أكثر من ثلاث عقود مع التاريخ الشفهي
ترجمة: هادي سالمي
2018-02-09
ولد حجة الإسلام سعيد فخرزاده في أغسطس 1968. أبوه، محمد رضا من مدينة كلبايكان. عمل في الجندرمة، وانتقل لمحافظة خوزستان. وعمل فترة في الأمن العام حتى بعد الثورة الاسلامية (1978) انتقل لدائرة المرور وحصل على تقاعدها منها.
تقيم عائلة أمّ فخرزاده في مدينة أراك وجده عن أمه، لديه مصنع صابون. لذلك، جاءت أمه في بداية 1963 إلى أراك لقضاء فترة الحمل. ولد سعيد في أراك وصدرت جنسيته منها. بعد فترة عادت أمه لمحافظة خوزستان ودرس سعيد الابتدائية هناك. ثم رحلوا إلى مدينة ملاير وانهى دراسته المدرسية فيها. في تلك الأعوام، حين تأتي العطل الصيفية، يذهب للسوق حتى يساعد عائلته ماديا. حصل سعيد على دبلوم في الكهرباء وإلى جانبه قام بأعمال فنية. فمثلا كان يعد أسلاك الكهرباء للبنايات، ويصلح المذياع والتلفزيون.
حصل سعيد في فترة شبابه على عضوية في مؤسسة بيشاهنكي ورافق أصدقاءه الرحلات. وكان يحبّ الرياضة ويمارس لعب كرة القدم والكونفو. إلى جانب كل هذا كان يذهب إلى مؤسسة الانماء الفكري للأطفال واليافعين ويقضي أغلب وقته في القراءة، خاصة الكتب التاريخية والأدبية. أول كتاب قرأه في تلك الفترة واستمتع بيه، كتاب الإمام علي (ع) في ستة اجزاء، كتبه عبد الفتاح عبد المقصود. تعرف على شخص باسم حمزه لويي وهو يقرب له. يقول فخرزاده: "قبل الثورة، كان لدينا قريب يسكن أراك، باسم حمزة لويي. كان محاربا. لو كان لديه عشر أطفال، فسبعة منهم محاربين للحكومة. رحل الآن السيد حمزة لويي، في 1977، وكان يأتي إلى منزلنا كثيرا. ولأنه وجد عندي حب القراءة، كان يعطيني الكتب. كتب شريعتي والمهندس بازركان وآية الله مطهري. كنتُ في الثالثة عشر حين أعطاني أول كتاب: فاطمة، هي فاطمة. ثم كتاب "نعم كان الأمر هكذا يا اخي". ومع اقترابي من الثورة أعطاني كتب مطهري. أذكر الكتب يجلدها بصحيفة. وعنها تعرفتُ على الكثير من القضايا الثورية. من جانب آخر كان عمي الصغير ينشط سياسيا وهو جامعي، وقد سُجن. كانت أجواء العائلة أجواء ثورية. عمي الكبير وهو رجل دين، كان معارضا للحكومة. وابنه من ضمن الأشخاص النشطين واستشهد في الحرب. كل هذه الأمور بنت لديّ ذهنية ضد النظام البهلوي. كان أبي شرطي مرور وحين أشارك في المسيرات، يقول أبي احذر فقط ألا يقبض عليك. بالطبع لا أخفي أنّ بعض الشرطة كان يركضون خلفي، يعرفونني ومن أجل أبي لا يقبضون عليّ".
وأشار فخرزاده في حواره مع موقع ( (22bahman.ir إلى نشاطاته في حركة انتصار الثورة: "كنتُ في الثالث الثنوي حين وقعت الثورة. وكان أول خفر لي حاملا عصى. حتى حصلت على أسلحة. كانت بندقية أم 1. ولأني كنتُ أحب بندقية البرنو اخترتها. وكنتُ من أول الشباب الذين لديهم فريق وكنتُ مسؤلا عنه. وكان لديّ صديق دراسي مسؤلا عن عدة فرق، هو أكثر تدنيا مني. كان لفترة مسؤل العقيد- السياسية لكل الحرس، القائد ساجدي فر، ثم ذهب للحرب. ساعدني هذا الرجل كثيرا. لديّ الكثير من الذكريات عن أيام الحراسة والخفر. في أيام الثورة الأولى دخلت التعبئة. وبسرعة ارتبطتُ بحزب الجمهورية الإسلامية. ثم ذهبتُ للقرى للعمل الجهادي".
وأضاف فخرزاده أنه لم يكن عضورا رسميا في حزب الجمهورية الإسلامية ولكنه عضو فخري وقال: "ولأنه كان لديّ مقدار من القراءة، كنتُ أقوم في أكثر الأوقات بعمل فكري ويتعلق بالقراءة. حتى مضى من الثورة عدة أشهر، واستشهد مطهري وحدث هجوم اوسع من قبل الماركسيين على الفكر الديني. لذلك توسعت أكثر في كتب مطهري. تعرفتُ كثيرا على أفكار آية الله مطهري وأحببته. وهنا أحسستُ أنّ عليّ التوسع في حقل الفكر. أحسستُ من أنه من الأفضل دخولي للحوزة. أي بصورة ما عليّ أن أكون مطهري".
وفي العام 1980، وبدعم من أحد أقاربه، باسم آية الله شيرازي، وكان ناشط سياسي ودخل السجن سابقا، انخرط في تعلم العلوم الدينية في مدرسة السيد مجتهدي. ولكن وبسبب ظروف المدرسة الصعبة، بعد فترة قليلة، ذهب للحوزة ولي العصر (عج) الواقعة في مسجد حمزة سيد الشهداء وتُدار من قبل آية الله شاه محمدي. والتقى هناك من طلبة كان معظمهم من التعبئة وينشطون في هذا المجال: "تعبئة وطلاب هذه المدرسة، كانوا يبرزون في المنطقة. كانوا نشطين جدا ويعملون جيدا في مواجهة التيارات السياسية. استمتعت بنشاطهم. من الأشخاص الذين تعرفتُ عليهم هناك شخص باسم محمد رحيمي كان يدرس في مدرسة السيد مجتهدي وجاء إلى حوزة ولي العصر (عج). كان المسؤل على توثيق مذكرات الحرس ةتعرفتُ عليه في إحدى العمليات. أخذني في مرة للمنطقة الحربية، لتوثيق العمل. هناك أحببتُ العمل وشاركت في عدة عمليات مثل خيبر وبدر ورمضان. وكان أسلوب مشاركتنا على النحو التالي يصدرون أمر المهمة باسم محمد رحيمي ويضيفون اسمي كمساعد. وكنتُ في بعض المواقع أذهب لوحدي".
وقال فخرزاده عن هدف هذا العمل: "كانت فكرتهم هي توثيق احداث الحرب. لذلك أعدوا بداية دفتر تسجيل. دفتر ضخم. وزعنا دفتر في 40 -50 صفحة ليكتبوا فيه رسائل ووصايا وصور وتفاصيل وزعنا منه مليون نسخة. وعاد القليل منها لأنهم يحتفظون به".
حصل خفرزاده في العام 1982 علة مهمة لثلاث أشهر لكردستان ونفذ أطروحة "توثيق مذكرات كردستان". وبرأيه أنّ السبب الرئيس كانت الاحداث العجيبة التي حدثت في كردستان. وقد تحولت الثلاث أشهر لستة أشهر ثم سنة، وأُجبر على ترك الحوزة لنشغل في كردستان بالحوار مع المحاربين: "أكثر من حاورتهم من الحرس والتعبئة. وكان جند الله، وهم تركيبة من الشرطة مثلا الدرك مع التعبئة. ذهبنا تقريبا لكل مدن كردستان. وتعاون معنا كثيرا القائد العسكري أيزدي ولطفيان. ولكن أحيانا يمر العمل بصعوبات. حتى أنّه في مرة قبضت علينا استخبارات الحرس متسائلة عما نفعله هنا؟ ما الذ توثقوه؟ قلنا لهم نوثق الذكريات. قالوا أي ذكريات؟ وحبسونا، بالطبع في المعسكر وليس في السجن. حتى أرسل المركز رسالة واطلق سراحنا. لديّ الرسائل حتى الآن. حين عدتُ من كردستان قم بنفس العمل في الجنوب. اعتذرت بسبب الدراسة. فقاولوا الاولوية مع هذا العمل. والحقيقة كنت أحب العمل. وذهبنا ستة أشهر للجنوب. حين عدتُ سلموني توثيق المذكرات لثلاث أشهر. أعدّ ملف. وبتّ موظفا وأكملتُ دراسة الحوزة عصرا. ومنذ تلك اللحظة كنتُ اعمل في هذا المجال إلى هذا اليوم".
إلى جانب هذه الفعاليات، تابع فخرزاده الدراسة الحوزوية وارتدى حلتها في العام 1986. ودرس في الجامعة ليحص على بكلريوس في الاقتصادي . ولكنه بقي يوثق مذكرات المحاربين. حتى بعد نهاية الحرب: "ذهبت لهم وتحدثت معهم وأسست التاريخ الشفوي لعائلات الشهداء والمؤثرين. نقلتُ تجاربي لهم. اطلق سراح الأسرى في العام 1990 وأسس مركز الأسرى،. وكان هناك شخص باسم دركاهي ولدي ذكرى لافتة عنه. كنا نعطي دفترا لتسجيل الذكريات واطلعت على دفتر دركاهي فاعجبتني وذهبت له. سألته هل تعرفني؟ قال لا. قلتُ له كنت جندياً في كتيبتك، ولكني لم أكن معمما. قال هذا لافت، ما اسم عائلتك؟ فأخبرته. قال لا أذكرك. فذكرته بما وقع لنا وكنت أطلعه على معلومات. قال لقد كنا قريبين من بعضنا جدا، لماذا لا أذكرك؟ حين كنتُ في الأسر ولكي لا أفقد ذاكرتي كنت أمرر الذكريات، من العجيب ألا أذكرك. قلت له حين يصعد الناس لا يذكرون حينها من هم تحت. كاد دركاهي أن ينفجر حين وضعتُ أمامه الدفتر. قلت له قد لا أكون في الحقيقة أني على علاقة بك، ولكن هذه المذكرات جعلتني كأني أعيش معك حتى انه اختلط عليك الامر. هذه هي أهمية المذكرات. قال: لقد قدمت لي أفضل ايضاحا. ما الذي علينا فعله للحصول على مذكرات الأسرى؟ ومن هنا بدأت فكرة تسجيل مذكرات الأسرى. أتذكر أني أقنعت صياد شرازي على قول مذكراته. ولكن السيد محسن رضائي حضر جلستين وتوقف. بدأت مشروع قادة الحرب، تكلمتث مع السيد رشيد، مع يحيى رحيم صفوي، مع السيد عزيز جعفري، مع السيد فتح الله جعفري وحاورتهم كلهم. بعد الحرب، أصبح السيد جمران، رئيس حفظ ونشر آثار الدفاع المقدس، ودعاني لأوثق مذكرات قادة الحرب. قمنا بتسجيل أكثر من 400 ساعة. ولكن بعد عامين ومع ركود العمل، أتيتُ إلى الحوزة الفنية. كان مدير الحوزة الفنية في تلك الفترة حجة الاسلام محمد علي زم وعرضتُ عليه فكرة تاريخ الثورة الشفوي. عرفني السيد زم على السيد سرهنكي. كانت لديّ مجسلة وسلمني السيد سرهنكي شريطا وقال إبدأ. بدأنا التاريخ الشفوي العام 1993".
وتحدث فخرزاده عن هئية معارف الحرب وقال: "تشكلت هيئة معارف الحرب في العام 1994 مع الجنرال رياحي والسيد صياد شيرازي والجنرال حسام هاشمي ثم أمير آراسته وآخرين".
ومن نشاطات فخرزاده توثيق وتسجيل مذكرات أكبر براتي وهادي غفاري. حوار مع علي صياد شيرازي ودوّن كتابه أحمد دهقان وقد صدر. ولكن الكتاب الذي أصدره فهو كتاب، مذكرات علي جنتي، وزير الثقافة في الدورة الاولى من رئاسة الدكتور علي روحاني للجمهورية الإسلامية.
ويقول فخرزاده عن التاريخ الشفوي: "لو غيروا لقبي إلى سعيد التاريخ الشفوي، لسعدتُ كثيرا". وانهى حواره: "أهمّ هواجسي المذكرات والتاريخ الشفوي. ليعتمد علينا المسؤلون. لدي أفكار عن ترويج ثقافة وقيم الثورة والدفاع المقدس. إذ هناك جيل لم يحصل على إجاباته. ليمنحني المسؤلين فرصة لنقل تجاربي وأفكاري. لو أردت الوصول لمكان اعلى، لفعلتُ ذلك، وأُتحيت لي الفرصة. ولكن كانت كل حياتي هي التاريخ الشفوي. لم أقصد أن يكون لي اسما ومالا. لذا ليعتمدوا ويسمحوا لي أن اخدم في هذا الحقل ولكي أنقل تجاربي".
عدد الزوار: 3882
http://oral-history.ir/?page=post&id=7639