هل التاريخ الشفوي هو ضرب من ضروب الفن؟

الكتاب: حميد قزويني
المترجم: مقدام باقر

2024-04-23


إحدى الأسئلة التي كانت نصب عين الباحثين على مرّ العصور، هي أن التاريخ علم أم ظاهرة من أنواع الفن؟ إنه سؤال أجيب عنه بإجابات فلسفية شتّى.

فقد قال الشهيد مطهري في الإجابة عن هذا السؤال: «هناك عيبان تتصف بهما كتب التاريخ. الأول هو أن معظم المؤّرخين كانوا اُجَراء للقوى السائدة حينئذ، ومن ثم فقد كتبوا التاريخ لصالحهم. والثاني أنه كان المؤرخون يحملون تعصّبات وطنية وطائفية أو تعصّبات أخرى مما تجعلهم يكتبون الأحداث وفق عقائدهم، بغير حاجة إلى الكذب طبعًا. مثل ما لو أرادوا وصف شخصية، وسلطوا الأضواء على محاسنه فقط أو على سيئاته فقط. فإن مثل هذا الوصف لا يطابق الواقع. فمن هذا المنطلق قال البعض: ليس التاريخ من العلم، وإنما من الفن. لأن العلم هو كشف الواقع كما هو، والفن هو صنع شيء كما نريد. فكل مؤرخ فنان، أي قد صنع التاريخ وفق ما يهوى. وبالتعبير الفلسفي، إن مصنوع كل مؤرخ، له مادة وصورة. فأما الأمناء من المؤرخين فلم يتصرّفوا بالمادة ولكنهم غيّروا الصورة. وأما غير الأمناء منهم فقد غيّروا المادة والصورة معًا.» [مرتضى مطهري، فلسفة التاريخ (الفارسي)، ج1، دار صدرا للنشر، ص125]

بغضّ النظر عن ذهابنا إلى أيّ من هذه التعاريف ومن دون أن ندخل في بحوث علم الظواهر، حريّ بنا أن نقف عند هذا السؤال من منطلق الرؤية المنهجية، وهو ما هي النسبة بين فن الباحث في التاريخ الشفوي، وبين هذا الهدف؟ ويا ترى كم سيترك الفن والقدرات أثرهما في تبلور النص، وهل سيكون هذا التأثير على مستوى الظاهر فحسب، أم سيتعدّى إلى المعنى والمضمون؟

من الواضح أنه منذ اللحظات الأولى من الحوار إلى المرحلة النهائية من تدوين النص وثم إصدار الكتاب، إن لفنّ الباحث دورًا حاسمًا في جميع مراحل إنتاج الكتاب، وإنه في الواقع يجسّد صورة من الواقع وفق تشخيصه وقدرته. طبعًا كلّما تطوّر المشروع في عملية بحثية وهادفة أكثر، كان مُطَمئِنًا أكثر. إذن لا ننسَ أن التاريخ الشفوي يعتمد على فن الباحث ورواية الرواي، ونتاجهما يزيد من خزين علم المجتمع، ويمهّد لفوائد علمية أخرى. كما أن أي وثيقة مكتوبة حين إنتاجها، ستكون رهن ذوق منتجها، وفي مسار عملية البحث والتحقيق، تعتمد على مدى علمية الباحث وتشخيصه. وهذه لميزة لا تنفك عن أي أثر تاريخي.

فبناء على هذا، يجب الالتفات إلى هذه الحقيقة وهي أنه وإن كانت هناك تساؤلات في تقييم وتشخيص مدى صدق نص التاريخ الشفوي شأنه كشأن باقي النصوص التاريخية، ولكن لا ينفك النتاج الأخير عن ذوق المؤلف وفنّه. ولذلك طالما وجدنا أن القواعد المستخدمة في أي أثر في مجال التاريخ الشفوي تختلف عن الآثار الأخرى، وذلك باختلاف مقتضى ظروف العمل وبيئته وموضوعه. والأمر هنا يعود إلى فن الكاتب وأسلوبه في إتمام المشروع وعرض الكتاب.

 

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 166



http://oral-history.ir/?page=post&id=11839