مقاطعة

تكتيك تنظيم مجاهدي خلق ضد المعارضة

مليحة كمال الدين
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2021-2-14


عُقد برنامج ليالي الذكريات في نسختها  الواحدة بعد الثلاثمئة عبر الإنترنت على موقع ويب آبارات في 21 فبراير 2021م. شارك "محمد رضا علي حسيني" و"داود أسعدي خامنه" ذكرياتهما. في هذا البرنامج المخصص لذكرى انتصار الثورة الإسلامية، كان داود صالحي حاضراً كمقدم.

كان الضيف الأول محمد رضا علي حسيني أحد مقاتلي سنوات ما قبل الثورة. قدم نفسه كأمين العام لجمعية السجناء السياسيين المسلمين قبل الثورة وقال: تتكون هذه الجمعية من أحبائنا الذين قضوا ظروفاً صعبة ومرهقة في غرف التعذيب التابعة لنظام بهلوي لمدة ستة أشهر على الأقل قبل الثورة. قال إنّ العديد من الأصدقاء ذهبوا إلى الجبهات في بداية الثورة بسبب حبهم للشعب والثورة، واستشهدوا أو أصبحوا من المعوقين. واليوم تستمر هذه المنظمة في العمل، وأكثر ما يزعجنا هو الإهمال الثقافي الشديد بعد الثورة، والذي تسبب للأسف في نسيان المشقات والتعذيب الذي تعرض له المقاتلون قبل الثورة. وقد تقدم هذا الإهمال لدرجة أنّ رضا بهلوي يطالب بالحرية في البلاد ويدعي ذلك في أوساط الشباب.

وقال: هذا من أوضح أسباب عدم معالجة جذور الثورة بعد انتصارها وبعد التضحيات، وبالطبع جيل الشباب اليوم لا يعرف "ما هي الحمى التي أذابت جسدنا المعذب / وهنالك الكثير من الشفاه،  التي احترقت بدلا أن تبتسم". إذا اتضحت هذه الأمور، فإنّ أعداء هذا البلد لن يتمكنوا من الادعاء بالحرية.

تابع علي حسيني حديثه حول كيفية اعتقاله من قبل السافاك: تم اعتقالي عام 1974 بسبب عضويتي في جماعة أبو ذر الثورية. في عام 1973، تم اعتقال عدد كبير من أعضاء هذه المجموعة وتم تسليم ستة من أبناء الشعب الإيراني، تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عاماً، إلى فرق إعدام النظام البهلوي. عندما انتهت المحاكمة الأولى، لم يستأنف الثلاثة حتى هذه الأحكام. كل هؤلاء أحبوا الاستشهاد في سبيل مبادئهم. تم إعدام الستة بتوقيع شخصي لمحمد رضا بهلوي. في ذكرى استشهاد الستة، قررنا تنفيذ الإعدام بأحد عناصرهم الرئيسية انتقاماً من السافاك. في وقت سابق، تم اعتقالني أنا وأصدقائي. استولى السافاك على الأسلحة والذخيرة وكمية كبيرة من أدوات صنع القنابل، لكن لأنه لم يكن هناك قتل، لم يعدمونا، لكن ربما كان من الأفضل لنا أن نُعدم نحن أيضاً، لأنّ الثورات، ووفقاً لما قالته أختي "جميلة بوباشا"[2]، يصممها الفلاسفة، وينصرها عشاقها، ويقطفون ثمارها الإنتهازيون على أية حال، نأمل أن تتحقق الكثير من مُثُل الثورة التي تم تجاهلها، لأنّ نتيجة هذا الإهمال هي مطالبة الجلادين السابقين بقيادة الشعب.

واستمر في حديثه قائلاً: إنّ ظروف الشخص الذي يتم اعتقاله وهو في حوزته منشورات أو إعلانيات، تختلف اختلافا كبيراً عن ظروف اعتقال شخص من جماعة مسلحة بسلاح وذخيرة. استخدم السافاك أقسى أنواع التعذيب ضد مسلح لإفصاحه عن ما قام به والإفصاح عن باقي رفاقه. يمكن للأشخاص الذين يتعرضون للتعذيب البقاء على قيد الحياة لفترة قصيرة لأنّ السافاك كان يعلم أنه من أجل الحفاظ على سرعة عمله، كان عليه أن يمارس أكبر قدر من التعذيب على الفرد حتى يمكن التعرف على زملائه في الفريق.

وتابع علي حسيني قائلاً: بعد أيام قليلة من انتهاء تعذيبي الشديد، وفي يوم من الأيام تم إحضار شخص إلى زنزانتنا وكان معنا لمدة 24 أو 48 ساعة، وعرفنا أنه من السافاك وأنه جاء لعمل خطة صداقة، للتعرف علي معلومات لم نقلها للسافاك .لقد سُجنت في الزنزانة الأولى في سجن اللجنة المشتركة (متحف عبرة الحالي). ذات يوم فتح حارس السجن باب الزنزانة وأمرني بالخروج. خرجت وأنا أجر بنفسي من شدة الألم. فتح باب الزنزانة رقم 20 وتم نقلي. نظراً لأنّ الزنازين كانت مظلمة تقريباً وكان الضوء قليلاً جداً، رأيت شخصاً جالساً في تلك الزنزانة. ولما غادر السجان، سألني ما هو اسمك فأجبته أنني علي حسيني. تفاجأت وعندما رأى دهشتي سألني ما اسمك الأول؟ وأجبت محمد رضا. قال: أنا أيضاً إسمي سيد علي حسيني خامنئي.

وتابع: قبل شهرين من توقيفي، كان يلقي خطاباً في مسجد جاويد [3]، حيث ذهبت أيضاً لأسمع ما كان يقوله، لكن لم يُسمح له بالتحدث. نظراً لأنّ عدد رجال الدين الذين قاتلوا بجدية كانوا قلائل جداً، فقد عرفناهم جميعاً وأحببناهم. بعد ذلك، وقعت في حب وود آية الله خامنئي وجعلني أشعر بالفخر لوجودي معه. كانت حالتي البدنية سيئة للغاية وكان يعتني ويهتم بي. في الأيام التي لم نتعرض فيها للتعذيب، كان يعقد دروساً لنا ويفسر القرآن ونهج البلاغة.

وتابع علي حسيني حديثه على النحو التالي: ذات يوم اكتشف المحقق شيئاً مني لم أذكره في استجوابي. كان قد طلب من الحراس الذهاب وإخراج علي حسيني من الزنزانة رقم 20، وتعذيبه، وعندما يكون مستعداً، أخبرني حتى أتمكن من الحضور لاستجوابه. عندما فتح الحراس باب الزنزانة، طلبوا من علي حسيني الخروج. قال زميلي في الزنزانة إنني علي حسيني. تم إخراجه من الزنزانة وتعرض للتعذيب على طول الطريق. عندما يبلغ المحقق أنّ السجين جاهز وعندما يراه المحقق يبدأ بإهانة الحراس لتعذيبهم خطأ رجل دين معتقل لمحقق آخر وتقديمه إليه!

وتابع راوي البرنامج ما يتذكره عن محاكمته وقال: لم أحصل على محام في المحكمة ولأنّ المحكمة العسكرية كانت تحاكمنا، فقد عينت الحكومة نفسها محامياً تسخيرياً من الجيش. في المحكمة الأولى، تضمنت التهم الموجهة إليّ ست قضايا، منها الكفاح المسلح ومحاولة قلب نظام الحكم، والسطو والتفجير، وما إلى ذلك. بدأ المحامي يقول إنهم شبابا وهم جهلاء، وكل هذا تم بسبب تجهيلهم، ونطلب من المحكمة العفو عن هؤلاء الأشخاص. طلب مني رئيس المحكمة الدفاع عن نفسي إذا اضطررت لذلك. كما أخبرت رئيس المحكمة برفضي لما قاله المحامي بالدفاع عني، سأقبل جميع التهم الست. كان عمري أكثر من 18 بقليل في ذلك الوقت وحُكم علي بالسجن مدى الحياة في تلك المحكمة.

وتابع علي حسيني ذكرياته عن سجن القصر وقال: عندما كنت في العنابر 4 و 5 و 6 من سجن القصر، أدركت أنه كان تحت سيطرة منظمة مجاهدي خلق وأنّ هناك نظام سري معقد. قبل اعتقالي، كانت المنظمة قد أصدرت إعلانات عن رغبتها في تجنيد جماعة أبوذر، وأجبنا أننا سنتعاون ولكن لن ننضوي تحت المنظمة. عندما دخلت السجن، جاءني أحدهم وقال إنني مسؤول عنك وأنه كان يعلمني ويبحث معي بعض القضايا. بعد شهر أو شهرين من الجدال والبحث معه، حصل خلاف وبدأ شخص آخر في العمل كمديري. بعد شهرين، تغير هو الآخر، وبعده لعب يعقوبي [4] هذا الدور. جادلني لفترة، وعندما لم يستطع فعل أي شيء، تمت مقاطعتي في السجن.

وتابع الراوي: من الأمور المهمة في السجن هي المقاطعة. كانت هذه من التكتيكات الثقيلة التي استخدمها المنافقون في السجن لتحطيم النفسية. يتم إنشاء سجن لشخص في السجن نفسه، وبالضغط الذي مارسوه على السجين حاولوا إجباره على الاستسلام ثم أعلنوا للجميع أنه من ليس معنا ولا يمكنه الاستمرار في طريق معتقداته. حتى عام 1976، كنت في مقاطعة. تمت مقاطعة العديد من الأشخاص الآخرين، لكن لم يكن أحد منا يعلم بذلك. كان أشخاص مثل جواد منصوري ورضا منصوري وأحمد نصري وغيرهم من بين هؤلاء الأشخاص الذين تمت مقاطعتهم جميعاً لكنهم اعتقدوا أنهم وحدهم وأنّ باقي الناس كانوا مع التنظيم. خلال شهر رمضان عام 1976، سُمح لنا مبدئياً بالنوم في الفناء ليلاً وتجهيز المائدة عند الفجر والإفطار، لكن بعد أيام قليلة قيل لنا إنه لا يحق لأحد الاستيقاظ وإعداد المائدة قبل الفجر. لأنه كان وصمة عار بالنسبة لنا، تحدثنا لبضعة أيام للتوصل إلى نتيجة، أدركنا للتو أن حوالي ثلثي منا قد قاطعتهم المنظمة.

وتابع علي حسيني حديثه: في ذلك العام أصدر بعض العلماء في سجن إيفين فتوى تنص على نجاسة الشيوعيين. حتى ذلك الحين، عندما يحضر الزوار اللحوم أو الفاكهة والطعام، كان شخص واحد يأخذ كل شيء وسنأكله معاً، ولكن بعد ذلك فصل المسلمون مائدتهم عن الشيوعيين، وأصبحوا أعضاء منظمة مجاهدي خلق والشيوعيين معاً. وانفصل المسلمون عنهم.

أنهى الراوي حديثه بذكرى من الليلة الأولى لشهر فبراير 1979. وقال: بحلول ذلك الوقت، كان السجناء السياسيون قد أُطلق سراحهم، ولم يبق سوى 180 من السجناء السياسيين في جميع أنحاء البلاد. فتح الحراس باب الزنزانة بعد المغرب بقليل ووصلنا إلى خلف باب السجن الكبير. لقد تسلق العديد من الناس الجدران من خارج السجن، وربما لو لم يطلقوا سراحنا خلال نصف ساعة، لكانوا قد استولوا على السجن. كان الأمر صعباً على أي حال، ورغم ضغط الحشد، تمكنا من الخروج من السجن.

-----------------------------

[1] شعر من محمدي زهري.

[2]جميلة بوباشا (مواليد 10 فبراير عام 1938م) كانت عضواً في جبهة التحرير الوطني الجزائرية.

[3] يقع مسجد جاويد في طهران في شارع شريعتي (شميران قديم)، حي الشهيد جوهرجي، وقد  حوّله الدكتور مفتح إلى مكان لتجمع وتنظيم القوات المسلمة والثورية.

[4] برويز يعقوبي، من مواليد 1935م، كان عضواً رئيسياً في منظمة مجاهدي خلق.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3499


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة