أسرار الحرب المفروضة حسب رواية الأسرى العراقيين -18
مرتضي سرهنكي
ترجمة: حسن حيدري
2022-10-28
في بداية الحرب المفروضة، استمتع الجنود العراقيون كثيراً. كانوا مرتاحين لدرجة أن القادة كانوا يقيمون مآدب في المقر في الليل. ذات مرة، وفي إحدى هذه المآدب التي أقيمت في وحدة الملازم طه عبد الله، ذهب هذا الضابط المجرم بنفسه وأحضر رأسي بقرتين تعودان لأهالي قرية عين خوش، وذبحهما بمساعدة جنود المطبخ، وأعد مائدة الترف لقادة الوحدات الأخرى. وبحسب وجهة نظر قائد الجيش، فإنه يتمتع بالسلطة الكاملة وكان له الحرية في القيام بأي عمل حسب تقديره دون أن يجرؤ أحد على إزعاجه. وذات يوم أمر بهدم أحد منازل القرية واستخدام عوارضها الخشبية لصنع مظلة مؤقتة لنفسه.
لقد تحمل بلدكم الظلم والإضطهاد الكبيرين في هذه الحرب المفروضة من قبل العدو البعثي.أنا كجندي إحتياط، شاهدت زاوية صغيرة منها قمت بتعريفها لكم.إذا لم تشعر بالملل،سأسرد لك قضايا أخري أيضاً.
ذات يوم، تُركت جثة ضابط إيراني شهيد على الأرض في نفس الجبهة في عين خوش. قلت لأحد أصدقائي: "لنذهب لدفن ذلك الضابط" .استعدنا وتوجهنا إلى الجثة ودفننا جثمان ذلك الضابط بجهد كبير.في الليل جاء أحد الضباط إلى ثكنتنا. كان اسم ذلك الضابط حسن. قال: علمت أنكم دفنتم ضابطا إيرانيا. أين قبره؟ قلت في نقطة معينة. أمرنا بأخذ المعول والفأس والذهاب إلي هناك. عندما وصلنا إلى تلك النقطة، أمرنا الملازم حسن بحفر القبر مرة أخرى وإخراج الجثة. فعلنا ذلك الأمر باشمئزاز وأخرجنا جثة ضابطكم.جلس الملازم حسن فوق الجثة وأفرغ جيوبه. قام بفصل بعض النقود وصورة وخاتم وساعة وحذاء من ضابطك الشهيد وقال: "لا داعي لدفنه بعد الآن" .دعه يصبح فريسة الكلاب. هيا لنذهب من هنا".
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. لا أستطيع النوم بعد ذلك المشهد المروع. قلت لصديقي، "على أي حال، علينا دفن ذلك الجسد مرة أخرى." قبل بذلك وذهبنا معاً مرة أخرى ووضعنا جثة ضابطكم في نفس القبر وعدنا إلى الخندق. اسمحوا لي أيضاً أن أقول هذا: حتى لا يفهم الجنود الآخرون أننا ندعم الجمهورية الإسلامية ونؤيدها، لقد فعلنا ذلك دون أن يلاحظ أحد وشعر ضميرنا بالارتياح.
ذات يوم كنا قادمين من منطقة جسر نادري. كانت أسوق شاحنة المطبخ. وعلى جانب الطريق، رفعت امرأة عجوز مشردة يديها وتوسلت إلي أن أركن السيارة هناك. بعد ما شاهدت ذلك المشهد،توقفت علي الفور. كانت المرأة العجوز تئن من شدة التعب والإرهاق. كان الوضع فوضوياً. تقدمت وقالت لنا إنها تريد بعض الخبز - لها ولأطفالها. أعطيتها كمية من الخبز من داخل الشاحنة وغادرت السيدة العجوز.عندما كنت على استعداد للمغادرة، جاء جيب ضابط وتوقف بجانب الشاحنة. تعرفت عليه عندما نزل. كان ضابطاً اسمه "حسين شميل" .لقد رأى أنني قد أعطيت كمية من الخبز للسيدة العجوز.
تسبب تقرير الضابط نفسه إلى السلطات العليا في سجني لمدة خمسة عشر يوماً. حيث لم أشعر بالضيق والإكتئاب في السجن. كنت مرتحاً جداً لأنني اعتقدت أنني قمت بعمل إسلامي وإنساني.
ذات يوم تم استدعائي إلى المقر.لقد أرادوا استجوابي لأنهم اكتشفوا أنني كنت أروج لصالح جمهوريتكم الإسلامية. ذهبت وأجبت على بعض الأسئلة. أنكرت كل شيء. عندما خرجت من المقر رأيت ثلاثة جمن قوات الحرس الثوري مقيدي العيون والأيدي عائدين من الاستجواب. كل من وصل إلي ذلك المكان أهانهم. سألتهم: "من هؤلاء؟" قالوا: إنهم من الحرس الثوري جاءوا لعملية تسلل. رغم أن الأفراد كانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، فقد قاموا بمضايقتهم وضربهم على رؤوسهم وركلهم بشدة. تم أخذهم بعيداً عنا ولم أعد أعرف عنهم بعد الآن.
عدد الزوار: 1918
جديد الموقع
الأكثر قراءة
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.