ما هو مستقبل التاريخ الشفوي؟

حميد قزويني

2024-12-23


إن تطور التكنولوجيا و سهولة حصول الناس على الإمكانيات التي تقدمها مرافق الإتصالات في مختلف المجالات و التوسع في استخدام الذكاء الإصطناعي جعل بعض الوظائف و المجالات العلمية تواجه مستقبلاً غامضاً و غير واضح. فهل سيُعاني التاريخ الشفوي أيضاً من هذا المصير و ينضم إلى قائمة المجالات التي ستتلاشى تدريجياً و تتضاءل أهميتها؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف ما هو محور التاريخ الشفوي الذي تشكّل حوله هذا التخصص وما هي مكانته في المستقبل؟

من الواضح أن الإنسان و ملاحظاته و مشاعره و أفعاله تُشكّل جميعاً محور التاريخ الشفوي. وإن هذه الظاهرة لن تخرج عن سياقها أبداً، ولن يتم التقليل من أهمية الإختصاصات المحيطة بها. إذا نظرنا للموضوع من خلال تقييم عام، يبدو أن التاريخ الشفوي يرتبط بشكل متزايد بمجالات الأنثربولوجيا (علم الإنسان) و الفلسفة و علم الإجتماع و علم النفس و الدراسات الثقافية و الفن و الأدب وغيرها من التخصصات، وبالتالي فهو بذلك يمنح نفسه الإستمرارية في الوجود.

ولاننسى كذلك، أن الإهتمام العام بدراسة تجارب الأشخاص و الرغبة في معرفة العلاقة بين الوضع الحالي و الأحداث الماضية و أهمية إيجاد الهوية الشخصية و الإجتماعية سيؤدي إلى الإستمرار في الحفاظ على التاريخ الشفوي كأداة بحث. ولهذا السبب، يُعتبر التاريخ الشفوي مصدراً هاماً في جميع المجالات العلمية و البحثية ويمكن استخدامه في وسائل الإعلام و الأفلام الوثائقية وحتى المشاريع الفنية وبذلك يكون مُتاحاً للجمهور على نطاق واسع.

يمكن لهذا النوع من الإرتباطات و العلاقات أن تُساعد في إثراء الدراسات العلمية وأن تكشف عن زوايا جديدة للوجود الإنساني ضمن مجموعة أفعال مختلفة. من ناحية أخرى، يعدُّ التاريخ الشفوي أداة قوية للتوثيق و التحليل الإجتماعي و السياسي و الثقافي لأنه يسجل آراء و تجارب الأشخاص العاديين.

وبهذه الطريقة، ومع تقدم تقنيات تسجيل الصوت و الفيديو و طُرق إخراج النص، سيتم تجهيز و إعداد التاريخ الشفوي بأداوات أفضل ستُساعد على جمع البيانات و استخراجها ومن ثم أرشفتها. كما ستُتيح هذه التقنيات توثيقاً أكثر دقة و عالي الجودة بالإضافة إلى أنها ستُساعد المؤرخين على تقديم و عرض المعلومات بطريقة أكثر تفاعلية و بصورة متعددة الوسائط. بالإضافة إلى كل ذلك، سيُساعد الذكاء الإصطناعي بشكل أكبر على طرح الأسئلة و تحديد المواضيع و إيجاد الرواة.

لعلّ التحدي الأهم الذي يواجه هذا التخصص (أي تخصص التاريخ الشفوي) هو النشر غير المنظم للمذكرات وعدم الإلتزام بالأُطر الأخلاقية و القانونية في هذا المجال، الأمر الذي سيتخذ المجتمع لأجله جُملةً من الإجراءات اللازمة.

في تتمة لهذا البحث يستوقفنا سؤال آخر هو: ما هي المهارات التي يجب أن يتعلمها الناشط في مجال التاريخ الشفوي ليكون أكثر حظاً في الحصول على فرصة عمل مناسبة في المستقبل؟ وهل يكفي أن تكون لديه القدرات الرائجة كالقدرة على إجراء المقابلات و كتابة الأثر ثم تحريره لكي يكون حاضراً و موجوداً في عالم الغد الرقمي؟

تُظهر بعض الدراسات المتعلقة بمُستقبل الأبحاث، أنه بالإضافة إلى المعرفة و الخبرة التقليدية في كل المجالات، فإن أهم المهارات هي التمتع برؤية نقدية مبنيّة على التفكير التحليلي و الإبداعي و الإهتمام بالتفاصيل. إن الإفتقار إلى هذا النوع من التفكير يؤدي إلى البقاء ضمن إطار نظرة سطحية تجاه كافة الظواهر الاجتماعية، وهو أمرٌ يُضرّ في إجراء المقابلات و إنتاج الأثر. في الواقع، يحتاج الناشط في مجال التاريخ الشفوي إلى نظرة نقدية متعددة الأبعاد يستطيع من خلالها التعرّف على مواضيع جديدة و إعداد الأسئلة ومن ثم إكمال مشروع التاريخ الشفوي بما يتناسب مع إحتياجات و مُتطلبات الجمهور.

بالإضافة إلى ذلك، إن المعرفة التكنولوجية و القدرة على التعامل مع برامج الكمبيوترالمُختلفة والقدرة على التعاون مع الآخرين و كذلك الحال بالنسبة للمهارة في مراقبة الجودة تُشكل جميعها مجموعة مهارات إضافية لاينبغي على الناشط في مجال التاريخ الشفوي أن يُهملها.

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 60



http://oral-history.ir/?page=post&id=12288