قصة حرب يرويها أستاذ إيراني في أمريكا

ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-10-18


أستاذ العلاقات في جامعة إيلنوي الشمالية مهدي سمتي:

هذه هي قصة محمد ج، كان من أفضل أصدقائي و قد قتل في فترة حرب العراق و إيران، حاضر في القسم الأيسر من الصورة بجانب الشخص النحيف ( أنا) ، و حاضر في هذه القصة .

في الإسبوع الماضي كانت ذكرى حرب إيران و العراق ( 1988-1980 ) ، كان الإعلام الحكومي يقرأها ( الدفاع المقدس ) و يغطيها.

مزجت الروايات الحكومية في إيران عن الحرب و ما حدث في تلك الأعوام بصياغة أسطورية، و خارج حدود هذه الروايات الممزوجة هناك الخطاب العسكري و الجيوسياسية و الأكاديمي.  كلا منهما تبتلع واقع الحرب كما عاشها الجنود و عوائلهم. و رغم أننا نؤمن بقدسية البطل، و لكن الصياغة الأسطورية تشعل ضوء يعمي أعيننا عن رؤية الألم و تقطع القلوب و حرقة الصدور بل و حتى القصص الواقعية للبطولة و الإيثار.

لم تسائل قصص جنود الجيش الإيراني، الذين هم جزء أساس في تشكيل تاريخ ذلك النزاع و التاريخ المعاصر الإيراني. كنتُ أحد هؤلاء، كنت أحد الجنود، الكثير من رفاقي لم يعودوا أحياء ليرووا قصصهم. في هذا السرد القصير أريد تقدير ذكراهم و إيثارهم و عوائلهم.

هذه الرواية الموجزة هو قصة شخص، هي تجسيد فرد كان صديقي و فقدته في الحرب .

حين دخلت الثانوية تعرفت هناك على محمد، كان كل منا عضو في فريق كرة القدم، هناك رأيته، كان نشطا جدا يحمل الحزام الأسود في الجودو و لاعب كرة قدم من الدرجة الاولى. كان شابا قويا، لا مثيل له في النزاهة و كرياضي مقتدر كان من أكثر الناس عفافا. كان مرحا و في بعض الأحيان لديه مزح عجيبة و غريبة، قضينا الكثير من الوقت سويا، رأيت عائلته و عرفتها، أمه و أخته و إحدى خالاته و أخاه الصغير، نقضي الكثير من الوقت في المطاعم، كان يفرح بالطعام، أجمل ما لديه الحصول على طاولة نظيفة جدا أو مطعم على مستوى جيد.

أرسلنا أنا و محمد الى الخدمة العسكرية في الجيش الإيراني ( الخدمة العسكرية فترتها عامين ) ، و لكن عزلنا في وحدات و جبهات مختلفتين، كل شهر نحصل على إجازة مدتها لا تتجاوز العشر أيام و نعود للمنزل. بعيدا عن جبهة القتال كانت أيام الخميس حزينة و مشوشة لنا لأنها كانت الأيام المخصصة لتشييع جنائز قتلى الحرب .

في فترة إجازتي كنت أزور بيت محمد لكي أستقصي خبر رجوعه، دائما أرجع يدي قبل الضغط على الجرس، يتصاعد من بطني إحساس ملعون أن يوما سيأتي ليخبرني شخص بموته، هل تعرف ، هذا الشعور لازمني، و في كل مرة أركب فيها القطار للعودة الى جبهة القتال أول سؤالي من جنود القطار هو :

( حين سافرت من قتل ؟ ) و لكن حين يرتفع صوت جرس بيتهم كانت أمه عادة هي من تفتح الباب و تخبرني عنه و عن بطولاته.

مرت أشهر و كنت سالما من الناحية الجسدية و لا بأس بروحيتي، كنا على علم بالجروح التي سببناها لوالدينا، كلما ودعناهم للعودة الى الجبهة نرى الحزن في أعينهم .

و لكن جاء يوم، دعوني أذكره من البداية، جاء يوم مخيف ، ضغطت على جرس البيت، انتظرت لدقائق و ضغطت على الجرس مرة أخرى. فتحت أمه الباب ما إن رأتني بكت، كانت الدموع تجري على خديها و سألتني : ( مهدي أين محمد؟ ألم يكن صديقك المقرب؟ لماذا لم تحضره معك للبيت؟ ) لا يهم كم كان الموقف صعبا، و لكن هذا أمر لا يستطيع أي جيش أن يعدّك لمواجهته، لا شئ يستطيع ذلك، يجرح روحك و يعذبها.

لم استطع لملمت نفسي لأبادلها الحديث، يجب الرحيل، و دون أن أودعها تركتها، كانت الكلمات معتمة، أنهيت خدمتي العسكرية، خرجت منها سالما، كانت روحيتي مستقرة على عكس الكثير من رفاق الخندق، غادرت إيران ذاهبا الى الولايات المتحدة، في فترة الجبهة و حين كان الوقت يمر ببطئ قرأت اللغة الإنجليزية مهيأ نفسي لدخول الجامعة في الولايات المتحدة، كان طريقا لإيصال الملل المخيم و التريب الى أقل حد ممكن، مع مرور الأعوام و كلما عدت الى إيران لم أملك القوة الكافية للذهاب الى بيت محمد و رؤية عائلته، أظن أني لا أملك القوة الكافية لرؤية أمه.

كان شهر مايو حين خطرت في بالي البحث في الفيسيوك عن أحد أقارب محمد، وجدت أحد أقاربه، ربطني بأخيه الصغير و يعمل حاليا محامي، أرسلت له رسالة إلكترونية و أخبرته أنني في نهاية شهر مايو سوف أزور إيران، في فترة إقامتي في إيران جاء في إحدى الليالي الى بيت والدي بسيارته و خرجنا سويا لتناول العشاء، كان الأمر صعبا، ليس فقط من أجل مواجهة الماضي الذي يحضر و يغيب، مازال تاريخ ثقيل يقف على كتفي، و لكن من أجل أني لم أكن أواجه ماض انتزاعي، تاريخ إنتزاعي، قد أرى الماضي مع مراحله الذي أعرفه من قريب ما الذي فعله ؟

رأيت محمد في عيني و ابتسامات و ضحكات أخيه، للحظة فرحت و أخرى حزنت، فعلت المستحيل لكي لا أبكي، سألته عن أمه، كانت قد فارقت الحياة، و أبوه أيضا و كذلك الخالة و أخته. كأنهم كلهم على عجلة في الرحيل. كما علمت كان موت محمد أكبر من أن تتحمله أمه.

سمعت من الأصدقاء أن أم محمد قالت شعرا بعد سماعها بموت ابنها، سوف يأتي اليوم لأتشجع و أسأل عن ذلك الشعر، شعر أم قتل ابنها في الحرب مع قصص كثيرة يمكن ابتلاعها عبر الانتزاع.

سأستعد في يوم لهذا الشعر، حتى لو جرحت روحي.

يمكنني الجلوس في حداد أو أجلس بقرب حياة جميلة، صديقي الثاني يريد أن أحتفل من أجله.

المصدرالفارسي



 
عدد الزوار: 7752


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة