ذكرى من إيران ترابي

دعم النساء في الدفاع المقدس

سيدة بكاه رضا زادة
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-05-16


 

خاص موقع التاريخ الشفوي الإيراني، تطرقت كاتبة مذكرات "مذكرات إيران" السيدة إيران ترابي في الدورة الثانية عشر لشعداء كتيبة أنصار الرسول (ص) لذكرياتها أثناء الدفاع المقدس. وقد عملت لأعوام في مستشفيات حربية ومناطق بعيدة. وشاركت في تظاهرات الجمعة الدامية في 1978. تقول: "كنت ضمن الكادر الطبي في فترة الحرب المفروضة أثناء محاصرة سوسنكرد وكردستان وعمليان مرصاد وساعدت جرحى الحرب ورأيت من قرب شجاعة أبطالنا".

بدأت إيران ترابي حديثها ببيت شعري ثم قالت أنا إيرات ترابي، مولودة في تويسركان، تقع في محافظة همدان. عشت في تلك المدينة حتى حصلت على شهادة الخامس الابتدائي. ومع الامتحانات النهائية أصبت بمرض واخذتني امي للمشفى. والتقت هناك بعجوز قروية برفقة طفل مريض وكانت ترجو الممرضة وتقول: دعي الطبيب يرى طفلي! وطانت الممرضة تجيبها من علو بأنّ الطبيب في غرفة العمليات! وكانت العجوز تصر. عرفت أنّ طفلها مرتفعة درجة حرارته. دفعت الممرضة العجوز. ووقعت هي وطفلها على الأرض. وهنا جاءتني فكرة أن اكمل دراستي لأصبح ممرضة لأخدم في القرى. أنهيت الصف الخامس. وكان أبي مثل آلاف القرويين في المدن الصغيرة، يعراضون اكمال الدراسة. وكان تقبل هذا الموضوع أليما عليّ. وكان حينها ابن عمي معلما. اتجهت إليه مباشرة. وطلت منه أن توسط عند أبي لأكمل دراستي وأصبح ممرضة. تحدث ابن عمي مع أبي ولكنه لم يقنع. اقترح ابن عمي أن يحضر لي الكتب وبساعدني في الامتحانات. وذلك ما حصل ونجحت. جاء ابن عمي مرة اخرى وطلب من أبي بقوة أن أكمل دراستي وقال له من الظلم ألا تدرس فتاة بمثل ذكائها. وكان أبي كبير العائلة وقد رفض فذهبت إلى بيت عمي. وقلت لهم إما أن أكمل دراستي أو لن اعود. وتدخلت العائلة ورضخ أبي أخيرا. توقفت دراستي بضعة اعوام وعن طريق المدرسة الليلة أكملت دراستي. عصرا كنت مع صديقاتي نجلس في أكبر ميدان في مدينة تويسركان. ولاحظت اعلان عن قبول طالبات لدرساة القابلة في مدينة همدان. استشرت أمي وجاهدت حتى أقنعت عائلتي. وكان حين يعمل أخي في مركز لعلاج الأسنان وأخذني إلى همدان. وأتذكر جيدا قبول الدكتورة دادسرت لي. وعدت بعد ثلاث أيام لأني كنت اعدّ وثائقي لهم وكانت الدراسة قد بدأت. درست سنة ونصف دراسة مضغوطة. وطلبوا منا الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الطبية لإكمال الدراسة. وحين ذكروا وجوب ارتداء الثياب الطبية تجمدت في مكاني. عليّ وضع قبعة على رأسي وارتداء قميص كم قصير. وهذا ما تعارضه عائلتي كليا. وقد أعددت لي ثيابا خاصة تغطيني وتتناسب مع عملي. وبعد انتهاء الدراسة مهمتي هي التمريض فالعمل في قرية.واعترضت. وطلبت منهم ارسالي إلى قرية بعيدة. قرية باسم "كارخانه" تقع بين تويسركان وكرمنشاه ويذهب سكانها للعلاج إلى كرمانشاه أو همدان. لا يوجد في قرية كارخانه إلا مركز مستوصف صغير ويرتاده 25 قرية. فرح كادر المستوصف بي. قدّمت نفسي إلى الدكتور حسيني وهو من مدينة مشهد. وعرفت سريعا أنّ النساء الحوامل يموت أطفالهن لاعدام وجود قابلة. حضّروا لي غرفة. كنا نعمل من الساعة 8 صباحا حتى الثانية ظهرا. وقالوا لنا ولأنّ الراتب قليل يمكنكم العمل بعد الدوام الرسمي. فقلت لنفسي آخذ المال من من؟ من هؤلاء المحتاجين للقمة يومهم! انتبهت لوجود ذباب كثيف في القرية، فجمعت الرجال وأخبرتهم أنّ الذباب يسبب الكثير من الأمراض. بات العمل في التوليد كبيرا، ياتينا سكان 20 قرية، حتى لم يعد يمكنني أخذ استراحة. كانوا يأخذوني إلى القرى القريبة والبعيدة. بعض الولادات الحقيقة خطرة جدا.في إحدى المرات كان رجل ينادي عليّ دكنورة دكتورة وشرح لي بأنّ زوجته حال ووضعها سيء جدا. وحين سألت عن وسيلة نقلنا قال لدي جراف ومن هناك نذهب على الحمير. ووقع مطر قوي في الطريق. كنت أخاف من هجوم الذئاب علينا. وحين وصلنا كانت المرأة تكاد تفقد حياتها. وبعد أن ولدت المرأة واستقر وضعها، جمع زوجها اهل القرية ورحوا يصرخون. فسألته، قال ليس لدينا ما نعطيه. فقلت لهم مباشرة لا أريد المال. وسألتهم هل تتغذى المراة جيدا؟ فقالوا لا. واخرجت من حقيبتي 6 آلاف تومان وطلبت منهم أن يشتروا لها ما تحتاجه. أعتقد أنّ شعار "أطفال أقلّ، حياة أفضل" هي أطروحة صهيونية يهودية جاءت منذ العام 1976.ولكن حسب تحقيقاتنا النساء هناك في سن الخمسين يمكنهن الانجاب وأطفالهن بصحة جيدة. وكانوا في تلك السنوات يعطون هدايا للعائلة الأقل أطفالا. وبسبب ارتفاع عدد الولادات في مرة أهانني الساواك ووصل الأمر للتحقيق معي. وما يعني في المرة الثالثة سوف أسجن وهذا ما حدث أيضا مع الطبيب المشهدي. فقررت السفر إلى طهران. وفي هذه الفترة فقدت والدي ولم يعد لي معين. وصل أنّ أحد أقاربنا ذكر لي بأنّ مشفى البرز يحتاج كادرا ويقع خلف جامعة طهران. وهذا ما حصل التحقت العام 1978 بمشفى ألبرز. وكان طبيبا في المشفى من ضمن الشباب السياسيين. ومع لمس حركتي ونشاطي سلمني بيانات. تكلمنا مع بعض. كان هناك بيت كبير في ميدان انقلاب لتجمع الشباب الثوريين وذهبت إليه. تحوّل النشاط السياسي إلى حركة أكبر وخرجت الناس للشوراع. أذكر قبل خروج الناس للشوراع، قد صلّى الدكتور الشهيد مفتح أول صلاة عيد في تلال قيطرية. وكنت معهم.

كان دور النساء قد تكثف مع العام 1978، كانت النساء في الصف الأول. وكنت أعمل في مشفى ثاني وهو مشفى فرحناز بهلوي. واتفقت مع ثوريين آخرين على انزال لافتة المشفى. واتفقنا مع طلاب وفي الساعة العاشرة والنصف مساء مع الدكتور سعادت وكيانور والسيد قادري وبقايي وآخرين، فعلناها. وقد فضحت اسماءنا عند وزارة الداخلية، فاتصل بي الدكتور افشار في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. قال لي دون مقدمات لماذا فعلتم ذلك؟ وقال سوف يقبضون علينا كلنا. وبعد اتصاله اتصلت على الاصدقاء وسألتهم عن ما العمل الآن؟ فارسلوا لنا سيارة أخذتنا إلى جامعة طهران. التحقنا بالطلاب. وبعد تظاهرات كثيرة، دخل الإمام الخميني (ره) للبلاد.

والآن حين أنظر للأمور بعد أعوام ارى حجمها الحقيقي. اتصل بي الدكتور محتشمي وقال: يا ترابي تعالي للمشفى وصل لنا الكثير من جرحى مظاهرات الثالث من شعبان. حين دخلت حارة سرجمه وجدت شاحنة محملة بمداسات. لقد قتلوا الكثير من الشعب. المشفى مملؤ بالجرحى.

وكان للنساء دور مؤثر، حولن منازلهن إلى مستشفيات للجرحى. وانتصرت الثورة كما توقعنا.

وبعد الثورة حصل أزمة كردستان. أصدر الإمام امرا بتحرير كردستان في 24 ساعة. دخلنا مع فريق طبي إلى كرمانشاه. ولم يكن بالامكان الدخول لها عبر الأرض ولا الهواء. وأرسلوا لنا طائرات مع دعم جوي. وحين قصدنا المشفى اطلعنا الشهيد جمران بان المشفى صادره اعداء الثورة. وقد أرسل 24 من الحرس الثوري ولكنهم لم يعودوا! وقد تمّ ارسال وفد من تابعي خطّ الغمام (ره) ولكن رأيت بنفسي كيف قطعوا رؤوسهم.  ثم عدنا إلى طهران.

لم نسترح حتى تناهى لنا خبر غزو صدام. عدنا الى الاهواز. قال الشهيد جمران اسرعوا بالذهاب إلى سوسنكرد. وحين دخلنا سوسنكرد رأيت كيف سقطت مدن مثل الدهلاوية وبستان ومعسكر الحميدية. كنت أرى دبابات الاعداء. حصل الكثير من الأحداث في سوسنكرد. أصاب صاروخ عائلة تتكون من 16 فردا. وكان المشهد مرعبا. شاهدت كيف كان أب مع ابنه يركضان وفي لحظة تقطع شظية رأس الأب. وعدنا للأهواز وكانت السيدة علم الهدى قد استاجرت بستانا للنساء من أجل دعم الجبهة. وأقولها لولا النساء لما انتصرنا في دفاعنا المقدس. وكما قال الإمام الخميني وقائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي، ضحت النساء في الدفاع المقدس بأزواجهن وأخوتهن وأبنائهن. كن يدافعن بطريقتهن.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2332



http://oral-history.ir/?page=post&id=9214