الراوي الثاني لليالي الذكريات 2020

استعادة صعوبات الأسر على لسان "مهدي طحانيان"

مريم أسدي جعفري
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-06-06


خاص موقع التاريخ الشفوي، أقيمت فعالية ليالي الذكريات الثالثة عشر بعد الثلاثمائةـ عصر يوم الخميس 21/5/2020 بصورة مجازية عبر موقع آبارت. وقد شارك فيها مهدي رفيعي أحد مدافعي خرمشهر ومهدي طحانيان الذي كان أسيرا.

وكان الراوي الثاني لليالي الذكريات، مهدي طحانيان وهو راوي كتاب "كانوا جميعهم في الثالثة عشر"وبدأ قائلا: "أشكرُ الله كثيرا أنه وفقنا، أننا نستذكر كلما خطرت ببالنا الذكريات دفاعَنا المقدس، ذلك العطر المعنوي والأجواء الروحانية الحاكمة على جبهات حرب الحقّ على الباطل وتلك النفسيات المحاربة والبطلة وأنه يمكنني تقديم بعضها. إن شاء الله أتمكن بذكر بعضها أن نستفيد منها. وبالتأكيد أنها ستكون نافعة للناس. أشير لموضوع والحقيقة كان بالنسبة للعدو، غير معقول إذ شاب في سني ما الذي يمكنه فعله وهو أمر عجيب وغريب. لذا كان على بالي حين أدخل الأسر، ورغم حجم النار الكبيرة من جهتنا، (كانوا يطلقون النار على العراقيين لكي يعيدوا الهجوم) وكانت انفجارات كبيرة وأبنما أنظر أرَ القذائف وهي تنفجر وكان العراقيون يتشوقون لرؤيتنا، وكانوا يتقدمون على الرؤوس والاجساد. أحاطوا بنا. كنت أراهم كيف يتدافعون. يتدافع الرجال لكي يلقوا نظرة علينا ويغيبون. وهكذا تعاعقبوا ليلقوا نظرة علينا. كان الامر بالنسبة لهم عجيبا. أذكر كيف كان قادتهم يصرخون: "تفرقوا... تفرقوا..." ولم يعتنوا. كان حجم النيران كثيف وكان يسقط منهم الجرحى، ورغم ذلك لا يعتنون بالأمر وتركّز انتباههم علينا. كان أحد قادتهم في هذه الأثناء يريد رؤيتنا، أخذني من يدي ووضعني على دبابة وأخذ يبحث حتى وجد كاميرا لياخذ لي صورة. حدثت الكثير من الأمور الصغيرة والكبيرة حتى أخذونا للأسر، وكان الليل قد خيّم. وأخذونا إلى سجن. أتذكر صباح ذلك اليوم 10/5/1982، يبدو أنّ العراقيين أعدّوا لنا خطة ولا يريدون أن يمر الحدث دون احداث ضجة. يأتون لنا كلّ يوم ويأخذوننا إلى الخطّ الأمامي لمنح قواتهم دافع نفسي. يريدون اخبارهم ألا يخافوا فالجنود الإيرايين ليسوا إلا اطفالا. لا يجرؤا كبارهم على دخول الحرب. ولكن الحمد لله الإيمان الكبير بالاسلام والقرآن وحبّ الإمام والوطن أن نترك أعداءنا يفرحون بما حصلوا. مهما كان الخطر والتهديد سوف تتصدى له. ظنّ العدو أنّ من يقف أمامه مجرد كائنات صغيرة ويمكنه الوصول إلى أهدافه. ومَن كان يأخذنا هو بعمر جدي ويعمل في استخبارات بغداد والتوجيه العسكري. صدقوني كنت أغيض رجل الاستخبارت حتى وصل به الأمر إلى تهديدي: "سوف نقتلك. لو أعدتَ ما قلته اليوم سوف أشدّك على المدفع". ولكن في النهاية وجدوا أنّ كلّ ما فعلوه لم يكن في صالحهم. وحين أخذونا إلى معسكر الأسر ، عاملونا بنفس الشدة، ويحضر الكثير من المراسلين الاجانب.يضعوننا أمام المراسلين، فقد نخطأ ويستغلون الفرصة ضدنا. وأذكر جيش حزب العبث كيف كان يصرّ اظهارنا لكي نشكل ورقة ضغط على الجمهورية الإسلامية دوليا. ولكننا على العكس نحوّل الفرصة لنا. كان هناك ضابط عراقي كردي. ويعرف الفارسية وكان معنا في كلّ اللقاءات الصحفية. كان يهددنا أن نقول ما يطلبه منا! وتخيلوا سوف يخرج المراسل بعد دقيقتين. كان المراسلون يحتضنوننا ويقبلوننا ويبكون. وحين نحدثهم عن حبنا لثورتنا ووطننا، وحده الله يعلم ما يحدث لهم من تغيير. ورغم أنهم شخصيات كبيرة، أرى وجوههم مبتلة بالدموع ويقومون بعمل يغضب الضباط العراقيين. كنت ترى العراقيين في الليل ومنتصف الليل يهجمون مثل المغول. يأخذوننا إلى الحمامات ويضعوننا تحت الماء البارد. كانوا يضروننا 5 دقائق حتى لا نعرف ملامح بعضنا بعضا. وكان العراقيون يعذبوننا من الناحية الغذائية والنفسية. وكلما زاد العدو تعذيبه زادت مقاوتنا. ورغم أنهم بعثيين وجلادين وشراب دماء ولكنهم يعترفون ويقولون: "من أنتم! أنتم والله فوق البشر". أو "والله أنتم لستم أسرنا، بل نحن أسراكم". ومن يقول هذه الجملة؟ أحد أخبث وأحد وأظلم البعثيين من بينهم. ولأنّ هذه الأيام تصادف شهر رمضان المبارك وليالي القدر، طلب مني الأصدقاء أن أشير إلى حياتنا في الأسر. أذكر أول شهر رمضان مرّ علينا، كان في عزّ الصيف. وأين في العراق في منطقة الرمادي. وحاول الشباب اقناع العراقيين بأنه شهر رمضان لا تقدموا لنا الحساء الصباحي على الأقل. اعطونا إياه في الغروب. وأخروا زمن وجبة الغداء للافطار. ولكنّ العراقيين يرفضون. هذا هو قانون الجيش. وحسب قانون جيشهم الصيام ممنوع. ويجيبوننا: "لستم مجبرين على الصيام. من طلب منكم الصيام". أتذكر الحساء الذي نأخذنه صباحا ونتركه للافطار، كأنّ عليه طبقة. ولم يكن لدينا ثلاجة ولا مكان نجفظه فيه. حدثت لنا الكثير من الأمور، حتى أننا كنا ندعو الله ونقول وهل يمكن لانسان أن يتناول مثل هذا الطعام ويبقى على قيد الحياة. ليس هناك وقت لشرحها كلها، ولكن يجب أن نعرف قدر الاسلام  لو أردنا إيران قوية وعزيزة. أترككم بعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2648



http://oral-history.ir/?page=post&id=9257