نمتلك مائة عام مسرحا للأطفال، ولكننا نفقد تاريخه الشفهي
فائزة ساسانس خاه
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2017-04-20
خاص موقع التاريخ الشفوي الإيراني، أُقيمت ندوة "ضروريات تدوين التاريخ الشفوي لمسرح الطفل" وحضره أعضاء مركز مسرح الطفل وداوود كيانيان، وذلك يوم الثلاثاء 18 إبريل 2017 برعاية مركز بحث المكتبة الوطنية، في صالة برهام لهذا المركز. وتحدث في هذه الندوة سبع إختصاصيون في مجال الطفل.
تسجيل تجارب الرواد
أدار الجلسة داودد كيانيان، وهو من رواد مسرح الطفل في إيران، متحدثاً عن أسباب إقامة هذه الندوة شاكرا أعضاء مركز المسرح وقال: تأسس مركز مسرح الطفل في العام 2015 بصورة رسمية على يدّ روّاد هذا المجال وأقيمت عدة جلسات مع المسؤلين المهتمين بمسرح الطفل. وحصل ذلك لأول مرة في إيران واعلنا عن استعدادنا للإقامة خطوات أساسية في مجال مسرح الطفل. في العام 2016 أصدرنا كتاب في هذا المجال. وأقمنا حفل تكريم لجبار باغجه بان، مؤسس مسرح الطفل. وقمنا بتحويل صرح كاظمي، الواقع في منطقة 12 طهران وهو بناء قديم، الى مكان لتقديم مسرح الطفل.
وأشار الكاتب كيانيان إلى ضرورة إقامة هذه الجلسات وأضاف: نمتلك مائة عام مسرحي، ولكننا نفتقد تاريخه الشفوي. الحقيقة لدينا قرن من المسرح، ولكن لا نعرف أين كانت البداية ومع مَن. في مهرجان مسرح الطفل الدولي في همدان، دعونا إبنة المرحوم جبار باغجه بان. أكثر الناس لا تعرف مؤسس مسرح الطفل وأين يقع قبره. رغم أنه بطل وطني.
وأكمل قائلاً: أصدر الإيرانيون على مدى مائة عام كتباً نظرية، ترجموا أعمالا أيضا، صنعوا ألعابا، وهي ألعاب وطنية وعالمية، ولكنهم لا يمتلكون تاريخا شفاهيا. إنفصل عنا في الاعوام الماضية روّاد المسرح وهذا تحذير لنا كلنا. يجب إستغلال تجاربهم وتدوينه، ولكن هذه الثقافة لم تتشكل لدينا. هل يمكن لمجموعة تعمل في حقل مسرح الطفل ولا تعلم بماضي نشاطها وتقدم عملا جيدا؟ إذاً نحن موظفين أن نعنى بالتاريخ الشفوي لهذا الحقل. بالطبع كُتب عملا مهماً لتاريخ أدب الطفل وموضوعه وسيع وفي قسم منه أشار إلى مسرح الطفل.
وقال الأستاذ المسرحي والعرض الإبداعي: اليوم هو تكملة الأمسِ والغد قادم وعلينا التفكير بالقادمين. المسرح بصورة غير مباشرة ينمي الحالة الإبداعية عند الطفل بل ويعالج عدم التناسق الطفولي. علينا العمل في هذا المجال المهم وإهمال تاريخ أدب الجهة الأخرى من البحر لأنّ ثقافتهم مغايرة لنا. آمل أن تدوّن تجارب الرواد في هذا المجال قبل فقدهم. ويمكن الإشارة إلى مجموعة من الرواد المسرحيين مثل هنكامه مفيد، ثمينة وبروانه باغجه بان، مرضية برومند، حميد جبلي، رضا فياضي، بهرام شاه محمد لو.
مسرح الطفل، وليد العصر الحديث
المتحدث الثاني في هذه الندوة منصور خلج. وتطرق إلى تشكل مسرح الطفل في العالم وقال: بدأ مسرح الطفل في إيران متأخراً جدا وحتى في بقية دول العالم هو حصيلة جديدة. يصل تاريخ مسرح الكبار إلى 2500 عام قبل التاريخ. وهناك نتاجات كثيرة من كبار الكتاب موجودة، ولكن لا نجد أي عمل يخصّ الطفل. ويُطرح هذا السؤال لماذا لم يكتبوا للطفل؟ والواقع هو أنّ مسرح الطفل حصيلة الحداثة. إلتفت علم النفس إلى ضمير الطفل وقبلها ظنوا أنه لا يدرك ولا يفهم.
وأشار إلى تاريخ ولادة مسرح الطفل في إيران قائلا: بعد الحرب التي وقعت في زمن محمد خان القاجاري في تفليس وقُتل السكاندر غريبايدوف في إيران، ذهب وفد إيراني إلى روسية لمتابعة القضية، ومن هناك تعرفوا على المسرح الروسي. وكان بين الوفد الميرزا تقي خان أمير كبير وميرزا تبريزي. بعد العودة، كتب ميرزا تبريزي متأثراً بالمسرح الروسي، كتب مسرحية، ثم أرسلت أول مجموعة باحثة عن الفن إلى خارج البلاد. تعرفت على المسرح خاصة المسرح الفرنسي وأعمال مولير وشكسبير، ولكن إهتمامهم لمسرح الطفل جاء بعد فترة طويلة. حين ظهرت ظاهرة سكن المدن، ولدت الطبقة المتوسطة، وأغلقت المكاتب التقليدية وتشكلت المدارس ومن هنا بدأ الإهتمام بالطفل.
وكان جبار باغجه بان من روّاد هذا المجال. كان يعيش في الإيروان ثم هاجر إلى إيران وأدار مدرسة في مدينة مرند وعرض أول مسرحية هناك. كان إنسان مبدعا، معلم صاحب أسلوب وكاتب مسرحي ومازالت أعماله يعتمد عليها. ويمكن الإشارة هنا إلى بعض أعماله مثل جدل بين جناحين، ترب، تآكل، جمشيد وشابور. زوجته، صفية بابايي ساعدته في تصميم الثياب والموسيقى. وأسس باغجه بان فيما بعد مدرسة لفاقدي السمع.
دخل المجال المسرحي بعد باغجه بان، أبو القاسم جنتي عطائي وكتب كتاباً مسرحيا مدرسيا. ويرى أنّ المسرح للطفل مثل الطعام. ويأتي الرائد بعد درس اللغة والأدب الإنجليزي. يضع ورشة ويقدم أول مسرحية تحت عنوان مدينة القصة ويكتب بعد فترة عدة مسرحيات مثل، السيدة شابرك، ونسخة جديدة من ترب و كوتي وموتي. ثم يوظف في مركز الطفل ويكمل عمله هناك.
التاريخ الشفوي لمسرح التلامذة
وجاءت الكلمة الثالثة للدكتور يدالله وفاداري. ووضّح تاريخ مسرح التلامذة وقال: لم يجد مسرح التلامذة بعد نشاطات جبار باغجه بان في مدرسة الأحمدية تكملة له. بالطبع كانت هناك أعمال موزعة هناك وهناك، ولكنها لم تكن متناسقة ومستمرة. والمهرجانات التي تقام الآن مكررة. بالطبع في العام 1989 و1990 أقيم مهرجان في نيشابور ودُعي فيه الأساتذة. كان عملا مغايراً وتأثر الأساتذة بالأعمال.
وقال الدكتور وفاداري: في العام 1957 يأمر وزير الثقافة حينها أبو القاسم جنتي عطائي بكتابة مسرحية للطفل ويكون مصدرها الشاهنامه، أعمال سعدي وكتاب أجانب. في العام 1959 يصرّ المدير الثقافي ومساعد التربية والتعليم على كتابة مسرحية للتلامذة. تُكتب عشر مسرحيات، لن أعود للمدرسة، كان استلهام المعلم من هذه الجملة. واجهت هذه الحركة وقفة مرة أخرى. صدرت في العام 1995 صدرت أعمال جيدة. وتصادف مع مركز شهيد الثورة الإسلامية وإصدارها أعمالا في هذا المجال.
وفي نهاية كلمته قال: يمر عامان وعلى أساس جدول طرحه رؤساء الجمهورية، تقديم أعمال مسرحية جيدة من قبل المعلمين. صدرت منه ستة أعمال عن منادي تربيت تحت عنوان سروش المشهد الاول والثاني إلخ... بالطبع المسرح التربوي لم يجد طريقا ليكمل نفسه وينقل تجاربه للأجيال القادمة.
دورة من مسرح الطفل
المثثل والمخرج والمترجم في مجال مسرح الطفل مسلم قاسمي كان المتحدث الرابع في هذه الندوة. بدأ قاسمي حديثه متطرقا إلى الستينيات والسبعينيات وقال: في هذه الفترة تركت النصوص الشعرية ذات البعد الواحد للحركات الأخرى والمكاتب تركت عملها للتربية والتعليم مستنسخة من أوروبا. فيما بعد أُفتتحت مكاتب في المحافظات ونمى الرسم والصحافة والأفلام والمسرح. كانت أرضية المسرح في مركز الطفل. دعى دان لافون كلا من بيجن مفيد وغلام حسين ساعدي وبهرام بيضائي لكتابة المسرح وكُتبت مسرحيات السيدة خورشيد وترب وكوتي موتي.
وأضاف: كان هناك إحساس لفريق شاب مسرحي. دعينا إلى هناك وبدأنا العمل إلى جانب مَن ذكر ثم دخلنا أعمالا إحترافية وعملنا مع فرق محترفة وغير محترفة. وكان من ضمن عملنا أخذ المسرح للقرى في شاحنات وشعرنا إلى نقص عرض العرائس المتحركة. حدث في مدينة العرائس، كان أول عمل لنا. إختاروا طلاب على مستوى البلاد ودربوهم لينقلوا التجربة لبقية المدن.
المسرح في التلفاز
وجاء الكلمة الخامسة لعباس جهانكيريان. أشار بداية إلى تاريخ التلفاز في إيران وقال: بدأ التفاز عمله في إيران في سبتامبر 1958. كان معفي من الضرائب. كانت بدايته برامج أجنبية، ولكنه تغير مع الانتاج المسرحي. تشكلت ستة فرق مسرحية ومؤسسها عباس جوانمرد. ويمكن الإشارة إلى مَن شارك فيها إلى جعفر والي وعزت الله انتظامي.
وقال الكاتب والباحث جهانكيريان: أول عمل مسرحي بثّ قام بترجمته شاهين سركيسيان وإخراج عباس جوانمرد. بعد أعوام أضيف حميد سمندريان وعدد آخر إلى هذه المجموعة. لم تكن هذه المسرحيات تسجل وتبثّ مباشرة. لذلك ليست مؤرشفة. في تلك الفترة كانت محطتان. طوال عشرين عام وحتى وقوع الثورة، بثت خمسين مسرحية.
وقال: وكان رضا بابك أكثر الأفراد انتاجاً مسرحيا. ويمكن الاشارة هنا إلى شخص آخر قدم لمسرح الطفل وهو إيرج طهماسب عبر "القبعة الحمراء وابن الخالة"، "النك ودولنك" وكامبيز صميمي عبر "السون وولسون" وأبو الفضب رازاني عبر "العمل والفكر".
وأضاف الكاتب المسرحي: المسرحيات التلفزيونية تنقسم الى قسمين، الأول يُنتج في التلفاز والثاني في مشهد عبر ثلاث كاميرات. كان النصف منها ينتج في المحطتين والنصف الآخر على المسارح. كان هذا في الستينيات والسبعينيات. واليوم تقام أفضل المسرحيات في دور عرض طهران ويُحرم الآخرون منها. لو سُجلت هذه المسرحيات وعرضت في القنوات لشاهدتها أبعد القرى ولتصاعد عدد مشاهدي المسرح.
وأكّد جهانكيريان في نهاية حديثه على: الكثير من مصادرنا أجنبية وعلينا نحن الإيرانيين كتابة التاريخ الشفوي لبلادنا في كل المجالات وألا نتركها للنسيان.
التاريخ الشفوي لمسرح الطفل قبل وبعد الثورة
تحدث الكاتب المسرحي والباحث في مجال مسرح الطفل منوجهر أكبر لو، كسادس متحدثا في الندوة. باحثا المسرحيات قبل وبعد الثورة قائلاً: قبل الثورة عملت دار الفنون على المسرح. وكان مركز بيش آهنكي الوطني من أحد نشاطاته المسرح ولديه العديد من المطبوعات التربوية. نشط هذا المركز حتى 1979، ولكنه دخل تحت رعاية مركز الثقافي للتربية والتعليم. ومراكز محطة القطار والشوش وشريعتي كانت تحت رعاية التربية والتعليم. منظمة الأسد والشمس من المراكز الأخرى التي نشطت في المسرح وقدت في الكثير من مسارح المدن. وتنشط الآن البلدية في هذا المجال. بعد انتصار الثورة الإسلامية تحولت الأسد والشمس إلى الهلال الاحمر. بالطبع ليس لديه نشاط باسم المسرح، ولكن تقدم مسرحيات في صالات الهلال الأحمر ومنها مسرح الطفل. أحد المؤسسات الأخرى المعاهد الفنية. معهد الشهيد بهشتي الحالي، كان أول معهد.
وأكمل قائلا: وقدمت الإذاعة والتلفزيون نشاطات لسدّ احتياجاتها. تعبئة التلامذة التي يرعاها الحرس قدمت بعض الأعمال أيضا. القضايا الثقافية واسمه الآخر مساعدية الثقافة من المراكز الاخرى النشطة. وهناك المركز الفني للتبليغات الإسلامية. ومن المهرجانات مهرجان همدان المسرحي الدولي.
التاريخ الشفوي لكتابة المسرح وبحوث مسرحية
وجاءت الكلمة الأخيرة لحسين فدايي حسين، المخرج والباحث في مجال المسرح. قال في ورقته: بدأت الكتابة في مسرح الطفل عبر كتاب جبار باغجه بان في العام 1928. يمرّ تسعون عاماً على صدوره. ويمكن تقسيم الكتب على عدة أقسام. ولدينا ما يقارب 390 كتابا في مجال مسرح الطفل و340 منها مسرحية.
88% مسرحيات والبقية بحوث. طوال الثمانين عاما، لم يكن لدينا لستين عاما عمل بحثي والعمل البحثي كان منذ ثلاثين عاما. وأول كتاب تأليف في مجال مسرح الطفل كان لداوود كيانيان. قدم في هذا الكتاب نظرية وقال إنّ الكاتب المسرحي عمل فطري.
وتحدث فدايي حسين عن الاعمال التي صدرت أيضا: تنقسم الأعمال إلى تأليف وترجمة. 80% عمل مؤلف و 20% مترجم. من ضمن ال340 عنوان، يأتي 30 عنوان ترجمة. من ضمن 50 عنوان كتاب تربوي وبحثي تدخل 22 كتابا ترجمة وهناك 125 عنوان من 340 هي مسرحيات.
ثم ذكر داور النشر التي تعمل في المسرح: الناشر الذي عمل في مجال المسرح، هو سورة مهر إذ لديها 63 عنوان كتاب و2% بحث. الدار الأخرى هي دار المسرح إذ لديها 50 عملا. قليلا ما عمل مركز الطفل في البحوث ودار المدرسة لديها 25 عملا 98% منها بحثية.
وأشار في النهاية إلى حجم الكتب الصادرة في مجال المسرح قائلاً: من العام 1921 وحتى 1971 صدر 25 عملا. في 1980 شهدنا صدور 22 عملا، مسرحيات وبحوث. في 1990 صدر 150 عملا ووصل في 2000 إلى 123 عمل، ولكن في الاعوام الخمس الأخيرة شهدنا صدور 115 عملا، وهذا يدلّ على نمو ملموس.
عدد الزوار: 4565
http://oral-history.ir/?page=post&id=6986