المقابلات في التاريخ الشفوي: التحديات، الأهمية، والحلول

محيا حافظي
المترجم: السيد محسن الموسوي

2025-4-30


قام موقع التاريخ الشفوي بإجراء مقابلات مع عدد من الخبراء والمهتمين بهذا المجال من أجل تسليط الضوء على التحديات والمشكلات التي تواجه إنتاج أعمال في مجال التاريخ الشفوي أو التذكّرات، وقد تم تقديم هذه المقابلات على شكل مقالات قصيرة لقرّاء الموقع.

في عملية توثيق الأحداث التاريخية من خلال جمع الروايات الشفوية وذكريات الأفراد، يؤدي المُقابِل دورًا محوريًا، إذ تعتمد جودة البيانات المُجمعة على مهاراته وصفاته. إلا أن عمله لا يخلو من تحديات مثل التحيّزات الشخصية، مشكلات ذاكرة الراوي، التأثيرات العاطفية، والقضايا الفنية. لذا يجب أن يتمتع المُقابِل، إضافة إلى مهاراته التقنية والتخصصية، بصفات فردية واجتماعية خاصة تمكّنه من جمع معلومات دقيقة وموثوقة.

تتناول هذه المقالة أهمية المقابل في التاريخ الشفوي، التحديات التي تواجهه، والحلول الممكنة لتحسين هذا المسار.

 

دور المقابلة في التاريخ الشفوي

المُقابلة في التاريخ الشفوي ليس مجرد من يطرح الأسئلة، بل يؤدي أيضًا دور المُيسّر والمرشد. عليه أن يوفّر بيئة آمنة وجديرة بالثقة ليتمكن الراوي من التعبير عن ذكرياته بشكل كامل ودقيق. من خلال طرح أسئلة هادفة ودقيقة، يساعد المُقابِل الراوي على استرجاع المزيد من التفاصيل وتنظيم روايته. كما يجب أن يحافظ المقابل على حياده، ويتجنب فرض آرائه الشخصية لضمان خلو البيانات من التحيز.

 

التحديات التي تواجه المقابل في التاريخ الشفوي

تواجه المقابلات في مجال التاريخ الشفوي العديد من التحديات التي، إذا لم تُدار بشكل صحيح، قد تؤدي إلى تشويه المعلومات وتقليل مصداقيتها، ومن أبرز هذه التحديات:

 

التحيّز والتأثير الشخصي: قد يؤثر المُقابِل – ولو دون قصد – من خلال اختيار نوع الأسئلة أو طريقة طرحها، كما قد يتأثر الراوي بعواطفه أو ميوله الشخصية، مما يؤدي إلى تقديم روايات غير دقيقة.

 

مشاكل الذاكرة ودقة المعلومات: مع مرور الوقت، قد تتغير ذاكرة الأفراد وتُنسى بعض التفاصيل أو تُشوّه. لذلك يجب على المُقابِل استخدام تقنيات تنشيط الذاكرة لمساعدة الراوي على استرجاع أكبر قدر من التفاصيل.

 

التحديات العاطفية والنفسية: في حال كانت المقابلة تتناول أحداثًا مؤلمة أو صادمة، قد يتعرض الراوي لاضطراب نفسي، وهنا يحتاج المُقابِل إلى مهارات نفسية للحفاظ على هدوء الراوي.

 

التحديات الفنية والتوثيق: تتطلب عملية تسجيل المقابلات وحفظها تجهيزات ذات جودة عالية، مع مراعاة المعايير الفنية. فالتسجيلات ذات الجودة الرديئة أو التوثيق غير الدقيق قد تؤدي إلى فقدان بيانات ثمينة.

 

صفات المُقابِل الناجح في التاريخ الشفوي

حتى يكون المُقابِل ناجحًا في مجال التاريخ الشفوي، ينبغي أن يتحلى بصفات فردية واجتماعية معينة، من أبرزها:

الذكاء العاطفي العالي: القدرة على ضبط المشاعر والانفعالات في المواقف غير المتوقعة والتصرف بحكمة في الظروف الصعبة.

سرعة البديهة: القدرة على معالجة المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات مناسبة في لحظتها، خاصةً عند مواجهة روايات متشابكة أو متناقضة.

الأمانة: الالتزام بالدقة والأمانة في تسجيل ونقل المعلومات دون تحريف أو إهمال.

القدرة على التواصل الفعال: سهولة بناء علاقات وثقة متبادلة مع مختلف الأشخاص، مما يسهم في الحصول على روايات صادقة.

السمعة الطيبة: يجب أن يكون المقابل ذا مكانة اجتماعية محترمة وخالية من السمعة السيئة، لأن ذلك يؤثر في جودة المقابلات.

 

حلول لتحسين عملية المقابلة

يمكن التغلب على التحديات التي تواجه المقابِل في التاريخ الشفوي عبر مجموعة من الحلول، أبرزها:

 

تدريب وتمكين المقابلين: من خلال التعريف بمبادئ المقابلة وتقنيات طرح الأسئلة وكيفية التحكم في التحيز، إلى جانب تنظيم ورش تدريبية للباحثين في هذا المجال.

إعداد إطار واضح للمقابلة: كوجود خطة محددة تشمل أهدافًا واضحة وقائمة بالأسئلة الأساسية، مما يساعد على دقة وتنظيم المقابلة.

استخدام تقنيات تنشيط الذاكرة: مثل عرض الصور أو الوثائق أو طرح أسئلة تثير الذكريات، لمساعدة الراوي على استرجاع تفاصيل أكبر.

الالتزام بالأخلاقيات والحفاظ على الحياد: تجنب فرض الآراء الشخصية وتوثيق البيانات المكتسبة بدقة وموضوعية.

استخدام التكنولوجيا الحديثة لتوثيق البيانات: مثل البرامج المتخصصة في إدارة البيانات والأرشفة الرقمية، للمساعدة في حفظ أفضل للمعلومات الشفوية.

 

الخلاصة

المقابلة في التاريخ الشفوي عملية دقيقة ومعقدة تتطلب مهارات عالية وحرصًا شديدًا على الالتزام بالمعايير العلمية. فالعقبات كالتأثيرات الشخصية، وضعف الذاكرة، والضغوط النفسية، والمشكلات الفنية قد تؤثر على جودة البيانات. ومع ذلك، فإن تبنّي حلول علمية، واحترام المعايير، واستخدام التكنولوجيا الحديثة يُمكن أن يسهم في التغلب على هذه التحديات. ويُعدّ تدريب المُقابِلين المحترفين وتقديم تعليم متخصص في هذا المجال خطوةً جوهرية نحو تحسين جودة التاريخ الشفوي وتوثيق الروايات التاريخية بدقة أكبر.

 

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 730


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

ضرورة تلقي رد الفعل في التاريخ الشفوي

عندما نمارس نشاطًا ما، نتوقع أن نُقيّم بطريقة ما. وبهذا، نزيل عيوبه ونُضيف إليه إيجابياته. ولن يحدث هذا إلا بمساعدة التغذية الراجعة التي يُرسلها لنا الآخرون. في سياق أنشطة التاريخ الشفوي، نحتاج أيضًا إلى تلقي تغذية راجعة دقيقة ومبدئية لتعزيز نجاحنا في العمل.

التاريخ الشفوي بأي منهجٍ؟

من وجهة نظر عامة، يبدو أن التاريخ الشفوي يمكن النظر إليه من ثلاثة مناهج. النهج الأول هو اعتبار التاريخ الشفوي أسلوبًا أو أسلوبًا لجمع المعلومات. في هذا النهج، يُفترض أن يكون التاريخ الشفوي مثلثًا، أحد أضلاعه هو المُقابل، والجانب الثاني هو المُقابل أو المؤرخ الشفوي، والجانب الثالث هو وسيلة النقل أو التسجيل الصوتي أو البصري التي تُنشئ وتُحقق التفكير بين المُقابل والمُقابل.

كان يضحك عوضا عن البكاء

روته: مهين خميس آبادي
عندما أعلن الجهاد أننا سنذهب لجمع الثمار، لم نستطع ترك أطفالنا في المنزل وحدهم؛ فقد كانوا صغارًا جدًا. في مثل هذه الأوقات، كان خادم الله أكبر آغا يستأجر سيارة أكبر ليسع الأطفال. كنا، نحن النساء، من عشر إلى عشرين امرأة، نجتمع ونعمل بجد لجمع الثمار من الأشجار ووضعها في الصناديق.