التاريخ الشفهي بين الآثار والتحديات القادمة ـ 1

محيا حافظي
المترجم: مقدام باقر

2023-10-4


من أجل إعطاء رؤية أوضح عن التحدّيات التي تعرقل عملية إعداد الكتب في مجال التاريخ الشفهي أو الذكريات، قام موقع التاريخ الشفهي بعقد لقاءات قصيرة مع بعض الخبراء والناشطين، كانت حصيلتها مقالات موجزة نقدّمها للقرّاء الكرام في عدّة حلقات.

الاستعجال

يُعدّ الاستعجال في الأعمال البحثية عمومًا آفةً كبيرة، ولكنّه يبدو أضرّ على التاريخ الشفهي. وأكثر ما تُعزى هذه المشكلة، إلى معاميل المشاريع. هم يحسبون أن العمل كالمنتهي منه بعد تسجيل الذكريات. إن مدراء المشاريع الحكومية والمموّلين من جانب، ورواة الذكريات من جانب آخر، يستعجلون المؤلفَ بإتمام المشروع ممّا يضرّ بجودة العمل.

التكاليف

لم يُنفَق على غير قليل من مشاريع التاريخ الشفهي كما ينبغي. فحينما يُعطى المؤرّخ الشفهي أو الذي قام بإجراء المقابلة مبلغًا زهيدًا، أو إذا اضطرّ ومن أجل ارتزاقه وإدارة حياته إلى أن يخوض في عدّة مشاريع في وقت واحد، فهذا ما يحطّ من جودة الأثر لا محالة. استعجال المُحاور يحذف جانبًا كبيرًا من الدراسات المسبقة والبحوث الميدانية وغيرها من الأعمال اللازمة من أجل التدقيق في العمل. وفي مسار التأليف، يؤدي الاستعجال إلى التفريط بالجودة بل قد يتسبّب في غض الطرف عن إجراء المقابلات التكميلية. وإنّ هذا الأسلوب يدفع المؤرخ الشفهي بل يضطرّه إلى قبول سلسلة من المشاريع مما يؤدي إلى إنتاج مؤلّفات ضعيفة.

الانكماش

ثمّة عوامل من قبيل عدم إحاطة المؤرخ الشفهي بمحلّ البحث، وعدم وضوح الخطوط الحمراء ذات الصلة بإصدار الكتاب، وعدم خبرة القائمين بمشاريع التاريخ الشفهي، تجعل المُحاور والرواي ينكمشان على أنفسهما ولا يجرؤان على الخوض في محاور جديدة مما يؤدي إلى إنتاج آثار بمستوى هابط وبلا كلام جديد. وبإمكاننا أن نردف إلى هذا العامل، فرض الأذواق الفردية في عملية إصدار الكتاب.

التبسيط

من خصائص التاريخ الشفهي هو كونه سهلًا ممتنعًا. فإن ظاهر العمل بسيط ولكن تنفيذه في غاية الصعوبة. يحسب كثيرون أن من أجل القيام بأحد مشاريع التاريخ الشفهي حسبك أن تأخذ مسجّلًا وتجلس بين يدي الراوي. ولذلك كلٌّ يسمح لنفسه بأن يقتحم ساحة التاريخ الشفهي. ترى عامّة الناس لا يسمحون بالتدخّل في الشؤون الطبّية والهندسية والاقتصادية إلا لخبرائها ومختصّيها، أما بالنسبة إلى التاريخ الشفهي فالأمر مختلف، إذ يعتقد كثيرون بإمكان إنتاج آثار في التاريخ الشفهي من دون اكتساب المهارة اللازمة. وهذه لرؤية خاطئة تركت آثار بصمتها في بعض الإصدارات بوضوح.

الشرح الخاطئ

من وظائف مؤلّف التاريخ الشفهي هو شرح بعض المصطلحات والمسائل المستصعبة لكي يعين القارئ على فهم النص أفضل. ويُستَخرَج هذا الشرح بمقتضى حاجة القارئ من المصادر المعتبرة.

ولكن قد يقع بعض المحققين في الإفراط في شرح المصطلحات لكي يزيد عدد صفحات الكتاب، أو بسبب قلة معرفته بالقرّاء أو ضعف علمه. وتتضاعف هذه المشكلة فيما إذا كان شرح المصطلحات مستندًا إلى المصادر الضعيفة أو المواقع الإلكترونية غير المعتمدة.

الضعف في التصنيف

عدم خبرة المصنّف وعدم إشرافه على الموضوع يمثّل مشكلةً أخرى في عملية إنتاج الآثار البحثية. فإن المعرفة الكافية والصحيحة بأساليب تصنيف التاريخ الشفهي والمعرفة بما يجوز وما لا يجوز من الحشو والإضافات في تصنيف التاريخ الشفهي، واستخدام الأساليب المنسجمة مع النص في صياغة الجمل، ومراعاة نمط كلام الراوي ونبرة حديثه وحفظ أصالته، واستخدام الكلمات المناسبة حين التصنيف، وأخذ مزاج القارئ بالحسبان لكي لا يملَّ الكتاب، كلّها من ضروريات إنتاج كتاب راقٍ في موضوع التاريخ الشفهي.

حجم العمل

يرغب بعض الرواة في أن يصبح كتاب ذكرياتهم حجيمًا يملأ مزيدًا من الصفحات والأوراق، ويحسبونه علامةً على أهمية كلامهم وذكرياتهم. وقد وقع بعض الكتّاب في هذا الفخّ نفسه.

ومن جانب آخر يميل بعض الناشرين إلى خفض عدد صفحات الكتاب ليقتصدوا في تكاليف الإصدار. ولكن يبدو الالتزام بالمعايير العلمية هو المجدي.

 

للبحث تتمة..

 

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 1235


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة