مقتطفات من مذكرات حجة الإسلام خراساني
معارضة بني صدر
إعداد: فائزة ساساني خواه
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2021-7-6
أنا ضد بني صدر منذ يوم انتخابه رئيساً لأنني لم أره في طريق الإمام والنظام. لقد أثبت بني صدر نفسه كثوري حتى لا يعارضه أحد وإن كان بين مجموعة قليلة، ناهيك عن معارضته، ولم يجرؤ أحد حتى على معارضة بني صدر علناً. لكن قبل أن يتجلى نفاق بني صدر، وفي ذروة شعبيته، تحدثنا ضده أينما استطعنا، وعندما ذهب بني صدر إلى مشهد في شهر رمضان، لقي ترحيباً كبيراً. قبل الإفطار، بث التلفزيون خطابه في مشهد. في ذلك الخطاب، كان بني صدر قد اتخذ الحيلة بشكل كبير. ووضع نفسه في مكان أمير المؤمنين (عليه السلام) والشهيد الدكتور بهشتي ورجال عظماء آخرين من النظام كالقاسطين والناكثين والمارقين بالطبع، في تلك الظروف، ذكر كلماته ونواياه بشكل مبطن ولم يدركه إلا من يتمتعون بمهارة في الفهم فقط هم الذين يفهمون ما يقصده.
في نفس الوقت كنت أذهب إلى المنبر في مسجد بقية الله في نارمك لمدة عشر ليال. كانت الليلة الأولى التي قلت فيها للناس على المنبر: "هل سمعتم صوت الفأس في جذر شجرة الإسلام؟! لقد انتبه الحضور لما أقصده أي الملهى الليلي الفرنسي". أدرك الجمهورأنني أقصد بني صدر. أول رد فعل أظهره أحد المستمعين الذي كان دائم الجلوس وبيده كتاب المفاتيح أو القرآن الكريم. فنظر إليّ وضرب الكتاب بيده وقال: لن يدعوا هذا ابن النبي يعمل ما يشاء.
تحدثت في تلك الليلة وأعدت نفسي للتعرض للضرب، كنت أعلم أنه من السابق لأوانه انتقاد بني صدر. عندما انتهى المنبر لم أكن قد نزلت من الدرجة الأولى عندما نهض بعض الشباب وبدأوا يهتفون لصالح بني صدر. قالوا: يحيي بني صدر، يحيي بني صدر. خرجت من المسجد بهدوء شديد. تبعني الحشد من المسجد إلى شارع دماوند وهم يهتفون لصالح بني صدر.
هذا الشخص قام بأعمال ضد رجال الدين جعلتنا نخشى أن يعرف أنصار بني صدر أنّ لدينا سيارة. تركت السيارة بعيداً عن المسجد، وهو أمر لم يفهمه رجل دين. ولما وصلنا إلى الشارع قلت: يا سادة، هل انتهت شعاراتكم أم لا تزال عندكم شعارات أخري؟ إذا كان لديكم شعار آخر، حسناً، نحن مستعدون لسماعه مرة أخرى، وإذا لم يكن لديك شعار، أود أن أقول لكم جملة، تذكروا، لدينا هذا البرنامج لمدة تسع ليالٍ أخرى، هذه هي الليلة الأولى وما زالت هناك تسع ليالٍ أخرى" .قلت هذه الجملة وغادرت.
ومن هناك أتيت إلى شارع 17 شهريور وشارع الشهيد آية الله سعيدي ومسجد مهدوي. في هذا المسجد، كانت مكبرات الصوت فوق سطح المسجد، ولأنّ هناك المزيد من شباب حزب الله ، قمت بزيادة ما يسمى بالانتقاد الساخن لبني صدر. في وقت ما بين حديثي، رأيت رجلاً كان نائماً فوق سطح المسجد وهو يرتدي ملابس داخلية خلفي. من هناك بدأ يصرخ ويقول: سيدي لماذا تقول هذه الأشياء، لماذا تمزقون الوحدة، لماذا تخلقون الفتنة؟
وقلت لشباب حزب الله وقد أرادوا أن يشتبكوا مع الرجل: "لا يحق لأحد التعامل مع هذا الرجل. نقوم بثلاثة أشياء: إما أن أنزل الآن، إذا كان لديك ما تقوله، فلنتحدث، أو أعطيك هذا المنبر عندما أنتهي من كلامي، فلنتحدث أيضاً، أو لنشارك المناقشة، بضع جمل دعني أقولها وسنناقش مايجري حينها."
جلس الرجل على المنصة وقلت ما يجب أن أقوله. عندما انتهى المنبر، كانت هناك ساعة أو ساعتان من النقاش. انقسم الجمهور إلى مجموعتين: واحدة مؤيدة، والأخري مناوئة، واستمر الصراع الكلامي حتى الفجر.
أتذكر عندما كان بني صدر يحاضر في الجامعة ويطلق عليها بما تسمي بقضية 5 مارس، بعض شباب حزب الله - الذين أعرف أسمائهم - رددوا أحد شعاراتهم خلال الخطاب: "أبو الحسن بينوشيه، إيران ليست تشيلي".
وكان جمهور بني صدر قد ضربوا ذلك الشاب. كانوا يروجون ضد حركة حزب الله ويقولون: أيها السادة، انظروا، أخذنا هذه السكين والعصا منهم، وأحضروها وعرضوها على التلفاز. أرادوا خلق جو ضدهم ولصالح بني صدر لاستفزاز الناس. لكن هؤلاء الشباب ثابروا كثيراً، حتى أنهم ساروا إلى مكان الخطاب، وللأسف كانت الشرطة في أيدي حركة بني صدر، لكن في مواجهة فتنتهم هؤلاء الشباب ضحوا كثيراً.
استمرت خيانات بني صدر حتى خلال الحرب. قال الشهيد محمد ورفاقه من أبناء آبادان عندما أتوا إلى طهران أنّ هناك الكثير من الأسلحة والذخيرة. لكنهم لا يعطونها لقوات الباسيج قال بني صدر ليس لدينا أسلحة، وكان يتعمد في عدم إعطائها لقوات الباسيج آنذاك.
لقد عارضنا أصدقائنا الذين دعموا بني صدر في وقت سابق. حتى في اللقاءات حول قضية بني صدر، كانت لدينا أحياناً نقاشات قاسية جداً مع بعض الأصدقاء الذين كنت أحترمهم جداً.
أتذكر أنه كان هناك اجتماع حضره بعض هؤلاء السادة. لقد تحدثت لمدة نصف ساعة تقريباً في ذلك الاجتماع - كان ذلك عندما تحالف حزب الجمهورية الإسلامية مع رجال الدين المقاتلين بشأن الانتخابات – وانتقدت هؤلاء السادة بكلمات حادة. صرخ أحدهم قائلاً: لنخرج هذا الشخص من المكان، لكنني بقيت وتحدثت وقلت ما يجب أن أقوله.
كما قال حجة الإسلام والمسلمين السيد ناطق نوري في وقت سابق: "ماذا فعلت في تلك الجلسة حيث عندما دخل آية الله الخامنئي من الباب، قال وهو واقفاً: لم تكونوا هناك حتي تروا ما قاله السيد مهدوي؟! خطب خطبة عصماء".
الشهيد بهشتي ومحاربة بني صدر
لدي ذكرى من الشهيد بهشتي في مكان استشهاده. في ليالي الخميس، كل 15 ليلة، كان يتم عقد لقاء مع الأصدقاء. في بعض الليالي، كان يحضر جميع الشخصيات الثلاثة من آية الله خامنئي والسيد هاشمي رفسنجاني والدكتور الشهيد بهشتي، وفي بعض الليالي إذا كان لديهم عمل، يأتي واحد منهم على الأقل.
قبل شهر أو شهرين من استشهاد الشهيد بهشتي، في نفس مكان استشهاده، حضر الاجتماع حوالي 150 من رجال الدين من كرج ودماوند وورامين وطهران. كان آية الله بهشتي يتحدث عندما دخلت وتكريماً له كان هناك كرسي فارغ في تلك اللحظة، جلست حتى لا أتقدم مرة أخرى وينقطع كلامه. كان يتحدث عن حقيقة أنّ عملنا قد وصل إلى نقطة حيث إما أن نذهب ونرتمي في أحضان أمريكا أو نختار نهج الإستشهاد. وأوضح بتفصيل كبير أنّ بني صدر سيخوننا، وقال إنه يجب أن نذهب ونصنع السلام، حتى لو سلمنا آبادان لصدام، وأصر بني صدر على أن نذهب ونصنع سلاماً مع صدام، وقال إنّ العراق لديه حوالي 2000 مدفع بعيد المدى في آبادان. وتابع الشهيد بهشتي: "رأيي أنّ هذه ليست مدافع، بل خشب فارغ يخيفنا، أفرغوا الداخل وتركوها حيث يجب أن نخاف منها". ثم قال: علينا أن نختار إحدى الطريقتين: أو نذهب ونرتمي في أحضان أمريكا التي تسمى "هيهات منا الذلة" : لسنا من ينصاع إلي هذه الشعارات، اخترت خط الاستشهاد الأحمر. ثم التفت إلى السادة وقال: إذا كنتم مستعدين فكبروا، ولب ندائه جميع من كان هناك. بعد ذلك، خاطبني من خلف المنصة وقال: "يا سيد مهدوي، الطريق هو كما سلكته أنت، لنسلك جميعاً هذا الطريق".
بعد حديثه قلت بصوت عالٍ: "سيدي نريد أن نغادر هذا البلد، أعطونا جواز سفرنا، لماذا سكتت في وجه هذا الخائن؟!" التفت الشهيد بهشتي وقال لي: سيد مهدوي، نحن أتباع الإمام، لقد أمرنا الإمام بالصمت الآن، ووضع يده أمام فمه وقال لنسكت الآن جميعاً! ! نسكت حتى يأمرنا الإمام. ولكن عندما يحين الوقت، سنتحدث حول ما يجري".
عندما انتهى الاجتماع، أحاطني السادة ليروا أي طريق كان يقولها آية الله بهشتي، وقلت: اذهبوا واسألوه. وأشار الشهيد بهشتي إلى محاضراتي في مسجد بقية الله بنارمك ومساجد أخرى.
بمجرد أن قابلت آية الله مهدوي كني، كان لطيفاً جداً وقال: "يا سيد مهدوي، تصلنا أخبار خططك، ندعوا لك الله جميعاً بالتوفيق والسداد في مجالسنا".
قبل فترة، قال حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد إبراهيمي، ممثل المرشد الأعلى في أفغانستان وشؤون المساجد: "ما زلت أسمع صوت الشهيد بهشتي الذي خاطبنا من خلف المنصة بأنّ السيد مهدوي هو طريقكم الأنجع والأصح ويجب أن نسير علي خطاه".
كان بني صدر خطراً جسيماً على الثورة، وكانت معجزة الثورة هي أن يهرب بتلك الطريقة. لأنه لو تم اعتقال بني صدر وإعدامه في إيران، لكان ما لا يقل عن مليون أو مليونين من شبابنا قد انقطعوا عن الإسلام والثورة. مشيئة الله عز وجل أن يحلق لحيته وشاربه ويلبس ملابس نسائية ويذهب ويختبئ في مرحاض الطائرة ويهرب لتنكشف نواياه. عندما أدرك هؤلاء الشباب الحقيقة، ابتعدوا عنه وقدموا قوة جديدة للثورة. [1]
----------------------------------
[1] قيصري، مهدي، مذكرات حجة الإسلام والمسلمين علي أكبر مهدوي خراساني، مركز وثائق الثورة الإسلامية،2017م، ص151.
النصّ الفارسي
عدد الزوار: 2675
جديد الموقع
الأكثر قراءة
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.