الإيضاح
مينا صادقي
المترجم: السيد محسن الموسوي
2025-8-12
عند إجراء البحث أو أثناء مرحلة التحرير، ينبغي مراعاة الجمهور وتوفير السياق لفهم النص بشكل أفضل. عند استخدام سلسلة من العبارات أو المصطلحات والتعبيرات في البحث تُسبب غموضًا لدى الجمهور أو تُلحق الضرر بالتسلسل الدلالي لنص التاريخ الشفوي،[1] ينبغي إيضاح هذه الأجزاء. تتطلب عناصر مثل أسماء الأماكن والأشخاص، وعناوين الكتب، والأحداث التاريخية، والمصطلحات المحلية، والقضايا السياسية، أو أي مفهوم آخر معلومات تُبقي الجمهور أكثر اطلاعًا على مجرى الأحداث.لذلك، من خلال الإشارة إلى الوثائق والمصادر الموثوقة، يقدم المحرر المعلومات المطلوبة في شكل حواشي سفلية، أو ملاحظات ختامية، أو ملاحق فصول، أو حتى تفسيرات داخل النص بحيث يكون الناتج النهائي لديه قدرة أكبر على فهم المحتوى.[2] الهدف من هذا العمل هو إيضاح وإزالة الغموض عن العبارات داخل النص للجمهور، مما يثري العمل ويوثقه ويعطي الجمهور رسالة مفادها أنه تم إجراء بحث كافٍ على النص وأنه لا يواجه مجرد نص خام، وأن الباحث قد اتخذ الخطوات اللازمة نيابة عن الجمهور، ويمكن الرجوع إلى النص من قبل جميع الأطراف المهتمة والباحثين.[3]
بمعنى آخر، يُقصد بالتوضيح في التاريخ الشفوي شرح وتوضيح نص المقابلة، الذي قد يكون مبهمًا وغير مفهوم للجمهور، بل قد يُثير في بعض الأحيان معانٍ ومفاهيم خاطئة تمامًا بعيدة كل البعد عن أهداف البحث. على سبيل المثال، قد يُقدم الراوي معلومات محدودة مع تفسيرات عامة بناءً على تصوره الخاص للحادثة، فيعتبرها واضحة، مما قد يُؤدي إلى انحراف في ذهن الجمهور غير المألوف.
في حالات أخرى، قد تُذكر مواضيع متخصصة لا يفهم القارئ بعض مصطلحاتها، أو قد تُسرد بشكل غير كامل أو غير صحيح بسبب مرور الوقت وضعف ذاكرة الراوي، أو بسبب بعض التهميشات السياسية، بل وحتى الاعتبارات العاطفية والوجدانية. في هذه الحالات، يكون التوضيح ضروريًا أيضًا. بالطبع، في الخطوة الأولى، يوضح المحاور المسألة بأسئلة محددة ودقيقة. في الخطوة الثانية، إذا لم يُحل المحاور هذه الغموضات، فعلى المحرر الاهتمام بها وحلّها. تتضح الحاجة إلى التوضيح عندما يكون السرد المقدم للجمهور صحيحًا وواضحًا.
ردًا على سؤال حول جودة الإيضاح التي يجب تقديمها، تجدر الإشارة إلى أن تصور كل عمل يرتبط بوقته ومكانه وظروفه وجمهوره؛ على سبيل المثال، قد يكون هناك وقت يحدث فيه شيء ما في البلد يثير الكثير من الضوضاء ويصبح الجميع على دراية به. في ذلك الوقت، تكون هذه المشكلة مفهومة للجميع، ولكن نفس المشكلة بعد 30 عامًا وفي بُعد مكاني أوسع، تحتاج بشدة إلى شرح وإزالة الغموض. بمعنى آخر، يمكن اعتبار كل عمل، نظرًا لخصائصه، لمستوى محدد ومحدود من الوقت والجغرافيا والجمهور، وبناءً على مداها، يحتاج إلى توضيح. لذلك، فإن التصور هو موضوع عائم يتطلب متطلباته الخاصة في كل حالة. [4]يجب النظر في هذه المشكلة حتى في العملية العادية لإنتاج المحتوى، وفي هذه الحالة وإلى أي مدى توجد حاجة إلى إزالة الغموض.
من أهم المشاكل وأكثرها شيوعًا في الإيضاح ضرورة عدم إطالة الشرح. فإذا تجاوز الشرح حدوده وأصبح مُطوّلًا لإزالة الغموض، أضرّ ذلك بالعمل.[5] ومن أهمّ مساوئ هذا القسم هيمنة الهوامش على النص، وكثرة الحواشي والملاحق، مما يُطغى على النص الأصلي. وبشكل عام، ينبغي في جودة الإيضاح أن يكون مبدأ الاختصار، و الإفادة، وتشغيل الشروح معيارًا .
من النقاط الهامة أيضًا، إذا كان العمل أو السرد قائمًا على البحث والتحقيق، فيجب مراعاة مبدأ توثيق التفسيرات وإثباتها، والاستناد إلى مصادر موثوقة. فالمعلومات غير الصحيحة، والمعلومات غير الكاملة وغير الدقيقة، تُضرّ بالنص وتُقلّل من مصداقيته. [6]على سبيل المثال، استخدام مواقع إلكترونية غير موثوقة، أو روايات من أشخاص غير ذوي صلة، ومعروفين بالمبالغة أو الكذب، أو استخدام كتب ترويجية، يُضرّ بمصداقية هذا القسم.
على نفس المنوال، إذا أراد المُحاور أو المُحرِّر استخدام معلوماته الخاصة لإزالة الغموض والتوضيح، فيجب أن تكون هذه المعلومات وثيقة الصلة بالموضوع المُناقش، وأن يفهمها الجمهور والراوي فهمًا كاملًا حتى لا تُمسّ مصداقية السرد. وبشكل عام، يجب أن نحرص على عدم الوقوع في مُشكلة إزالة الغموض عن ذهن الجمهور في عملنا.
من مزايا الإيضاح أنه ليس موسوعة، وإن كان كذلك، فإنه يتطلب عملاً آخر بتنسيق مختلف لتسجيل المعلومات فيه. كذلك، لا ينبغي استخدام المصطلحات للشرح فقط، لأن الاحتياجات تختلف باختلاف أجزاء النص، وقد يتطلب توضيح الغموض أكثر من مصطلح أو مصطلحين.
من المشاكل التي يواجهها الكاتب أو المحرر مشكلة فجوات المعلومات، التي تُسبب الغموض، وتُضعف سلامة النص. ولحل هذه المشاكل، يمكن للمحرر الرجوع إلى المصادر الموثقة واستكمالها؛ وقد لا تكون هذه المعلومات مُسجلة في المصادر. لذلك، من الضروري ترتيب مقابلات إضافية مع الراوي والحصول على معلومات مباشرة من خلال أسئلة محددة، حتى لا يواجه الجمهور صعوبة في فهم السرد. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام الصور، إلى جانب المواد الموثقة والموجزة، في عملية الإيضاح.[7] في بعض الأحيان، يُمكن لبعض الصور أن تُحل الكثير من الغموض دون شرح مُفصل.
بناءً على ما سبق، يُستخدم الإيضاح، كما يوحي اسمه، لتوضيح عناصر السرد التي تحتاج إلى توضيح والتي يصعب على الجمهور فهمها. كلما كانت هذه الخطوة أكثر شمولاً ودقة، زادت فعاليتها في ترسيخ النص، وجذب الجمهور، وكسب ثقة التاريخ.
[1] - عبد الله زاده، محمد مهدي، "آراء حول الإيضاح"، موقع التاريخ الشفوي.
[2] - علوي راد، زهرة، " إيضاح مصادر التاريخ الشفوي للدفاع المقدس بتطبيق مهارات الكتابة لدى المحرر"، أبحاث التاريخ الشفوي، هيئة المحفوظات والمكتبات الوطنية، المجلد ١، العدد ١، ١٤٠٠.
[3] - دشتبان، أكرم، "مصادر موثوقة تُثري الإيضاح"، موقع التاريخ الشفوي.
[4] - دشتبان، أكرم، "الإيضاح متغير بتغير الزمن"، موقع التاريخ الشفوي.
[5] - دشتبان، أكرم، المرجع نفسه.
[6] - علوي راد، زهرة، المرجع نفسه.
[7] - علوي راد، زهرة، المرجع نفسه.
عدد الزوار: 54








جديد الموقع
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.