الدخول الى الجزئيات ونكهة الذكريات
إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2016-07-24
لا تفرق الحرب، بين الشيخ والشاب. تورط الجميع فيها. من أب الأسرة حتى إبنه، الزوجة والأطفال، إبن المدينة أو القروي، كلهم كانوا تحت تأثير الحرب المفروضة على إيران. ولُمس كل ذلك بين المحاربين والشباب والشيوخ، وبين التعبئة والحرس والجيش. كل فرد منهم دخل في تجربة الحرب، يمكنه وحده أن يكون راوي زوايا عدة. هم رواة هذه الأحداث الكبرى وكل واحد منهم يشكل جزء من التاريخ الشفهي لفترة الدفاع عن الوطن.
ويخصص كتاب "أم كاكا" نصه عن هذه الفترة. هذا الكتاب، عبارة عن مذكرات وسيرة حميد حكيم إلهي (أمير كعبي) وخرج مصابا من هذه الحرب، يروي فيها ذكرياته عن الحرب.
محبة واحترام أخوي
تعدد الأسماء للرواي وعنوان الكتاب يثير تساؤلات عند المتلقي:
الأخ الأصغر للرواي مجيد، ينادي عليه ب "أم كاكا": "كان مجيد أصغر مني! ولكن أحيانا أشعر أنه أكبر مني ولم ينادِ عليّ أبداً ب"أمير". ينادي عليّ دائما بأم كاكا."
أم بمعنى أمير وفي الثقافة الشعبية، النداء على الأخ ب"كاكا" تدل على المحبة وتركيب أمير وكاكا وتحولها الى "أم كاكا" بات عنوانا للكتاب.
الاسم الحقيقي لرواي الكتاب، أمير كعبي، ولكنه اختار اسم حميد حكيم إلهي، و لهذا الاختيار دليل وتمت الإشارة له في الفصل الحادي عشر: "إلتقيت في جبهة مدين الشوش بالشهيد حكيم إلهي. كان وقورا وهادئا. أحببته كثيرا. حين نال الشهادة، أخترتً اسم عائلته لنفسي، ولكن قدماء مدينة بهبهان يعرفونني باسم الكعبي."
نص في إثني عشر فصلا
يقع كتاب "أم كاكا" في إثني عشر فصلاً. فصول حُددت بأرقام، ولكن هناك سبب في عدم تحديد عناوين للفصول. بين صفحات الكتاب ذُكرت أحداث مختلفة ومتنوعة وعلى هذا الأساس، تحديد عناوين لها صعب، وإن لم تتم الإشارة الى هذه النقطة في الكتاب.
يُفتتح الكتاب بتعريف حكيم إلهي. مع زواج الأبوين وحتى موت الأب حيث أصعب فترة يمر بها ويجبر الراوي رغم صعر سنه على العمل: "جربتُ الكثير من الأعمال في صغر سني، مساعد في البناء، خياط بطانيات وخباز. يبدأ الصيف في محافظة خوزستان بسرعة وتنهي المدارس صفوفها قبل دخول الصيف. كانت نهاية الدراسة بداية العمل لنا. إما أن نتجه الى فرن الطابوق أو عمل البناء. فرن الطابوق مع ارتفاع الحرارة في خوزستان، يبات الجو حارقا وصعب جدا. وفي الخريف أيضا حين ندخل في العطل نتجه الى العمل في الفرن... في الشتاء يتوقف الفرن عن العمل ويخرجون الطابوق البارد منه."
جاء الفصل الأول في وصف مرحلة الطفولة والشباب ليصل الى فترة مواجهة الحكومة البهلوية. الدخول في هذه التجربة دعته، بعد انتصار الثورة، الى الالتحاق باللجنة الثورية ليبدأ نشاطه الثوري.
الدخول في جهاد الإعمار و بداية الحرب المفروضة وعضوية في صفوف الاسعافات من الفصول الأولى لهذا الكتاب.
ويوضح الراوي عدة أحداث منها لقاء مصابي عمليات الفتح المبين مع الإمام الخميني (ره) والحرب في ارتفاعات الشهيد الصدر و الزواج من ميترا شمايلي والاصابة في الرجل وإصابة يده بشظية بالتحديد في العصب كادت أن تقطع يده، ولكن الأطباء في طهران وفقوا في إخراج الشظية دون قطع اليد، ويشير الكتاب الى أوضاع المستشفيات وحقيقة اعتنائها بالجرحى.
وينتهي الكتاب بعمله في البحرية وتقاعده. وتأتي أهمية كتاب "أما كاكا" في أنه يثير الجزئيات ويعتني بها وهي موزعة بكثرة في النص. وإمتلأ الكتاب بالسخرية والشجارات والضحكات.
فصول أخرى من الكتاب
خصص الكتاب فصلا تصويرياً عن الرواي ووثائق. منها صور لطفولته وشبابه.
ذكرى، قذيفة زماني
يذكر الراوي المرة الأولى التي تواجد فيها في الجبهة:
"كانت المرة الأولى التي أشارك فيها بالجبهة. القذائف تتساقط علينا من كل جهة وتتعمق الشظايا في البشر. إختلطت رائحة البارود بالتراب والنار والدخان عمّ المكان. كانت هناك أشياء تنفجر فوق رؤوسنا دائما. في تلك الأوضاع سألتُ: "ما هذه الأشياء التي تنفجر؟"
قال بشير رفيعي، الذي جاء من شهر كرد: " هذه قذائف زمنية." قلتُ " وما هي هذه القذائف؟" قال "تنفجر في السماء." قلتُ "هل يريدون إخافتنا؟"
بعد أن ضحك بشير قال: "يطلقونها لكي نصاب بالشظايا." قلتُ: "ماذا تعني بالشظايا؟" قال: "حين تنفجر القذيفة بجانبكَ لو تمددت لن تصاب بها. تمر من جانبك. ولكن هذه القذائف تنزل بشكل عمودي، وطريقة مواجهتها هو الوقوف."
قلتُ: "لو وقفتُ سوف تصيبني بقية الشظايا!." قال: "صحيح. يفعلون ذلك ليسرقوا منك تحركك."
أم كاكا: مذكرات حميد حكيم إلهي (أمير كعبي)، الكتابة: مرضية نظر لو، الطبعة الأولى 1394. الناشر متحف الدفاع المقدس طهران، 441 صفحة.
عدد الزوار: 4481
http://oral-history.ir/?page=post&id=6475