أرسلتُ إعلانات للصحافة، من أجل تعريف كتاب
فائزة ساسانس خاه
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2017-05-04
خاص موقع التاريخ الشفوي الإيراني. أُقيمت الدورة الجديدى من جلسات "التاريخ الشفوي للكتاب: برعاية الكاتب والباحث نصر الله حدادي. وكانت الجلسة في يوم الأربعاء 26 ابريل 2017 وضيفها الرائد في النشر والطباعة أبو القاسم أشرف الكتّابي.
حاجة الجيل القادم لتجربة الناشرين القدماء
تحدث في بداية الجلسة نصر الله حدادي مقدماً ضيفها: "ضيف هذا الإسبوع مدير دار أشرفي أبو القاسم أشرف الكتابي، وقد جاء من مدينة خانسار.ومّن يعرفه يعلم بحسن خلقه، واسم عائلي معروف.
ثم أشار إلى أسباب إقامة الجلسة حول التاريخ الشفوي للكتاب قائلا: أحد أسباب إصراري على إقامة مثل هذه الجلسات ودعوة مثل هذه الشخصيات لأهمية عمرهم. لقد فقدنا ثلاث شخصيات كنا قد دعوناهم في القسم الأول من الجلسات. نحاول في هذه الجلسات في حال إستجابة مَن ندعوهم، أن يتحدثوا عن المسكوت عنه في النشر. نريد الإستفادة من تجاربهم رغم حلاوتها أو مرارتها وننقلها للجيل القادم. لا ننظر لليوم بل نفكّر في الخمسين عام القادم. الطباعة الورقية في خطر جاد.في كل مكتبة تغلق أبوابها، يُفتح سجن وينمو في الناس نوع من كسر القوانين.
الطفولة
وتحدث أبو القاسم الكتّابي عن طفولته: ولدت في سبتامبر 1924 في مدينة خانسار. لدي أختان وأخوان وكنت الإبن الثالث. اسم أمي خاتون وأبي ملا محمد مهدي. كان أبي رجل دين ومعلم وخطاط. درستُ في الكتاتيب عند أبي وتعلمتُ جزء عمّ وديوان كلستان وسعدي. كانت عائلتي معلمين ولديهم كتاتيب وخطاطين. أمي معلة في الكتاتيب تعلم الفتيات. أحببت منذ طفولتي قراءة الكتب. كان لدى أبي نسخة حجرية ورحلية من ناسخ التواريخ أقرأ فيه. رغم ذلك استفدتُ في عامين ونصف من صفوف أبي.
كنتُ في الثامنة حين مات والدي في سنّ 63. ولأنّ أمي وأختايّ كانن في البيت تركتُ الدراسة ونظرا لمقترح أخي عملتُ في دكانه. خانسار مدينة قليلة السكان. كانت تُدار حياتنا عن طريق هذا الدكان. بقيتُ مع اخي لسنوات ثم انتقتُ إلى دكان آخر. أذكرُ الحرب العالمية الثانية. كان وضع خانسار سيئا وكل شئ تحوّل إلى حصص.
و قال الناشر الكتابي: في العام 1943 أتيتُ إلى طهران وإتجهتُ الى عمل الكتاب. كان لدينا الكثير من الأقارب ويعملون في طهران في بيع الكتب. رآني أحد أقاربي وقال: يبحث علي أكبر علمي عن "صانع".كان محله في شارع ناصر خسرو وبقرب شمس العمارة. كنتُ اعمل محاسبا عند جعفري وأساعده. في البداية لم يكن عملي محترفا، ولكن ولأني أحبّ عملي بقيت. كنتُ أعرف الحساب السياقي. وأقبض كل شهر 80 تومانا. ثم زاد المبلغ. بعد أن رحل جعفري بات راتبي 200 تومان ووصل مع الإضافات إلى 300 تومان.
كنّا منشغلين بالعمل من الصباح وحتى المساء. نجمع الكتب الدراسية من الصفّ الاول الإبتدائي حتى الصفّ السادس. عملتُ ثمان سنوات مع علي أكبر علمي. كان حجم عملنا كبير. لم يكن لدينا تأمين، نعمل في النهار سبع ساعات، وحتى منتصف الليل نعمل للمحافظات. من شدة العمل ينزف أنفي. تعبت، أردت الخروج من العمل، ولكن السيد أعلمي لا يدعني أرحل، كان يقول: عليك كتابة قائمة بالكتب التي صدرت! ويقصد ألا أذهب. في النهاية انفصلتُ عنه وفتحتُ دكانا في سراية دلكشا في شارع 400 وحدة. أثناء العمل أرتدي ثيابا بيضاء. كنتُ أراعي النظافة والناس رحبت بعملي. قضيتُ عامين ونصف أو عامين حتى جاءني عبد الرحيم جعفري، مؤسس ومدير دار أمير كبير، والسيد محمد نور محمدي وشخص آخر.أصرّ جعقري على أن أعمل معه. أعطيت الدكان وبدأتُ عملي معهم. كانت البداية تحت عمارة شمس العمارة. عدة أشخاص كانوا يعملون تحت أمري. عملتُ معه ثمان أعوام. لديّ غرفة صغيرة وثلاث هواتف حين ترنُّ تأذيني كثيرا. بعد فترة مرض المرحوم جعفري وكنتُ أقضي الكثير من أعماله. أذهب إلى محمد علي فرهودمند، بائع الورق حتى لا تُرجع الكمبيالة وأمدد وقتها.
تأسيس دار أشرفي
وقال مؤسس دار أشرفي حول تشكيل داره وقال: بعد أن خرجتُ من دار أمير كبير بقيت فترة عاطل عن العمل. أخذ قريبان لي قرضاً وكل قرض ثلاثين ألف تومان وكنتُ أدفع القسطين. أخذتُ دكاناً في شارع مازندران الواقع في ميدان الإمام الحسين (ع) وكان معرفو بميدان فوزية، آخذ من أحمد عطائي وغيره الكتب وأبيعها.
وأضاف: في العام 1962 بدأت دار أشرفي العمل. لم يكن في تلك الفترة جمعية الناشرين. كنتُ الشخص الثالث الحاصل على ترخيص. كان الأول إبراهيم رمضاني، مؤسس دار ابن سينا. أصدرتُ كتاب "ما هو الأدب ومَن هو الأديب." تأليف محمد علي بامداد بطلب من ابنه الدكتور محمود بامداد. أصدرتُ أيضا كتاب ثقافة خاصيّة الأطعمة لأحمد سبهر خراساني. ومن أعمالي الأخرى طباعة دائرة المعارف في 1600 صفحة وفي تلك الفترة وضع التلفزيون مسابقة على أساس معلوماتها وبيع الكتاب جيدا وأعيد طباعته عدة مرات. من ثَم فُتحت الأبواب على اصدار دوائر المعارف، ولكني كنتُ أقوم بعملي ولم أدخل في أجواء التنافس. لم تكن عندي أولوية في النشر. أختار أيّ كتاب أرتاح له ولا أندم أبدا على نشره، ولكني كنتُ أحبّ الكتب الدينية كثيرا وأغلب كتبي دينية. ولم يكن عندي اتجاه سياسي.أردتُ نشر الكتب بوفرة، لذلك عملت على مجالات عدة.
جاء إليّ لنشر أعماله مهدي سهيلي وبرويز أسدي زادة، وأحمد شاملو ومهدي آذر يزدي ونصرت رحماني، كنتُ أقرأ أعمالهم وأختار من بينها. أوقع عقد 10% مع الكتّاب والمؤلفين والمترجمين. عدد النسخ بين ألفين وثلاث آلاف نسخة. أختار أفضل غلاف ولون وأعمل مع عدة مطابع مثل كلبام وكلشن. ولو أردتُ إعادة طباعة كتاب أضع سعرا طبق الأسعار الجديدة.
لدي في مكتبي أربع عمّال. عمل عندي أصغر سماك. أرسل الكتب التي أصدرها إلى عدة مدن مثل مشهد وتربة حيدرية وتبريز وأهواز وآبادان بالطبع مكتبة آبادان أغلقت أبوابها في الحرب وهو ما أدى إلى خسارتي. بصورة عامة كنتُ أعمل مع ستين أو سبعين مكتبة في المحافظات مثل طهران0 تبريز وشمس في تبريز وبوستان وساسان وجعفري في الأهواز وأرسل لهم الكتب. وللإعلان عن كتبي الجديدة أرسل إعلانات عنها إلى صحيفة كيهان وإطلاعات لتأثر على البيع. حين أجد كتبي في مدن أخرى أفرح كثيرا.
بيع الكتب بالكيلو!
وشرح أبو القاسم أشرف الكُتّابي مصير الكتب التي لا تباع قائلا: بعض الكتب لا تُباع وتبقى في المخزن، وكنا مجبرين على بيعها بالكيلو على صانعي الورق المقوى وكنتُ أحزن عليها.
السجن عند الساواك (الاستخبارات)
وتطرق ضمن ذكرياته التي كان يتحدث عنها للقبض عليه من قبل (الساواك)لقيامه بطباعة كتاب وقال: حُبست مرتين على يد الساواك من أجل كتاب. طبعت للروائي والمسرحي علام حسين ساعدي كتاب البيت المضيئ وهو خمس مسرحيات ورواية الكرة. أردت إعادة طباعة المسرحيات الخمس فجائني إتصال يطلب فيه حضوري وذهبتُ. في اليوم الثاني طلب مني الأمن الحضور وقالوا: أين ذهبتَ في الساعة الفلانية؟ يقصدون في نفس الساعة التي كنتُ رؤية ساعدي فيها. ذهبتُ لأسلمه مكافئة كتابه. المرة الثانية تتعلق برسالة السيد الخميني. يُسمح بنشر الرسائل العلمية، ولكن حين وقعت أحداث 15 خرداد نزل الساواك للشارع وجمع رسالة السيد الخميني. كانت رسالة باقية في محلي. جاء رجل يرتدي ثياب قروية وسأل: هل لديك رسالة السيد؟ قلتُ: لديّ واحدة. سأل مصراً: ألا أجد عندك أكثر؟ قلتُ: لا! بعد ذلك قبضوا عليّ وأخذوني بسارة للأمن. ومن جانب آخر كانت عائلتي تبحث عني حتى المساء. حققوا معي. قلتُ لهم لا شئ في الرسالة سوى قسم من القرآن والصلاة. قال المحقق الذي كان يسألني: تطيل لسانك ورفسني برجلي اليمنى ومازال أثرها حتى الآن.أطلقوا سراحي في الساعة العاشرة مساء. وفي مرة جمعوا كتب صادق هدايت و كتاب " عن الهواء والمرايا" لأحمد شاملو رموها بالمسحاة في شاحنة وأخذوها. هناك مَن اتصل وأخبرهم أنّ أشرفي أصدر كتابين لأعضاء التودة (الشيوعيين). الكتاب الذي يقع في تسعمائة صقحة يصبح بعد الرقابة خمسمائة صفحة، ويصدر في أربعمائة صفحة. كان شخص باسم محرم علي خان، مراقب المطبوعات. يدخل ليرى ماذا صدر وعن مَن، حتى أنه يذهب للمطبعة.
في ذكرى مهدي آذر يزدي
وتطرق مدير دار أشرفي لمهدي آذر يزدي وقال: وصل آذر زدي من مدينة يزد للتو وعمل مع علي أكبر علمي. كان مدقق لغوي. أول كتاب له كان الخير والشر. طبعته دار أمير كبير وابن سينا. وطبعتُ أنا الحق وعدمه والرجل واللارجل. وسلمته 10% من مبيعات الكتاب. وكانت مجلات مثل فردوسي وبامداد وخوشه ودون أن أسلمها إعلانات عن كتبنا تكتب وتعلن هي عنها.
السير جهة الإفلاس
وأشار الكتابي إلى دلائل اقتراب دار أشرفي من الإفلاس وقال: فتح عبدالرحيم جعفري محلا أمام محلنا. قلت له: خرجتُ من المدينة، لأكون هنا. لقد قمت بفتح عدة محلات. ذهبتُ إلى جمعية الناشرين وقدمتُ شكوى. في تلك الفترة يجب أن تكون هناك فاصلة بين المحل والمحل الآخر المشابه له وهي ثلاثمائة متر. دافع عني محمد علي أردهالي والحاج محمد ترقي. حاولا ألا يفتح جعفري مكتبة ويكتفي بمحل للقرطاسيات. غضب جعفري من الشكوى التي قدمتها. جاءني في ليلة كفش دوزان، وهو دلال أوراق وقال لي عن لسان جعفري: لقد أفلستُ. هذه المكتبة لك أنت! خُدعت وتنازلت عن الشكوى ولكن حتى اليوم أجرّ وقع الإفلاس. أجبرتُ على التنازل وأخذ قروض. وصل ديني الى ما يقارب ثمانمائة ألف تومان ولدي عشرون مليون كتاب في المخزن. مع مرور الوقت زادت الديون الدائنون. أنا مع إبناي كنا نغفل باب المكتبة ونذهب للعمل حتى نفي الديون. رغم ذلك أحسام جعفري. لو رأيته مرة أخرى سأحترمه. هو ناشر جيد جدا. لديه أرضية جيدة. يعمل من الصباح حتى المساء. تعب كثيرا ونشر أفضل الكتب.
مستقبل النشر في إيران
وأشار في نهاية حديثه إلى وضع نشر الكتب وقال: لا أشجع أحداً الآن على فتح مكتبة، لأنّ التلفاز والانترنت دمرا الكتاب ولم يعد أحد يشتري الكتاب. يصدر بعض الناشرين الآن خمسمائة نسخة. في زمن كان الكتاب أرخص من أشياء كثيرة، والآن كذلك، ولكن يأتي الكتاب في المرتبة الثانية في حياة الناس. ورغم أنّ وزارة الثقافة تهدي دعم للكتاب وتقيم معارض كتب لترويج ثقافة القراءة، من جانب آخر الضرائب كبيرة، مبالغ الغاز والكهرباء والهاتف كبيرة، تأخذ ضرائب إجازات العمل بصورة عامة المبالغ المدفوعة كبيرة والبيع قليل.
يُذكر أن سلسلة جلسات "التاريخ الشفوي للكتاب بدأت من منتصف العام 2014 يرعاها نصرالله حدادي في سراية أهل الفقلم مؤسسة بيت الكتاب. وصدر عن هذه السلسلة من الجلسات كتاب "التاريخ الشفوي للكتاب" في 560 صفحة.
عدد الزوار: 4499
http://oral-history.ir/?page=post&id=7013