الحفل الثلاثمئة والرابع والأربعون من أمسية الذكريات ـ 4

المترجم: مقدام باقر

2023-11-18


عُقِد الحفل الثلاثمئة والرابع والأربعون من أمسية الذكريات، في يوم الخميس من 23 شباط 2023م بحضور أبطال القوة البحرية من الجيش في قاعة سورة في الحوزة الفنية. حكى فيها ذكرياته كلٌّ من الأمير علي رضا رودباري، العميد الثاني الطيار فريدون صمدي، الأمير محمد حسن لقماني نژاد والأسير المحرّر الطيار الأمير العميد الثاني محمد صديق قادري. وكذلك أزيح الستار عن كتاب «خلبان صديق» (الطيار الصديق) بحضور حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد حسن أبو ترابي فرد. وكان داوود صالحي عريفَ هذا الحفل من سلسلة أمسيات الذكريات.

كان الراوي الرابع في أمسية الذكريات الثلاثمئة والرابع والأربعين، هو الأسير المحرّر الطيار الأمير العميد الثاني محمد صديق قادري، المولود في 31 كانون الثاني 1954 في مدينة سنندج. حينما كان طالبًا في السنة الأولى من المرحلة الثانوية، شاهد في أثناء طريقه إلى المدرسة طيّارة مروحيةً حدث لها طارئ فاضطرّت إلى أن تهبط وسط الساحة الكبيرة من المدينة. فلمّا شاهد هيبة الطائرة وطيّارها حين نزوله منها تمنّى أن يكون طيّارًا يومًا ما. بعد فترة شارك في امتحان القبول العام وتم قبوله في جامعة تبريز. بعدما طوى بضعة فصول في تلك الجامعة، بان له بأن في ميسوره أن ينتقل إلى طهران ليدرس في فرع الطيران. من هنا تغيّر مسار حياته فجاء إلى طهران وبدأ يباشر الدراسة في فرع الطيران.

في الأيام الأولى من الحرب المفروضة العراقية ضدّ إيران وفي 30 أيلول 1980 استلم هو مع أربعة طيارين، مهمّة شنّ غارة جوّية إلى مدن العراق. فأصيبت إحدى الطائرات بصاروخ فوق سماء بغداد. فعزم الطيّاران فورًا على ترك الطائرة وأن يرفعوا أنف الطائرة إلى الأعلى لكي لا تصطدم بالبناية التي كانت بقربها. قبل لحظات من إصابة الطائرة بالبناية، خرج الطيّاران من الطائرة ثم انفجرت.

تحدث محمد صديق قادري في بداية حديثه عن أسباب ودوافع محاولته في الحيلولة دون اصطدام الطائرة بتلك البناية وقال: قبل أيام من هذا الحدث، قصفت الطائرات العراقية مدرسةً في إيران أدّى إلى مقتل 450 طالبًا. فامتلأ الطيّارون الإيرانيّون غضبًا وأرادوا الانتقام، غير أنه بلغتنا توصية من الإمام بأن قولوا لأبنائي أن لا ينصاعوا لمشاعرهم ولا يجانبوا الصواب في قراراتهم.

ثمّ استطرد الراوي في حديثه قائلا: حينما بدأت الحرب كنت مُقالًا من العمل شأني كشأن غير قليل من القوّات. فعندما رأيت الطائرة العراقية، عرفت ببدأ الحرب بسرعة. فاتصلت ببعض أصدقائي كالشهيد غفور جدّي وقلت: «لا طاقة لي بالصبر، فلا بدّ أن أذهب إلى المقرّ الآن وأحارب بعُدّتي.» وهذا الشعور نفسه قد انتاب آخرين من القوّات كالسيد مهدي يار وغيره. لا بدّ لي أن أقول بأننا نحن القوّات الذين عدنا إلى مهمّتنا كنا حوالي 25 طيّارًا. فاستشهد من هؤلاء تسعة عشر طيّارًا، وأسر منّا ثلاثة وهم أنا والسيد أزهاري الذي كان معي والسيد دهخارقاني.

في الشهر الثالث من الأسر وفي أثناء تحقيق أجري معي، تشرّفت بالتعرّف على الحاج السيد علي أكبر أبو ترابي بلا أن أعرف شخصيته، وأنا ما زلت أذكره. وسأعتز بذكراه بروحي وجسمي ونفسي وفؤادي ما دمتُ حيّا. وبإمكاني أن أقسم بالله أن هذا الشعور كان يخامر جميع الأسرى المحرّرين، إذ كلّ يذكره بخير.

ثم قال الراوي في تكملة حديثه: حينما انضممت إلى قسم العمليّات من كتيبة طيّاري الطيّارات المقاتلة، كان أول لقائي بالأخ الكبير والرؤوف، قائدنا السيد فريدون صمدي. لا يخفى ذلك على أحد ولا نريد أن نبقيه خفيّا أو نسيّس الأمور، ففي الأيام الأولى من الثورة كان يرمي الكثير ومن جملتهم الأنظمة الاستخباراتية في الغرب والشرق والمنافقون إلى إنهاء الجيش، وقد خطّطوا كثيرا من أجل القضاء عليه. كان التلفزيون الإيراني يومئذ قد ذكر أربعة عشر رجلا بأنهم مطرودون أو مسجونون.

وقد ذكرت في كتاب «خلبان صديق» (الطيار الصديق) أن هذه الصفعات لم تجعلني أتهاون في التضحية بروحي أو أتثاقل عن الذهاب إلى الجبهة في اليوم الذي اقتضى الأمر حضوري. عندما بدأت الحرب، هجمت القوّات العراقية بكثرة النمل ولا أحد كان يقاومهم. كانت الأجهزة الاستخباراتية عندهم قد اكتشفت أنه لا جيش ولا طيّار في إيران ورفعت تقارير على ضوء هذه المعطيات. كان أصدقائي في مناصب القيادة يضجّون ويبكون ويطالبون بإعداد الطيّارات في أسرع وقت ليتسنى لهم الطيران وصدّ الهجوم العراقي. كان عندي أصدقاء كثيرون قد استشهدوا وليسوا بيننا اليوم. كان أحدهم الشهيد خسرو جعفري. كنا معًا دائما وكنّا دائما نقدّم مقترحات لشنّ غارات على العراق. قلت للسيد لقماني نژاد كان خسرو مشاغبًا. فقال: كلا؛ بل كان نشيطًا وكانت شهامته وشجاعته من الشدّة بمكان بحيث كان ينظر بسخرية إلى ملايين الرصاصات التي كانت تنهال عليه.

له تتمة..



 
عدد الزوار: 2155


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة