تأمل في العلاقة بين التاريخ الشفهي وعلم الاجتماع التاريخي

حميد قزويني
المترجم : السيد محسن الموسوي

2025-4-13


علم الاجتماع التاريخي[1] هو فرع من فروع علم الاجتماع الذي يهتم باتجاهات وتطور البنى الاجتماعية في التاريخ من منظور عقلاني ونقدي وإبداعي.

هذا النوع من العلوم، وهو مزيج من التاريخ وعلم الاجتماع ومن بين الفئات متعددة التخصصات، يدرس الهياكل والعمليات والتطورات الاجتماعية في سياق الزمن.

إذا اعتبرنا أن الغرض من الدراسات الاجتماعية هو قياس تأثير المجتمع على تصرفات الناس، وبعبارة أخرى، فإنها تسعى إلى إيجاد القواعد التي تحكم سلوك الإنسان من أجل اكتساب القدرة على التنبؤ بالأحداث الاجتماعية والسيطرة عليها بمساعدتها.كما يحاول التاريخ معرفة الأحداث والجوهر الأساسي للظواهر من خلال المصادر.[2]

وبطبيعة الحال، من خلال الجمع بين هذين الأمرين، يتشكل علم الاجتماع أن العلم هو الجواب على كيفية عيش المجتمعات وتغيراتها عبر التاريخ.[3]

ببساطة، علم الاجتماع التاريخي هو دراسة الماضي لفهم كيفية عمل المجتمعات وتغيرها. علم الاجتماع التاريخي محل اهتمام المؤرخين وعلماء الاجتماع الذين يدرسون التأثير المتبادل للماضي والحاضر، والأحداث، والعمليات، والنشاط والهيكلة.[4]

الآن، علينا أن نرى ما إذا كان التاريخ الشفهي يمكن أن يساهم في تعزيز علم الاجتماع التاريخي من خلال جمع البيانات النوعية الدقيقة والخشنة. هل من الممكن مساعدة علم الاجتماع على فحص التجارب الحياتية من خلال تسجيل ذكريات الناس وملاحظاتهم وأفعالهم؟ تجارب وتفاصيل الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية وتأثير البنى الاجتماعية والتاريخية التي لا يتم تسجيلها في الوثائق والمراسلات الرسمية.

يبدو أن التاريخ الشفهي لديه القدرة على إعطاء عمق أكبر لمعرفة علماء الاجتماع. على سبيل المثال، فإن إجراء مقابلات مع أشخاص حاضرين في الثورة الإسلامية أو الدفاع المقدس أو أي حدث تاريخي آخر يزود الباحثين بمعلومات عميقة ومباشرة عن حياة الناس وأوقاتهم وعلاقتهم بنفس الحدث وتأثيراتهم الاجتماعية والنفسية على مستوى المجتمع.

تتميز بيانات التاريخ الشفهي بمرونة عالية بسبب طابعها غير الرسمي وتنوعها. توفر هذه البيانات إمكانية تحليل قضايا مثل الهوية والمقاومة الاجتماعية والتغيرات الثقافية في شكل متعدد الأوجه. من خلال جمع تجارب الناس حول التغيير الاجتماعي، يساعد التاريخ الشفهي علم الاجتماع التاريخي على تعميق فهمنا للاتجاهات طويلة المدى وكيفية تأثير الهياكل الاجتماعية على حياة الناس والعكس صحيح.

يخلق هذا الارتباط فهماً أعمق للعلاقات الاجتماعية والتاريخية. ويمكن لهذين الاثنين معًا تكوين صورة أكثر شمولاً للتطورات الاجتماعية. يساعد التاريخ الشفهي على تحليل العمليات الاجتماعية ليس فقط من منظور النخب والهياكل الكلية، ولكن أيضًا من منظور الأشخاص الذين شهدوا هذه التغييرات. ويمكن لهذا النهج التصاعدي أن يسد الفجوات في التحليلات الكلية البحتة.

من خلال توثيق الروايات الفردية، يساعد التاريخ الشفهي علم الاجتماع التاريخي على تحليل التفاعل بين القرارات الفردية والضغوط الهيكلية، مثل دراسة تأثير سياسات الاقتصاد الكلي على الحياة اليومية لمختلف فئات المجتمع من خلال المقابلات الشفهية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التاريخ الشفهي، من خلال التركيز على الروايات الفردية، يساعد على دراسة مدى تأثير العامل البشري في تشكيل التطورات التاريخية والاجتماعية.

ومن ناحية أخرى، لا توفر الوثائق المكتوبة والمصادر الرسمية عادة معلومات كافية عن الفئات المهمشة أو الأقليات أو الشرائح الأضعف في المجتمع؛ يعوض التاريخ الشفهي هذا النقص ويساعد علم الاجتماع التاريخي في الحصول على صورة أكثر اكتمالا للمجتمع.

كما يعد التاريخ الشفهي مصدرًا غنيًا لتحليل الثقافة الشعبية والتغيرات في نظام القيم. ويمكن رؤية مثالها في مجموعة الذكريات الشفهية حول التقاليد والمعتقدات الدينية في المجتمعات المختلفة وتغيراتها مع مرور الوقت.

وبهذا يمكن اعتبار التاريخ الشفهي مكملاً لعلم الاجتماع التاريخي وأداة موثوقة له، مما سيكون له دور فعال في تعميقه.

 

النص الفارسي

 

[1]  - Historical sociology.

[2]  -  توسلي، غلام عباس، نظريات علم الاجتماع، طهران، سامت، ١٣٧٦، ص ٥٢.

[3]  -  أكبري، يونس وشهرام أردشيريان، "علم الاجتماع التاريخي: المفاهيم والنظريات والمناهج"، تاريخ الخوارزمي - فصلية علمية متخصصة -، السنة الأولى، المجلد الثالث، ربيع 2013، ص1.

[4]  -  سميث، دنيس، نشوء علم الاجتماع التاريخي، ترجمة هاشم آغاجاري، طهران، دار مارفاريد للنشر، 2010، ص16.



 
عدد الزوار: 25


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة