تقرير عن حالة مدينة خرمشهر إلى سماحة الإمام (رحمه الله)

إعداد: فائزة ساساني خواه
ترجمة: حسن حيدري

2021-6-5


انتظرنا يومين أو ثلاثة أيام. لقد رأينا الوضع يزداد سوءاً. سيزداد الضغط على قواتنا وسيزداد حصار خرمشهر. في يوم 14 من أكتوبر قررنا التوجه إلى الإمام الخميني لتقديم تقرير عن الوضع في خرمشهر والتعبير عن الخيانات التي تحدث. السيد بني صدر الذي قال إنّ قذائف المدفعية والهاون ليست حلوى تعطى لكم، والسيد تشمران الذي كانت كلماته منطقية ولا يمكن أن تترك الأهواز وتتشبث بخرمشهر. فماذا عن الوضع في خرمشهر؟ لذلك، يجب إبلاغ هذا الوضع إلى الإمام الخميني الراحل.

لهذا الغرض، غادرت خرمشهر في سيارة بيكان للذهاب إلى طهران مع السيد نوري والسيد علي مصباحي، كنا جميعاً مسلحين. كان لدي حوالي 200000 تومان من الأموال المتعلقة بلجنة إغاثة الإمام الخميني الراحل، والتي سلمتها كأمانة إلى السيد موسوي. غادرنا إلى طهران في 14 من أكتوبر. عندما وصلنا إلى أنديمشك، قالوا إنّ بني صدر والسيد خامنئي والسيد هاشمي رفسنجاني (رئيس البرلمان آنذاك) كانوا في دزفول.

كنا سعداء وذهبنا إلى ثكنة دزفول الجوية لنقابل السادة، وانتظرنا بضع دقائق، ودخل بني صدر وخلفه السيد الخامنئي والسيد هاشمي. تقدمنا ​​وقدمنا السلام والتحيات، لكن بني صدر لم يسألنا من أنتم ومن أين أتيتم وماذا تريدون. كانوا يتحضرون للنزوا إلى خندق. قال بني صدر لآية الله الخامنئي: عليك أن تسأل السادة عما يريدونه. نزل بني صدر الدرج ونزل إلى الطابق السفلي، وتبعه السيد هاشمي وبقي آية الله خامنئي ليرى ما نطلبه منهم. كما أخبرناه عن الوضع في خرمشهر وأكدنا أنه إذا لم تأت المساعدة فسوف تسقط خرمشهر. وقال أيضا إنني سأتحدث مع بني صدر حول هذا الموضوع. سألنا ما هي نيتكم وأين تتجهون؟ لم نقل إننا نريد الذهاب إلى طهران للقاء الإمام.

ودّعنا آية الله الخامنئي وغادرنا إلى طهران. كانت الساعة العاشرة ليلاً عندما وصلنا إلى خرم آباد. نظراً لقضايا السلامة والتمويه، كان الظلام في كل مكان وكان علينا أن نرتاح في خرم آباد. في الصباح انتقلنا إلى قم ومكثنا في قم ليلة واحدة. ذهبنا إلى فيلق قم للراحة. لكن في تلك الليلة ذهبنا إلى منزل آية الله الخزعلي والتقينا به. كما جاء السيد الخزعلي إلى خرمشهر من قبل في شهر محرم وشهر رمضان، وكانت لدينا معرفة مسبقة بالرجل وقلنا إننا نريد زيارة الإمام الخميني. إتصل بمكتب الإمام في تلك الليلة وقال إنّ بعض علماء خرمشهر أرادوا زيارة الإمام والإبلاغ عن الوضع في خرمشهر. كما قال مكتب الإمام إنه لا مشكلة في ذلك، فليأتوا ويزوروا الإمام الخميني في جماران صباح غد 16 من أكتوبر. رأيناه في نفس الغرفة التي كانت تعقد فيها الاجتماعات عادة. بدأت أتحدث وأبلغت عن الوضع الحرج في خرمشهر. قلت: يا سيدي لا أعلم إن كنت تعلم الوضع في خرمشهر أم لا! الوضع في خرمشهر خطير جداً جداً ومحاصر بالكامل من قبل العدو. المنطقة المحيطة بالمدينة في يد العدو، ومركز المدينة فقط في أيدي القوات المحلية، وإذا لم يتم تقديم المساعدة وعدم توفير القوات والإمكانيات، فلا أمل في الحفاظ عليها. قلت: إنّ ميناء خرمشهر والجمارك استولى عليهما العراقيون، وكان هناك الكثير من الممتلكات والبضائع في الميناء والجمارك لدرجة أنّ صدام كان بإمكانه دفع ثمن الحرب بهذه البضائع. ابتسم الإمام وسأل: كم تكلفة الحرب؟ قلت: لا أعلم، أنا فقط أعرف أنّ الممتلكات في ميناء خرمشهر كانت كبيرة جداً. قال الإمام الخميني: هذه ليست أكثر من تكلفة يوم من حرب صدام. ثم قلت للإمام أنه ينبغي التفكير في خرمشهر. لم أخبر الإمام أننا التقينا تشمران، لكنني قلت إننا التقينا ببني صدر، لكنه لم يتحدث إلينا وقلنا للسيد الخامنئي أن يناقش الأمر مع بني صدر. هناك، أخبرت الإمام بوضوح شديد، يا سيدي، نرى يد الخيانة في قضية خرمشهر. إنهم يضربون خرمشهر وإيران. نشك في بني صدر وهناك احتمالية الخيانة. قال: لا في مثل هذه الحالة، لا تطرحوا هذه الأمور إطلاقاً، انطلقوا إن شاء الله ستصلح الأمور. ودعنا الإمام وخرجنا.

سقوط خرمشهر المؤلم والقمعي

بعد الاجتماع مع الإمام، ذهبنا إلى مكان خاص لممثلين من خارج طهران للراحة. هناك التقينا بالسيد يونس محمدي ممثل خرمشهر الذي كان يبكي. اغرورقت عينيه. قلنا: ماذا حدث؟ قال: سقطت خرمشهر. كان ذلك يوم 16 من أكتوبر. قلت: يا إلهي! لم نعتقد أن خرمشهر ستسقط بهذه السرعة. كان لا يزال الطريق طويلاً لاحتلال خرمشهر بالكامل. كيف سقطت بهذه السرعة؟  شنّ العراقيون في ذلك الوقت على ما يبدو هجوما عنيفاً وعبروا حي طالقاني واستولوا عليه، ودخلوا البوابة الرئيسية للمدينة، ووصلوا إلى شارع حافظ، ويسمى أيضا بميدان البوابة، واستولوا أيضا على شارعي هريسجي ونقدي. يعود العراقيون إلى حي طالقاني ويستقرون حول المدينة. على أي حال، أدركنا أنّ خرمشهر لم تسقط بعد.

انتقلنا إلى قم وأمضينا الليلة في منزلنا في شارع باجك [1]. كنا في المنزل عندما أعلنت الإذاعة: إمام جمعة خرمشهر ورفاقه قاموا بزيارة الإمام الراحل وشرحوا له الوضع في خرمشهر .في اليوم التالي انتقلنا إلى خرمشهر، وصلنا إلى الأهواز وبما أننا لم نتمكن من الذهاب إلى خرمشهر من الأهواز، لذلك ذهبنا أولاً إلى ماهشهر للذهاب إلى آبادان ثم إلى خرمشهر. لا يزال هناك اتصال من آبادان. من الطريق المؤدية إلى شيراز ذهبنا إلى أميدية ودار خوين وماهشهر. كنا بالقرب من بهمنشير، حيث أطلق العراقيون النار علينا. أخبرنا رفاقي أن نتراجع، لكنني قلت لا، كان علينا الوصول إلى آبادان اختبأنا خلف جدار حتى توقف إطلاق النار وعبرنا النهر بالقوارب ووصلنا إلى آبادان. ذهبنا إلى منزل المرحوم السيد جمي ومكثنا حتى ظهر الغد. بعد الظهر أردنا الذهاب إلى خرمشهر. لم أفهم متى غادرنا السيد نوري وإلى أين ذهب. كنت أنا والسيد علي مصباحي وإخوته معاً. على أي حال، عندما أردنا الذهاب إلى خرمشهر. رأينا القوات المحلية قادمة من خرمشهر إلى آبادان. فقلت لهم: ماذا حدث، ما هي الأخبار؟ لماذا جئتم الى آبادان؟ نحن ذاهبون إلى خرمشهر. قالوا: لماذا ستذهب إلى خرمشهر؟ سقطت خرمشهر واحتلتها القوات العراقية. فقط حي كوت الشيخ بقي تحت سيطرة القوات المحلية. في ذلك الوقت، تم إحضار جثة ابن شقيق السيد علي مصباحي (سيد مصطفى)، الذي استشهد في خرمشهر، إلى شيراز، لأنهم كانوا في الأصل من شيراز. انزعج السيد مصطفى مصباحي كثيراً عندما رأى جثة ابنه وقال: أنا ذاهب الآن إلى خرمشهر لأكون شهيداً. قال لي شقيقه سيد علي: سيد محمدي، إنه مستاء وغاضب. امنعه من الذهاب إلى خرمشهر. كما ذهبت وأخذت يد السيد مصباحي والد الشهيد وتحدثت معه لفترة وقلت إنّ الجميع فخورون بالشهيد. كل من استشهد يفتخر بأنه من أهل الشهيد، وهذا شرف لكم. في يوم القيامة، في حضرة الرسول (ص)، ستقولون إنني أيضاً والد شهيد ولك أجر في الدنيا والآخرة. مع ما قلته هدأ ونُقل الجثمان إلى شيراز لدفنه. لم نكن في آبادان وعدنا إلى ماهشهر في تلك الليلة. لم يكن هناك المزيد مما تبقي من خرمشهر للذهاب إليها  سقطت هذه المدينة بيد الأعداء. كان من الممكن أن نبقى في آبادان، لكننا لم نرغب في البقاء معاً. كان علينا العمل للحصول على المساعدة ونقل الأخبار والمساعدة والعناية بأوضاع النازحين. فعدنا إلى ماهشهر. في آبادان، كان هناك رائد أصفهاني كان حاضراً منذ البداية وحتى نهاية حرب خرمشهر وكان نشطاً للغاية. قال إنهم إذا أعطوني 5000 من قوات النخبة، لأنّ العراقيين لم يتم تحصينهم وتشكيلهم بعد، يمكنني تحرير خرمشهر. لكن أين نجد الخمسة آلاف من القوات النخبة والمعدات اللازمة؟[2]

-------------------------------

[1]ـ هذا الشارع الآن يسمي 19 (دي).

أحمدي، محمد رضا، مذكرات آية الله عبدالله محمدي، المعهد الثقافي ومنشورات مركز توثيق الثورة الإسلامية، المجلد الأول،  صيف 2013، ص 159.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2216


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة