدب و فن المقاومة، رأيته مرتدياً ملابسه و في حال إجراء المقابلة. كان إنساناً متواضعاً و تواضعه هذا جعله يترك أعملاً كبيرة و ثمينة ورائه».

في الجزء الأخير من برنامج «ليلة مع كاتب» الخاصة بالراحل داود بختياري دانشور، والذي أقيمت بحضور كل من سماحة حجة الإسلام  سيد محمود دعايي، مدير معهد المعلومات و حجة الإسلام سعيد فخر زاده، مسؤول قسم التاريخ الشفهي في المكتبة الإسلامية الثورية، و مرتضي سرهنكي، مؤسس مكتب الأدب وفن المقاومة ،محسن غني ياري،نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث حول الثقافة المستدامة والأدب و الكاتب القصصي، و أيضاً رضا أمير خاني و أحمد دهقان، حيث مُنحت هدايا لأسرة الراحل داود بختياري دانشور عرفاناً و تقديراً لشخصيته الكريمة.

في هذا البرنامج تم إعداد حُزمة ثقافية تحتوي علي عدة أعمال من الراحل داود بختياري دانشور مع كتاب خاص لأول برنامج «ليلة مع كاتب» و الذي يحتوي علي نظرة على حياة وأعمال داود بختياري دانشور مع ذكريات الأيام الجيدة (محسني مؤمني شريف)، وداعاً أيها القصر الصغير (مرتضي سرهنكي)، الذهاب في خلوة الإزدحام (علي رضا كمري)، أحداث الهاتف (محمد حسين قدمي)، متعطش للقراءة والكتابة (أحمد عربلو)، كان العيد...(أحمد دهقان)، المقام الثقافي المسؤول المحترم (رضا أمير خاني)، يمكن الذهاب لوحدك (محسن كاظمي)، أحذية داود المفقودة (داود أميريان)، التقدير من الصمت و الوحدة (محمود جوانبخت)، وحدة داود (أصغر كاظمي) يوجد في قلب البحيرة زنبق (كلستان جعفريان)، صراع الوحدة (مصطفي رحيمي)، لم تسنح له الفرصة ليجد مجلد حياته الثاني (فرانك جمشيدي)، ولد مع الألم والوحدة (اصغر فكور)، أفكر هذه الأيام بـ داود (نصرت الله صمد زاده)، الرجل المتعب الذي لايعرف التعب (علي تكلو)، الرجل الذي ذهب وحيداً ..(محبوبة عزيزي) و الخال داود( حامد خواجه وند) . كما تم إهداء قرص مضغوط لفيلم وثائقي يعرض حياة داود بختياري دانشور في جزئين باسم « من الرحلة البيضاء إلي المنزل الأبدي» و «طعم الحياة» للضيوف في مركز الدراسات وأبحاث الثقافة و الأب المستدامة . تم تقديم أجزاء من هذا الفيلم الوثائقي  خلال البرنامج الأول من «ليلة مع كاتب» للراحل داود بختياري دانشوارللمتواجدين في هذا البرنامج أيضاً.

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 3544


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة