مذكرات راوي كتاب "أجمل أيام حياتي"؛ السيدة فوزية مديح

عقدتُ صفقة على صبري مع الله

السيدة بكاه رضا زاده
ترجمة: حسن حيدري

2020-05-30


ولدت في خرمشهر وأنا من مقاومات هذه المدينة. رأيت بأمّ عيني الثورة وحرب خلق عرب في خرمشهر وحضرتها. أريد البدأ من حسينية الاصفهانين في خرمشهر. كنا مجموعة من الشباب المتحمسين بدأنا نشاطنا الثقافي في هذه المدينة. كانت القرى في تلك الفترة من ناحية الوضع الثقافي والمالي مؤسف جدا. وحاولنا دعمهم. ثم جاءت الحرب في خرمشهر. كنا مثل أغلب الناس نعيش حياة عادية. اشترى الناس القرطاسيات لدخول المدرسة في اليوم الثاني وفجأة هزّ المدينة صوت مخيف. لم نكن مستعديم لمواجهة مثل هذا الأمر. في نفس اليوم، 31 شهريور الساعة الخامسة عصرا، استشهد الكثير من أبناء المدينة. كان لدينا نحن الشباب بعض التدريب. بدأنا بتعليم الناس دورات عسكرية. دخلنا في حرب مفروضة ولكنّ أكثر الناس مرتبكة ولا يعلمون ماذا يفعلون. كنت حينها في الحادية والعشرين وإذا قالوا لي لقد مات أحدهم لا أجرأ على الدنو منه... فمابلك بجمع قطع الشهيد لدفنه في مقبرة خرمشهر! أقصد مقبرة "جنت آباد". وجدت نفسي في المشفى لأقدّم مساعدة. كانت فتاة في مثل عمري تقدم المساعدات. كنا نضطر أحيانا للصراخ. ووسط هذه الأوضاع الكهرباء والماء مقطوعين. في بداية الحرب قاوم أبناء المدينة. كان يوجد معسكر باسم "دج" مغلق الأبواب. فتحوا الشباب الباب وأخرجوا دبابات قديمة؛ لكي يعلم العراقيون أنّ لدينا أسلحة وعتاد! قاومنا 35 يوما على هذه الصورة. جاء حينها أبو الحسن بني صدر وكان رئيسا للجمهورية. شاهد كيف تحترق المدينة. طلبوا منه ارسال العتاد، ولكنه واجهنا بهذه الجملة "وهل الطائرات السمتية والعتاد حلويات لأرسلها لكم؟" قاومنا على هذا الشكل أكثر من 35 يوما ولم يود الناس ترك خرمشهر. ولو أردت أن أكون واقعية وأعترف فلم يكن لديهم مكان للذهاب إليه. كان حينها مقام "السيد عباس" معروف.لم يستطع الخروج لجئوا إليه. وكنت هناك مسؤلة الطعام. ولكن المكان لم يقاوم. طلبوا من البعض الخروج! كل الطرق مقطوعة. واعلنت عن استعدادي لايصال الناسوكان معي أمي وأختي الكبيرة واختي الصغيرة لم يتجاوز عمره الستة سنوات. حين خرجنا من المدينة كانت طائرات البعث تحلق فوق رؤوسنا. لم نعرف طريقنا وعرفنا الطريق من مسير طائرات الميغ العراقية. فغيّرنا طريقنا.اسمحوا لي أن أتحدث بداية عن الشهيد "منصور كلي". شاب في الرابعة والعشرين، مؤمن ويصلي صلاة الليل. حتى في سفره لا يترك صلاة الليل. كان يتلو دعاء كيلو ويبكي. كان قارئا. وكان هدفي من كتاب "أفضل أيامي" هذه النقطة لأصفه بصورة كاملة للأجيال القادمة. باختصار كان منصورا رجل الله. لا يمكن للكلمات وصفه ولست مبالغة. كان يريد أن أرتبط معه، وعارضت العائلتان. وقد تدخل الشهيد "محمد جهان آرا" بين العائلتين. ورغم ذلك لم توافق العائلتان. وبعد سنتين وافقت العائلتان على الزواج. ووعد الشهيد جان آرا بمنح منصور خمسة أيام إجازة. بالطبع تمّ الزواج دون علم عائلة منصور. وقد كان منشغلا بالعمليات وجاء يطلب يدي وحده بنفس الثياب المغبرة. وحين سقطت خرمشهر رحلنا إلى شيراز مع العائلة. وهناك طلب يدي. حين طلب يدي كان في شهر محرم وانتقل إلى رحمة الله آية الله طباطبائي وهناك عزاء عمومي ومات جدي. كان حينها إمام الجمعة الموقت آية الله "دستغيب". قال منصور بأنه سيذهب إليه ليسأله. وأجابه الشهيد دستغيب بأنه ليس يخلو من اشكال بل مستحب لأنها سنة الرسول (ص). وطلي دستغيب من ابنه أن يجري مراسم العقد.وذهبنا في اليوم الثاني إلى اصفهان لأنّ عائلة منصور كانت هناك. لم نقم مع بعض إلا ستة أشهر وهي أشهر لا توصف. عشنا تحت وقع القذائف والقنابل في آبادان ويمكن الرجوع إلى الكتاب لمعرفة التفاصيل. وصلت أخبار بأنّ منصور ورفقائه أصيبوا، وحلمت بنفس الليلة به مستشهدا وقد أخبرتهم بأنه استشهد. عدت إلى آبادان بعد أن ذهبت الى شوشتر. اتضح أنّ قلبي لم يخطأ وقد استشهد واتضح أنّ خطأ وقع واخذوه إلى مدينة مشهد. يسألني الكثير لماذا اخترت عنوان "أجمل أيام حياتي" أليس الكتاب عن الحرب؟ ولكني أجيب بأني عقدتُ صفقة على صبري مع الله، كما فعلت السيد زينب (س) 1

 

  1. السيدة فوزية مديح زوجة الشهيد منصور كلي وذكرت هذه الذكرى في ذكرى شهداء كتيبة أنصار الرسول (ص) 2019.

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 2437



http://oral-history.ir/?page=post&id=9246