مهران، مدينة المرايا ـ 31
خسرو محسني
ترجمة: حسن حيدري
2022-6-7
على مسافة 10 أمتار فقط، تم إرفاقهم جميعاً بملف الجحيم بأيدي المقاتلين المباركة. لم يعد يتجرأ العراقيون على الوقوف، ناهيك عن تقدمهم نحونا. في تلك اللحظة، بدأ الشباب في المضي قدماً، من خندق إلى آخر، كان لدينا قتال وجهاً لوجه مع الأعداء؛ لكن بسبب الخسائر التي تلقيناها في تلك المعركة، لم نتمكن من الوصول إلى الخطوط العراقية واضطررنا للعودة إلى الخنادق وترك الشباب المصابين هناك.
صعدت مفرزة من القوات إلى القمة مرة أخرى للتقدم. أنا لم أذهب معهم. لأنه كان هناك الكثير من الدم ينزف من صدر سلمان بور وبغض النظر عن مدى إصراري، لم يكن راضياً عى العودة. كانت هناك قناة بالقرب منا. من تلك القناة أتينا إلى قواتنا الخاصة. صادفنا مدفعاً مضاداً للطائرات رباعي البراميل يحيط به عدد كبير من جثث العراقيين الممزقة. بعد ذلك بقليل، وجدنا عدد من جثث الشهداء الكرام على الأرض. داخل القناة كان هناك رجل يحمل لاسلكي مصاب بشظية في جبهته، ومهما فعلوا لإعادته، لم يكن مقتنعاً بالعودة. وصلنا إلى فرقة الإنقاذ. أصررت على أن أضع سلمان بور بجانبهم لتضميد جرحه. ذهبت مع الأولاد بنفسي. طلبت من كيخا الذهاب لرؤية الشباب المتواجدين على اليمين. كانت الساعة حوالي الخامسة مساءً عندما غادر كيخا على متن دراجة نارية. لقد مرت ساعة. كنا جالسين على قمة القناة، عندما جاء كيخا وقال:
ـ اصطدمت بالدراجة النارية على الأرض ولم أصل إلى الشباب. تركت المحرك على الطريق. لأنّ مقبض قابض المحرك انكسر ولا يمكنك فعل أي شيء.
نزلت دخل القناة منحنياً. ذهبت إلى جانب السيارة. تمزقت السيارة وكسر الزجاج كله. نظرت إلى محركه. كان سالماً. عندما جلست خلف المقود على بعد 10 أمتار أمامي، رأيت جثتي شهيدَين. في تلك اللحظة تنهدت من الأعماق فقط.
مع كيخا والوحدة اللاسلكية، ذهبنا إلى المكان الذي ترك فيه كيخا المحرك. كانت الكتيبة 416 تقترب من الطريق لتصل إلى المرتفعات. أثناء مغادرتنا، حلقت ثلاث مروحيات عراقية فوق رؤوسنا. استلقى أبناء الكتيبة 416 على جانب الطريق. أخذت السيارة أيضاً إلى جانب الطريق ثم غادرنا السيارة واستلقينا على بعد 50 متراً منها. وسرعان ما انفجرت عدة صواريخ مروحية مما أدى إلى تحول مكان الشباب في كتيبة 416 إلى نار وغبار. صرخت دون وعي:
ـ يا أبا الفضل.
في تلك اللحظة، تحطمت سيارة إسعاف سريعة الحركة، على بعد 50 متراً منّا، بصاروخ مروحية، وكانت المروحيات العراقية لا تزال تطلق النار علينا، ودارت إحداها وتحطمت. غادرت طائرتان أخريان المنطقة. نهضنا وركضنا نحو أبناء الكتيبة 416. وجدنا البعض مقطوع الرأس، والآخر اليد أو القدم و...إلخ. ولم يصل عدد الشهداء والجرحى إلى 30 شخص. كما اشتعلت النيران في سيارة الإسعاف ولم يكن هناك أي أثر لركابها. لقد حلقوا جميعاً في السماء.
حزنت بشدة، وغادرت المكان. كان كيخا يبكي ويهمس. وصلنا إلى النقطة التي سقط فيها المحرك. حملنا المحرك ووضعناه في السيارة واتجهنا نحو الولاد. على بعد حوالي 200 متر منهم، أشعل العراقيون النار في الطريق الذي كنا نسير عليه.
يُتبع...
عدد الزوار: 2625
جديد الموقع
الفرق بين الذكري والتاريخ الشفوي
ومن الجدير بالذكر أن وجود فرق بين الذكري (بما في ذلك الذكري الشفوية المكتوبة وحتى الذكري المكتوبة لما سئل وسمع) والتاريخ الشفوي لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر، لأن كل واحد من هذين "المتذكر" و"المسترجع" له أهميته وصلاحيته الخاصة ويوفر للباحثين موضوعا خاصا. الذكري (سواءً كانت منطوقة أم مكتوبة) مبنية أساسًا على "أنا" صاحبها.الفرق بين الذكري والتاريخ الشفوي
ومن الجدير بالذكر أن وجود فرق بين الذكري (بما في ذلك الذكري الشفوية المكتوبة وحتى الذكري المكتوبة لما سئل وسمع) والتاريخ الشفوي لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر، لأن كل واحد من هذين "المتذكر" و"المسترجع" له أهميته وصلاحيته الخاصة ويوفر للباحثين موضوعا خاصا. الذكري (سواءً كانت منطوقة أم مكتوبة) مبنية أساسًا على "أنا" صاحبها.ذكرى من 08 سبتمبر 1978 ( 17 شهريور عام 1357 الشمسي)
مقتطف من مذكرات الملازم الأول محمد محتشمي بورفي الساعة الثالثة بعد منتصف ليل يوم 08 سبتمبر ١٩٧٨، لحق بي الرسول واستسلمني [أوامر] "التأهب". خلال خدمتي التي استمرت اثني عشر عامًا، كانت هذه أول مرة يعلن فيها أوامر التأهب في مثل هذا الوقت من الليل. قلت لنفسي: "الله يعيننا"!


