الشكل وأهميته
حميد قزويني
2025-01-25
التاريخ الشفهي هو نتاج العمل البشري، والبشر مختلفون عن بعضهم البعض. لم يكن من الممكن أبداً تكرار وتحقيق الأعمال كلّها في جميع الفترات. الامكانيات والمسارات التاريخية والثقافية ليست هي نفسها. وبالمناسبة، هذا هو المكان الذي تظهر فيه المواهب البشرية والفن؛ الموهبة والفن الذي ينبثق من داخل إبداع وقدرة الباحث في التاريخ الشفهي.
ومن ناحية أخرى، فإن كل ظاهرة لها شكل، والظواهر المضمونية مليئة بالعناصر الشكلية التي تثير مفهوماً لدى الجمهور. ومن أجل فهم جميع الظواهر، حتى الظواهر غير المادية، يقوم الناس بتكوين صورة في أذهانهم ويعتمدون عليها للتواصل.
والسؤال الآن هو، إلى أي مدى يعتمد شكل عمل التاريخ الشفهي على معايير الجماليات ويرتبط بالفن؟
إذا اعتبرنا الشكل في كل ظاهرة هو النظام الداخلي الذي يحكم العلاقات بين مكونات الظاهرة نفسها والبنية التي تحتوي على المضمون، فكلما كان الشكل جميلاً وأنيقاً، كلما كانت إمكانية التقديم والنقل أفضل وأكثر.
وإكمالاً لهذا الأدعاء، ينبغي القول أن قلم المؤلف، ونظام الجُمَل، وشكل الصفحات، وتصميم الغلاف، ومجلد العمل، وجودة الطباعة وحالات علي هذا الغرار، كل هذا مرتبط مع بعضها البعض منطقياً ونظماً ويُكَوّن شكل العمل، ويؤثر علي جودة نقل المضمون وجذب الجمهور.
حتى في مرحلة المقابلة، يتم تحديد بعض الأمور مثل نبرة وأدب الراوي والقائم بإجراء المقابلة، ولغة الجسد وما شابه ذلك من الحالات التي لها تأثير مباشر على المضمون، ضمن الشكل. ولذلك فإن الشكل يرتبط بشكل مباشر بإنتاج العمل، وهو مظهر من مظاهر ذوق وفن الباحث في التاريخ الشفهي.
يظن أحياناً أن الشكل والمضمون مفهومان أو ظاهرتان منفصلتان ويعتبر الشكل أقل أهمية، بينما مهما كان المضمون غنياً فإنه في غياب الشكل المطلوب لا يمكن التواصل مع الجمهور و نقل المفهوم. وفي مثال واضح يمكن أن نذكر فن الخط، والتذهيب، والقطع، والتهميش للقرآن وغيره من الكتب الدينية وديوان الشعراء، وكلّها تلعب دوراً في إيصال المفهوم وجذب الجمهور والتأثير في ذهنه ونظرته.
وبالتالي فإن الشكل ليس نشاطاً منفصلاً عن الأجزاء الأخرى. إن فهمنا من الشكل يعتمد على تجربتنا للآثار المهمة لكل من مبدع العمل والجمهور. وفي الواقع فإن الشكل في أي عمل فني مهم لجذب الجمهور والتأثير فيه، ولا يمكن تجاهله في دورة الإنتاج.
ومن هذا المنطلق يمكن القول أن الشكل الذي يتم النظر فيه من بداية دورة الإنتاج حتي نهايتها، له علاقة وثيقة بالفن والجماليات، وكلما كان ممثلو هذه الدورة يتمتعون بمعرفة فنية أكثر أو يستفادون أكثر من المستشاريين والأشخاص المطلعين على هذا المجال، سيكونون أكثر نجاحاً في إنشاء عمل دائم وقابل للاستخدام للجمهور.
عدد الزوار: 198
http://oral-history.ir/?page=post&id=12374