مهران، مدينة المرايا ـ 19

خسرو محسني
ترجمة: حسن حيدري

2022-2-25


كانت الساعة السادسة مساءً عندما ظهرت الطائرات مرة أخرى، ليست واحدة ولا إثنتان، بل ثمانية. وصلت طائرتان إلى ساترنا وألقيا قنابلهما على بعد 200 متر منّا. وتصاعد دخان أبيض من الأرض مع انفجار القنابل برائحة الخضار الطازجة والثوم التي شممتها، أدركت حينها أنّ القنابل كيميائية. أخبرت الشباب على الفور بأنّ القنابل كانت كيميائية، ويجب أن يرتدوا قناعاً وأن يذهبوا إلى أعلى الساتر. وسرعان ما ارتدى جميع الشباب الأقنعة وصعدوا إلى أعلى الساتر. أبلغت قيادة الفيلق بالحادثة. وأعلنت القيادة أنّ قاعدة الفيلق هوجمت كيميائياً ونصحتنا باستخدام معدات مضادة للكيماويات،  قائلة إنّ الشباب "ش - إم - آر" [1] لم يتمكنوا من الوصول إلى موقعنا.

لم يستخدم الشباب القناع حتى ذلك الحين، وكان من الصعب عليهم تحمل القناع حتى يتم تحييد المواد الكيميائية. كنت قلقا للغاية وخطرت ببالي فكرة. قلت للشباب أن ينظروا داخل الذخيرة التي تركها العراقيون وأن يحضروا أي رصاص. في غضون دقائق، تم جمع عدة صناديق من الرصاص المضيء من جميع أنحاء الساتر. مع حاتم صفي نجاد وضعنا البلاستيك في أيدينا وعلي رؤوسنا أيضاً. أخذنا الرصاص إلى الأماكن التي انفجرت فيها القنابل وأضرمنا فيها النيران. كان نجاحاً باهراً، بدأت الألعاب النارية لعبة رائعة! في الجزء العلوي من الطريق، وعلى بعد 300 متر من القصب، كانت هناك أرض جافة. وجدنا بعض الإطارات القديمة وأضرمنا فيها النيران.

لقد حل غروب الشمس بنا، أمسية كان أفقها الأحمر مصحوباً برائحة نفاذة من الكيماويات. علمت من القصف الكيماوي أنّ القوات العراقية هُزمت بالكامل. اعتاد الشباب أن يأتوا إلي ويقولون إننا نريد نزع الأقنعة. أدركت أنه ونظراً لأنهم لم يستخدموا قناعاً من قبل، كان من الصعب حقاً وضع القناع على وجوههم لمدة ساعة. خلعت قناعي عدة مرات لأرى ما إذا كانت المواد الكيميائية قد اختفت. بعد فترة طلبت من الشباب خلع أقنعتهم وعدم استخدام الماء والطعام والفاكهة إطلاقاً. في تلك اللحظة، أبلغ الشباب أنّ "خداجويي" قد أصيب كيميائياً، وذهبت إلى ملجأهم المحصن، كان في مزاج سيء. كان مستلقياً في خندق وقت القصف الكيماوي ولم يلاحظه الشباب وهو يوقظه. أخذته إلى أروند في السيارة التي حصلنا عليها كغنيمة حرب،  ومن هناك أخذته على متن قارب إلى غرفة طوارئ الفيلق في خسرو آباد. من هناك ذهبت إلى مقر الوحدة. كان شباب الوحدة سعداء جداً برؤيتي. عانقت الجميع وهنأتهم على انتصار العملية.

يُتبع...

-------------------------------------

[1] الوحدة الكيميائية، الجرثومية، النشاط الإشعاعي. هذه الوحدة، التي تعمل في جميع الأقسام، كان عملهات التدريب وإبطال مفعول القنابل الكيماوية وأطلق عليها اسم  (ش.م.ر).

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 1610


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة