يتطلّب التعليم في التاريخ الشفوي أبحاثاً مُعمّقة
إجراء اللقاء و الإعداد: أكرم دشتبان
2024-11-26
يعتقد الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، الباحث في التاريخ المحلي ومدير مركز المخطوطات التابع للعتبة الرضوية المُقدسة، في محادثة أجراها مع موقع التاريخ الشفوي الإيراني تتمحور حول التعليم، أن تعليم التاريخ الشفوي يعتمد دائماً على ورشات العمل والتجربة. في بعض الأحيان، يتم منح شهادة للأشخاص الذين اتبعوا دورات في هذا المجال، لكن تجربة تدريس التاريخ الشفوي الممتدة على مدار 20 عاماً أظهرت أن اجتياز مثل هكذا دورات و ورشات عمل مع تدريب قصير المدى يكفي فقط للتعرّف على مجال التاريخ الشفوي لكنه لا يؤدي إلى تعميق المعلومات حوله.
أما عن الوضع الحالي للتعليم في مجال التاريخ الشفوي فقد أضاف السيد حسن آبادي قائلاً: "في إيران، تُعقد ورشات عمل تدريبية وتعليمية حول التاريخ الشفوي منذ أكثر من عشرين عاماً. وقد نظمت المراكز الرسمية مثل منظمة مُستندات الثورة الإسلامية، العتبة الرضوية المقدّسة، الجبهة الثقافية للثورة الإسلامية و مؤسسة حفظ و نشر آثار فترة الدفاع المقدس ورشات عمل مختلفة في هذا المجال، حيث قامت من خلالها بتدريس طريقة إجراء المقابلات، الكتابة و التحقّق من صحة المعلومات بالإضافة إلى غير ذلك من الأمور الأخرى. كما سعت أحياناً من خلال كتابة المقالات وتنفيذ مشاريع ذات خطط إلى إضافة إثراء للمحاور. وإذا أردنا اعتبار التاريخ الشفوي علماً قائماً بحدّ ذاته، فمن الواضح أن لدينا العديد من نقاط الضعف في مجال التعليم. في مجال تعليم التاريخ الشفوي، يعتمد كل شيء في الغالب على تراكم تجربة المؤلفين الشخصية وعلى ارتكابهم للأخطاء و من ثم تصحيحها."
وتابع: "لم يتم إدراج التاريخ الشفوي ضمن الأبحاث العلمية في جامعاتنا، وإنما تتم مُناقشته في الغالب على شكل ورشات عمل و لقاءات تتراوح مدتها بين 6 إلى 8 ساعات، وهو أمرٌ لا يكفي لتدريس التاريخ الشفوي. إن تدريس الأبحاث الأكاديمية في هذا المجال تتطلّب دورات تتراوح مدتها بين 3 إلى 6 أشهر. في الواقع، دائماً ما يكون الأساس في تدريباتنا هو ورشات العمل و التجارب."
كما أضاف مدير مركز مخطوطات العتبة الرضوية المقدّسة، مُشيراً إلى نشر العديد من الكتب في مجال التاريخ الشفوي، حتى في مجاله النظري: "لا تزال دراسة التاريخ الشفوي تقتصر على جوانبه العمومية فقط. نحن بحاجة إلى أبحاث مُعمّقة على غرار التاريخ الشفوي والدراسات النوعية والتي تحظى باهتمام أقل. إن التاريخ الشفوي يحتاج إلى متخصصين يُلبّون احتياجات هذا المجال. ففي العشرين عاماً الماضية دفعنا الإهتمام بالتاريخ الشفوي إلى أن نشهد نمواً و تقدماً في هذا المجال اليوم."
يعتقد السيد حسن آبادي: "لقد تمت مناقشة الموضوعات المختلفة للتاريخ الشفوي مرات عديدة، كما تم الحديث عن العديد من مواضيعه النظرية و العلمية، لكن الموضوع الذي يمكن مُلاحظته كمحل اهتمام جديد هو تدريس تأريخ الحرب بالإضافة إلى التأكيد على الموضوع التالي: ماهو دور التاريخ الشفوي في تأريخ الحرب؟. نعلم جميعاً أن الكثير من أعمال توثيق تاريخ سنوات الدفاع المقدس الثمانية قد تم نقله إلينا اليوم من خلال التاريخ الشفوي، كما أنه مرّ ما يُقارب من عشرين عاماً على نشأة طُرق التدريس و البحث و دراسة الموضوعات العلمية و النظرية في التاريخ الشفوي. لذلك علينا الآن أن نرى هل وصل التاريخ الشفوي إلى المكانة التي تليق به في مسألة تأريخ الحرب أم لا؟"
وتابع السيد حسن آبادي قائلاً: "لحسن الحظ، لقد جذبت موضوعات التاريخ الشفوي اهتمام المؤلفين و المؤرخين منذ أوائل العقد 1390 هجري شمسي، وقد عقدت وستُعقد حوله مؤتمرات عديدة، كما سيُعقد مؤتمر آخر في شهر اسفند من هذا العام."
ومع الإشارة إلى أن مستندات التاريخ الشفوي وكيفية استخدامها هو أحد المواضيع الرئيسية في التاريخ الشفوي، أضاف: " نرى في زمننا الحالي أن الأفلام والصوت و الصورة يُشار إليها كوثائق. لقد تطورت دراسة الأساليب العلمية في إجراء المقابلات خلال العقدين الأخيرين لذلك فإن الباحث يعمل الآن بوعي. لكننا بحاجة إلى إلحاق المزيد من المكونات والمعايير ضمن آلية التعليم."
وضمن إثارت السيد حسن آبادي لمسألة أننا إذا نظرنا إلى التاريخ الشفوي كوثيقة، فإننا نرى أن الوثيقة يجب أن تكون لها معايير وأطر محددة من حيث البنية والموضوع والشكل والأصالة و إجراء التصحيح، فقد تابع قائلاً: "عندما تحترم الأصالة، فإن موضوع قضية البحث يحصل على المزيد من المصداقية ويضيف الإثراء للمادة. تجدر الإشارة إلى أن الشخص الذي يعمل في التاريخ الشفوي ولديه القدرة على إنتاج النص، يستخدم أدوات التسجيل والمقابلة والتي لها سياق أكثر عمومية في التاريخ الشفوي لكن هذه الأدوات تُستخدم أيضاً في التأريخ لهذا فإن التاريخ الشفوي و التأريخ مرتبطان بشكل وثيق. لكن التأريخ يُعتبر كمستوى أعلى من التاريخ الشفوي ذلك لأن التاريخ الشفوي هو أداة مساعدة من بين مواضيع أخرى. لقد تم في هذا المجال نشر العديد من الكتب التي تُعنى بالتأريخ و التاريخ الشفوي. إن التأريخ يتطلّب أن نستعين بالتاريخ الشفوي في بعض الحالات وهنا يستوجب التأريخ متطلبات أكثر إما لجهة طريقة التركيب أو إعداد التقارير التي لديها المقبولية بدرجة أعلى. على سبيل المثال، يتم مُتابعة تدوين موسوعة الدفاع المقدس في جميع المراكز ولأجل القيام بهذا الأمر يُستخدم التاريخ الشفوي باعتباره المصدر الأكثر أهمية."
الآن يُمكن طرح هذا السؤال، هل إن استخدام التاريخ الشفوي لإعداد موسوعة للتاريخ الشفوي هو ذات إعداد كتاب للدفاع المقدس؟ بالتأكيد هناك اختلاف. فمنذ ثمانينات القرن الهجري الشمسي المُنصرم أصبحت النظرة أكثر احترافية، لكن علينا أن نفكر في هذه المسألة و نتعامل معها بوعي أكبر. لأن التاريخ الشفهي لم يدخل الجامعات بشكل عام ويتم تدريسه بشكل محدود جداً في بعض المراكز من قبل أساتذة خبراء في هذا المجال الأمر الذي يغلب عليه الجانب التجريبي بشكل أكثر. في الواقع، ليس لدينا معايير للتعليم المهني في التاريخ الشفوي. وبطبيعة الحال، إن هذا الأمر لايقتصر على بلدنا، ففي أمريكا خلال سبعينيات و ثمانينيات القرن الميلادي الماضي تم استخدام التاريخ الشفوي ضمن الأطروحات العلمية. والآن تم تدوين أنماط لإعداد الكتب فأصبح هنالك مجال لمناقشة تلك الكتب والبحث فيها."
عدد الزوار: 19
http://oral-history.ir/?page=post&id=12235