ليلة الذكرى ٣٦٨ - ٢

الإعداد: موقع تاريخ إيران الشفوي
المترجم: السيد محسن الموسوي

2025-9-17


أُقيمت ليلة الذكرى الـ 368 في 22 من مايو 2025، تخليدًا لذكرى شهداء الخدمة، في قاعة أنديشة بمركز فنون الثورة الإسلامية. وفي هذا البرنامج، قام كلٌّ من السيد محمد جوزي، والجنرال نصر الله سعيدي، ومسعود ده نمكي  ببيان ذكرياتهم. وكان داود صالحي مقدّم مراسم هذه الليلة للذكرى.

كان الراوي الثاني لرواية "ليلة الذكري"، الجنرال نصر الله سعيدي الذي وُلد في 23 من مايو عام ١٩٦١ في أصفهان. هو يُعدّ رفيق درب الشهيد محسن حاج بابا، وكان حاضرًا في أحد معسكرات تدريب حرس الثورة في بداية الحرب المفروضة، وشارك بفعالية في ساحات القتال لمدة ٧٣ شهرًا تقريبًا. بدأ حديثه قائلاً: "قُبلتُ في الجامعة عام ١٩٧٩، وجئتُ إلى طهران للدراسة؛ ولكن في أوائل عام ١٩٧٩، ومع اندلاع الثورة الثقافية، أُغلقت الجامعات. عملتُ لفترة في جهاد البناء، ثم في قسم مراجعة الملفات بوزارة الزراعة. في ذلك الوقت، كانت العصابات تُثير الفوضى في أنحاء مختلفة من البلاد، وكانت الجامعة مُغلقة، فقررتُ الانضمام إلى حرس الثورة. كان لي أخ أصغر كان قائد كتيبة، وفُقد أثناء مشاركته في عملية رمضان.

وتابع سعيدي واصفًا فترة التدريب قبل الحرب: في معسكر التدريب، ليلة 21 سبتمبر/أيلول، عندما بدأت طائرات العدو بالقصف، واجهنا ظروفًا صعبة ومعقدة للغاية. لم يكن لدينا سوى سلاح M1 . أخذونا إلى الصحاري المحيطة بالثكنات التي تُعرف الآن بجامعة الإمام الحسين، وأخبرونا أن العراق قد يُنزل مظليين. كانت مهمتنا مهاجمتهم بهذه الأسلحة عديمة الرصاص، على شكل هراوات، والاستيلاء على أسلحتهم لنتمكن من القتال!

وأضاف الراوي: "بعد انتهاء فترة التدريب، تم اختياري قائدًا. طلبوا مني أن أقود المجموعة المُدرَّبة إلى الجبهة. انتظرنا أسبوعًا في ثكنة الإمام الحسن (ع) حتى وصلت الأسلحة. بعد ذلك، تم تسليح القوات وتوجهنا إلى الجبهة. لم تكن لديّ خبرة كبيرة آنذاك؛ فلم أتدرب إلا لشهر ونصف تقريبًا، ولم أُطلق سوى بضع طلقات. مع ذلك، في ثكنة الإمام الحسن، التي كانت تُمثّل الفرقة السابعة والعشرين، عُيّنتُ قائدًا لسرية من 150 رجلًا. ولأنني كنتُ صغيرًا في السنّ ولهجتي الأصفهانية، كنتُ عرضةً للسخرية والمضايقة من الآخرين.

وقال سعيدي عن أجواء الأمن في تلك الأيام: "حُذِّر الجنود في الثكنات من الطابور الخامس. إذا اقترب منك بائع سجائر أو متسول وسألك من قائدك؟ أو كم عددكم؟ لا تُجبه". سألني أحد المقاتلين: "ماذا نقول؟" فكرتُ في الأمر على الفور وقلت: "قولوا، لا نعرف". أجاب الجميع: "لا أعرف". بعد ذلك، ركبنا القطار وتوجهنا إلى أنديمشك، ثم إلى الأهواز ليلًا. ولأنني لم أكن أملك خبرة في القيادة، قبل أن أتمكن من التخطيط، ركب باقي القوات المتمرسة الحافلة وتركونا! كنت أبحث عن المُرسِل عندما علمتُ أنه سأل المقاتلين عن القائد وعدد القوات، فأجابوا جميعًا: "لا أعرف!" حتى أدرك أنني أنا القائد، فقال لي مُندهشًا: "يا أخي! هل أعطيتَ أولادك حبوب لا أعرف؟!" عندها أدركتُ أن الإجابة نفسها التي تلقّيتها قد تكررت على ألسنتهم.

واصل الراوي حديثه عن إصابته في جبهات سوسنغرد ونقله إلى مستشفى فاطمة الزهراء في طهران. وهناك، التقى بشاب وسيم بُترت ساقه من تحت الركبة، لكن الابتسامة كانت تعلو وجهه. قال الراوي: "سألني لماذا كنت تمشي هكذا؟ قلتُ إنني أُصبتُ برصاصة. بعد قليل سألته عن قصتك. قال: أنا الجندي الوحيد الذي بُترت ساقه، لكنني لم أُطلق رصاصة واحدة." وأوضح أنه هرع إلى هناك بعد سماعه خبر حصار خرمشهر، ولأنه لم يكن يحمل سلاحًا، طلبوا منه الانتظار حتى يُصاب أحدٌ ما، ليأخذ سلاحهم. ولم ينتظر وذهب إلى الخطوط الأمامية مع القوات، ولكن بسبب عدم استعداده وافتقاره للتدريب، أصابته رصاصة العدو في ساقه قبل أن يتمكن من إطلاق رصاصة واحدة.

وفي جزء آخر من حديثه تحدث الراوي عن المعنوية والتماسك في الوحدات القتالية، وكيف أن الشباب في العشرينيات من العمر وصلوا إلى مستوى من النضج والمسؤولية سمح لهم بتولي قيادة الكتائب ولعب دور مهم في العمليات الكبرى مثل الفتح المبين ورمضان.

ثم أشار إلى عملية الفجر 2 واستعادة جزء من منطقة حاج عمران، قائلاً: كنا متمركزين في المرتفعات. وقبل أن نتمكن من حفر خندق، أرسل العراقيون كتيبة كوماندوز نحونا للسيطرة على المرتفعات. في اتجاه مجرى النهر، اشتبكت كتيبة  قاسم مع قوات العدو؛ لكنهم لم يتمكنوا من مقاومة ضغط العدو، فتقدم العراقيون مقتربين من موقعنا. مع ذلك، لم يفكر أحد بالتراجع؛ صمدوا جميعًا بكل قوتهم. تصاعد القتال إلى قتال بالأيدي. بذل العدو جهودًا جبارة وتكبد خسائر فادحة للوصول إلى قمة التل، لكن المقاومة الشرسة للمقاتلين الإيرانيين أجبرتهم على التراجع. في هذه الأثناء، لم يشأ العراقيون العودة صفرة اليدين، فاصطحبوا معهم أحد أفراد القوة الإيرانية، الشهيد محمد جيذري، قصير القامة. لم يكن أحدٌ يستطيع إطلاق النار، لأن ذلك سيؤذي محمدًا. يتذكر لاحقًا: "عندما رأيتُ أنهم يأخذونني ولا أحد يستطيع فعل شيء، أمسكت فجأةً بأذن أحد العراقيين. تركني متألمًا، وتمكنت من الفرار".

ثم تحدث عن كيفية استشهاد عباس قمي: كعادته، كان قبل شرب الماء ينظر إلى السماء، ثم يتوجه إلى كربلاء، فيسلم على سيد الشهداء (ع)، ثم يشرب الماء. وتحدث عن لحظة إصابة الشهيد عباس قمي برصاصة عدو خلال النضال، عندما كان يحمل قارورة ماء في يده، وواجه كربلاء، فنال مرتبة الشهادة.

وفي الجزء الأخير من الرواية، وصف صورة من عملية القدس 2، وعرض صورة لمنطقة الموت في العراق، وتحدث عن صعوبات عبور الصخور، حيث اضطر المقاتلون إلى صنع قنابل البندقية والعبور باستخدام أسلاك القطر.

يتابع..

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 8


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة