تصميم وبناء أسئلة المقابلات في التاريخ الشفوي: المبادئ والأساليب

محيا حافظي
المترجم: السيد محسن الموسوي

2025-6-19


لمعرفة المزيد عن المشاكل والتحديات التي تواجه إنتاج أعمال التاريخ الشفوي أو المذكرات، أجرى موقع التاريخ الشفوي مقابلات مع بعض الخبراء والناشطين في هذا المجال، والتي سيتم تقديمها على شكل ملاحظات قصيرة.

إن المقابلة، باعتبارها الأداة الرئيسية لتجميع أعمال التاريخ الشفوي، ليست خطابًا أحادي الاتجاه، بل هي عملية تعتمد على "الحوار في الاتجاهين". ويمثل هذا الاختلاف الأساسي الخط الفاصل بين تسجيل الذاكرة البسيطة وإنتاج محتوى التاريخ الشفوي. في التاريخ الشفوي، لا يقوم المحاور بتسجيل السرديات فحسب؛ بل إنه يخلق رواية دقيقة وموثقة من خلال التحليل والتحقق والاستجواب النشط. ويعتمد نجاح هذه العملية على التصميم الذكي للأسئلة، وهيكلة الجلسات، ومهارة المحاور في خلق جو تفاعلي. تتناول هذه المقالة المبادئ الأساسية لتصميم أسئلة المقابلات والتحديات التي تواجه هذا المجال.

 

طبيعة المقابلة في التاريخ الشفوي: من المحادثة إلى التوافق

إن المقابلة في التاريخ الشفوي هي، قبل كل شيء، حوار. إن الشرط لحدوث هذا الحوار هو توافق المعرفة والخبرة والمنظور بين المحاور والمُقابل. إذا كان مستوى المحاور معرفيًا أو مهنيًا أقل، فإن المحادثة تنحصر في علاقة المعلم بالطالب بدلاً من التفاعل. في هذه الحالة، يمكن للمشارك في المقابلة أن يقول ما يريد، دون أن يتم انتقاد روايته أو تحسينها.

على سبيل المثال، فإن إجراء مقابلة مع قائد عسكري دون معرفة تاريخ العمليات أو التفاصيل الجغرافية للحرب من شأنه أن يؤدي إلى رواية سطحية وغير دقيقة. لذلك، يجب أن يكون المحاور قادرًا على الظهور في دور المستشار المطلع الذي، مع احترام تجربة الشخص الذي يجري معه المقابلة، يدفع السرد نحو العمق والوضوح من خلال الأسئلة المستهدفة.

 

مبادئ تصميم أسئلة المقابلة

 

يتطلب تصميم الأسئلة في التاريخ الشفوي المبادئ التالية:

 

  1. التركيز على التفاصيل بدلاً من التعميم

الأسئلة العامة تجلب إجابات عامة. على سبيل المثال، السؤال، "ما هي تجربتك في التواجد على الجبهة؟" وقد يقتصر الأمر على ردود عامة مثل "لقد كان الأمر صعبًا ولكن مشرفًا". وعلى النقيض من ذلك، فإن الأسئلة التفصيلية مثل "في أي تاريخ تم إرسالك إلى الجبهة لأول مرة ولأي سبب؟" أو "ما هو رد فعل عائلتك على قرارك؟" ويساعد على إعادة بناء الأحداث والعواطف بشكل أكثر دقة.

 

  1. التركيز على موضوع واحد لكل سؤال

إن الجمع بين أسئلة متعددة في جملة واحدة يزيد من احتمالية نسيان الإجابات أو تقديم إجابات غير كاملة. على سبيل المثال، السؤال "متى تزوجت، ومن اخترت، ولماذا؟" إنه يربك الشخص الذي يجري معه المقابلة. من الأفضل تناول كل موضوع على حدة وبترتيب منطقي.

 

  1. بساطة ووضوح التعبير

ينبغي طرح الأسئلة بلغة واضحة وموجزة وغير غامضة. إن استخدام المقدمات الطويلة أو البيانات الشخصية من شأنه أن يقلل من مدى انتباه الشخص الذي تجري معه المقابلة. على سبيل المثال، بدلاً من القول، "كما تعلمون، يعتقد البعض أن الحرب بدأت في سبتمبر 1980، ولكنك ذكرت أكتوبر 1980. أرجو التوضيح،" من الأفضل أن نسأل: "لقد ذكرت أن الحرب بدأت في أكتوبر 1970. "على أي أساس تم تحديد هذا التاريخ ؟"  

  1.  ترتيب الأسئلة: من السهل إلى الصعب

إن البدء بمقابلة بأسئلة معقدة أو حساسة قد يسبب مقاومة أو إرهاقًا لدى الشخص الذي تتم مقابلته. من الأفضل أن تبدأ بأسئلة بسيطة وغير حساسة، ثم تنتقل تدريجيًا إلى قضايا أعمق وأكثر تحديًا.

 

  1.  احترام الخصوصية

 

ينبغي حذف الأسئلة التي لا تتعلق بموضوع المقابلة أو التي لا يرغب المتقدم للمقابلة في الإجابة عليها. مهمة المحاور هي اكتشاف الحقيقة في إطار الأخلاقيات المهنية.

 

تحديات التنفيذ

إن تطبيق مبادئ تصميم الأسئلة في الممارسة العملية يصاحبه دائمًا تحديات تنشأ عن الطبيعة الديناميكية والإنسانية لعملية المقابلة. ترتبط هذه التحديات، من ناحية، بتحضير الشخص الذي تتم مقابلته (إرسال الأسئلة قبل الاجتماع أو عدم إرسالها)، ومن ناحية أخرى، بإدارة المحادثة في اللحظة (مراقبة النبرة الصحيحة، والإجابة على الأسئلة غير المتوقعة، والحفاظ على التركيز). إن فهم هذه العقبات وإيجاد الحلول العملية لها سيحدد نجاح المقابلة.

 

1-  تقديم أسئلة ما قبل المقابلة: المزايا والعيوب

إن إرسال الأسئلة إلى الشخص الذي يجري المقابلة قبل جلسة المقابلة يسمح بالتحضير الذهني، ولكن قد يؤدي إلى إجابات جاهزة أو إخفاء. في المقابل، فإن طرح الأسئلة بشكل عفوي يزيد من أصالة وعفوية الإجابات، لكنه يتطلب قدرة المحاور على إدارة المحادثة. يعتمد اختيار كل طريقة على شخصية الشخص الذي تتم مقابلته وموضوع البحث.

 

2 - إدارة الأسئلة غير المتوقعة

أثناء المقابلة، يتم طرح أسئلة جديدة قد تكون مرتبطة بالموضوع الرئيسي أو متفرعة منه. يجب على المحاور أن يقرر ما إذا كان من الممكن متابعة هذه الأسئلة في نفس الجلسة أو تأجيلها إلى جلسات لاحقة. تعتبر هذه المرونة أمرًا أساسيًا للحفاظ على التركيز ومنع المحادثة من الانحراف.

 

3-  تعديل نبرة وإيقاع الحديث

ينبغي أن يكون نبرة المقابلة متوازنة بين الاحترام والجدية والحميمية. لا ينبغي للمحاور أن يكون رسميًا للغاية بحيث يخلق جوًا مشابهًا للاستجواب، أو غير رسمي للغاية بحيث يشكك في أهمية الموضوع. كما ينبغي أن تتناسب سرعة الاستجواب مع قدرة الشخص الذي تتم مقابلته وحالته المزاجية.

 

4-  النتيجة: فن المقابلة في التاريخ الشفوي

التاريخ الشفوي هو علم متعدد التخصصات يعتمد نجاحه على الجمع بين المنهجية الصارمة ومهارات الاتصال. إن تصميم الأسئلة ما هو إلا الخطوة الأولية، أما الفعالية النهائية فتعتمد على قدرة المحاور على تحويل المحادثة إلى عملية ديناميكية. يتطلب هذا الفن المعرفة التاريخية والفهم النفسي والقدرة على بناء الثقة.وكما يتم تدريب المحاور الغربي المحترف على التحدث إلى زعماء العالم، يتعين على المحاور الذي يجري المقابلات التاريخية الشفوية أن يتقن المبادئ العلمية والأخلاقية لكي يصبح راويًا لقصة لا تسجل الماضي فحسب، بل تجلبه إلى الحياة أيضًا.

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 17


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة