ذكريات محمد رضا شركت توتونچي
المترجم: مقدام باقر
2023-12-28
30 كانون الأول
كان أحد أكثر الأيام روعة في مشهد من الأيام المنتهية إلى انتصار الثورة هو اليوم الثلاثين من كانون الأول عام 1978. فقد نزلت في صبيحة ذاك اليوم في مشهد مظاهرة عظيمة. خرجت أنا مع عدد كبير من الناس من مدرسة نوّاب. قطعنا شارع طهران[1] كلّه إلى أن وصلنا إلى ساحة برق. كان الناس قد حملوا صورة كبيرة وجميلة للإمام الخميني(ره) في مقدّمة المظاهرة على طول الطريق.[2] بعد ساحة برق توجّهنا نحو ساحة تقي آباد. عندما وصلنا إلى مبنى المحافظة، رأيت أن صورة الإمام الخميني الكبيرة قد جاءوا بها إلى أمام مبنى المحافظة أيضا. كان الناس مستمرّين في مسيرهم. كنّا في طريقنا صوب ساحة تقي آباد وإذا الجيش هاجمنا. في أثناء هجوم دبّابات الجيش، فرّ كثير من الناس إلى الأزقّة المجاورة وفرّ بعضهم إلى مبنى المحافظة. وفرّ بعض آخرون إلى مستشفى الإمام الرضا(ع) فقلعوا السياج المشبّك وطرحوه جانبًا. ثم انبطحوا خلف الحائط الطوبي للمستشفى والذي لم يتجاوز ارتفاعه مترًا واحدًا.
اشتدّ الرمي وجُرِح البعض وانفضّت المظاهرة. بمساعدة سائق سيارة پيكان، نقلتُ الجرحى إلى مستشفى شاه رضا في سبع وجبات أو ثمان، وفي كل وجبة حملنا حوالي خمسة جرحى أو ستّة. كانت المستشفى تسعهم وتستوعبهم بحمد الله، إذ كان المتعارف أن ينسّق المتظاهرون قبل يوم مع الطاقم الطبّي المنتمي إلى الثورة، وعليه فكانوا قد أفرغوا الأسرّة استعدادًا للجرحى. أي رخّصوا المرضى الذين كان بالإمكان ترخيصهم أو التعجيل في ترخيصهم. مثلا إذا كان المقرّر أن يرخّصوهم بعد يومين أو ثلاثة، كانوا يرخّصونهم أسرع. ولذلك كانت المستشفيات على أهبة الاستعداد، لكي يكونوا مستعدّين لتضميد الجرحى وعلاجهم فيما إذا جُرِح بعض بعض الناس في التظاهرات.
في خلال هذا التنقّل إيابًا وذهابًا كنت جالسًا على حافّة نافذة الباب وقد أخرجت جسمي من النافذة. كنت أطلب من الناس أن يتنحّوا ويفتحوا الطريق لكي نوصل الجرحى إلى المستشفى أسرع. من كثرة ما فتحتُ الطريق بالإشارة، خدرت يدي وأوجعتني كثيرًا. هذا وأنا لم أكن أألف مراجعة الطبيب وفي البيت لم يكن من يرشدني أن أحمي يدي مثلا أو أدلّكها بالماء الحار ليهدأ وجعها.
31 كانون الأول
غدًا أي في اليوم 31 كانون الأول ذهبت إلى مقبرة جنّة الرضا(ع). كان الوضع هناك عجيبًا. كان الناس مضطربين ولم تهدأ فورة غضبهم. لقد جيئ بأجساد أحداث الأمس، ولكن لم تمش الأمور حسب الأصول وأصبح الناس يتشاجرون بينهم على نوبة جنائزهم. كان عدد الجنائز كثيرًا فاستعنت بإثنين على تنظيم الأمور. ثم ترجّينا الناس أن يرصّوا الجنائز في صفّ ليغسّلوا ويكفّنوا كلٌّ في نوبته. بهذه الطريقة خفّت حالة التوتّر والتخاصم الشديد قليلًا وتنظّمت الأمور إلى حدّ ما. لقد كنت حاضرًا في جنة الرضا(ع) حتى الساعة السادسة مساء. إذ لم تبق في تلك الساعة إلا أربع جنائز أو خمس. كان اثنان منهما من المدمنين بلا مأوى والإثنان الآخران مجهولَي الهويّة. كانت في جنّة الرضا(ع) قاعة نقلنا الجنائز إليها، ولكن كانت مفتحة الأبواب فخشينا أن يأتيها الذئاب من الصحاري المجاورة وينتهشوا الجنائز. كان هذا المحتمل واردًا لأن الجوّ كان باردًا وكان من المحتمل أن لا يجد الذئاب طعامًا لهم. على كلّ غلقنا الأبواب بقدر مستطاعنا ثم رجعنا إلى مشهد. كتبت أسماء الجنائز في ورقة ونصبتها في لوحة الإعلانات المنصوبة في واجهة مستشفى شاه رضا. وكتبت ورقة مثلها بالضبط ونصبتها أمام مستشفى شهناز، لكي يقرؤها الناس ويُطلعوا أهلَهم إذا عرفوهم.[3]
[1] شارع الإمام الرضا(ع) الحالي.
[2] المقصود هي الصورة التي رسمها علي رضا خالقي للإمام الخميني لكنّها مُزِّقت بعد حين.
[3] المصدر: ظريف كريمي، نويد، پرده دوم (الستارة الثانية)؛ الذكريات الشفوية لمحمد رضا شركت توتونچي، طهران، انتشارات راه يار، 1399، ص232.
عدد الزوار: 8036
http://oral-history.ir/?page=post&id=11642