أوضاع إيران بعد الثورة الإسلامية على الساحة الدولية

إقتباس: فائزة ساساني خواه
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2022-3-31


لسوء الحظ، لم يتم القيام بأي عمل جاد على مستوى الثورة ولا  الحرب على الساحة الدولية. أصبحت بعض الدول حساسة تجاه إيران بعد الثورة وخافت منها. وبسبب الدعاية المكثفة ضد إيران انقلبت الوقائع رأساً على عقب ولم يسمح بالدعاية الإيرانية. طبعا أجهزتنا ما زالت معطلة بسبب تشكيل الحكومة الجديدة. في وزارة الخارجية، كانت القوات الثورية لا تزال غير مألوفة لواجباتها وليس لديها خلفية دبلوماسية على الإطلاق. تم إغلاق الجهاز الثقافي التابع لوزارة الإرشاد خلال هذه الفترة ولم يكن هناك استشارات ثقافية وكان شعور بأنه لم يتم فعل أي شيء على الساحة الدولية. كما أنّ المسؤولين في البلاد فكروا في نقل رسالة الثورة وقضايا الحرب عبر الحدود بشتى الطرق. في ذلك الوقت، تم تشكيل منظمة الدعاية أو المجلس التنسيقي للدعاية حديثاً، وكان السيد جنتي والسيد حقاني عضوين فيه.

كما تقرر أن تتوجه مجموعة من الأفراد في الإدارات الثقافية والسياسية للبلاد إلى دول مختلفة لنقل قضايا الثورة والحرب إلى الشعب ورجال الدولة والمثقفين والنخب الأجنبية. وبناء على خبرات الناس ومعلوماتهم تم تشكيل مجلس وكنت عضوا فيه. تم تكليف بعض مسؤولي الدولة بالذهاب إلى دول أخرى على شكل وفود لمدة 10 إلى 15 يومًا في 13 فبراير 1980 لتحليل قضايا الثورة والحرب ولفت انتباه العالم إليها. ذهب آية الله الخامنئي إلى الهند مع مجموعة والسيد محمد الخامنئي إلى الصين. وقد تم إرسال السيد رباني أملشي إلى الجزائر، كما تم إرسال وفود أخرى برئاسة شخصيات سياسية وثورية مشهورة إلى بلدان أخرى.

إرسال بعثة إلى اليمن والسعودية

كما تم تكليفنا بمهمة للذهاب إلى اليمن والسعودية. وكان رئيس وفدنا السيد غلام حسين حقاني الذي استشهد في انفجار الحزب الجمهوري. وكان السيد محمدي عراقي عضواً في هذا الوفد. كان السيد طه هاشمي، الذي أصبح مؤخراً صهر السيد حقاني، مسؤولاً عن المشتريات. كان السيد باسم شريعتمداري، البالغ من العمر ثمانية عشر أو تسعة عشر عاماً، موهوباً جداً وأصله من العراق، وكان حاضراً أيضاً ويتحدث العربية والفارسية بطلاقة. على أي حال، كنا مع وفود أخرى حتى سوريا. في سوريا، تم فصل مسار الوفود. أتذكر أنّ السيد رباني أملشي كان معنا في مجموعة، والسيد جلال الدين فارسي مع مجموعة أخرى والدكتور سروش مع مجموعة أخرى أيضاً وصلوا إلى سوريا. عندما نزلنا في المطار السوري، كان المساء وقد حان وقت صلاة المغرب والعشاء. كان السيد جلال الدين فارسي والسيد رباني أملشي يسيران داخل جناح المطار عندما أدركنا أنّ السيد سروش لم يكن معنا. ذهبت باحثا عنه. كنت أنظر داخل الغرف عندما رأيت أنه يتوضأ ويصلي. أخبرت السادة المرافقين أنه يصلي. قالوا: من الأفضل أن نجد مكانا ونصلي أيضاً. وقال السيد جلال الدين فارسي: " ليسنا في عجلة من أمرنا، نحن نصلي في نفس الفندق". انضم إلينا الدكتور سروش بعد انتهاء صلاته. قال السادة: "لأنّ الوقت قد تأخر، دعونا نتناول العشاء داخل المطار ثم نذهب إلى الفندق".

ذهبنا إلى محلات الساندويتش داخل صالة المطار. لكن السيد سروش لم يأت. قلنا: لماذا لا تأتي؟ قال: "أنا لا آكل". قلنا: ألست جائعاً؟ قال: "أنا جائع، لكنني أنتظر" قلنا: ما السر؟ قال "انظروا إلى زجاجات الكحول داخل هذه المحلات، لذا فأنا حريص على عدم تناولها" لم يأكل الآخرون أي شيء كما فعل. ثم ذهبنا إلى الفندق وأعددنا الطعام هناك. كان الوقت فجرا وبعد زيارة السيدة زينب (عليها السلام) بدأنا رحلتنا إلى صنعاء، عاصمة اليمن.

بسبب عظمة الثورة، لقد قاموا بواجب الوفد الإيراني في كل مكان، وفي كل بلد دخلناه، عاملونا مثل وفد رفيع المستوى وأقاموا المراسيم الفاخرة. عندما وصلنا إلى مطار صنعاء، جاء مسؤولون يمنيون وسياسيون كبار لاستقبالنا. سفيرنا السيد عبد الله جهان بين الذي بقي منذ نظام الشاه. وفروا لنا الإمكانيات اللازمة، لكن الشهيد حقاني [1] قال إننا ذاهبون إلى السفارة. فاجأهم ذلك، واعتبروه مخالفاً للتقاليد والأعراف. ذهبنا إلى السفارة الإيرانية في صنعاء. ولم تظهر على السفارة ما يشير إلى اندلاع ثورة، والسفير الإيراني في اليمن، وفي الغالب هم من الشيعة الزيدية، كان كردياً سنياً. أردنا أن نرى المدينة بحرية، لكنها لم تكن سهلة الهضم بالنسبة لهم. في بعض الأحيان، كان أحد مرافقينا، كسائق، يأخذ سيارة السفارة، وبالطبع كانوا الحراس يرافقوننا أينما نذهب، ولأنّ وجودهم سيجعل الأمور صعبة علينا، كان السائق يعمل بشكل لنبتعد عن مراقبتهم. ذات يوم اصطحبنا معنا ابن موظف السفارة، وكان عمره حوالي سبع أو ثماني سنوات. في الطريق سألناه عن الثورة والحرب. قال "لا يوجد شيء من هذا القبيل هنا على الإطلاق". قبل يومين أو ثلاثة أيام فقط، عندما أعلنوا عن قدوم وفد، قاموا بلصق بعض صور الإمام داخل السفارة لأول مرة، وقاموا بتثبيت العلم الإيراني فقط لبضعة أيام. كان من الواضح أنّ السفارة لم تفعل شيئاً للثورة. لم يكن لدينا استشارة ثقافية. طلبنا إعطاء الوفد فرصة للتحدث في مواقع مختلفة. ذهبنا إلى أماكن مختلفة. بما في ذلك الجامعات والمدارس والمؤسسات. كان السيد حقاني المتحدث باسم الوفد تحدث عن الثورة والحرب ونشرت عنا صحفهم. بدت صنعاء، كعاصمة بلد، متخلفة جداً. بالرغم من أنّ اليمن دولة كبيرة إلا أنها كانت بدائية للغاية من حيث التنمية الحضرية، وبعض شوارعها لم تكن معبّدة حتي، وكانت الأزقة مليئة بالقمامة والظروف كانت سيئة للغاية. ذهبنا إلى أحد المساجد في المدينة ظهراً. كان الناس عاطفيين للغاية عندما أدركوا أننا إيرانيون. عندما قام بعض أصدقائنا بإخراج صور الإمام من حقائبهم وعرضها عليهم، رغم أنهم اعتبروا الصورة ممنوعة داخل المسجد ولم نشاهد أي صورة فيه. لكنهم استثنىوا الإمام، ومدّت العشرات من الأيدي لالتقاط صورة للإمام، فقبلوا أيدينا ووجهنا وجبيننا. قال أحدهم: لا يجوز إحضار صورة داخل المسجد. فقال له شاب آخر: هذا استثناء .إنه الإمام الخميني ومن سلالة الإمام علي بن ابي طالب حيث أنّ الزيديين مخلصين جداً للأمير علي (عليه السلام).[2]

--------------------------

[1] ولد الشهيد غلام حسين حقاني عام 1942م في  مدينة قم. تعلم المقدمات من والده ثم دخل مدرسة آية الله مجتهدي في طهران. في عام 1957م عاد إلى قم وشارك في درس الخارج في صفوف كل من الإمام الخميني (رحمه الله) الشيخ مرتضى حائري  والأستاذ مطهري ومحقق داماد، ونشط في الحركة واعتقل وسجن عدة مرات. وبعد انتصار الثورة تولى مسؤوليات مهمة من ضمنها تمثيل مجلس الشورى الإسلامي وعضوية هيئة الدفاع. وأخيراً في 28 تموز / يوليو 1981 استشهد في تفجير في مكتب حزب الجمهورية الإسلامية إلى جانب الشهيد بهشتي ورفاق آخرين.

[2] علي محمدي، حجة الله، في صراع السياسة والثقافة (مذكرات محمد جواد صاحبي)، مركز توثيق الثورة الإسلامية للنشر، 2013، ص 163.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2176


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة