ليلة الذكرى ٣٦٨ - ١
الإعداد: موقع تاريخ إيران الشفوي
المترجم: السيد محسن الموسوي
الإعداد: موقع تاريخ إيران الشفوي
المترجم: السيد محسن الموسوي
2025-9-3
أُقيمت ليلة الذكرى الـ 368 في 22 من مايو 2025، تخليدًا لذكرى شهداء الخدمة، في قاعة أنديشة بمركز فنون الثورة الإسلامية. وفي هذا البرنامج، قام كلٌّ من السيد محمد جوزي، والجنرال نصر الله سعيدي، ومسعود ده نمكي ببيان ذكرياتهم. وكان داود صالحي مقدّم مراسم هذه الليلة للذكرى.
■
الراوي الأول للبرنامج، السيد محمد جوزي، وُلد في 27 سبتمبر 1962 في طهران، وهو جار لمسجد آية الله شاه آبادي. انضم إلى الثورة في السادسة عشرة من عمره وأصبح سجينًا سياسيًا. في ذروة الثورة، التحق بثكنة الجيش السادس وحمل السلاح. بعد الثورة، أصبح رسميًا عضوًا في لجنة المسجد. وبعد قضية كردستان، انضم إلى جبهات القتال وبقي هناك حتى نهاية الحرب. لديه عشرة إخوة وأخت، وخلال الحرب المفروضة، كان نصف الأسرة أحيانًا في منطقة الحرب في آنٍ واحد. أجرت هذه العائلة مقابلاتٍ وسجلت ذكريات 15,000 عائلة شهيد خلال الحرب وبعدها. لديهم حوالي 100 تيرابايت من الذكريات والصور والأفلام والمخطوطات من عائلات الشهداء. للراوي شقيقان شهيدان. كان أحدهما يبلغ من العمر 33 عامًا وقت استشهاده، ولديه ثلاثة أطفال. أما الأخ الآخر، فكان في الرابعة عشرة من عمره، وله ثلاث سنوات من الخبرة في الجبهة، أي أنه شارك في الحرب منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره.
بدأ الراوي حديثه بالإشارة إلى الأيام الأخيرة من الحرب، وقال: "مؤخرًا، عندما هاجم العراق، أردتُ الاتصال بإخوتي الآخرين لأخبرهم بالقدوم إلى الجبهة. كان أحد أصدقائي، مجتبى رحيميان، الابن الوحيد في العائلة، يتحدث مع والدته عبر الهاتف. سمعتُ والدته تقول: "مجتبى! أنت ابني الوحيد أتمنى لك الكثير"، قال مجتبى لأمه: "أمي! ألا تخجلين من السيدة زهراء ؟ كم من أبنائها في جبهات القتال؟" ثم توقفت أمه. استشهد اثنان من إخوتي. وأصبح اثنان من إخوتي الآخرين من المعاقين، وصاروا فخرا لعائلتنا.
في إشارة إلى مأساة غزة، قال الراوي: "هناك شقيقان شهيدان هما الشهيد محمد رضا وعلي أكبر خاني في حيّنا . كانت والدتهما لديها هذين الولدين. كان محمد رضا ضابط الاستخبارات في الفرقة العاشرة وكان علي أكبر ضابط الاستخبارات في الفرقة السابعة والعشرين لمحمد رسول الله (ص). أولئك الذين يعتبرون المأساة الأخيرة للحرب مصدر فخر لهم، هم من تسببوا في تقليص عدد القوات التي تتوجه إلى جبهات القتال. وفي هذا الصدد، كتب لي محمد رضا بيتين من الشعر في نهاية الحرب، أستخدمهما لوصف مأساة غزة:
لقد قذفوا وسيلة التوفيق والكرامة علي الأرض
لا أحد يدخل الميدان، فماذا حدث للفرسان؟
تفتحت مئة ألف زهرة ولم يُغرّد طائر
ماذا حدث للعندليب؟ ماذا حدث للبلابل؟
إن أسوأ من شارة العار التي تحلق حول أعناق أمريكا وإسرائيل والغرب اليوم هي شارة العار التي تحلق حول أعناق المسلمين الذين يراقبون هذا المشهد بلا مبالاة.
تابع الراوي: "بفضل عملي في مؤسسة الشهيد، بدأتُ على مدار اثنين وعشرين عامًا بتسجيل ذكريات عائلات الشهداء بكل كاميرا أتيحت لي. كانت والدة الشهيد كشوري تأتي إلينا لتناول الفطور معنا لمدة ساعة، ثم تروي لنا القصص. وكان والدا الشهيد حسين وداود فهميدة يأتيان إلينا لمدة ساعتين ويرويان لنا القصص".
انضم السيد علي رضا إلى الجبهة وهو في الحادية عشرة من عمره، واستشهد وهو في الرابعة عشرة وبضعة أشهر. كنتُ متشككًا بعض الشيء، هل من الصواب الاستشهاد في هذا العمر؟! ثم قرأتُ صفحتين من وصيته. رأيتُ أين هم وأين نحن! في الفلم الذي عُرض للتو، هناك أشخاص رووا قصصهم ورحلوا إلى رحمة الله. من بين 15 ألف مقابلة، هناك 13 ألف مقابلة على الأقل فريدة من نوعها، لأن هؤلاء الأشخاص لم يعودوا متاحين للتحدث إليهم.
لم تُستخدم الذكريات المسجلة في أي مكان حتى الآن. بالإضافة إلى الفلم، لدينا أيضًا أصوات الشهداء المسجلة على أشرطة، وقد زودتنا بها عائلاتهم. كما نحتفظ بصورٍ فوتوغرافيةٍ ورسائلٍ ووصاياٍ عديدةٍ للشهداء. من أصل 1500 وصية، قمنا بتحرير ما بين 1200 و1300 منها. أعتقد أن كل واحدة منها تُعتبر غلافًا لكتاب. لدينا القدرة على إنتاج كتاب يتراوح عدد صفحاته بين 30 و300 صفحة. لكل منها نسختان: رقمية ومطبوعة، كما نوفر نسخة للعائلات.
تابع الراوي حديثه قائلاً: كنا في كتيبة جند الله في بوكان. في الثانية صباحًا، أو الرابعة صباحًا، أو الخامسة مساءً، أينما كان يحضر أعداء الثورة، كنا نذهب ونقاتل. في أحد الأيام، كنا أربعة مقاتلين مسلحين في سوق بوكان. تقدم نحوي طفلان صغيران. قال أحدهما: "جاش بست"، أي "المرتزق الحقير". هرب، فأمسك به بائع الفاكهة. قلت له: "ماذا تفعل؟ دعه وشأنه!" قال: "لقد أهان". قلت: "لا بأس، لقد تعلمت منك". أمسكت بيد الطفل وقلت: "ماذا تريدني أن أشتري لك؟" ثم أخذت أخي إليهم. طلبت منه أن يكون صديقًا للأطفال وأن يقوم بأعمال ثقافية لهم. كان أخي خطاطًا ورسامًا. أرسلته إلى كردستان. استشهد في 23 من يوليو عام ١٩٨٨، على الكيلومتر الستين ما بين الأهواز وخرمشهر، عند مفترق كوشك. كان من لواء الزهراء (س). قال أحد المقاتلين: كنا نركب شاحنة. كان ذلك صباح عيد الأضحى، وكان معنا خمسة سادة في الشاحنة، وقد استشهدوا جميعًا. ثم قال: "رأيتُ جثة أخيك، نصفها، بما في ذلك رأسه وذراعه، قد تقطع، لكن قلبه ما زال ينبض". عندما أدرك هذا المحارب أن علامة أخي لا تزال حول رقبته، وضعها داخل جوربه ليتم التعرف على الجثة لاحقًا.
وتابع: "كان أخي الأكبر يبلغ من العمر 33 عامًا عندما استشهد، وكان له ثلاثة أطفال. كان سائق سيارة إسعاف في الفرقة 27. كانت لديه سيارة إسعاف مع الشهيد إبراهيم صالح آبادي. عندما جاء أخي في إجازة، استشهد الشهيد إبراهيم صالح آبادي. قال أخي في منتصف إجازته: "يجب أن أذهب، فلا أحد يعوض إبراهيم". ذهب، ولم يمضِ أكثر من خمسة أيام حتى استشهد وأعادوه.
لديّ أيضًا ذكرى طيبة للشهيد حبيب جيذري. كنا معًا في كتيبة المهدي التابعة للفرقة العاشرة لسيد الشهداء (ع). كان الحارس الرسمي لمقر شميرانات. بذل جهدًا كبيرًا لإرسال الأطفال إلي جبهات القتال. لاحقًا، أثناء مقابلتي معه، لاحظتُ أن شخصين فقط لديهما أكبر عدد من صور المقاتلين. كان أحدهما حبيب جيذري والآخر حسين نوروزي. عندما كانوا يرسلون الأطفال إلي جبهات القتال يلتقطون لهم صورًا، كانوا يلتقطون صورة لأنفسهم ويضعونها في ألبوم. لم يسمح الحرس الثوري لحبيب جيذري بالذهاب إلى الجبهة. فجمع إجازتاه. وبعد وصول إجازاتها إلي شهر كامل، انضم إلى كتيبة المهدي واستشهد في عملية كربلاء 5. عندما تُرك جثمان الشهيد، نهضتُ عليه بنفسي. كنا قد أسرنا سجينًا عراقيًا. كنتُ على عكس ما أنا عليه الآن؛ كنتُ نحيفًا وصغير الحجم. كان العراقيون أيضًا أضخم حجمًا وأكثر بدانة. رفع أحد هؤلاء العراقيين يديه في الهواء، وشفتاه كأوعية فخارية من الجفاف. كنتُ أعرف القليل من العربية. قلتُ: "هيا، احملوا هذا الجريح إلينا، هيا بنا نأخذه".صديقي حسين حاتمي، وهو الآن على قيد الحياة. انسكب قلبه وأمعاؤه. جاء سجين عراقي ورفعه. قال: "ماء". عندما جئتُ لأسقيه الماء، رأيتُ جثمان الشهيد حبيب جيذري هناك أيضًا. نزعتُ عنه علامته. كانت العلامة منقسمتين. كانوا يقطعون جزءًا منها حتى لو تُركت جثة، تعلن مجموعة التعاون موته بشكل رسمي. رجعنا خلفا. عندما وضعنا الجريح في سيارة الإسعاف، أطلق العراقيون النار على ساق العراقي المذكور آنفا. لم تكن لدينا القدرة لحمله أيضًا. فتركناه هناك وجئنا.
وأشار أيضًا إلى صورة شهيد وقال: "هذا هو الشهيد رامين عبقري. كان من عائلة ثرية جدًا، وكان له شقيقان هما محمد حسين وآرش. أتعجب كيف غادر أمريكا وجاء إلى الجبهة. كان يقول أصدقاؤه إن لديه صديقًا في شارع وزرا كتب له رسالة: "تعال وشاهد جبهات إيران". في البداية، لم يُعر الحرب اهتمامًا حتى أُبلغ باستشهاد صديقه. انزعج وقرر القدوم إلى إيران. خلال فترة وجوده في الجبهة، جُرح ثلاث أو أربع مرات، ولم يحصل على إجازة ولو مرة واحدة. نحن، الذين كان ندعي الصمود كنا نأخذ إجازة شهرين بعد 90 يومًا، لكن هذا الشهيد بقي 12 أو 13 شهرًا، وجُرح عدة مرات. تحدثتُ مع والدته. قالت: "في كل مرة حلمتُ به وهو جريح، كان جريحًا بالفعل. في المرة الأخيرة التي كان على وشك الذهاب فيها إلى الجبهة، جاء إلى المطبخ وقال: "لستِ راضية عن استشهادي. عليكِ بالدعاء". قلتُ: "الله يرزقك ما تشاء". واستشهد أخيرا في عملية بيت المقدس ٢.
تابع مذكراته قائلاً: "أعتقد أن كل مقابلة قابلة للطباعة وتحويلها إلى كتاب. سأشارككم إحداها. كنتُ أُجري مقابلة مع عائلة. طلبتُ من والدة الشهيد رقم هاتفها، فإذا بقي شيء من الشهيد، ترسله لي لأضيفه إلى المقابلة". فقالت: "ليس لدينا شيء". تفاجأتُ وسألتُ: "هل يُمكن؟" فأجابت بنعم. وعندما دفنّا الشهيد وانتهى العزاء، قالت ابنتي: "لنذهب إلى كرج، منزلنا". صباح الجمعة، اتصلوا بنا وقالوا: "عودوا إلى طهران بسرعة". كان منزلنا في شارع بيروزي. عندما وصلنا، رأينا أن صاروخًا قد أصاب المنزل ولم يبقَ منه شيء، ولا حتى ملعقة. طلبتُ من والدها أن يكتب لافتةً تقول: "لقد ذهب منزلنا، ورحل ابننا، لكننا ما زلنا ندعم قائدنا، حبيبنا الخميني".
يتابع..
عدد الزوار: 7








جديد الموقع
تجهيز مستشفى سوسنگرد
وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي
الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.