برنامج ليالي الذكريات في نسختها الواحدة بعد الثلاثمئة ـ 2

الجلادون الصادقون!

موقع التاريخ الشفوي
ترجمة: حسن حيدري

2021-02-14


 

عُقد برنامج ليالي الذكريات في نسختها  الواحدة بعد الثلاثمئة عبر الإنترنت على موقع ويب آبارات في 21 فبراير 2021م. شارك "محمد رضا علي حسيني" و"داود أسعدي خامنه" ذكرياتهما. وقدّم الفقرات المخصصة  لذكرى انتصار الثورة الإسلامية، داود صالحي.

كان الضيف الثاني في برنامج ليالي الذكريات داود أسعدي خامنه، أحد مقاتلي سنوات قبل الثورة. ولد عام 1947م في طهران، بدأ حديثه على النحو التالي: في العهد البهلوي الثاني، كان هناك حزبان، حزب الشعب وإيران الحديثة، وكلاهما يعمل تحت الإشراف المباشر للسلطة الحاكمة آنذاك. لكن في عام 1974 لم يستطع النظام أن يتسامح مع هذين الحزبين، وفي مارس من ذلك العام أسس حزب رستاخيز وأجبر العديد من موظفي الحكومة على الانضمام إليه. كل من لم ينضم للحزب سيواجه مشاكل مختلفة. على الرغم من أنني كنت أعمل في منظمة غير حكومية، إلا أنني اضطررت للانضمام إلى حزب رستاخيز، لكن لأنني لم أفعل ذلك، واجهت بعض المشاكل أيضاً.

وتابع: "المشاكل التي خلقت لي، على الأقل، أصبحت كبيرة لدرجة أنّ بعض أصدقائي قررنا مغادرة البلاد".ذهبنا أولاً إلى ألمانيا ولأننا لم نتمكن من البقاء هناك، ذهبنا إلى السويد، ولأنّ لدينا اتصالات في هامبورغ مع اتحاد الجمعيات الإسلامية للطلاب الإيرانيين في أوروبا والولايات المتحدة، تمكنا من بدء بتأسيس جمعية ستوكهولم الإسلامية في السويد. في ذلك الوقت، وبسبب التفكير العنصري في ألمانيا، سرعان ما وجد الأجانب مواطنيهم وشكلوا مجموعات، ولكن في السويد، بالكاد يمكن للأجنبي أن يجد مواطناً له، ومع ذلك، فقد نمى عدد الأعضاء بشكل ملحوظ خلال العام ونصف العام الماضيين منذ تأسيس الجمعية. بعد فترة، شعرت أنه ليس من الضروري البقاء، وربما إذا كنت داخل البلد، سأتمكن من متابعة أهدافي بشكل أفضل.

وتابع أسدي: أعمل مع أجهزة كمبيوتر IBM منذ عام 1348. عندما عدت إلى إيران، تم تعييني في مركز كمبيوتر جمعية هلال الأحمر. نظراً لأنّ عدد أجهزة الكمبيوتر في إيران في ذلك الوقت كان قليلاً جداً، لم يشارك سوى عدد قليل من الإدارات والمؤسسات أنظمتها مع المؤسسات الأخرى التي تحتاج إلى أجهزة كمبيوتر. كانت إحدى هذه المنظمات منظمة التخطيط والميزانية، وكان المكان الذي عملت فيه هو مركز للكومبيوتر في هذه المنظمة.

في عام 1976، قررت الحكومة تغيير أساس التقويم من الهجري إلي الشاهنشاهي. حيث كان من المعتاد أن تطبع كل منظمة تقويمها الخاص للسنة التالية في نهاية كل عام، كما أنني صممت تقويماً من اثنتي عشرة صفحة ووضعت آية من القرآن في كل صفحة وفقاً لأحداث ذلك الشهر. على سبيل المثال، بالنسبة لشهر آذار (مارس)، الذي صادف ذكرى تأسيس حزب رستاخيز، قمت بإدراج الآية الشهيرة لنصر[1] حزب الله. كنت قد كتبت في بداية التقويم عام 1355 هـ .ش (بدلاً من 2535 الشاهنشاهي). كان لتنظيم البرنامج العديد من المستخدمين، إحداها وزارة المحاكم. في مارس، قمت بطباعة عدد كبير من التقويمات ووضعتها في بوابات جميع المنظمات، وحتى هذا التقويم ذهب إلى وزارة المحاكم.

قال الراوي: "بالإضافة إلى هذه الأنشطة، كان لدي أنشطة مثل طباعة الإعلانيات والأعمال الثقافية والمشاركة في الاجتماعات، والتي أتي نحوي السافاك أخيراً في عام 1976 م. بعد اعتقالي، استغرقت عملية استجوابي حوالي ستة أشهر، وحُكم عليّ في النهاية بالسجن لمدة اثني عشر عاماً. في اليوم الذي جاءوا فيه لاعتقالي، كنت جالساً في مكتبي وأخبرني الموظف بطلبي في غرفة المدير. عندما دخلت، غادر المدير الغرفة وأمسك بأحد يدي من الخلف، وأظهر لي الآخر بندقيته وهي من نوع يوزي وطلب مني الذهاب معهم. لم يوافقوا حتى على طلبي لترتيب الطاولة وقالوا إننا سنعود بعد ربع ساعة. قادوني إلى لجنة السافاك المشتركة لمكافحة التخريب. لفترة من الوقت، وضعوني في الردهة وألقوا بقميصي على رأسي. ثم أخذوني إلى غرفة الدكتور حسيني. الدكتور حسيني حاصل على الدرجة الرابعة الابتدائية ولكنه حاصل على الدكتوراه في التعذيب! كانت لديه جميع أدوات التعذيب في غرفته الخاصة، وطلب من المحقق ممارسة هذا التعذيب أولاً، وجلده كثيراً و ... ثم يتم نقل الشخص المعتقل إلى غرفة الاستجواب.

وتابع أسدي حديثه: لم يكن الدكتور حسيني حاضراً في ذلك اليوم، وبدأ المحقق نفسه بضربي في قدمي بكابل كهربائي. بعد فترة، تم نقلي إلى الحبس الانفرادي ونمت طوال الليل. جاؤوا إلي مرة أخرى في الصباح. نفس الشيء حدث مرة أخرى. هذه المرة جاء الدكتور حسيني. لما رآني حسيني بدأ يتجادل مع المحقق لأنه لم يكن قد أدي الجلد كما يجب! اعتاد أن يوجه أقذر الشتائم إلى المحقق بسبب ضربي المبرح علي قدمي. كما اعتذر المحقق مراراً. في خضم هذا الصراع الدائر بينهما، يضربني بالسوط أحياناً. بعد تعذيبي في غرفة حسيني، أخذوني إلى حجرة أخرى ووضعوا ورقة استجواب أمامي وقالوا لي أن أكتب كل ما أعلمه. في غضون ذلك، دخل أحد الجنود ويدعى منوجهري الغرفة وسألني عن رقم قدمي. قلت أيضاً 45. قال: لنجعل لك قدماً هنا قياسها يكون 65! لقد كانوا أشخاصاً صادقين فيما قالوه لأنّ القدم انتفخت بالفعل.

وتابع الراوي: بقيت في الحبس الانفرادي نحو ثلاثة أسابيع ثم نُقلت إلى زنزانة عامة. وتتكون الزنازين العامة من حجرة تتراوح مساحتها بين 15 و 14 متراً، يسجن فيها عشرة وعشرون وثلاثون شخصاً في هذه الغرفة المغلقة، حسب الظروف. بعد انتهاء استجوابي تم إرسالي إلى سجن القصر. في عام 1976  وبسبب ذروة الاعتقالات، كانت الطاقة الاستيعابية لسجن قصر ممتلئة. لذا أفرغوا زنزانة من السجناء العاديين وأخذونا إلى هناك. بعد ذلك تم إرسالنا إلى سجن رقم 3، وهو أصغر سجن سياسي. بعد شهر أو شهرين، وصل ممثلو المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية وحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إيران. هذا العام تسببت الضغوط الداخلية وانعكاساتها على الدول الأخرى في احتجاج العديد من المحافل الدولية على الشاه. ذهب هؤلاء إلى السجون السياسية وتحدثوا إلى بعض السجناء، وفي النهاية ضغط العالم على الشاه لإطلاق سراح السجناء. في الوقت نفسه، نُقل الأشخاص الذين عادوا لتوهم من الاستجواب وما زالوا يتعرضون للتعذيب إلى سجن قزل حصار، الذي لم يكن معروفاً على نطاق واسع بأنه سجن سياسي. أخيراً، قبل الثورة ببضعة أشهر، أُطلق سراحي مع 560 سجيناً سياسياً آخر.

وتابع الراوي: كان عدد المقاتلين المتدينين ضد نظام الشاه أقل من المقاتلين غير المتدينين، لكن النظام كان أكثر خوفاً من المتدينين. ثم أشار أسدي إلى منظمة مجاهدي خلق وقال: "في البداية تم تشكيل هذا التنظيم من قبل مجموعة من الشباب المؤمنين، لكن نظام الشاه اعتقل قادة هذا التنظيم وحكم على الجميع باستثناء مسعود رجوي بالإعدام" . حاول النظام تشويه صورته باستخدام خدعة تقديم المقاتلين الدينيين كماركسيين إسلاميين.

----------------------------------

[1] الآية 56 من سورة المائدة :« وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ»

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3145



http://oral-history.ir/?page=post&id=9757