نظرة على "أطباء الجبهات" في مجلدين

تاريخ الطب الشفهي الحربي؛ ما لم يقل ورؤى

سبيدة رضى زادة
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-02-14


"أطباء الجبهات" هو عنوان كتاب من جزئين وقد صدر هذا العام (2020) عن دار دارخوين في 1000 نسخة. تتحدث لغة الكتاب السلسة والبسيطة عن تاريخ الاسعافات في المستشفيات الحصراوية طوال 8 سنوات الحرب بين إيران والعراق، يرويها لنا طبيبان حاذقان مازال يعملان في الطب. في الجزء الأول يتحدث علي رضى مهاجري عن تاريخ عمليات نجات الجنود والقادة في فترة الدفاع المقدس وفي الجزء الثاني يتحدث محمد علي عطاري. وقد حاور ودوّن العمل مرتضى مساح وأخرج الكتاب بلغة محببة للقارئ ومبسطة. ويكفي قراءة المقدمة للتعرف على أسلوب الكتاب والأحداث التي تقع في الخطّ الأمامي وفي مستشفيات صحراوية يرويها طبيبان اصفهانيان؛ وبالطبع أحدهما ولد في مدينة طبس ولكنه عاش في اصفهان أكثر من نصف عمره في اصفهان. وقد جلس الكاتب أكثر من 4- ساعة محاورا الطبيبين. ومنذ البداية يحدد عمله إذ يكتب "كتابة تاريخ الحرب الشفهي ليس فقط نقل أحاديث عن الأسلحة ووصف لألعاب العدو النارية". يكتب مساح أنّ ذهنه انشغل بهذا الموضوع منذ فترة طويلة وهو كيف كان يعالج المصاب أثناء الحرب وتتحسن حالته ويعود للحرب مرة أخرى؛ وكلّ ذلك يتمّ أسرع مما نظن. ولا ريب أنّ العملية تقع على عاتق الممرض وفي الكثير من المواقع على عاتق وذكاء وقوة اتخاذ القرار السريع للطبيب، وقد أجاب طبيبان على أسئلة الكاتب التي تحيط به.

يتعرف القارئ في قمدمة الجزء الاول على شخصية مهاجري. يدخل كلية الطب في العام 1967. تزوج مهاجري في الثمانينات ودخل في التجنيد وتمّ بعثه إلى شهر كرد. ونقرأ أنه في العام 1983 نجح في فرع الجراحة ودخل مشفى آية الله صدوقي في اصفهان. ينحدر مهاجري من عائلة متدينة ويذهب أبوه في نفس الفترة إلى الحج. وتتناول الفصول الثلاث الاولى مراحل "من الولادة حتى اليفاعة، أجواء العائلة والتعليم"، "الشباب، البيت والمدرسة في العصر البهلوي الثاني"، "الجامعة، وحش امتحان الجامعة والدخول في فرع الطب" ويتطرق إلى حياة الطبيب الشاب وفي الفصل الرابع "الثورة؛ المدينة والجامعة في قمة الثورة" إلى فترة مهاجري الجامعية. وهنا يتطرق مهاجري إلى بعض تسيب الجامعيين في فترة البهلوي الثاني ويشير إلى فتاة انتحرت في الكلية. وفي نفس الفصل يشير إلى دخول الساواك للجامعة بثياب طلاب وفي الصفحة 54 يظهر تمايل الشاه إلى سحب الطلاب إلى جانبه. وفي نفس الفصل يشير مهاجري إلى أنّ الساواك كان يضايق الطالبات المحجبات حتى من لا شأن لها بالسياسة، وأحيانا يأخذونهن! يصبح مهاجري طبيب جراح ويتطرق الفصل الخامس والسادس لهذا الموضوع "الزواج؛ التجنيد وجهاد الاعمار" و "المقر؛ بداية الحرب المفروضة وولادة أول طفل". ويتطرق الفصل السابع إلى "المحاربة؛ عمليات والفجر 8 ومخاطر تخلب اللبّ" حيث يحضر مهاجري في أول عملية حرب ويقول "تفعيل الآراء المبدعة وارتباطنا بمقر الاغاثة المشترك والمعالجة الحربية غير المدونة جعلت الجميع منسجما ويكفي وصول رسالة لكي يحضروا في أي مكان يحدد". ويقول في صفحة 93 الفصل السابع أنه كان يحمل حقيبة طبية  وإذا اتصلوا به يذهب مع مجموعة من الطلاب إلى المكان المحدد. ويتحدث الراوي عن المستشفيات الصحرواية حتى الحدود واصابة القذيفة والهجوم الكيميائي ومعالجة الجرحى في الحرب. ويقول في قسم آخر من الكتاب أنّ أحد المسؤلين أشار إلى تلّ وقال يقع هنا مشفى! تعجبتُ وقلت له ليس فيه لا سرير ولا معدات طبية. ويقول إنّ الزمن ليس ملكه وأحيانا يتصلون به منتصف الليل إذهب للأهواز أو مكان آخر. وكنتث أذهب وأجد المكان وبعد ساعتين أو أكثر يطلقون سراحي لأعود. ويقول إنّ أحد التقسيمات هي التي منعت استشهاده في عمليات والفجر 8. ويتذكر الطبيب دارخوين وبينما كانت السماء تمطر كان هو يسير حتى وصل للمشفى. وهنا يذكر أول تجربة له في الجراحة والضغط على طبيب شاب. وتشير صفحة 95 ومشكلة عدد الجرحى. وتصوّر نفس الصفحة مشهد اصابة سقف المشفى وهي لحظة حساسة. وقد تعرف مهاجري على العديد من الأسلحة ومديون لهذه المعرفة للحرب. وقد كاد أن يصاب بالكميائي في عمليات والفجر 8. في الفصل الثامن يتطرق إلى العمليات الجراحية التي أنقذت الكثير من شباب الوطن. وكانت في مرتفعات السليمانية وهي برأي الراوي من أصعب الأوقات الحربية، لأنها قد انكشفت وسربت، واكن عدد الجرحى والشهداء مرتفعا. ةيتحدث عن العمليات الجراحية التي كانت مستعجلة، وعليه اتخاذ القرار بسرعة. ويستذكر الأحداث ومنها احضار جندي بحالة جيدة ولكن شريانه مقطوع. وجريح آخر مصاب ب40 شضية. وإذا لم تتخذ القرار سيموتون.

وفي الجزء الثاني نلتقي مع الصديق الحميم ورفيق البروفيسور مجيد سميعي، محمد رضى عطار. ولد عطاري في طبس ويجد نفسه اصفهاني بل وزوجته من اصفهان. ولد عطاري العام 1957، اخصائي تخدير والمراقبات الخاصة. وكان في الجبهات الجنوبية والغربية. تتشكل عائلته من 9 إخوة وكانوا جميعهم يعملون مع والديهم في الصحراء محرومين من أقلّ الرفاهية. يقول: "ينشأ إحساسي بالتخدير بالاستناد إلى آيات القرآن. شعور اعادة الحياة ونجاة الانسان، شعور الموت الموقت والحياة المجددة. أعتقد بوجود علاقة بين التخدير وما وراء الطبيعة وفهمتها مرات عديدة. لديّ شعور جيد من ابتعاثي إلى آبادان لمدة 13 يوما إلى مشفى طالقاني وأنقذت العديد من موت محتم، إذ أصابتهم شضية بقلبهم أو في صدورهم أو رقابهم". ويتطرق في الفصل الأول إلى صفهة تلقاها من معلمه مما حوله إلى "الفتى الحساس" المشهور في المدرسة. وقد استهوته أجواء الثورة، مما دعاه إلى توزيع البيانات المسربة مع أصدقائه في الجبال وقبض عليهم الساواك وسجن ثم اطلق صراحه. ويقول إنّ الساواك كان يراقب تحركاتنا. وكان عطاري الطبيب المراقب في فترة النقاهة للشهيد حسين خرازي. وينتهي كل جزء من الكتاب بصور تعكس حياة الطبيبن أثناء الحرب وبعدها.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 1998



http://oral-history.ir/?page=post&id=9066