كشف طبيعة استفتاء الشاه
إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2019-11-2
عارض الإمام الخميني الراحل (رحمه الله) الثورة البيضاء لحكومة بهلوي، واصفاً الاستفتاء بأنه "غير شرعي".
في أواخر ديسمبر 1962م، وبحضور الآيات العظام وعلماء قم، حذّر الإمام من استفتاء الشاه وضرورة يقظة ومقاومة العلماء والناس. وتضمن جزء من ملاحظاته عن واجب الشاه إشارة إلى موضوع جمعيات الولايات والمحافظات: "كان هذا الموضوع يرتبط ظاهراً بالدولة، وطرف حسابنا هو مع الدولة، والفشل كان هو أيضاً مرتبط بالدولة وحتى انهيار السلطة في الحكومة ليس مهماً جداً، إنه لا يقوض أساس النظام، وحتى من أجل تدعيم النظام وإبقائه خارج الخطر، تنهار الحكومة، وكما ذكر هو نفسه، فإنّ تراجعه في هذه الحالة سيكون على حساب سقوطه وفنائه. لذلك فهو المسؤول عن تنفيذ هذا البرنامج بأي ثمن ولن يتراجع ولن يستسلم فحسب، بل سيواجه كل المعارضة بكل قوته وثباته. لذلك، وكما في الماضي، لا ينبغي لنا أن نتوقع انسحاب النظام، وفي الوقت نفسه، فإنّ معارضته ومكافحته هي واحدة من مهامنا الأساسية والعاجلة، لأنّ الخطر الذي يهدد عامة الناس الآن أكبر من أن يتم تجاهله وعدم المبالة به".
وتحدث الإمام الخميني (رحمه الله) في كلمته أيضاً عن واجبات رجال الدين قائلاً: "إنّ الجهاز الحاكم لإغواء البلاد وخداعها لديه فخ واسع النطاق وسلسلة من الأعمال الخادعة والمضللة. وإذا لم نتصرف عند استيقاظ وفهم جماهير الناس ومنعهم من الوقوع في الفخ الاستعماري الذي ينتشر على نطاق واسع بالنسبة لهم، فإنّ الأمة الإسلامية سوف تتعرض للتدهور، وسوف يتم خداعها وحرفها أيضاً، وحينها سيسلك علماء الإسلام وفئة رجال الدين علاوة علي الوقوع في فخ الضلالة والإنحراف بشكل إرادي أو غير إرادي، هذا الدرب وسيفنون كذلك، كما أنهم سيكونون مسؤولين أمام الله عز وجل وستتم محاسبتهم، حيث أنهم عرفوا الحقيقة ورأوا البئر ولم يحذروا المكفوفين من الوقوع فيه. إذا استطعنا أن نوقظ ونبلغ الناس ضدّ هذه المؤامرة ومؤامرات الشاه وألا ندعهم يخدعون ويتأثرون بخطته المضللة، سنهزمه بالتأكيد وسنذلّه فيما بعد".
إنّ إيقاظ وتوعية الناس أمران أكّد عليهما الإمام (رحمه الله) في أجزاء مختلفة من خطابه: "أعظم ما يمكننا فعله هو إيقاظ الناس وتوعيتهم. ثم سترون ما هي القوة الهائلة التي ستكون لدينا والتي لا تقهر ولن تهزم بالمدفعيات والدبابات. في نفس الوقت، وكما قلت سلفاً، أمامنا طريق صعب وخطير، ويجب على من يواجهون واجباتهم أن يزنوا جوانب المسألة، كما يجب النظر في العواقب ومعرفة ما يمكنهم القيام به في مواجهة الشدائد والكوارث ومدي مقاومتهم كذلك"[1]
ولقد كشف الإمام الخميني (رحمه الله)، في رسالة إلى مجموعة من الزعماء الدينيين في طهران في 22 يونيو 1963، عن أهداف وطبيعة استفتاء الشاه وأوجز أشكال استفتاء الثورة البيضاء قائلاً: "1ـ إنّ الإستفتاء في الدستور الإيراني غير متوقع ولم تكن له أي سابقة، باستثناء مرة واحدة، حيث أعلن عن طريق "مسؤولين غير دستوريين" واعتُقلوا جماعة لمشاركتهم فيه وحُرموا من بعض الحقوق الاجتماعية. من غير الواضح لماذا كانت هذه الممارسة "غير قانونية" وقتها والآن أصبحت قانونية !2ـ ليس من الواضح أي سلطة مؤهلة لإجراء الإستفتاء، هذا ما يجب أن يحدده القانون3. في البلدان التي يكون فيها الاستفتاء مشروعاً، ينبغي منح الأمة وقتاً كافياً لمناقشة كافة تفاصيل موادّه، كما يجب أن ينعكس في الجرائد ووسائل الإعلام الآراء الموافقة عليه والمخالفة له، لا أن ينفذ بشكل غامض وبعد بضعة أيام من الإعلان عنه.4ـ يجب أن يكون لدى الناخبين معلومات كافية لفهم ما الذي يصوتون عليه. لذلك، لا تتمتع الأغلبية الساحقة بالحق في التصويت في هذه الحالة، وفقط بعض سكان المدينة الذين لديهم قوة التمييزفي التصويت يتمتعون بسلطة التصويت في ست حالات، حيث أنهم يعارضونها بشكل لا لبس فيه.5ـ يجب أن يكون التصويت في بيئة حرّة وبدون ضغط وتخويف وترهيب، وهذا أمر غير ممكن في إيران وتخضع غالبية السكان للترهيب من قبل الوكالات الحكومية في جميع أنحاء البلاد وهي عرضة للضغوط المختلفة".[2]
رأى الإمام الخميني (رحمه الله) الاستفتاء بمثابة مقدمة للقضاء على الدين وحذر جمهوره قائلاً: "إذا خضع الشعب الإيراني للشريعة الإسلامية واطلب من الحكومات تطبيق البرنامج المالي الإسلامي في نظر العلماء المسلمين" ستعيش الأمة كلها في رخاء. تشعر السلطات الروحية بالتهديد بالنسبة للقرآن والدين. يبدو أنّ هذا الاستفتاء القسري هو مقدمة لإزالة المواد المتعلقة بالدين. لقد شعر العلماء الإسلاميون بخطر على الإسلام والقرآن والبلاد منذ تصرف الحكومة السابق بشأن انتخاب الدولة والجمعيات الإقليمية، ويبدو أنّ نفس أعداء الإسلام يريدون أن ينفذوا تلك المعاني علي يد جماعة مغفلة وبسيطة. على العلماء المسلمين واجب تحذير الشعب المسلم كلما شعروا بالتهديد تجاه الإسلام والقرآن حتى لا يكونوا مسؤولين أمام الله عز وجل".[3]
الهوامش:
---------------------------
[1]. صحيفة الامام، ج 1، ص 134
[2]. صحيفة الامام، ج 1، ص 135 و 136
[3]. صحيفة الامام، ج 1، ص 137
عدد الزوار: 3961
جديد الموقع
الأكثر قراءة
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.