ليلة الذكرى 369 - ١
الإعداد: موقع تاريخ إيران الشفوي
المترجم: السيد محسن الموسوي
2025-10-1
أُقيمت ليلة الذكرى الـ 369 في 26 من يونيو 2025، تخليدًا لذكرى شهداء الهجوم الإسرائيلي، في مركز فنون الثورة الإسلامية. وفي هذا البرنامج، قام كلٌّ من السيد عباس حيدري رابوكي، والسيد أمير عبداللهي، والحاج جواد علي جلي ببيان ذكرياتهم. وكان داود صالحي مقدّم مراسم هذه الليلة للذكرى.
■
الراوي الأول للمراسيم هو أحد سكان ميدان خراسان القدامى، وسائق محترف للدراجات النارية قبل الثورة. مارس في شبابه ركوب الدراجات النارية في تلال منطقة غيشا. في تلك الأيام، التقى بالشهيد الدكتور مصطفى شمران ومجموعته. في لقاء مع متطوعين من سائقي الدراجات النارية، نطق شهيد شمران بجملة مؤثرة: "يا رفاق! هل تستطيعون أداء هذه الحركات الدرامية التي قدمتموها بشجاعة وقلبٍ نابض، حتى لو كنتم في جبهات القتال؟" من هذا المنطلق، تبلورت فكرة تشكيل مجموعة من متطوعين من سائقي الدراجات النارية للمشاركة في جبهات القتال. تعود هذه القصة إلى وقت لم يمر فيه سوى 45 يومًا منذ بداية الحرب ولم يتم تشكيل أي منظمة عسكرية محددة مثل فرقة، سرية، أو كتيبة.
أكمل السيد عباس حيدري، راوي هذا القسم، فيما بعد تعريفًا بنفسه وظروف معيشته، قائلًا: أنا ابن ساحة خراسان. وُلدتُ في شوش وعشت فيها حتى بلغتُ العاشرة من عمري. آنذاك، كان منزلنا يقع في كود زنبورك خانه وكود العرب ؛ وهو المكان نفسه الذي بُني فيه ملعب كارغار الآن. وللتدقيق أكثر، نشأتُ في قلب مفترق طرق سوسكي. انتقلنا إلى شارع قياسي وأنا في العاشرة من عمري. في تلك الأيام، لم تكن شوارع مثل نادر وعارف قد بُنيت بعد. عند النزول من مفترق طرق عارف، كانت الصحراء تملأ المكان، وكانوا يزرعون الخيار والطماطم.
كان جيراني وأصدقاء طفولتي أشخاصًا مثل إبراهيم مالي، وأمير منجر، وقاسم تشكري، وياسر نقوي، وغلام حسين أفشردي. نشأنا معهم، ولعبنا معهم، وكنا أصدقاء. لاحقًا، استشهدوا جميعًا واحدًا تلو الآخر؛ بعضهم في كردستان وبعضهم في الجبهات الجنوبية.
تابع الراوي: بصراحة، كنتُ بذيء اللسان منذ البداية وأتحدث بتهور. بالطبع، لو سألتَ أي شخص في الحال، لوجدتَ أنه ليس أفضل مني. كان والدي سائق شاحنة. كان أميًا ولم يحصل على رخصة حتى توفي عن عمر يناهز 83 عامًا، وكان يقود بدون رخصة. كان أخي أيضًا سائق مقطورة. عندما كان يقود السيارة ويريد دفع أحد بعيدًا عن طريقه، كان يُخرج رأسه من النافذة ويُكمل عمله بالصراخ وإيماءات اليد والوجه. باختصار، نشأنا في عائلة كهذه.
تخيّلوا الآن شخصًا مثلي، بهذه الخلفية ونمط الحياة، يدخل الجبهة ويلتقي بشخص مثل الدكتور مصطفى شمران في مقر قيادة الحرب غير النظامية. كان هذا بحد ذاته إنجازًا عظيمًا. في تلك الأيام، لم يمضِ وقت طويل على الثورة. كانت الحرب قد بدأت للتو. لم تكن الثقافة الإسلامية قد ترسخت بعد في المجتمع. كان البعض لا يزال منخرطًا في نمط الحياة ما قبل الثورة. أصبح الشادور رائجًا أيضًا، ولكنه ليس الشادور الإسلامي الحقيقي؛ بل هو نوع من الملابس العصرية والسطحية. تدريجيًا، ومع مرور الوقت ووجود رجال الدين وتشكيل المؤسسات العقائدية والسياسية في الجبهات، أخذت الأدعية قبل العمليات أجواء روحية. تغيرت أجواء الجبهات، وأصبحت حرب الإمام الحسين تحديدًا!
تابع الراوي: "في بداية الحرب، لم يكن هناك خط دفاع واضح على الإطلاق. لم تكن هناك السواتر الترابية أو الخنادق. كان هناك جنود يقاومون مع الشعب في خرمشهر. كان هناك لواء أو لواءان متمركزان في الأهواز، مثل اللواء الثاني في دزفول، الذي دُمّر تقريبًا أيضًا وكان يُعاد بناؤه. في تلك الظروف، كان أفضل خبرٍ بثّه الراديو والتلفزيون هو أن "مجاهدي الإسلام نجحوا في دحر قوات العدو في المنطقة الفلانية". لم تكن هناك عملياتٌ جادة ولا قوة هجومية تُذكر. وإن وُجدت، فلم تكن في الأهواز.
بعد لقائنا بالدكتور شمران، انطلقنا إلى الأهواز مع مجموعتنا من راكبي الدراجات النارية. في الطريق، تعطلت إحدى السيارات. بالطبع، كنا في غاية السعادة والبهجة لدرجة أننا أصلحنا السيارة على الفور وركبناها وواصلنا طريقنا. وصلنا إلى الأهواز بالسيارة نفسها. لم نكن قد وصلنا المدينة بعد عندما رأينا الناس يغادرونها بأعداد غفيرة، في سيارات متنوعة، وشاحنات صغيرة، وحتى سيارات شيفروليه. وكما يُقال، كل من استطاع كان يحزم حقائبه ويهرب. وكانوا على حق؛ فكثير منهم لم يرَ رصاصة واحدة عن قرب حتى ذلك اليوم، والآن وصلت المدفعية والقذائف قرب بيوتهم. كان العدو قد تقدم إلى مفترق طرق سوسنغرد، وكانت منازل الناس تحت نيران القصف. عندما دخلنا الأهواز، شعرنا وكأن بعوضة واحدة لا تطير. كانت المدينة شبه خالية. أخذونا في حافلة إلى مدرسة. قالوا: "انزلوا، من هنا فصاعدًا، هذا مقركم المؤقت".
عندما دخلنا المدرسة، رأينا دراجاتنا النارية قد سبقتنا، واصطفت في زاوية الساحة. كنا نحمل معنا ستًا أوسبعا وعشرين دراجة نارية، منها عشر دراجات جديدة، والبقية مخصصة لدراجات سباق؛ وهي نفسها التي كنا نركبها في ساحة سباق شابور وتلال غيشا. بطبيعة الحال، أول ما فعلناه هو ركوب دراجاتنا النارية والتجول في ساحة المدرسة. قفزنا، واستدرنا، وتناوبنا. وباختصار، ركبنا حتى تعبنا ونزلنا.
عند الظهر، قالوا: "الغداء جاهز". ذهبنا لتناول الغداء، وقدموا لنا ماش بلو. قال البعض إنه ليس ماش بلو، بل ساشمه بلو! قال أحدهم إنه لن يأكله. صاح السائق: "ألا تأكل ؟ هذا لا يهمنا! ليس هنا منزل أمك!" بعد خمس دقائق، عاد الأشخاص أنفسهم وقالوا: "أعطني طبقًا آخر، أنا جائع!"
تابع الراوي: بعد أيام قليلة، جاء مساعد الدكتور شمران إلينا. نحن رأيناه و قلنا: يا إلهي! إنه ناصر فرج اللهي، شاب من حينا. كان منزله في شارع ساري، وهو زقاق يؤدي إلى الشارع الرئيسي. كنا أصدقاء منذ ما قبل الثورة. تقدمتُ حتى رأيتُ ناصر وقلتُ: "يا رفيقي، هذا المقر للحرب غير النظامية لا ينفعنا!" حسنًا، كان ناصر يعلم أننا لسنا من هواة القتال؛ كنا جميعًا نبحث عن ركوب الدراجات النارية والتفاخر وما إلى ذلك. ضحك وقال: "عباس! ماذا تفعل هنا؟" قلت: "جئت لأركب دراجة نارية".قال: "أنا أيضًا مع الدكتور شمران. أنا نائبه". قال: "الدكتور يعلم بوصولكم. فقال: اجمعوا راكبي الدراجات النارية وأحضروهم إلى المقر لأراهم". ركبنا الدراجات بسرعة وواصلنا الطريق إلى مقر الحرب غير النظامية.
كان المقر الرئيسي يقع في القصر القديم لحاكم خوزستان. ولأن المدينة كانت مهجورة ولم يكن فيها من يعتني بها، استولى الدكتور شمران ورفاقه على القصر، الذي كان خاليًا، وبدأوا بتنظيم الأمور من هناك. كان الجميع يعيشون في الفناء والغرف نفسها. لم يكن المقر الرئيسي قد شُكِّل بعد. لم يكن هناك منزل، بل كانت الغرف قيد الإعداد فقط.
عندما دخلنا من المدخل، كان هناك شارع رئيسي، عليه لافتات على جانبيه. بدأنا ندور ونتفاخر. أحدثنا ضجيجًا كبيرًا، ندور هنا وهناك، ونقفز هناك. والمقر كانت تعلو فيه أصواتنا. فجأة قالوا: "كفى، توقفوا. الدكتور هنا!" توقفنا. رأينا الدكتور شمران قادمًا من بعيد، والسيد أبو الفضل كاظمي يقف بجانبه، وناصر فرج اللهي هنا. ساد الصمت بيننا جميعًا. كان هناك بضعة أشخاص. جميعهم يرتدون زيّ الكوماندوز. قلنا: "هؤلاء أناسٌ كاذبون، واشتروا الملابس من الجمرك!"
تقدم الدكتور بجلالته وهدوئه المعهود. نظر إلينا ثم إلى الآخرين. فقال: "يا أعزائي! هل أتيتم إلى الجبهة لركوب دراجة نارية، أم تريدون استخدامها في الحرب؟" كنا في حيرة من أمرنا. رأيناه يتحدث بكلمات تعلو مكانتنا، لكننا لم نفهم ما يقوله. كانت كلماته رسمية. عندما كان يتحدث، بدا صوته كصوت من يقرأ جريدة. لم يكن يجيد التحدث بالفارسية بطلاقة مثلنا! كان من الواضح أنه قرأ الكثير من الكتب. لم يكن يجيد التحدث كما نتحدث في الشارع.
تابع الراوي: "كان لدينا مشرف، يُنادونه حسين طاهر زاده، وكان يُعرف في الحي باسم حسين لانتوري. ويتدخل في كل أمر وموضوع. عندما رأى الأجواء لا تناسبه، قال: "يا دكتور! لقد أحضرنا هؤلاء الرفاق إلى هنا للحرب. متى شئت، يمكننا أحضار الآخرين من حيّنا." نظر إليه الدكتور وقال: "أحضرناكم لمساعدة الجبهة بدراجاتكم النارية." ثم قال للسيد أبو الفضل: "هيا بنا نأخذهم إلى المعسكر وندربهم." ظننا أن الموت يحيط بنا! قلنا إننا سنصبح بالتأكيد قوات خاصة، أو مظليين، أو الكماندوز! والآن بوصفنا سائقي دراجات نارية، ما أجمل ذلك! أخبرنا كل من قابلناه أننا تحت إشراف الدكتور شمران. أحضرنا دراجاتنا النارية للصيد؛ فنحن صيادو الحرب أساسا. لقد جعلنا نشعر وكأننا من الشخصيات الهامة، بطريقةٍ ما!"
يتبع...
عدد الزوار: 40








جديد الموقع
الأكثر قراءة
ضرورة تلقي رد الفعل في التاريخ الشفوي
عندما نمارس نشاطًا ما، نتوقع أن نُقيّم بطريقة ما. وبهذا، نزيل عيوبه ونُضيف إليه إيجابياته. ولن يحدث هذا إلا بمساعدة التغذية الراجعة التي يُرسلها لنا الآخرون. في سياق أنشطة التاريخ الشفوي، نحتاج أيضًا إلى تلقي تغذية راجعة دقيقة ومبدئية لتعزيز نجاحنا في العمل.ليلة الذكرى ٣٦٧ - ٥
كان الراوي السادس للبرنامج هو الجنرال يحيى رحيم صفوي، مساعد ومستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس معهد أبحاث علوم الدفاع المقدس والتعليم للشهيد سليماني. وشرح أهمية بيان الذكريات، وقال: بعد الحرب، تجنبتُ سرد ذكريات الحرب. سألني قائد الثورة عدة مرات، "لماذا لا تروي ذكرياتك؟"التاريخ الشفوي بأي منهجٍ؟
من وجهة نظر عامة، يبدو أن التاريخ الشفوي يمكن النظر إليه من ثلاثة مناهج. النهج الأول هو اعتبار التاريخ الشفوي أسلوبًا أو أسلوبًا لجمع المعلومات. في هذا النهج، يُفترض أن يكون التاريخ الشفوي مثلثًا، أحد أضلاعه هو المُقابل، والجانب الثاني هو المُقابل أو المؤرخ الشفوي، والجانب الثالث هو وسيلة النقل أو التسجيل الصوتي أو البصري التي تُنشئ وتُحقق التفكير بين المُقابل والمُقابل.ليلة الذكرى 369 - ١
أُقيمت ليلة الذكرى الـ 369 في 26 من يونيو 2025، تخليدًا لذكرى شهداء الهجوم الإسرائيلي، في مركز فنون الثورة الإسلامية. وفي هذا البرنامج، قام كلٌّ من السيد عباس حيدري رابوكي، والسيد أمير عبداللهي، والحاج جواد علي جلي ببيان ذكرياتهم. وكان داود صالحي مقدّم مراسم هذه الليلة للذكرى. الراوي الأول للمراسيم هو أحد سكان ميدان خراسان القدامى، وسائق محترف للدراجات النارية قبل الثورة.أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"
أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
