نظرة على كتابين يربطان مذكرات الحاج صادق آهنكران

راوي واحد، نصّان

حميد قزويني
ترجمة: حسين حيدري

2021-04-10


التاريخ الشفوي، وفي معظم الحالات المذكرات الشفوية، التي غمرت حمى العديد من دور النشر والمعاهد الثقافية والبحثية هذه الأيام، هي مسألة ثقافية وبحثية بقدر ما هي مدعاة للقلق والأسف في بعض الحالات.

لتوضيح الموضوع وبدون مقدمة طويلة، أشير إلى عملين تم نشرهما مؤخراً بواسطة ناشرين مختلفين بناءً على مذكرات شخص واحد.

الكتاب الأول (بانواي كاروان)، رواه محمد صادق آهنكران، هو من ضمن مجموعة التاريخ الشفهي للدفاع المقدس، والذي نشر عام 2020م بجهود "محمد مهدي بهداروند" في 439 صفحة من قبل مركز التوثيق والبحوث الدفاعية للدفاع المقدس.

صدر الكتاب الثاني (آهنكران) مذكرات الحاج صادق آهنكران في مجلدين (الأول 719 صفحة والثاني 497 صفحة) عام 2020م بجهود "علي أكبري مزدآبادي" من قبل دار يازهراء للنشر.

اسم صادق آهنكجران رائع ومثير لأي شخص مهتم بتاريخ الدفاع المقدس، ويخلق الكثير من الدوافع لمعرفة كيف تبدو هذه الشخصية الثقافية والدعاية لحقبة الحرب في تلك السنوات وما هي الملعومات الجديدة التي يمتلكها عن الحرب. من أجل أن يفهم الجمهور عن الدفاع المقدس، ساعد أكثر من أي وقت مضى  في ذلك، لأنه قيل دائماً أنّ التاريخ الشفوي هو وسيلة لزيادة الفهم التاريخي للماضي.

للوهلة الأولى، ومن خلال الإشارة إلى مقدمة الكتاب، من المتوقع أن يتعرف الجمهور على طريقة وعملية تشكيل العمل وقراءة نص الكتاب بالمعلومات التي تم الحصول عليها منه.

لسوء الحظ، فإنّ المقدمتين اللتين قدمها الناشر والمؤلف في كتاب (با نواي كاروان) للسيد بهداروند لا توفر الكثير من المعلومات حول كيفية إنجاز العمل. كما أنّ المعلومات الواردة في نص الكتاب لا تدخل في تفاصيل كثيرة. من ناحية أخرى، يتعامل التاريخ الشفوي مع التفاصيل، ويمتلك الحاج صادق آهنكران ثروة من الذكريات المهمة وغير المعلنة، والتي كان لا بد من تسجيلها في مقابلات دقيقة.

الهوامش غير معروفة وليس واضحاً أيها ينتمي إلى الراوي وأيها يخص المؤلف. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم ذكر العديد من أسماء الأشخاص والأماكن. الصور في القسم المرفق تفتقر أيضاً إلى الأوصاف وبطاقات الهوية ولا تساعد كثيراً في زيادة معلومات الجمهور.

بشكل عام، مع احترامنا لمؤلف وناشر كتاب (با نواي كاروان)، يجب اعتباره عملاً متسرعاً ومربكاً منهجياً.

من ناحية أخرى، يجب اعتبار كتاب السيد أكبري (آهنكران) عملاً منهجياً بضوابط مهنية. تُطلع مقدمة المؤلف المفصلة الجمهور على تفاصيل العمل وعملية تشكيله. وفي نفس المقدمة تم ذكر مواعيد المقابلات ومقدار كل منها وموقعها بطريقة احترافية وتوثيقية.

الأسئلة دقيقة وهادفة ومبنية على بحث جاد من قبل المؤلف وفريقه. النص الرئيسي للكتاب هو سرد لسيرة صادق آهنكران، وفي بعض أجزاءه، ووفقاً للموضوع، تم استخدام روايات الآخرين،حيث تختلف بين الفينة والأخري.

حالة جميع الهوامش واضحة ويتم تحديد أي منها ينتمي إلى المؤلف وأيها للراوي.

جُمعت معظم القصائد والرثاء التي أنشدها آهنكران في تقسيم مناسب إلى سبعة فصول ونشرت ببطاقة التعريف في المجلد الثاني. هناك أيضاً ثلاثة أقراص مدمجة مع الكتاب، والتي تتضمن 65 عرضاً للفيديو و 555 عرضاً صوتياً للسيد آهنكران.

يبدو أنّ كتاب السيد آهنكران يجب أن يعتبر موسوعة في موضوع اهتمام الباحث، وحدد لاحقاً مَن يدرسون الدفاع المقدس وجانبه الثقافي والفني بالإضافة إلى جانبه الملحمي، ينبغي أن يقرأوا هذا الكتاب.

مما لا شك فيه أنّ إشراف واستشارة الأستاذ المحترم والباحث الموهوب والخبير في مجال التاريخ الشفوي السيد علي رضا كمري قد أثرى العمل الذي اعترف به المؤلف أيضاً. كما تُظهر الطريقة نفسها مدى فعالية استخدام الخبراء الاستشاريين المتمرسين في تحسين العمل.

وقد شارك محرر العمل الأستاذ محمد علي صمدي، أحد أبرز الكتاب والباحثين في الدفاع المقدس، في المقابلة والتحرير وتفاعل بشكل وثيق مع المؤلف. لهذا السبب، يجب اعتبار هذا الكتاب نتاج عمل جماعي ناجح.

ميزة أخرى مثيرة للاهتمام في الكتاب هي التكتيكات الأخلاقية والمهنية للمؤلف، مع ملاحظة الثقة في رسم شريط أسود على أجزاء من نص الكتاب، والتي، في رأي المؤلف أو الراوي أو المحرر، كان عليه حذفها. وحدد ذلك بالضبط. والذي جاء بطلب أحدهم.

يوضح هذا الأجزاء التي تم حذف ذكريات الراوي فيها، وإذا غير أي من هؤلاء الأشخاص رأيه في وقت آخر، فيمكن فك رموز تلك الأجزاء.

النقطة المهمة في عمل السيد أكبري هي أنه نشر سابقاً مجلداً آخر من مذكرات آهنكران في عام 2012 م، وهو عمل مقبول وجدير بالملاحظة. وقد رحب الجمهور بهذا العمل في نفس الوقت، مما أقنع الراوي والكاتب بإكمال مذكراتهم وتجميع عمل جديد. ووفقاً للمؤلف، توقع الأستاذ كمري بالفعل أنّ الكتاب سيحقق مثل هذا النجاح. في الواقع، يجب أن يؤخذ هذا التوقع في الاعتبار معرفة السيد كمري بعلم نفس النص والراوي والجمهور. يوضح مسار مذكرات آهنكران أن كل عمل يمكن أن ينمو ويتطور وهو في طريقه إلى أن يتحقق، وبواسطة حركة بطيئة ومستمرة، وبروح البحث، يمكن تحقيق هذا الشيء المهم.

الكلام الختامي

هناك نقاط مختلفة حول العملين اللذين يمتلكهما الراوي وحول فترة مشتركة من حياته تتطلب فرصة أخرى. من مقارنة محتوى كلا النصين وفي بعض الحالات الأخطاء الإملائية بالملحقات وما إلى ذلك، ولكن في نهاية هذه الملاحظة، يكفي السؤال نفسه عما إذا كان أصدقائنا في مركز التوثيق والأبحاث للدفاع المقدس قد شاهدوا كتاب السيد أكبري الأول أم لا. إذا رأوا أن عليهم أن يشرحوا، فما هي الحاجة الجادة والعيب في كتاب السيد أكبري الأول الذي جعلهم ينشرون عملاً جديداً؟ ما هي إضافة الكتاب (بانواي كاروان) إلى أول كتاب للسيد أكبري؟

إن إلقاء نظرة على تكوين التاريخ الشفوي في الفترة المعاصرة يظهر أن ظهوره وانتشاره كان نتاجاً للاحتياجات التاريخية لكل فترة ووفقاً للرغبات والتطلعات والضرورات وبالطبع بناءً على التخطيط. وقد أدى ذلك إلى استخدام الباحثين للتاريخ الشفوي دائماً كأداة محدثة لجمع بيانات المعلومات وتنظيمها ومعالجتها. ((المجلتان الفصليتان للتاريخ الشفوي، السنة 4، العدد 2، 8 على التوالي، خريف وشتاء 2018م، ص 26)

وعليه فإنّ أصدقائنا في مركز أبحاث وتوثيق الدفاع المقدس، بحسب ما ذكروه في مقدمة الكتاب، عليهم أن يشرحوا إلى أي مدى قادهم هذا العمل، مقارنة بالأعمال الأخرى، إلى أهدافهم المرجوة؟

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2273



http://oral-history.ir/?page=post&id=9828