التدقيق في الوثيقة والتاريخ الشفوي

علي رضا كمري
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-03-20


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم، أحييكم وأشكر الله أني وفقت في زيارة الإمام علي بن موسى الرضى عليه السلام. عنوان موضوعي هو "نتاج أو مقدمة لمعرفة مناسبة بين الوثيقة التاريخية باليوميات، المخصصة للمذكرات، في الدراسات التاريخية ومعرفة التاريخ". ولتوضيح الموضوع من الواجب توضيح الكلمات الرئيسية لكم، وإن كنتم لستم في حاجة لتوضيحها ولكن يجب إيضاح الاصطلاحات منذ البداية.

1/ الوثيقة- وجمعها وثائق- وهي تُطلق على نصّ يحمل معلومات، وحسب المفهوم العام يطلق على الورقة المحددة وليس على كل ورقة، وعلى هذا وإن كانت النقوش (الكتابة على الحجر والخشب وما شابهها) تدخل ضمن المصادر التاريخية، بيد أنها لا تسحب وثيقة.

2/ وحسب المفايهم الاجمالية عن الوثيقة، هناك ثلاث خصائص في الوثائق التاريخية: الأولى أنّ الوثيقة التاريخية لها مكانة أرشيفية، ثانيا بصورة عامة هي تشرح مناسبات متعددة حكومية/ ولتية أو متعلقة بالسلطة، ثالثا النصّ ومحتواه، مثل الجسد وماديته، ليس متوحدا ولذلك تأتي الوثيقة التاريخية كآلية للدراسات التاريخية ولذلك أيضا يعنى بها الباحثون.

3/ ونصل إلى نتيجة مفادها، كلام الناس، شرائح المجتمع المتدنية، وأمام الوقائع التاريخية وما يؤمنون به وعملوا به ليست موجودة تقريبا وإذا حصل ووجدنا ما يشير إليها في الوثيقة  يدل على دور الناس وردة فعلهم فهو متأثر من الأعلى منهم؛ لا ما مرّ في الواقع في أذهان الناس. بعبارة واضحة نحن لسنا أمام ثلاث أنواع وثائقية السلطانيات/ الإخوانيات. وذكرت سابقا أنّ الاخوانيات هي علاقة عائيلة بين الاعيان.  ومجموعة "دليران تنكستان"- المقتبسة من كتاب المرحوم آدميت- حين عرضوا الحلقة الأخيرة، وذلك قبل الثورة، خطرت لي فكرة وأنا مراهق حين ينتهي الأمر في الصلح ويسلم "التنكستانيون" أسلحتهم ويضيعون عبر الكاميرا من بعيد، لماذا دخلوا في هذا الصدام وكيف فكّروا وما حدث لهم؛ وهذا ما يكمن طرحه أمام كل حركة ونهضة، لماذا دخل رفقاء ميرزا كوجك خان وباقر خان وستار خان ميدان الحرب، كيف عملوا وماذا حدث لهم وهي أسئلة لا نجدها في الوثائق التاريخية أو أنها غير شافية. وهذا السؤال يمكن طرحه على العقود الأخيرة. منها قبول القرار 598 والخروج من حرب السنوات الثمان بين إيران والعراق، لأنه من دخل الحرب والجبهات- وليس من هم أعلى منهم- حتى اليوم الأخير، لأنّ قبول القرار ونهاية الحرب ليس كما هو متصور ولا موضوعيى فيه، إذ المفاجئة والحيرة، بل الصدمة من ناحية الدخلين في الحرب، خاصة المؤنين بقدسية الحرب، لم يحدث كما هو متوقع لهم ولا تشير الوثائق إلى هذه الوقائع.

من الواضح أنّ هذا النوع من الدراسة الكلاسيكية التاريخية- وعمره في إيران تقريبا قرن- هو الغالب. رغم أنّ نفس الفكر التاريخي والبحث/ الفكر التاريخي، له ماهية تاريخية، أي أنه تابع ومتأثر من حركات إجتماعية وسياسية واقتصادية وفكرية وثقافية، وفي الحقيقة النظرية تابعة ومتأثرة للنصّ وليست غالبة عليه. وهنا يجب العناية بحركات ومكافحات الاجتماعية كعوامل متغيرة في الفكر التاريخي. وظهر العناية ب "التاريخ الاجتماعي" و"التاريخ من الأسفل- لا من الاعلى"، "الأنثروبولوجيا" في القرن الأخير وهي تحتاج إلى مقتضياتها الخاصة. وهنا تجد المذكرات الموضوعية الاهتمام.

5/ ويقصد من "المذكرات" كل الاظهارات الذهنية/ نتائج عن قوم؛ طبقة أو مجتمع أمام أفعالهم. وتبتني  هذه المذكرات على نطاق واسع وتدخل فيها كل من الأحلام التصويرية والصوتية والأحاديث والشعر والاناشيد والشائعات والشتائم...). رغم ذلك أركّز على "مذكرات بالارادة"؛ خواطر / خواطر مدونة/ خواطر مدونة عبر اسئلة/ خواطر مكتوبة ويوميات والمعرفة غالبات ب "التاريخ الشفوي". والقضية المهمة هنا ما يفترض تاريخا شفويا  وعبر ميزان التفريق بينها ومطابقتها ومقارنتها مع الوثائق.

6/ "التاريخ" بمعناه كظاهرة وتقرير حدث في زمان ومكان من هذا العالم وعادة يحدث في "من" و "إلى" زمانيين وجغرافيين معلومين ويحصل على اعتبار تاريخي. لأنه ليس كل حدث هو تاريخ. التاريخ عبر معنى حدث في زمن ما وشروط يصل للنهاية، وإن لم تكن هذه النهاية ذهنية. بيد أنّ المؤرخ يهتمّ "بحث وتحقيق المصادر والمنابع، الوثائق والنتاجات، الشواهد والأدلة" ليصل إلى "ترميم الحدث". من البديهي أنّ التاريخ يحدث في معنى النصّ/ التقرير، وهو معاد من ترميم المؤرخ وهذا النصّ رواية الحدث، وهو ليس كل الحدث، هو مقتطع من الكل. وليس هو مبرأ مما يعتمل في داخل المؤرخ ومحيطه. لذلك هي ليست قاطعة مثلما يحدث في العلوم التجريبية عبر الاستدلال والبراهين. والنتيجة أنّ البحث التاريخي حركة مستمرة ويقع ضمنها التاريخ كله.

7/ وحسب ما مرّ التاريخ مثل "بنة" تصنع على منابع ووثائق. وهنا يتعلق البحث عن نوع العلاقة والنسبة بين الوثيقة  مع "شواهد شفهية". ومجبر أنا على العودة إلى مقولة التوثيق ثم أعود لموضوعي الأساس. الوثيقة بمعنى نصّ فيه أنواع وأقسام متنوعة ويجب أن أذكر هنا: الوثيقة هي النصّ لم يدون أو يوثق كوثيقة- مثل الرسائل الادارية. تنقسم الوثيقة على حسب قيمته إلى ثلاث أقسام: وثيقة محرزة وصحيحة النسب- وثيقة مزورة- وثيقة مجهولة ومبهمة. ويمكن تميير المحتوى على ثلاث أقسام: وثيقة معتمدة وصادقة، وثيقة كاذبة وغير صحيحة (بمعنى أنّ الوثيقة صحيحة ومحرزة، ولكن محتواها نادر) والوثيقة مبهمة وغير معلومة في المتن والادعاء.

بصورة عامة أراها جميعها وثائق، حتى المزور منها. لأنها جميعها تدل على أمر ثانوي- لماذا زورت الوثيقة أو المحتوى!

ويمكننا الخروج من هذا الموضوع تثبيت حقيقة وصدق الوثيقة. بصورة أخرى لا محالة من أنّ عمل المورؤخ النقد وإيضاح الوثيقة ثم الاعتماد عليه.1

 

 

  1. نصّ محاضرة علي رضا كمري في جلسة مركز وثائق العتبة الرضوية في مدينة مشهد الرضى.

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 2333



http://oral-history.ir/?page=post&id=9145