فن صناعة الذكريات

تأمل في نسبة الذاكرة الفردية والتاريخ الشفهي

محيا حافظي
المترجم: السيد محسن الموسوي

2025-6-24


كتاب «هنر خاطره سازي(فن صناعة الذكريات)»[1] للمؤلف مايك فايكنغ، الباحث الدنماركي ومدير مؤسسة بحوث الفرح. ربما يتم وضع هذا الأثر في الوهلة الأولي في مجال علم النفس الإيجابي أو دراسات جودة الحياة؛ ولكن مع نظرة أقرب، يمكننا أن نرى أن هذا يغير فهمنا لـ «الذاكرة» و«الزمن» و«السرد الشخصي» بشكل أساسي. وهذا هو المكان المحدد لقراءة الكتاب وهو ذو قيمة لأولئك المهتمين بالتاريخ الشفوي.

يبدأ المؤلف عمله بسؤال أساسي: لماذا تعلق بعض الذكريات في أذهاننا وننسى بعضها الآخر؟ وللوصول إلى إجابة هذا السؤال، فإنه يدرس مجموعة من المفاهيم النفسية والبيولوجية والثقافية والظاهراتية. في هذه الأثناء، يتم تقديم «الذكرية» ليس فقط كظاهرة عقلية، ولكن أيضًا كبنية ديناميكية وانتقائية وذات معنى. إن هذا التعريف، يجري علي أرضية يتكيء عليه التاريخ الشفوي.

في التاريخ الشفوي، لا تعتبر الذاكرة الشخصية مصدرًا ثانويًا أو مساعدًا، بل هي وثيقة تاريخية قيمة في حد ذاتها. إن رواية الفرد لتجربته المعيشية ليست مجرد إعادة سرد للأحداث، بل هي تبلور لطريقة العيش وفهم وتفسير فترة تاريخية معينة. ومن هذا المنظور، يحتوي الكتاب على نقاط رئيسية لتحليل وفهم روايات التاريخ الشفوي.

في هذا الكتاب، يحدد المؤلف ثمانية مكونات أو "مفاتيح" للذكريات الدائمة: الانتباه، والعاطفة، والتكرار، والحواس الخمس، والأولويات، والمعنى، والمكان، والاتصال الاجتماعي. هذه العوامل الموجودة في بنية العقل البشري تزيد من فرص استمرار اللحظة. والآن، إذا تتبعنا هذه العناصر في محادثات التاريخ الشفوي، نجد أن الذكريات الحية للعديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم تتجلى على وجه التحديد من خلال هذه العناصر.

على سبيل المثال، يتذكر العديد من الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات في التاريخ الشفوي أحداثًا كانت مصحوبة بمشاعر قوية مثل الخوف، أو الإثارة، أو الحب، أو الحزن. أو على سبيل المثال، التجارب الأولى، مثل الليلة الأولى بعد الحرب، أو الاستماع إلى الراديو للمرة الأولى، أو اللقاء الأول بأيديولوجية أو فكرة جديدة، وما إلى ذلك، غالباً ما يكون لها مكانة بارزة في ذاكرتهم. وهذه النقطة تقودنا إلى إدراك أن الذاكرة الفردية انتقائية وتتشكل على أساس شدة التفاعل الحسي والعاطفي، وليس فقط على أساس الوقت أو الأهمية الخارجية للأحداث.

ومن ناحية أخرى، فإن تأكيد المؤلف على الارتباط الاجتماعي في تشكيل الذكريات وإدامتها مرتبط بـ "الحوار"، وهو ركيزة أخرى من ركائز التاريخ الشفوي. في عملية المقابلة، لا يروي الشخص ذكرياته فحسب، بل يعيد بناءها أيضًا. في اللحظة التي يتم فيها التعبير عن الذكريات، يتم إعادة تشكيلها وصقلها وتسجيلها في السرد الجماعي. ويبين الكتاب أن الذاكرة لا تبقى في العقل فحسب، بل تنبض بالحياة من خلال عملية التواصل.

إن التركيز في الكتاب على الحواس الخمس والعناصر المادية مثل الشم والصوت أو الفضاء يقودنا أيضًا إلى الأبعاد الحسية للتاريخ الشفوي؛ حيث أن جودة الصوت، أو اللهجة المحلية، أو حتى الموقع الذي تجري فيه المقابلة يمكن أن تؤثر على عمق السرد وقوة تذكر الراوي.

يبدأ الكتاب بملاحظة الناشر، ثم يناقش المؤلف أسباب كتابته في مقدمة مفصلة إلى حد ما. بعد ذلك، يستمر الكتاب في 8 فصول، وعناوين الفصول هي: قوة الأوقات الأولى، مع كل الحواس، والاهتمام بالتفاصيل والتركيز، وخلق لحظات لا تنسى، واستمرار المشاعر، والقمم والصراعات، والقصص لمنع منحنى النسيان، وأخيرًا، ترك الذكريات في الفضاء الإلكتروني.

بالإضافة إلى كونه كتابًا ملهمًا للعيش بوعي أكبر وبمعنى أكبر، يوفر هذا العمل أيضًا طريقة للباحثين في التاريخ الشفوي لفهم الذكريات واختيارات الذاكرة وعمليات بناء وإعادة بناء السرديات الحية بشكل صحيح. إن قراءة هذا الكتاب يمكن أن تساهم في إثراء المقابلات التاريخية الشفوية من الناحية النظرية والمنهجية، وإثارة أسئلة جديدة حول طبيعة الذاكرة وتمثيل الماضي في العقل البشري.

صدر كتاب "فن صناعة الذاكرة" المترجم إلى الفارسية لكاظم زينالي عن دار شمدوني للنشر في ربيع عام 1403م في 184 صفحة ووزع منه 1000 نسخة وكان سعره 170 ألف تومان.

 

النص الفارسي

 

[1] - The Art of Making Memories



 
عدد الزوار: 19


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة