نقد كتاب " الأعوام الرمادية"
فاطمة مرادي
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2015-11-23
جاء عناون الندوة لنقد ذكريات الدكتور هوشنك منتصري الأعوام الرمادية و تأليف علي أميري، دار فرهنك إيليا، في اطار الندوة الرابعة لنقد و مناقشة نتاجات التاريخ الشفهي للثورة الإسلامية، في 15 نوفمبر 2015 في صالة سلمان هراتي المركز الفني.
رحب مدير الندوة جعفر كلشن الباحث التاريخي بالحضور و دعى مرتضى رسولي بور، رئيس قسم التاريخ الشفوي لمؤسسة دراسات معاصرة لتاريخ إيران، للحديث عن الكتاب من الناحية التركيبية الظاهرية ( الغلاف) و البنية و البداية و النهاية و فهرس الأعلام و المحتوى و الذكريات و الإضافات.
كتب الاعوام الرمادية على أساس الواقع
قال رسولي بور رئيس قسم التاريخ الشفهي في مؤسسة تاريخ إيران المعاصر: " ذكريات الأعوام الرمادية هي من ضمن نصوص الذكريات و دوّن على أساس الواقع و تطرق بصورة جيدة من قبل هوشنك منتصري و هو شخصية سياسية و علمية من زمن النظام السابق الثاني."
و قال عن الكتاب: " عنونة الرمادي، لتلك الأعوام من الفترة البهلوية الثانية، إذا وضعنا الحركة السلبية الى جانب الحركات الإيجابية، سنجد محتوى العنوان يصب في صالح الكتاب."
التاريخ الشفهي من جنس الحوار
و قال ناقد التاريخ الشفهي رسولي بور: " لا يمكننا وضع الأعوام الرمادية ضمن التاريخ الشفهي، لأن " التاريخ الشفهي من جنس الحوار" و على النص ترك أثره على القارئ ذهنيا. رواية الراوي ليست لوحدها تاريخ شفهي. و إن سجلت حوارات هوشنك منتصري على أشرطة، و لكن نوع العمل، ليس تاريخا شفهيا. أميري كمدون و يعمل في المركز الفني لكيلان فهم الترايخ الشفهي بصورة غير صحيحة."
و أضاف رسولي بور: " هناك اشكاليات في الأعوام الرمادية من الناحية الشكلية و الفنية. " و قال عن التدقيق اللغوي: " لم يراع الترتيب، و لا تخلو الأفعال المركبة من أخطاء و لكنها استطاعت ايصال المعنى."
و قال موضحا:" فقدت أقسام من الكتاب الترابط المنطقي دون وضع ملاحق لها. و عن ذكر التاريخ لم يكن هناك نموذج قمري مثلا أو ميلادي. التناسق في الكتاب لا يخلو من إشكال." و قال: " بعض محتويات الكتاب ليست في مكانها الصحيح. كمثال فترة الطفولة و الدراسة لمنتصري تستمر الى اغسطس 1941، أو في القسم الثاني من الكتاب يشار الى محسن جهانسوز و لم يكن له مكان في القسم هذا."
و أشار رسولي الى الهوامش: " لا نعلم الهوامش هل هي للرواي ( هوشنك منتصري) أم للمدون ( أميري). و بعض الأحداث لم يعين تاريخها، كمثال، أول لقاء منتصري مع هويدا في أي تاريخ كان؟ (ص131) لقاء منتصري مع خبيرين روسيين في أي تاريخ كان؟ ( ص141 و ما بعدها )، أو تاريخ استقالة منتصري من منصب رئاسة جامعة تبريز. كان من الأفضل لو حددت." و أضاف: " هذه الأمور ليس من الصعب تلافيها."
و سأل كلشن عن الجانب الفني للكتاب فأجابه رسولي بور: " الجانب الفني للكتاب جيد، و لكن لو كنت مسؤلا عن الجانب الفني، لقدمته بصورة أخرى." و عن عنوان الكتاب قال:" عنوان الكتاب جيد لأنه لم ينظر الى أحداث الفترة البهلوية برؤية إما أبيض أو أسود."
و قال الناقد رسولي بور عن شخصية منتصري و يساريته: " لشخصية منتصري حالة قوس قزح و لم نر في الكتاب معلومات دقيقة عن نشاط منتصري و أخت رضا رادمنش الأمين العام لحزب تودة و همشهري مجتهدي رئيس ثانوية البرز، و هو أهم مركز لنشاطات اليساريين أو عن فترة رئاسته لجامعة تبريز، و كان على المدون أميري أن يضع للقارئ معلومات أكثر."
و سأل كلشن الباحث التاريخي أميري عن كيفية اختيار " الأعوام الرمادية" كعنوان للكتاب؟ و أجاب: " أراد منتصري تسمية الكتاب ب " ذكريات و آهات" و لكن مع أخذ رأي محمد صادق بيروز، اخترنا الاعوام الرمادية."
قال أميري: " هاجسي كان تسجيل تاريخ رجال لاهيجان
و قال أميري مدون الأعوام الرمادية عن كيفية تعرفه على هوشنك منتصري و هدفه من تأليف الكتاب: " أعرف منتصري جيدا و لدي آلاف الصفحات الحوارية معه. و لكن أول مرة رأيت اسم منتصري كان في كتابات علي دهباشي، حين كان يبحث عن جلال آل أحمد. كان منتصري على علاقة مع جلال آل أحمد، لأن جلال كان من الشخصيات القليلة يحترم الفكر اليساري في خلوته. كان هذا سببا للتعرف على علي دهباشي و منتصري و حين لم يعجب دهباشي بذكريات منتصري دعاني لمجلس تأبين مرجوعي، الرسام اللاهيجي، و حصلت على رقم هاتف منتصري. من هناك جاء هاجسي لتسجيل تاريخ لاهيجان و منتصري من أبنائها اتصلت على منتصري و حددنا وقتا و طرحت كتابة ذكرياته و رحب هو بالفكرة."
و قال أميري عما لم يقل في الأعوام الرمادية: " جمع ذكريات منتصري في أكثر من ألف صفحة و هناك أكثر من 80 وثيقة. و لكن منتصري دقيق جدا و من جانب آخر لديه اتجاهات يسارية. و عن خلاف منتصري مع مجتهدي و عمله في جامعة آريامهر و جامعة تبريز، و الحساسية القائمة حول اسم منتصري في لاهيجان و أول رحلة له الى اوربا و حضوره في حزب التودة، كل هذه الأمور أدت الى أن يقوم منتصري بالتدخل في نص الكتاب و يؤكد على بعض المفردات. الكثير من المواد في حين تدوين الكتاب حذفها منتصري و زوجته روسية الأصل و كمدون لم يكن لي دخل في بعض مواد الكتاب."
ثم سأل كلشن الباحث التاريخي أميري عن : " هل كتب الكتاب على أساس الحياة الخاصة للدكتور منتصري؟" و أجابه أميري: " نعم، و راجعت لتدوين الكتاب مراكز مثل وثائق الثورة الإسلامية و أرشيف جامعة تبريز و رسائل طلاب منتصري." و ذكر: " مع الأسف توفي منتصري بعد صدور الكتاب بيومين، في مارس 2015 في سن ال 92 عاما." و قال: " كان يود أن يصدر كتابا تحت عنوان منتصري من رؤية الآخرين، و يتحدث عما حذف من كتاب الأعوام الرمادية."
و أكمل كلشن: " الأعوام الرمادية كتاب جيد و سلس و يعقد علاقة مع القارئ."
أهم عمل في مجال التاريخ الشفهي ارساء الثقة
قال رسولي بور الناقد للتاريخ الشفوي حول انعدام ارساء الثقة بين أميري و منتصري و زوجته و الحذف الذي دخل في النص: " أهم عمل في مجال التاريخ الشفهي هو الثقة، و لو تمكن اميري من كسب الثقة كمدون من الجانب الآخر لما واجهنا سوء ظن زوجة منتصري و المشاكل التي نراها، و بالطبع لكان الحذف أقل. الخطوة الأولى في كتابة التاريخ الشفهي هو ارساء الثقة."
و قال رسولي بور عن لهجة الرواي: " و إن كان أعضاء التودة ( مثل نظيري) يكتبون النص بجودة- بالطبع ليس من ناحية المحتوى، من ناحية السياق- و لكن مع الأسف الكتاب يحمل الكثير من الأخطاء المطبعية."
و أكد رسولي بور على عدم التاريخية الشفهية لكتاب الأعوام الرمادية و أكد قائلا: " لا نرى في الكتاب حوارا و العمل يدخل في حقل اليوميات."
و سأل كلشن عن أسباب حذف الأسئلة من الكتاب فأجاب أميري: " لم يكن هاجسي كتابة التاريخ الشفهي، بل قول ما لم يقال عن حياة هوشنك منتصري و أزيح عنه ما أطلقت من شائعات. و من جانب آخر كان لمنتصري دور غير مباشر في تشكل الثورة الإسلامية." و قال: " لقاء منتصري مع طلاب في جامعة تبريز مثل الشهيد أبو الحسن تبريزي علينا ألا نغض الطرف عنها." و أضاف: " و التساؤل عن لماذا جاء الكتاب تحت عنوان التاريخ الشفهي يجب أن يسأل المركز الفني لمدينة كيلان عن الأمر."
فكر وليد الحوار
و سأل حجة الإسلام سعيد فخرزادة، مدير قسم الترايخ الشفهي لمكتب أدب الثورة الإسلامية في المركز الفني ، سأل رسولي بور: " على أي أساس يجب أن يكون شكل عمل التاريخ الشفهي على صورة أسئلة و أجوبة؟"
أجاب رسولي بور: " يأتي التاريخ الشفوي في اطار الحوار. كمثال كل أعمال إفلاطون، سوى رسائله، جاءت كلها عن طريق الحوار. لو لم يكن هناك سؤال و جاوب، لما تشكل الفكر. الفكر وليد الحوار."
و أضاف رسولي بور: " حصيلة كتاب التاريخ الشفهي، هو رؤيتان، رؤية من يطرح التساؤل و الثانية الرواي. لو لم تكن الأعمال التاريخية حوارية، لما رأى الأشخاص فيها المعتقدات و مع الأسف في الحوار هناك الناحية التأييدية. يحصل الحوار حين تتضارب الرؤى حول موضوع."
كتاب الأعوام الرمادية من حيث المضمون مهم جدا
و حول مضون النتاج قال رسولي بور: " كتاب الأعوام الرمادية من حيث المضمون مهم جدا. لا أجد دور لأميري في الكتاب كمحاور. من ناحية أخرى الهوامش غير محددة و لا نعرف من كتبها؟"
و قال رسولي عن صورة خليل ملكي في الأعوام الرمادية الذي جاء في الهامش على أنه شخصية حادة: " كان ملكي انسان معتدل و لا نعرف ما هي قرابة منتصري بملكي." و رأى مجئ هذا الخطأ من عدم رعاية الحوار في الكتاب.
و قال رسولي بور: " ليس هناك ذكريات قوية في الكتاب عن العلاقة المقربة مع الجنرال قرني و حضوره في فترة رئاسته لجامعة تبريز، في فترة التظاهرات لهذه المدينة."
و وجه الباحث التاريخي كلشن حديث لأميري: " كبار السن هم كنوزنا ليتك سألت منتصري أكثر حول شخصيات مثل إحسان الله خان و عن بقية شخصيات " نهضة الغابة" الذين كان يعرفهم منتصري و من بين الأسماء المستعارة لمنتصري اخترت فقط " كوهسار" ."
و قال عضو قسم التاريخ السفهي للثورة الإسلامية قزويني: " في الفترة الأخيرة صدرت أعمال جيدة في المحافظات" ، و أشار الى الأعوام الرمادية آملا: " سنرى في المستقبل أعمالا أفضل."
و قال مسؤل مكتب الثقافة و الدراسات الملتزمة للمحافظات قاسمي بور إجابة على سؤال أميري عن أسباب تأخر ترخيص الكتالب: " لم يكن السبب في تأخر صدور الكتاب سياسيا بل العمل عليه بصورة اختصاصية."
و قال أميري عن شخصية منتصري: " لم يكن شخصا عاديا. و رغم أنه ابن اخت رضا رادمنش الأمين العام لحزب التودة و شارك في احتفالات اليساريين و دخل سلك التعليم في تلك الفترة ( يشير الى رئاسة جامعة تبريز) و لكنه لم يسجن قط."
و قال عن فكرته الأساس من تدوين الكتاب: " أنا باحث في حقل المنطقة و عملي في مجال الوثائق."
و قال مدير التاريخ الشفهي لمؤسسة الدراسات التاريخية المعاصرة عن المشاكل الأخرى للكتاب: " التطرق الى فترة التي كان فيها منتصري يشغل منصب محافظ كرمان قليلا ما تمّ التطرق الى المؤسسات و المراكز الحكومية و ليس هناك وجود للناس في الكتاب."
سأل الباحث و الكاتب بهشتي رسولي بور: " لو حاورنا شخصا و كتبنا الحوار أو كسبنا منه معلومات دون ذكر المحاور، هل يعتبر هذا تاريخا شفهيا؟ "
قال رسولي بور: " هذه هي وظيفة العلم أن ينقذنا من التفكير الساذج. العلم في ماهيته متداخل. و لكن إذا لم يكن تلقائيا و قابل للفهم، لن نعرف شيئا عن العلم. التفكير بسطحية و سذاجة أمر غير علمي." و أضاف: " علينا النظر الى التاريخ الشفهي من ثلاث طرق: 1- إمتلاك آلية، المُحاور و المحاور و جهاز تسجيل و لو حذفنا أحد هذه الأضلاع لا يتكامل التاريخ الشفهي. 2- لننظر الى تاريخ الشفهي كاسلوب. 3- نعد أسئلة أو نرتجلها.
و قال رسولي بور في النهاية: " التاريخ الشفهي هو أقرب مفهوم للتاريخ و كلما ابتعدنا عن حدث، نتعرف على ذلك الحدث أكثر."
و تقدم أميري في نهاية الندوة بالشكر من النقاد و المحاورين في المركز الفني، و وعد أنه سوف يصدر كتابين عن قريب.
عدد الزوار: 4887
http://oral-history.ir/?page=post&id=5951