ليالي الذكريات في نسختها الثالثة والعشرين بعد الثلاثمئة ـ 1

يمكن لكل ضابط إيراني أن يكون كتاباً مستقلاً

إعداد: موقع التاريخ الشفوي
ترجمة: حسن حيدري

2021-06-19


أقيم برنامج ليالي الذكريات في نسختها الثالثة والعشرين بعد الثلاثمئة في يوم الخميس الموافق 22 أبريل لعام 2021م في بثّ مباشر عبر الإنستغرام بمركز الفنون. قدّم البرنامج السيد حسين بهزادي بحضور كل من العقيد المحرر "أحمد حيدري" والسيدة "زهراء بناهي روا".

تحدث بداية العقيد المحرر أحمد حيدري. بدأ حديثه بتهنئة يوم 18 أبريل، يوم الجيش للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقال: مذكرات كل الضباط الإيرانيين يمكن أن تكون كتاباً مستقلاً. منهم أمير آذرفر، الذي كان العديد من مغاوير الجيش من طلابه. في العراق هناك مرتفعات تسمى 2519. في عام 1983 م، احتلت القوات الإيرانية هذه المرتفعات، وفي عام 1986 م، استعاد العراق هذه المرتفعات منا. في صيف عام 1986 في ذروة شهر أغسطس حاولت القوات الإيرانية استعادة هذه المرتفعات لكنها فشلت. عندما أصبح أميرآذرفر قائد فرقة المشاة الرابعة والستين في أرومية في نفس العام، شكل كتيبة من جنود النخبة تحت قيادة الراحل خسرو آدم نجاد. تدرب هؤلاء الأشخاص لفترة طويلة كل ليلة وهاجموا نفس المرتفعات على أساس تجريبي للتحضير للهجوم الرئيسي.

وتابع العقيد حيدري قائلاً: أخيراً، وفي شتاء 1986، عبرت هذه الكتيبة الخطوط الأمامية، وسيطرت عليها واحدة تلو الأخري لتصل إلي الأهداف المنشودة. استهدفت العملية ست قواعد في أعلى الهضبة. عندما تم الاستيلاء على 5 قواعد، اتصل الحاج أحمد الخميني بالجبهة وبعد التحدث إلى آذرفر، أخبره أنّ الإمام (رحمه الله) يريد التحدث معه. من سمات آذرفر أنه شخص صادق للغاية. فلما كلمه الإمام (رحمه الله) رفع يده بالدعاء له وقال: بما أنّ سر عملياتكم هو أمير المؤمنين (عليه السلام) إن شاء الله يحميكم ويعينكم. كما قال للإمام (رحمه الله): إنّ سر العملية هو ليس أمير المؤمنين (عليه السلام)، بل مولي المتقين. هذا إن دل إنما يدل علي مصداقية ونزاهة السيد آذر فر.

وتابع الراوي: هذا الصدق ساعد  السيد أمير آذرفر في نهاية الحرب عام 1988. بعد تبني القرار 598 وقبول الصلح والسلام، هاجمت القوات العراقية المنطقة بهدف استعادة مرتفعات 2519، لكن آذر فر لم يسحب جيشه. طلب منه العديد من المسؤولين الإنسحاب للخلف، لكنه رفض. عندما قيل له إنّ عملك هذا يعتبر تمرد علي الأوامر قال: لن ألغي الأوامر، لقد أتخذت الأوامر، لكن الأمر متروك لي لأقرر متى يتعين علي تنفيذه تكتيكياً، ويتوجب عليّ أن أعود بقواتي بأمان، قررت أن أفعل ذلك وفقاً لرؤيتي. وبعد اتخاذ القرار، انتهز العدو هذه الفرصة وضربنا في أجزاء كثيرة في الجبهة، فاستولى على عدد من النقاط أو استشهد العديد من القوات الإيرانية. حاول البعض استخدام حديث آذر فر ضده ورفع دعوى قضائية ضده لعدم الإنصياع للأوامر، لكن العديد من المسؤولين رفيعي المستوى الذين كانوا على علم بصدقه وقفوا ضد هذا القرار.

وتابع حيدري قائلاً: عندما تراجع هو وجيشه قتلوا 60 من قوات العدو في الهجمات التي وقعت. لقد كفنوا الستين باحترام كامل، وعندما شاهدت قوات الصليب الأحمر المشهد، تبادلوا الحديث بأنّ نجاح المجموعة كان بسبب الطريقة التي ينظرون بها، الاحترام الذي قدموه لموتي أعدائهم. وحين رأى قائد الجيش العراقي بعد وقف إطلاق النار أنّ جثث قواتهم قد كفنت هناك، قال لأمير آذر فر: أنا فخور بأنّ جيشي هزم على يد جيشكم.

وتابع الراوي حديثه:عندما نتحدث عن شجاعة القوات الإيرانية في الحرب، عادة ما يقال أكثر من القادة والضباط، ويتم تجاهل المجندين. ومن هؤلاء الأبطال الملازم أول عبد الحميد انشائي. كانت مرتفعات شياكوه منطقة حساسة، وذلك بسبب هيمنتها على قصر شيرين من ثلاث جهات، إذا سقطت في يد العدو، يمكن لنيران العدو أن تصل إلى كيلان الغربية.

وكانت القوات البعثية تحاول السيطرة على المنطقة وإستعادتها من القوات الإيرانية، وكان أحد مراقبي الهاون في المنطقة هو عبد الحميد انشائي. بحلول الوقت الذي كانت مدفعية العدو تستهدف القوات الإيرانية، كان الضغط يتزايد وكان من الصعب جداً الدفاع عن المنطقة. اختلط الصوت اللاسلكي مع صافرة الهاون واتضح أنّ قذيفة الهاون قد سقطت بالقرب منه. وبعد بضع دقائق استعاد وعيه، استأنف مهامه، لكن بسبب شدة إصاباته ونزيفه الحاد، اختفت قدرته تدريجياً. أخيراً، في جملته الأخيرة في الراديو، قال: أخبروا أمي والإمام أنّ شياكوه ارتجفت، لكنني لم أرتجف. أي قاتلت العدو براحة بال حتى آخر لحظة في حياتي.

وتابع العقيد حيدري قائلاً: لدينا جندي آخر اسمه سيد مهدي صابر هميشكي من مواليد قرية سيا كوجه من توابع أستانة أشرفية. في إحدى عمليات تسلل العدو، تم الاستيلاء على خط الجبهة الأمامي ونصب كمين. من الغسق حتى الساعة العاشرة صباحاً تقريباً، لم يتمكنوا من تحرير الخندق.

يذهب الجندي إلى قائده أمير حسين ياسيني ويقول: سأحرر الخندق. سأله القائد كيف تريد أن تفعل هذا؟ يرد من خلال البي كي سي. يسمح له القائد ويقول له: سيد مهدي، عندما تريد عبور القناة، احذر العدو. أجاب: سيدي، أنا لا أعبر القناة، أنا أتحرك فوق القناة. يسأل القائد في مفاجأة لماذا؟ ورداً على ذلك قال: صحيح أنّ جثث العراقيين سقطت في القناة ولكن جثث شهدائنا ايضاً في تلك القناة ولن تطأ قدماي اجساد الشهداء. لقد حمل البي كي سي ووضع الرصاص علي كتفه وبدأ في إطلاق النار على العدو. وبذلك تحمست بقية الكتيبة أيضاً، وأطلق باقي المقاتلين التكبير والرصاص نحو العدو، مما دفعهم إلى التراجع. عندما وصلوا إلى الخندق، للأسف، على بعد ثلاثة أمتار من الخندق، أطلق أحد الأعداء النار على سيد مهدي واستشهد.

وتابع الراوي حديثه بالتذكير بوقت أسره وقال: بعد أن تم القبض عليّ في 15 مارس 1989 أخذونا لزيارة مدينتي النجف وكربلاء. كنا المجموعة الثانية التي تغادر المخيم للزيارة. ذهبت إلى الحمام في الصباح الباكر لغسل الزيارة، حيث لم ألاحظ السلك الذي كان مربوطاً بين العمودين، مما تسبب في إصابة وجهي، واضطروا إلى خياطة الجروح. كنت أنا وصديقي، الذي كان معي، آخر من ركبوا الحافلة. عندما بدأت الحافلة في التحرك، كانت تبث أغنية عربية سريعة. على ما يبدو، قبل أن نركب، سأل طالب السائق من الذي يغني بينكم، وقال الجميع أحمد حيدري. لما تقدم وجاءني وقال إنه يجب أن تغني بأغنية ولم أقبل وقلت إنني أقرأ القرآن فقط. وأُجبر على مقاطعة الأغنية والبدء في تشغيل شريط القرآن للقارئ المنشاوي.

وتابع السيد حيدري قائلاً: عندما وصلنا النجف بدأت تمطر وبصراحة شعرت أنّ ظلم علي (عليه السلام) ما زال محسوساً. بعد الزيارة في الطريق من النجف إلى كربلاء، لأنّ الجميع كانوا متعبين، جلست خلف سائق الحافلة والتقطت الميكروفون، راقبنا أربعة حراس مسلحين عراقيين وضابطا مخابرات. قرأت القرآن أولاً لفترة ثم أنشدت قصيدة للإمام علي (عليه السلام) بدأت بهذه الأبيات:

مسجد كوفه تو در روز جزا شاهد باش

كن شاهداً يا مسجد الكوفة يوم القيامة

من كه معصوم‌ترم از همه مظلوم‌ترم

أنا الأكثر براءة، والأكثر اضطهاداً على الإطلاق

لما قرأت القرآن قال لي العراقيون أحسنت يا منشاوي! وعندما قرأت القصيدة، قيل لي إحسنت يا آهنكران! بعد ذلك أعطاني أحد العراقيين ورقة بها أربع صفحات من جميع آيات القرآن التي تبدأ بربنا وطلب مني أن أقرأها وهو ما لم أقبله وطلبت منه أن يفعل ذلك بنفسه. بدأ في القراءة، وكل الشباب قالوا آمين بعد كل آية. كلما وصلنا إلى كل سيطرة، كان يخفض الميكروفون ويستأنف القراءة بعد اجتيازه.

وأنهى العقيد حيدري حديثه بالقول إنه أخيراً، ووفقًا لما قاله آية الله جوادي آملي، نجح دعاء الشعب وتم إطلاق سراح السجناء الإيرانيين. وعرض الراوي إحدى صور وصوله إلى مدينة بروجرد، وقال: كنا آخر من أطلق سراحهم ولدينا ذكريات جميلة عن استقبال عائلتنا وأهلنا.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2452



http://oral-history.ir/?page=post&id=9936