مع مذكرات أمير ثامري-2

أيام مقاومة خرمشهر

فائزة ساسان خواه
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2019-12-12


حاور موقع التارخ الشفوي الإيراني أمير ثامري، وتجدون هنا القسم الثاني من الحوار.

حين بدأت الحرب أين كنت؟

في اليوم الأول من الحرب عدنا من الحدود لنرتاح. كنا نستعد لعودة المدارس. وكانت مجموعة أبو ذر تفكر في، كيف تقضي النهار في المدرسة واللل على الحدود. لأنه مضى عام وكان عملنا على هذا النحو. أو كنا نحرس أحيانا المسيرات التي تقام في المدينة ومن ثم نعود للحدود. لا يرتاح أبدا شباب خرمشهر. الحقيقة تعبوا كثيرا. لن تصدقوا دافعوا عن المدينة دون سلاح. في ذلك اليوم عصرا كنا في المدينة وفجأة تناهى صوت انفجار وبدأت من هنا الحرب. لم تكن الأصوات مفهومة لنا. قلنا: ما هذا الصوت؟ قالوا: صوت خمسة خمسة. صوت قذيفة المدفع. لم نكن قد سمعنا صوت قذيفة المدفع والخمسة خمسة. وحين ذهبنا للدورة التدريبية، سمعنا صوت البندقية والقنبلة اليدوية والآر بي جي، ولكننا لم نسمع صوت المدفع.

كيف كان وضع المدينة حينها؟

كان الناس حائرين. كانت المستشفيات مملؤة بالجرحى. كلّ الأمور تلخبطت. الحقيقة كان اليوم الأول صعب جدا. يوم لا يمكن وصفه. جمعنا الشباب بسرعة واتجهنا للحدود. لا يمكنك تصور كيف جمعنا أب وأخذنا. كان الشباب كلهم مسلحين ولكنهم مرتبكين. ووصل الارتباك بالسائق أنه صدم دكانا. كان وضعا عجيبا.

هل اتجهتم إلى حدود الشلمجه؟

نعم. اتجهنا إلى الشلامجه وتصادمنا هناك مع البعثيين. في تلك المنطقة كان لدينا أربع مخافر ومن مخفر مومني وحتى الشلمجه كانت بدنا. كنا ثلاث مجموعات؛ الحرس والجيش والناس. ومن الدرك شخصان جندي والضابط عباسي، وكان رئيس مخفر مومني. كان أفراد الجيش أربع والحرس ستة. كان منصور مفيد في صفي الدراسي، كان حامل الرشاش الثقيل في مجموعتي. وكان علي وطن خاه وآخرين.

كم كان عدد فريقك؟

إذا لم أخطأ على الأقل كنا أربع. يحضرون لنا العتاد والطعام وكنا نحارب. وكان عتاد الجيش أيضا. لم نسمح بتقدم العدو. استخدمنا الآر بي جي وما يشابهها. وأحضروا دبابة شيفتن ولكنها لم تعمل. ومع كل هذا كانت خنادق العراقيين أقوى منا.

وكان محمد جهان آرا، قائد الحرس في خرمشهر يسألنا عن طريق اللاسلكي: "ماذا يحدث؟ ماذا تفعلون؟" بدورنا نقدّم تقررا. بقينا عدة أيام حتى نفذت بطارية اللاسلك ومرت 24 ساعة لم يحضروا لنا الطعام. لم نعلم ما نفعله. انقطعت الاتصالات.كانا فقط نحارب العراقيين.وليس هناك كهرباء لنشحن اللاسلكي. كان آخر اتصال لي مع محمد جهان آرا قبل 48 ساعة. ومرت 20 ساعة على آخر اتصال لي مع أبي، ولكن لم طلب منا أحد العودة. كنا 21 شخصا. من الحرس 5، ومن الجيش 2 والبقية نحن. في الواقع كنا محاصرين من العدو 48 ساعة.

ومن جانب آخر وصل العراقيون إلى المدينة ولم نكن على علم. وصل البعثيون إلى سكة الحديد. وكنا نحن في الشلمجه. طوال 48 ساعة كنا نحارب ولم ننم وليس هناك قوة بديلة. تعبنا. ما الذ علينا فعله؟ اتخذتُ قرار العودة بطاقمي مهما كلّف الأمر. قلت لهم: "لم يأتِ أحد لمساعدتنا، علينا التراجع لنعرف ما حدث". وقلت للحرس: "لنتراجع. أعتقد حدث طارئ. مرت 48 ساعة ولم حضروا لنا الطعام ولا اللاسلك يعمل". قالوا: "لا مكننا ترك المكان. يجب أن نتسلم الأوامر من محمد جهان آرا". قلت: "يمكن لمحمد أن يأمركم. ولكني لا أتلقلى الأوامر منه. سأعود بفريقي. وعليكم فعل المثل. أنتم فقط خمسة". كرروا: "لا! يجب أن يصل الأمر من جهان آرا". وحين هممت بالعودة وجدت ضابط مخفر مومن وقال: "ماذا تفعل؟" فقلت له: "أريد العودة بالشباب". قال: "وماذا أفعل أنا؟" قلت: "أنت مسؤل فهل يمكنني اخبارك بما تفعل؟ لو كان الأمر يرجع لي فمن الأفضل لك أن تتراجع". وبعد قليل ركب سيارته الجيب وتقدمنا.

سلمنا الحرس سيارة تويوتا بيك آب بيضاء. ولأنّ عددنا 21 شخص طال الأمر حتى صعدنا كلنا. وعلينا قطع كيلومترين في الطريق الترابي. جلست في المقدمة. من بعيد رأيت عباسي وجنديه يرميان نفسيهما من السيارة وبعد لحظة طارت سيارة الجيب في الهواء ولم يخرج السائق منها. ورغم أنّ عباسي كان سمينا جدا إلا أنه ركض نحونا فسألته ما يحدث؟ قالوا: "لقد هلكنا!" قلت: "لماذا؟ من أطلق عليكم؟" قال: "إنها قذيفة دبابة! ف الجهة المقابلة دبابات وشاحنات عراقية!" ورأيت دبابة تتجه نحونا. قال لي منصور: "اضربها بالآر بي جي". وكانت الفاصلية بيننا وبين الدبابة ما يقارب المائتين مترا وتتجه نحونا. ليس معي سوى خمس قذائف. قلت: "وهل أنا مجنون لأضربها؟ ماذا عن البقية؟". قال: "إنها تتجه نحونا فماذا نفعل؟" خطرت لي فكرة. قلت: "ليترجل الجميع". أخذت المفتاح من السائق وجلست خلف المقود. وأخبرت الشباب بأن يختفوا حتى لا تراهم الدبابة". وعدت إلى مخفر مومني. وحن وصلت السارة لسرعة 60 قذفت نفسي منها وعدت للشباب. ووجدت الدبابة تقف. وواضح أنه أخبر البعثيين على الجهة الأخرى بأننا نعود إلى أماكننا.

أخفينا انفسنا. اتجهت االأنظار للسيارة. عادت الدبابة وعدنا للمدينة وبعد 12 ساعة وصلنا لخرمشهر.

فيما بعد أين واجهتم جيش صدام؟

كانت مواجهتنا مع العدو في مدخل خرمشهر. وجاء ابناء المدينة لمساعدتنا. ويدعي الآن أشخاص أنهم كانوا في مقاومة المدينة ل 45 يوما، نعرف من كان ومن لم يكن. يقول أحد السادة أنه كان في تلك الفترة، وهل يمكن ألا نراه في مدينة خلت من أهلها؟ أنا بنفسي وبعد سقوط خرمشهر ذهبت إلى مدينة قم وأحضرت معي أشخاصا وقلت: "لقد أتيتم هنا للعمل، طيب عودوا إلى مدينتكم وحاربوا واحصلوا على مبلغ أكبر مما تحصلون عليه هنا". ووجدوا الأمر في صالحهم وعادوا.

هل كان أفراد خلق عرب نشطين ف فترة الخمسة والأربعين يوما من المقاومة في خرمشهر؟

كانوا العمود الخامس. يدخلون على خط اللاسلكي ويهددوننا. ويأخذونا اسماءنا لإذاعة العراق. سمعوا الشباب الأسماء عدة مرات. كان ناد عليّ المذع بالاسم ويقول: "أمير!" وكان أحد العاملين في الاذاعة من زملائي في الدراسة. يذكر اسمي واسم أبي وقول: "أنت عرب، انظم لنا!" كان يدخل معي من باب الصداقة وحين لا يجد ردّا يشتم ويهدد. قول: "كان علنا دون حرب أخذ خرمشهر، وأنتم لم تسمحوا لنا، ولكننا بالحرب سنأخذها منكم!".

من اللافتة ذكر اسمك واسم أبيك عن طريق اللاسلكي والمذياع...

نعم. لقد خدعوا. اعتقدوا أنهم يحصلون على امتيازات. لم يعرفوا حين يأتي العدو، وأعتذر عن هذه الجملة، سوف يعتدي على شرفهم!

متى باتت المعركة في الشوارع؟

حين دخل البعثيون المدينة.

أين كانت في التحديد؟

في كلّ المدينة. واجهتُ عراقيا أمام السجن. رأى كل واحد منا الآخر فوق السطح. من حسن الحظ تحركت أسرع منه. كانت تدرباتي مفيدة ومواجهت الخلق عرب. الحرب مثل كرة القدم، إذا لم تسجل هدفا، سيسجلون هدفا.

مع خلو المدينة كيف أصبحت الأوضاع؟

لم نعد نعرف من معنا ومن ليس معنا. من تقنيات البعثين أنهم يأسرون القوى الشعبية، ورتدون ثيابهم ليخدعونا ويقبضون علينا. يودون كثرا لو قبضوا علينا احياء. في الكثير من الأوقات لا نعرف من بجانبنا منا أو منهم! وعرفنا كيف نتصرف، إذا رأينا خمس أفراد مجتمعن لا نذهب إليهم. إلا إذا ثبت أنهم إيرانيين.

منذ أواسط أيام المقاومة ماذا كان دور الطابور الخامس؟

لم يعد للطابور الخامس وجود. قتل البعثون الحسن والسيء. لم نعد نعرف من هم الطابور الخامس!

برأيك ما هو حجم دور الطابور الخامس في سقوط خرمشهر؟

منذ فترة لم يعد للطابور الخامس وجود. كانت قوات العدو هي التي تلعب الدور. قلّ عدد قواتنا عن طرق القتل والأسر، ولكن أعداد العدو لا تقل.

أين ومتى جرحت؟

من أماكن المواجهة كان الجمارك، هناك أصبت أول مرة. أصبت بشضية في رقبتي ورجلي. بعد أيام أصبت مرة أخرى.

بعد سقوط خرمشهر، كيف رتبتهم مجموعتكم؟

لم يعد لمجموعة أبو ذر وجود. أسر البعض منا واستشهد آخرون. ومن جانب آخر أصرّ الشهيد جهان آرا على ادغام القوات كلها.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3165



http://oral-history.ir/?page=post&id=8939