ثاني ليالي الذكرات العام 2020

رواية انسانية عن تحرير خرمشهر

مريم أسدي
ترجمة: هادي سالمي

2020-05-30


مهدي رفيعي هو أحد مدافعي خرمشهر وقد تحدث في فعالية ليالي الذكريات الثلاثمائة وثلاثة عشر عن العلاقات الانسانية بين الطرفين المتقاتلين، بعد تحرير خرمشهر وقال: "الذكرى التي أريد الحديث عنها الليلة، من رؤية أخرى. قد لا تتعلق بالحركة والآر بي جي واطلاق النار، بيد أنّ شعور الانسان عميق وخارج للعادة".

وقد أقيمت ليالي الذكريات عصر يوم الخميس 21/5/2020 عبر الانترنت. وشارك كل من مهدي رفيعي ومهدي طحانيان متحدثين عن فترة الحرب.

وقدّم أكبر عيني الفعالية. وشاهد المشاركون في بداية الفعالية كليب "خرمشهر يرويها السيد مرتضى آويني" ومن ثم تحدث مهدي رفيعي وبدأ قائلا: "أبدأ بنص شعري... الحقيقة نحن نأتي من لا شيء إلى لا شيء، هو تفسير "إنا لله وإنا إليه راجعون" وتعرفون أنه من صفات الله تعالى، اللا مكان واللا معاد. هذه الأبيات هي وصف لشخصيات كبيرة مثل الحاج إبراهيم همت ومحمد جاهن آرا ومهدي باكري والحاج حسين خرازي. لا أعرف هل استشهد الحاج أحمد توسليان أم مازال أسير الصهانية. أحيانا أحسدهم. طيب في البداية كنت أخفف عن نسي. أريد الدخول في موضوع عمليات بيت المقدس. الواقع أنّ عمليات بيت المقدس والفتح المبين مثل كل متن تحتاج إلى مقدمة. كانت المقدمة عمليات محمد رسول الله (ص) التي حدثت في باوه ومريوان. تساقط الثلج بطول 5 أو 5 أمتار. هجمنا من محور سيف على مدينة الطويلة العراقية وكانت القايدة مع الحاج إبراهيم والشباب مع أحمد توسلي  من محور تته. لأني كنتُ أحد قادة العمليات، من الناحية الاستراتيجية، كانت ضعيفة جدا وقد حاججت مرات ومرات الحاج إبراهيم. وكان الحاج يراعي عمري ودراستي وحين وجدني أصرّ على موقفي قال لي: "أبو كميل! ( كان يناديني دائما بأي كميل)  لا نريد احتلال حظيرة، نريد قرع الحظيرة ليتردد صداها لأشهر". كنت ما أزال متأثرا بجراحي من عمليات محمد رسول الله (ص). ولكني شاركت في عمليات عديدة. وحين ذهبت إلى عمليات الفتح المبين، عرفت ما كان يرمي إليه الحاج إبراهيم. الطبل الذي عُرق في ديسمبر 1981، جاء صوته في 82 في عمليات الفتح المبين وفي الثالث من خرداد وكلها مديونة لاستراتيجي كبير باسم حسب باقري. ولن نجد في كل الجامعات شخصية مثله.

بالطبع تتطلب أطروحات حسن، شخصيات مثل أحمد متوسليان. مثل الحاج إبراهيم همت، مثل مهدي باكري والحاج حسين خرازي. لماذا أعيد دائما أسماء الشهداء؟ كانت تحتاج أشخصا مثل مرتضى قرباني. ولكن الحقيقة هي حين رحل حسن، لم يعد لعملهم فائدة. كان حسن رأسنا. رحمه الله. وقبل أن أنتقل إلى الذكرى الأساس، رأيت لا بأس ذكر هذه الأسماء بما أنها تذكر قليلا. لنذهب إلى متحف الدفاع المقدس. لتنظروا ماذا لديهم عن محمد جهان آرا؟ .... لا شيء. وكأنّ محمد جهان آرا لم يشارك في الحرب. وكأنه لم يقاوم في خرمشهر دون أسلحة برفقة شباب لا تتجاوز أعمارهم ال20 سنة. كنت حينها في 33 سنة وأعتبر من الكبار في السن. كأنه لم يكن كما كان. لن تجد صورة من محمد ومتاحفنا تخلو من الشخصيات الكبيرة. ما أريد الحديث عنه هو متاحف من رؤية أخرى. لا يترتبط الحركة والآر بي جي، ولكن فيه إحساس انساني عميق. أتذكر، الليلة الثالثة في منطقة المحرزي، الواقعة في جنوب شرق كارون. كنا نعلم بأنّ شباب حضرة الرسول (ص) قد فتحوا الشلمجه ونعلم أنهم عائدون إلى خرمشهر. عادة لا يعلم المدافعون أخبار الجبهات، ولكن لدى القوات المهاجمة معلومات جيدة. طيب كنا نعلم ما فعله شباب لواء حضرة الرسول (ص) لضربهم أهداف ويتجهون إلى الشلجمه. لم يكن العراقيون ينتظروننا وفاجئتهم الحركة. كان لديّ مساعد من منطقة آبادان اسمه حميد أكبري. رحمه الله، لقد استشهد. حملت حقيبة ظهر ممتلئة بصور الإمام الخميني (ره). وحميد أيضا حمل حقيبة ظهر، بها صور آية الله منتظري وكان حينها قائم مقام القائد. سبحنا في كارون. ذهبنا إلى القسم الشمالي من خرمشهر حتى وصلنا إلى مركز المدينة. فجأة شعرت بفوهة كلاشنكوف موجهة لرقبتي. شخص يتحدث العربية قال ضعوا حقائبكم على الأرض وناموا على الأرض، باعدوا بين أيدكم وأرجلكم. وفعلنا ما طلبه. ثم بدأ يسأل بالعربي. قلت له أنا أفهم العربية. ولكن بما أني كنت بعيدا عن خرمشهر، لا أجيدهم جيدا. ولكن يمكن تكلم الانجليزية معي وبدأ يكلمني بالانجليزية. فتشنا ولم يجد معنا أسلحة. قال لي يبدو أنك متعلم. قلت له نعم. قال: "ماذا درست؟" قلت: "أنا أستاذ فيزياء". مدّ يده. ضغط على يدي وقال: "أنا أيضا أستاذ فيزياء". مازحته: "عادة ما نذهب إلى كلية الكيمياء للبحث عن الفتيات". لقد قلت هذه الجملة على أية حال.  لا أريد حذف شيء مما قلته. قال: "ما اسمك؟" قلت: "مهدي". قال: "إذاً أنت لست من العسكر". قلت: "لا. أنا من القوات الشعبية وابن هذه المدينة وأدافع عن مدينتي. والآن جئت لأحرر مدينتي. لست عسكري".  قال: "ما تفعل الآن هنا؟ دون أسلحة! مع حقيبتي ظهر! ماذا فيهما؟" قلت له: "أحضرت لكم صور الإمام الخيميني (ره) وآية الله منتظري. لتكن معكم، ولن يقتلكم أحد". ورغم أني رأيت المتحف أكثر من 200 مرة، حين أرى الدما في خرمشهر، أبكي بصوت عالي. وليس مهم أن يكون معي احد. وهناك بيت شعر بجانب الصورة "مع السلامة يا طفلي". لا يمكن أن يخطر على بالي الشعر ولا تسيل دموعي. ضحك الضابط العراقي وقال: "يا مهدي أنت مضحك جدا". لم يكن يعلم ما يحدث. قلت له غدا ستتحرر خرمشهر. قال: "كم طفل لديك؟" قلت: "لديّ ابن وابنة". قال: "أنا أيضا لديّ ابنة وإذا أراد الله لديّ ابن في الطريق". على أية حال دلّنا على الطريق لكي لا نقع بدي العراقيين. ولكنه اخذ معه الحقبتين. في اليوم الثاني صباحا، كنت أبحث عن كاظم وأنا أسوق دراجة نارية،  نفس صديقنا الذي عرفت أنّ اسمه الكامل كاظم محمد. شيعي من أهل النجف. حين وصلنا كان أحد شباب كتية الإمام الحسين يضع البندقية على رأسه ويريد اطلاق النار عليه. إذ كان يحمل كاظم رتبة عقيد. وصلت وأبعدت بندقية شاب عمره 1- أو 15 سنة. قلت له هذا الضابط مهم جدا. سوف آخذه معي إلى المقر. أخذت كاظم معي إلى الحدود وقلت له: "كاظم يمكنك العودة من هنا إلى العراق". نظر كاظم للجانبين. قال: "لقد أخبرتك بأنّ لديّ بنت وانتظر ابن. لو عدت، إما أنهم سيعدومنني أو يرسلونني للحرب حتى أموت. خذني إلى مركز الأسرى". تحت اصراره أخذته معي. وكنت كلما أمرّ على مركز الأسرى أزوره. آخذ معي فواكه أو مال أو ثياب. استمر الحال حتى تبادلنا الأسرى. لم أسمع أخبار كاظم. حتى قبل ثلاث أعوام، حدث أمر عجيب. أسست فريق للسفر بعد تقاعدي وأغلبها لخارج البلاد. في أحد الأيام، كان لديّ ضيف باسم عمار. لفت انتباهي. من فرنسا واسمه عمار! ضغط على الجرس في الساعة الثانية ليلا وفتحت الباب له. دخل واخذني في حضنه وبدأ بالبكاء. قال: "آنكل مهدي... آنكل مهدي" قلت: "من أين تعرفني؟" قال: "أنا ابن كاظم". قلت: "أيّ كاظم؟" قال: "الذي أنقذ حياتك واتقذته". قلت: "آسف لا أذكر. ما الذي تقوله؟". جلسنا وبدأ يذكرني. للتو عرفت أي كاظم يقصد. الحقيقة كان من الصعب عليّ نسيان ما فعلوه من جرائم في خرمشهر. ولكني مع رؤية عمار سامحتهم. كلّ النساء اللاتي فقدن أزواجهن كانوا ضحايا.  الامهات الآباء كلهم ضحايا من الطرفين... لديهم ثقافة مشتركة انظروا أين تقع عاصمة الساسانيين بقرب دجلة. المدائن بقرب دجلة. لن أطيل عليكم شكرا".

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2153



http://oral-history.ir/?page=post&id=9244