مخازن الذخيرة المليئة (المُذخرّة) بالتكبيرات
محيا حافظي
2024-11-12
في العام 1401 هجري شمسي، صدر عن مؤسسة حفظ آثار و نشر قيم الدفاع المقدس في محافظة اذربيجان الغربية كتاب بعنوان "مخازن الذخيرة المليئة بالتكبيرات" و يحتوي الكتاب على مذكرات العقيد في الحرس الثوري "قدرت آخريان" حيث صدر منه 500 نسخة تحتوي كل نسخة على 590 صفحة. وقد قامت السيدة "جيلا مرادي" بإجراء اللقاءات و تحرير هذا الكتاب، وعلى غلاف الكتاب تم وضع صورة للراوي في جزيرة "مجنون" عام 1363 هجري شمسي وهو يُعّلق قناعاً للغازات الكيميائية السامّة على رقبته.
يبدأ الكتاب بخط الراوي نفسه وهو يشتمل على مُذكراته بين الأعوام 1342 و 1400. وبعد المقدمة والتمهيد، تم توضيح أن الكتاب يحتوي على 26 فصلاً تتضمن صوراً و وثائق و فهارس.
تم عقد 40 لقاء من أجل تدوين هذا الكتاب مدة كل منه ساعتان، كما تم عقد أكثر من 85 لقاء إضافي و تصحيحي على مدار عامين اثنين. ولد الراوي في محافظة أذربيجان الشرقية في منطقة هشترود. وكان عمره عامين فقط عندما هاجر مع عائلته إلى مدينة أرومية، وقد سمع من والده أن سبب هجرة العائلة يعود للأمر التالي: "في ذلك الوقت يبدو أنه كان من المعتاد أن تتناوب نساء القرية في القيام بأعمال بيت "الخان"[1]. لكن عندما كان الأمر يتعلق الأمر بوالدتي، فإن والدي كان لايسمح لها بالذهاب إلى هناك للقيام بالأعمال المنزلية. هذه القضية سببت توتراً بين والدي و الخان وكان الخان يعلم أنه إذا تغاضى عن ذلك بسهولة، فإن بقية القرويين قد يفعلون الشيء نفسه لذلك قام بمصادرة جميع أملاك والدي و طرده من القرية". كان الراوي يعمل في ورشة الخياطة الخاصة بأخيه وبقي كذلك إلى أن انتصرت الثورة الإسلامية.
في خريف عام 1357 هجري شمسي كان صاحب المحل (الدكان) الذي يعمل الراوي فيه مع أخيه يستمع إلى الراديو، فسأله الراوي ماذا تفعل فأجاب أستمع إلى الأخبار، عندها سمع الراوي إسم الامام الخميني (رض) في الأخبار فسأل صاحب الدكان السيد "عسكر" عنه، ثم بعد ذلك أخذ يتابع الأخبار بنفسه و يشارك في المظاهرات قرب الدكان بدعوة من صديقه الذي تعرّف عليه في الجامع (المسجد). و مرّةً (في النهاية) هرب إلى الدكان حافي القدمين خوفاً من الإعتقال، وبعد ذلك كان يذهب إلى المسجد الأعظم ويطلّع هناك على مسائل (قضايا) الثورة.
أراد الراوي وبشدة أن ينضمّ إلى الحرس الثوري بعد انتصار الثورة الإسلامية. في بداية عام 1360هـجري ألقى السيد "حسين علائي" الذي كان حينها قائداً للحرس الثوري الإسلامي في مدينة أرومية خطاباً في المسجد الكبير طلب فيها من الشباب الإلتحاق بالحرس الثوري، وقال أنه حتى الأشخاص الذين لم يخدموا في الجيش (لم يلتحقوا بخدمة العلم) يستطيعون أيضاً التقديم و الإلتحاق، وكانت تلك الخطبة بالنسبة للراوي وسيلةً مكّنته من التحدث مع العائلة.
بعد ذلك، تحدث الراوي عن مهماته في الأهواز و عن الجبهة وصولاً إلى الإجازة والعائلة: "في المرة الثانية التي عدت فيها إلى المنزل، كان "حامد" أكبر سناً و كان يمكنه الجلوس. وفي المرة الثالثة، كان يتعلم المشي باستخدام أطرافه الأربعة. أما في آخر مرة عدت فيها من الجنوب و مدينة سنندج، كان حامد يمشي بسهولة على أطرافه الأربعة. وعندما اتجهت نحوه هرب مني، وقد دمعت عينا صاحب المنزل السيد "مش جلال" عندما رأى هذا المشهد وقال: "أخي العزيز، عليك أن تأتي في إجازات عديدة لكي يتعرّف عليك أطفالك على الأقل."
لاحقاً، وهو في قاعدة دزفول عرف من خلال مكالمة هاتفية أجراها مع صديقه أن منزل والده قد تعرض للقصف. وفي الليلة نفسها، اتصل من الكتيبة و اطمئن على عائلته، لكن عندما رجع إلى مدينة أرومية بدا الأمر كما لو أن التراب الميت قد تناثر في المدينة. إن الوصف التالي موجود على الغلاف الخلفي للكتاب:
"أغلقت المدينة بأكملها باستثناء المخابز والأماكن الضرورية، ولجأ الجميع إلى القرى المجاورة. لقد مرت ثلاثة أو أربعة أيام منذ القصف، حيث مشيت إلى شارع الوحدة فلم أجد أحداً في الشارع. من هذه الجهة تصبح حارة (زُقاق) قهرماني قريبة. فوصلت إلى حارتنا، و رأيت هناك شخصاً أو شخصان قاما بوضع شيئاً ما في مؤخرة الشاحنة وغادرا مُسرعين ... كنت أرتدي زياً شبه عسكري فقد كنت أرتدي (أنتعل) حذاءاً وأضع حقيبة ظهر. ولو رآني أحدٌ ما فسيعرف أنني عدت من منطقة العمليات. تماماً أمام باب منزلنا على زاوية الحارة سقطت قنبلة على سيارة مازدا واحترقت و قد بقي هيكلها المُحترق هناك."
بعد أسبوع واحد من الموافقة على القرار و في شهر تير عام 1367، كانوا يقصفون منطقة "باتك". يقول الراوي أنه كان يتوجب علينا الرد لكن بعد نفاذ صواريخ الكاتيوشا الصغيرة، بقي "حميد" يصيح و يطلب مني إطلاق النار. وكان يقول باستخدام اللاسلكي "اضرب 10 صواريخ" وكنت أجيب "مفهوم (حوّل)، لقد أطلقت 20" وكنت أصيح "الله أكبر" في كل مرة على الرغم من أنه لم يكن لدينا ذخيرة، نعم لقد كنت أكذب عليه. لقد كنت أُكبّر فقط فلم يكن هناك قذائف هاون أو صواريخ، وهاهي كتيبة "سلماس" كأنها كانت تُحبنا!! فها هي تُطلق الذخيرة من الأعلى و أنا استمّر بالقيام بالتكبير لهم.
كانت مهمّة العقيد "آخريان" العاجلة في عام 1374 هي برنامج لقاح شلل الأطفال في مدينة أرومية، هذه البرنامج كان تابعاً لوزارة الصحة وقد اتفقوا مع قيادات الحرس الثوري الإيراني على أن يتم توزيع اللقاحات بمشاركة قوات التعبئة الشعبية وقد تم لأجل ذلك تشكيل كتيبة من 25 مجموعة كل منها يتألف من 10 أشخاص.
في النهاية، تحدث الراوي عن أهمية العائلة (الأسرة) وقال أنه على الرغم من أنني كنت أتواجد في المنزل في أيام العُطل فقط، إلا أنني لم أُهمل تربية إبناي الإثنان و ابنتاي الإثنتان. لقد حاول الراوي قدر الإمكان ألّا يجعل أطفاله يشعرون بنقص في الحنان.
[1] الخان: هو أحد مُلاك الأراضي المُسيطرين في تلك المرحلة الزمنية.
عدد الزوار: 98
جديد الموقع
الأكثر قراءة
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.