ليالي الذكريات الثلاثمائة وخمسة عشر

لم نظن أنّ الأسر سيطول عشر أعوام

إلناز درويشي
ترجمة: هادي سالمي

2020-8-3


 

أقيم برنامج ليالي الذكريات الثلاثمائة وخمسة عشر 2/7/2020 مجازيا. وقد شارك كلّ من الدكتور حميد رضا قنبري والسيد أحمد قشمي متحدثين عن أسرهما. وأدار الحوار داود صالحي.

الراوي الأول من موليد محافظة همدان العام 1957 وقضى عشر سنوات من شبابه في معسكر الرامادي والموصل. وكتب ذكرياته في كتابين "بلاغة السيد" و"الامتحان الصعب" الذي سيصدر قريبا.

بدأ السيد أحمد قمشي حديثه قائلا:

"سآخذكم إلى بداية انتصار الثورة الإسلامية. مرت عدّة أشهر من انتصار الثورة، وظهرت عدة مجموعات وأحزاب معارضين للنظام.

أسرونا دوم جريمة؛ قيّدوا يدينا وأعيننا، ولأنّ الحكاية طويلة والوقت قليل، دعونا منه. في الطريق كانوا يصفونا بالمجوس وكان الناس ترمينا بكل ما تصل أيدهم. واجهنا أصعب أيام حياتنا، كان علينا الصلاة ونحن على هذه الحالة. وبعد المرور من عدّة مقرات، وصلنا إلى سجن أبو غريب؛ سجن مخيف. لم نكن نعلم لا بالنهار وبلا بتوقيت الليل ونصلي باحتياط.

حين دخلنا سجن أبو غريب، كان هناك تسعة أشخاص منهم السيد آقاكرماني والسيد محرم آهنكراني والحاج أحمدي  وقد أُسروا قبل تسعة أشهر. كانت وجوههم مثل الثلج بسبب سجنهم في الظلام وكانت وجوههم من بين آلاف السجناء مثل مصابيح.

من الجيد استذكار شهيد عزيز وكان في محافظة همدان كشهيد معروف. كان في سجن أبو غريب شاب من الحرس من مدينة إسلام آباد. قال لي في يوم: "يا سيد سوف استشهد". قلت له ما الذي تقوله؟ للتو وقعنا في الأسر وإن شاء الله سيطلق صراحنا. كتب الشباب أيامها جدولا لتحديد الأيام. ظننا أننا سنبقى في الأسر لأربعين يوما أو على الأقصى ثلاث أشهر؛ لم نتوقع أن يطول الأسر عشر سنوات. قلت لعلي رضا لا شيء محدد الآن والحمد لله نحن بخير. قال وعيناه تدمع: "لا". وحين سألته عما يحدث ولماذا يقول مثل هذا الكلام؟ قال: "البارحة رأيتُ حلماً بأني عدتُ للبيت، ارتدت زوجتي ثيابا سوداء وأمسكت يد طفل عمره عشر سنوات (تزوج علي رضا قبل أشهر من أسره) وحين سألتها عن الطفل؟ قالت إنها ابنتك وعمرها عشر سنوات. وارتدت الطفلة أيضا ثيابا سوداء. حين وضعتُ حقيبة الظهر كان المطر شديد. حين خرجت خرجت زوجتي وبنتي لتوديعي. كان المطر شديدا إلى درجة وقعت على ركبتي. رفعا يدهما مودعتين. إذاً سأستشهد". ومهما حاولت اقناعه لم يتقبل الأمر. أحسّ بالشهادة داخله ونهض بنفس هذه الملامح. مرت أشهروأخذونا إلى معسكر الرمادي. اختاروا 16 شخصا ومن بينهم علي رضا. أخذوني إلى سجن بغداد وبعد عمليات التعذيب، أخذونا إلى زنزانة وسحبوا من بين ال 16 شخصا علي رضا، سألوه هل أنت من الحرس أو الجيش؟ قال لهم أنه من الجيش. لم نقدّم انفسنا أبدا على أننا من الحرس، لأنهم يقتلون الحرس. من الشباب الشجعان الذين قالوا نحن حرز الخميني استشهدوا في الأيام الأولى. طلبوا من علي رضا أن يسير المسيرة العسكرية، ووضع ضابط المدسدس على رأسه وأطلق النار على رأسه ونحن نرى المشهد. تلطخ الجدار الأربيض بدم علي رضا. قال لي علي رضا إني أترك ابنتي برقبتك. حدثنا إسماعيلي من مدينة رشت وكان أسيرا بأنه قبل شهادة علي رضا بليلة، أنه حلم بأنه لو رزق بفتاة سيسميها فاطمة. حين توفي علي رضا، فُسر قسم من الحلم. مرّ الوقت وفطنا إلى أننا قضينا عشرة أعوام. حين انتهت الحرب، قررت مع أسرى آخرين أن نزور بيت علي رضا قبل أن نذهب إلى منازلناحصلنا على عنوان المنزل من محافظية إسلام آباد. كان معنا سكك ذهب وقررنا إذا تحقق القسم الأخير من الحلم سنهديها للبنت، وحتى إذا لم تكن البنت سنهديها للزوجة. حين وصلنا للمنزل خرجت زوجة علي رضا مع ابنتها. تعجبنا كلنا. تعرقتُ. دخلنا المنزل وحين سألنا عن اسم الفتاة، قالوا إنّ اسمها فاطمة. لقد ترك علي رضا عائلتها لنا. وإن لم نفيهم حقهم، ولكن هذه العلاقة مازالت قائمة. تعمل فاطمة الآن موظفة في مكتب للأحوال الشخصية، تزوجت ولديها طفلان".

"كان الحاج أبو ترابي ذكيا ويعرف كيف يدير الأمور. ورغم تواضعه يحترمه الشباب كثيرا. وكما كان الإمام في إيران إمام للأمة، كان الحاج أبو ترابي إمام الأسرى. أدت قيادته وإدارته للأمور إلى عودة الأسرى معافين من الناحية النفسية والمعنوية. وباعتقادي إذا لم بيننا الحاج أبو ترابي، لقدمنا بدل 500 شهيدا ألف شهيد. كان يحترمه العدو والصديق.

كان هناك ضابط في معسكر الموصول اسمه مشعل؛ حين يصرخ مشعل كنا نرتعب. كنا نقرأ هذه الآية ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)). كان وجه مشعل مرعبا، قليلا ما نجح أسير من يديه. ورغم ذلك هو يحترم الحاج أبو ترابي، وحين كان يرى الحاج يضع يده على صدره.

كان الحاج يتردد كثيرا على ضعيفي الإيمان منا.قال الدكتور بهشتي جملة جميلة: "يجب أن تكون الجذابية في حدّها الأقصى؛ والدفع في الضرورة".

وأقدّم هنا ذكرى قصيرة. يهجم كثيرا العراقيون عادة بجنودهم وضباطهم على المعسكر ليضربوا الشباب ويشتمونهم. حدث هجوم في مرة قبل وصول الصليب الأحمر. لم يكن العراقيون على علم بوصول الصليب الأحمر. وقد تضرر الحاج والشباب من الضرب. وحين علموا بوصول الصليب الأحمر، نقلوا الحاج والشباب المصابين إلى السجن لكي لا يراهم الصليب الأحمر. وحين دخل الصليب الأحمر كانوا يبحثون عن الحاج أبو ترابي. ومهما حاول العراقيون الهروب كان الصليب يصرّ، وأُجبروا على اعادته. وظنّ قائد المعسكر بأنّ الحاج حين يصل سيعرض آثار الضرب على الصليب الأحمر، لكن الحاج صمت. وبعد رحيل الصليب الأحمر، جاء القائد العراقي إلى الحاج وقال: "لماذا لم تخبرهم عن الشباب في السجن؟" قال الحاج: "نحن وأنتم مسلمون وليس علينا تقديم شكوى للكفار". أثر كلام الحاج كثيرا على الضابط العراقي وقال الضابط أطلب ما تريد وسأنجزه على قدر استطاعتي. قال الحاج لا أريد شيئا لنفسي ولكن لو كان هناك إمكانية أن أزور بقية المعسكرات لاطلع على أحوالهم. قبل الضابط بشرط إذا ضرب أو شتم لن يتحمل المسؤلية. وهذا ما أدى إلى زيارة أبي ترابي لأكثر المعسكرات والسجون العراقية. تعلم الأسرى منه الاسلام الحقيقي. كان الاستقرار النفسي من هذا الرجل".

الرحمة للشهداء والرحمة لمن استشهد في الأسر ورحم الله من يقرأ سورة الفاتحة مع الصلوات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2647


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة