طهران، شارع السيد شيخ هادي

محمود فاضلي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-10-18


رسائل أحمد شاملو الى ع.باشائي

دار جشمه

الطبعة الأولى: 1393

السعر:11 ألف تومان

كتاب " طهران، شارع السيد شيخ هادي" عبارة عن رسائل أحمد شاملو (1) الى ع باشائي صدر مؤخرا عن دار جشمه. و كما ذكر في الكتاب حقوق النشر تعود لمتحف بامداد و النسخ الأصلية من الرسائل يحتفظ بها في المتحف. بدأ تبادل الرسائل بين "شاملو" و باشائي" منذ منتصف خمسينات القرن الماضي و استمرت حتى بعد الثورة. يقول باشائي عن الرسائل التي جاءت في 200 صفحة: " من المألوف عالميا أن رسائل الوجوه المعروفة و المحبوبة تنشر للرأي العام بعد موت كتابها، و صدرت هذه الرسائل على هذا المعنى. رسائل تستطيع أن تظهر زوايا من حياة و اهتمامات الشاعر".

و يقول باشائي في مقدمة الكتاب: " تعرفت على نصوص شاملو الشعرية في بداية العام 1958 حيث حصلت على نسخة من مجموعته الشعرية ( هواء طازج) من دار نيل في طهران، كنت قد تعرفت قبل 58 على اسم أحمد شاملو، خاصة مقدمته حول اسطورة نيما. هواء طازج كان بالنسبة لي هواء طازج. بعد ذلك احترفت قراءة شاملو. في العام 1962 كنت معلما في مدينة ساري و درست الفلسفة و الادب في الثانويات. في جرس فصل الأدب كان شعر شاملو توابله الدائمة و أحيانا لموضوع الانشاء. مثلا أحد الموضوعات " ليل دون نافذة" . صدرت في أعوام 67 و 68 إسبوعية ( خوشه) و رأس شاملو تحريرها ( كانت من أكثر الاسبوعيات الأدبية تأثيرا في الستينيات)، و نشر فيها بعض ترجماتي. لم أكن قد تعرفت على شاملو بعد. كان شاملو يعرف أني أدرس في ساري.

في صيف العام 1969 وصلني اتصال من دائرة التربية و التعليم يعلمني أن هناك رجلا حضره للدائرة و يطلب عنوانك. سألت عن اسمه، فقالوا شاملو. كان حارس الدائرة يوصله الى منزلي حين صادفتهما و هما في الطريق إلينا، أحمد شاملو. ذهبنا الى البيت. قال لي إنه يعد فيلما وثائقيا للتلفزيون عن عادات و تقاليد المدن و القرى ، أحضر فريقه لمازندران و هم الآن في بهنمير بالقرب من بابلسر. ذهبنا الى بهنمير. كانت قراءات شعرية و نقاش شعري و حوارات حول اخراج الفيلم الوثائقي في مجال العادات و التقاليد. علي ذكر نقطة حول دوري في كتاب (كوجه)، إذ سألت عن الموضوع مرات عديدة و تمّ الإشارة للموضوع في رسائل شاملو.

كنا في اليوم الثاني في بهنمير حين أخرج شاملو ملفا طبعت فيه الكلمات و وضعها أمامي. كانت ملخصات كتاب كوجه و كنت تعرفت عليه عن طريق مجلة خوشه. ذكر شاملو كاتبا فرنسيا له عمل مشابه حيث اعد كتابه بدل ترتيب الأبجدية ( و عادة ما ترتب الكتب اللغوية حسب الابجدية) اعدها حسب الموضوع، و استخدم هذه الطريقة في كتابه كوجه. أخذت الأوراق و اعتزلت بها، أول ما خطر لي هو اندهاشي من طرق الغرب في اعداد الكتب. لم أر كتابا ككتاب كوجه في الاعمال الغربية الصادرة باللغة الانجليزية، هنا و في هذا المجال استخدم المفهوم الموضوعي و الاحترافي بصورة موسعة، و لكن ليس بصورة إناء أو "كيس جلدي" وضعني أحمد شاملو بكل سهولة في موقف حرج! و لكنه محبب.

بعد يومين غادرنا بهنمير الى دارابكلا التي تقع 15 كيلو متر شرق ساري للتحضير لتسجيل فيلم عن زواج، بقينا أياما في دارابكلا. وجد تلامذتي الذين تعرفوا على نصوص شاملو في ذلك اليوم فرصة جيدة، يجتمعون في منزلي أو في القرية ليقرؤا الشعر و يسألون. في مرة و بعد عدة أيام من المراجعة وضعت ملاحظاتي عن كتاب كوجه أمام شاملو. قلت له يمكن ادغام الطريقة الغربية مع طريقتنا القديمة للوصول الى طريقة جديدة و يدخل ضمن كتاب كوجه.و نتيجة عملنا هو ما ترونه في مجلدات كتاب كوجه.

هناك الكثير من الكلام و النقاط الأخرى التي شاركتها و سمعتها مع شاملو. بعد عدة أعوام من التذبذب، و لا حاجة لذكرها هنا، سلم شاملو طباعة الكتاب لدار نيل و ستقرؤها في الرسائل. حدثت مشاكل لدار النشر أدت الى عدم طباعة كتاب كوجه (2). في العام 1977 ترك شاملو إيران معترضا و راحلا الى أمريكا و سلمت العمل الى ناشر شاب بدأ عمله حديثا ( دار مازيار) و قد طبع كتابا لي سابقا، و سار العمل مع مراجعة دقيقة و متابعة جادة."

بدأ تبادل الرسائل بين الإثنين من هنا، "باشائي" كوكيل لشاملو يتابع كل أعماله حين كان الآخر في سفر و جاء في الكتاب كل تلك الرسائل، رسائل شاعر مرسلة الى صديق و هي من جانب آخر رحلات (شاملو).

كتب في رسالة لباشائي أرخها ب 14 مارس 1977: " بت دون أخبار عن كتاب كوجه و لا اعلم أين وصل أمر تنضيد حروفه. و كان من المعين أن ترسل لي نسخة حرف (آ) بسرعة لأستطيع إرسال حرف الالف لك بسرعة. و على الظاهر الطباعة هنا أرخص. كمثال قدمت كتاب عن حافظ و أردته ملون لأعرف الأسعار و سألتهم عن سعر الطباعة. و يجب أن أقول هنا و على خلاف تصورنا أن لا أحد يعرفنا هنا و لا يهتمون بنا، الجامعات و التجمعات الادبية،  مثلا منذ اليوم الأول أخذوا رقم هاتف كريمي و اتصلوا به و بدأت رغبة الدعوات. إتصل " آرتور ميلر" و لنا لقاء غدا. إتصلوا من تكساس و دعوني للمشاركة في أمسية شعرية ( مهرجان الشعر العالمي) يبدأ من 12 حتى 15 أبريل في مدينة آستين و أيضا دعوة لمؤتمر ترجمات لغات الشرق الاوسط و غيرها... عن قريب سأكتب عن أخبار جيدة ".

و يصف شاملو في رسالة اخرى مشاركته في مؤتمر الشعر العالمي في مدينة "آستن": " ذهبت في 12 إبريل و حتى اليوم برفقة آيدا تلبية لدعوة مؤتمر الشعر العالمي في مدينة آستين و في المركز الجامعي لهذه المدينة و لمدة ثلاث أيام، و أيضا للمشاركة في ندوة ترجمة الشعر القديم و الجديد الفارسي الى اللغة الانجليزية ذهبنا الى ولاية تكساس، وددت لو كنت معنا، يمكن التكهن بنجاح و لكن ليس الى حد مبالغ فيه، بالطبع الجهات أمرها واضح، الغربيون خالين الوفاض الى درجة يمكن بكل سهولة رميهم بسهم واحد. في الحقيقة يمكنني القول أن شعراء مشهورين مثل كوزمينسكي (روسي) و آلبرتو دلا سردا ( برتغالي) و مايكل هاربر ( أمريكي) و سغوويا ( مكسيكي) ليسوا سوى حفنة طبول ".

و يقول باشائي حول صدور مجموعة الرسائل المتبادلة بينه و بين أحمد شاملو: " في بعض رسائل هذا الكتاب، كان شاملو يشكو من زمنه و يلعنه و في أخرى يذكر أيامه بخير. مثلا كتب لي في رسالة أريد كتابا و أرسله لي عبر البريد أو أرسل القليل من المال". في الواقع كتاب " شارع السيد شيخ هادي" هو مرآة تعكس الصعوبات و السقطات التي واجهها هذا الشاعر في حياته. و يمكن لهذه الرسائل أن تظهر بعض هواجس شاملو، و أغلب هذه الرسائل هي رسائل كتبها لي شاملو في سفره و كل الرسائل تقريبا لها طابع الحديث عن يومياته و هواجسه و ليست ذات طابع أدبي. (3)

يخبر شاملو في رسالة ع. باشائي عن خبر ترجمة نص شعري من كولريدج، الشاعر البريطاني المعروف بالتعاون مع أحمد كريمي. جاء في قسم منها: " إتصلت على ساعدي. قبل ما يقارب شهرين، قال لي إنه أرسل مواد و مقالات للمجلة لم تصلني بعد.لا أعلم هل وصلته رسالتي أم لا. سأكون ممتنا لو اتصلت به، و كتبت الى جانكيرخان منصور رسالة أن يتابع مجموعتي الشعرية الجديدة و لم يجيبني. كيف ترى أنت هذه الإمكانية؟"  و يكمل: " على فكرة هل لديك خبر عن الزقاق الذي لا نهاية له أم لا؟ هل وصلت لمكان؟ الشعر المعروف كولريدج المسمى ( البحار العجوز) ترجمتها مع كريمي و كتب أحمد مقدمة مذهلة. النسخة الإنجليزية جميلة جدا فيها رسوم هاشورية قام بها غاستاو دره و هي جميلة جدا. لو كانوا مستعدين لطباعته فبها أو نتركها لمجلة جراغ".

و يرى مدير دار جشمه بهرنك كيائيان شخصية باشائي و علاقته بالكتاب الصادر: " باشائي هو وكيل أحمد شاملو في إيران و كان متعهدا في القيام بأعمال شاملو حين يكون مسافرا أو منشغلا. لذلك كانا يتبادلان رسائل كثيرة. في كتاب ( طهران شارع السيد شيخ هادي) الذي تبلغ رسائله 60 رسالة نجد رسائل مرفقة بخط شاملو، و تشرح هذه الرسائل طريقة نشر شاملو لكتبه، نقاشات حول كتاب كوجه و قسم من وصيته. و أكثر محتوى الكثير من الرسائل فني. " و حول تدخل وزارة الإرشاد في نصوص الرسائل قال: " الموضوع الوحيد الذي طرح هو حقيقة هذه الرسائل و من حسن الحظ استطعنا اثبات ذلك و بعد الاثبات لم تواجه الرسائل أية مشكلة و لم يلمس نص الكتاب بأي صورة".(4)

 

  1. أحمد شاملو ( 12 ديسمبر 1942- 23 يناير 2000 ) شاعر و كاتب و صحفي و باحث و مترجم و لغوي و من مؤسسي اتحاد الكتاب في إيران قبل الثورة الإسلامية و بعدها.
  2. تعتبر مجموعة كتاب كوجه (الزقاق) من اهم الكتب البحثية في باب الثقافة العامة و لغات و اللهجات الإيرانية.
  3. باشائي: " شارع السيد شيخ" مرآة عن هواجس شاملو، وكالة ايبنا، 20 شهريور 1393.
  4. رسائل أحمد شاملو غير المنشورة، وكالة ايسكا نيوز، 14/6/1393 .

 

المصدرالفارسي

 



 
عدد الزوار: 4746



http://oral-history.ir/?page=post&id=5810