ضرورة الاهتمام بالتاريخ المحلي للثورة الإسلامية في القرى

محمد مهدي عبدالله زاده
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-02-10


 

تعد كتابة تاريخ الثورة الإسلامية وتدوينها إحدى القضايا المهمة التي يجب معالجتها، حيث أنّ إهمالها سيؤدي إلى إنقطاع ثقافي. تجدر الإشارة، إلى أنّ كتابة التاريخ بشكل منحاز سيكون لها عواقب سلبية، وتاريخ الثورة يجب أن يُروى كما كان،عدم الكتابة والتأليف في هذا المجال سيكون مضراً لدرجة سيؤدي إلي التأويل والإهمال في مشاهدة وتسجيل الأحداث.

لم تؤد الأحداث الكبرى التي وقعت في الأعوام 1963-1978 فقط إلى انتصار الثورة الإسلامية، بل في ذات الإنتصارات السياسية هناك عوامل سياسية واجتماعية وثقافية وفنية ودينية لعبت دوراً مفصلياً، والأهم من ذلك، دور القيادة في إنجاح كفاح الشعب ونضاله المستميت. أي جعلت معتقدات سكان البلدات والقرى في جميع أنحاء البلاد داعمة لرجال الدين والحوزات العلمية.

خلال سنوات النضال، خاطر الناس من القرى والبلدات البعيدة والقريبة بحياتهم من أجل النهوض بالحركة الإسلامية. إنّ دراسة التيارات والأنشطة الثورية في جميع أنحاء البلاد أمر مدهش. على سبيل المثال، في البحث الميداني الذي قام به المؤلف في دراسة دور أهل قرية ميغان [1] شاهرود في الثورة الإسلامية في عام 2017م، تم الحصول على العناوين التالية، والتي هي جزء فقط من محتواها:

ردة فعل أهالي ميغان مع ظاهرة كشف الحجاب ، ودعم أهالي ميغان للدكتور مصدق، وتشكيل اجتماعات ثورية سرية في ميغان والقرى المجاورة، ومكتبة إرشاد ميغان، وتقليد الإمام الخميني في ميغان، وتوزيع المنشورات، وإعداد الأسلحة، وتسلق الجبال الثوري، والمسرح الثوري في ميغان، أناشيد ثورية عن محرم في ميغان، يوم 11 من محرم عام 1978م، مظاهرات ميغان السرية في شهرود، دور نساء ميغان في الثورة، دعوة من رجال الدين الثوريين، مظاهرات في ميغان، النشاط الثوري في علي آباد كتول، مدرسة ميغان الثانوية إبّان الثورة الإسلامية، شهيد الثورة،استقبال أهالي ميغان للإمام الراحل، وشهيد من ميغان في كنبد.

تجدر الإشارة إلى أنه تمت مقابلة أكثر من خمسين شخصاً من هذه القرية ممن تجاوزوا سن العاشرة عام 1978م لإجراء هذه الدراسة.

لقد مرت سنوات منذ انتصار الثورة الإسلامية ولم يتم تسجيل معظم ذكريات وأحداث الثورة في البلاد، فقد رويت مذكرات ثورة عظيمة من قبل معظم الناس الذين كان عمرهم حوالي عشر سنوات في ذلك الوقت.

ليس فقط تسجيل ونشر ذكريات الناس عن الفترة الثورية التي ستساعدهم في هذا المجال، حيث يتم سرد معظم الروايات أحادية اللغة بلغة "الراوي" فقط. يتم عرض الذكريات من زاوية واحدة ولا تُرى عادةً من زوايا أخرى، ولكن في التاريخ الشفوي سيتم تعميقها من خلال التحقق ومصداقيتها أيضاً. بعد الثورة والدفاع المقدس، أخذ التاريخ الشفوي في الاعتبار وخلال هذه الفترة تم إنتاجه ونشره بانتظام في المجال النظري والعملي للأعمال الهامة. عندما نسعى لإنتاج تاريخ شفهي عام محلي، سننظر في وجهات نظر مختلف الأشخاص في عملنا. مما يجعل الجميع يرى ويقترب من الواقع.

على هذا الأساس، وصف قائد الثورة، أثناء لقائه مع المسؤولين والباحثين في مركز توثيق الثورة الإسلامية، كتابة التاريخ الصحيح والدقيق للثورة الإسلامية بأهمية بالغة وضرورية من حيث موجاتها المؤثرة والملهمة، وأكد ذلك أنه في كتابة تاريخ الثورة الإسلامية يجب أن تأخذ بعين الإعتبار جودتها للب اهتمام ملايين الشباب الذين لا يعرفون الثورة الإسلامية والقضايا المرتبطة بها كما ينبغي.

في النظرة التقليدية للتأريخ وكتابته، يجب أن يكون نصف قرن على الأقل قد انقضى لأنّ حدثاً ما قد يكون ممكناً. والسبب في هذا الحذر هو مظهر من مظاهر الزوايا الخفية والواضحة للحدث وتحرر المؤرخ من هيمنة المحافظين وربما انتمائه إلى الجهات الفاعلة المؤثرة في هذا الحدث ومداهنتهم لأنّ الكثير من الوثائق، وخاصة وثائقه السرية والمبوبة، لا يمكن الوصول إليها.[2]

يقتصر موضوع التاريخ المحلي [3] على منطقة جغرافية معينة، مع تفاصيل وإدخال شخصيات مجهولة محلية. في التاريخ الريفي المحلي، ينصب التركيز على الريف، وتركز المدن على العاصمة، أي العاصمة ومراكز القوة والثروة، ويظهر عملياً أنّ نظرتنا للتاريخ هي من الأسفل إلى الأعلى، وهو نفس الهدف من التاريخ الشفوي. إنها وجهة نظر مفادها أنّ كل مناضل وناشط خلال  نضال الثورة الإسلامية، لديهم معلومات قيمة ويجب عليهم التواصل معهم وكتابة تجاربهم ومعلوماتهم قبل أن يرحلوا عن هذه الدنيا.

عندما ننظر إلى التاريخ المحلي، فإنّ كل بلدة وكل قرية لديها مواهب في تاريخ الثورة الإسلامية التي هي من مؤسسي تاريخ الثورة الإسلامية. عند القيام بهذا العمل من خلال هذه النظرة، حيث أدى المظهر العام للناس إلى انتصار الثورة، ستُرى جميع القرى والأحياء والمدن  في كتابة تاريخ الثورة، ونتيجة لذلك، سيتم سماع جزء كبير من الأشخاص الذين شاركوا في الثورة.

التاريخ المحلي أكثر دقة وتفصيلاً بسبب تفاصيله. في القرى، يعرف الناس بعضهم بعضاً، لذلك لا يوجد مكان للخلاف في هذا المجتمع الصغير.

واحدة من السمات البارزة للثورة الإسلامية هي انتشارها ومشاركة أهل المدينة والقرية. رغم أنّ دعم حركة الإمام الخميني (رحمه الله) في بعض المناطق الحضرية والريفية لم يبدأ في عام 1963م، فكلما كان انتصار الثورة أقرب، زادت مشاركة سكان المدينة والريف.

كان دور القرويين في الأنشطة السياسية والشخصية الاجتماعية والسلوك السياسي للفلاحين مثار جدل دائم في مجال علم الاجتماع السياسي وخاصة في الدراسات الريفية. تشير بعض المصادر والوثائق إلى تواجد القرويين بشكل ضئيل تقريباً خلال الثورة الإسلامية. تنكر بعض الدراسات الريفية الوجود المستقل للفلاحين في الشؤون الاجتماعية والسياسية للدول وتعتبر هذا الوجود معتمداً على شرائح المجتمع الأخرى. في معظم التطورات الاجتماعية، بدا أنّ الفلاحين كانوا محايدين إلى حد كبير أو مجرد مراقبين للنضالات السياسية أو في انتظار ظهور مفاجئ لمنقذ، ففي العامين الأخيرين قبل انتصار الثورة الإسلامية، انضموا إلى الحركات الثورية ضد الشاه تحت تأثير مظاهرات المدينة.[4]

في هذا الصدد، يكتب أحمد أشرف عن وضع المجتمع الريفي الإيراني في السنوات التي سبقت الثورة الإسلامية في إيران: عندما اشتدت الثورة في المدن خلال السنوات 1977 و1978، بقي القرويون، الذين يشكلون حوالي نصف السكان، غافلين عن نشاطات المدن أو أولئك الذين شاركوا في أنشطة معادية للثورة. أظهر استطلاع لأساليب التعبئة الثورية (الجماهير) أنّ 2 بالمئة فقط من مجموع 2483 حالة، شاركوا في نصرة الثورة بالمناطق الريفية آنذاك.[5]

على عكس تصريحات أحمد أشرف وفهم دور القرويين في الثورة الإسلامية بمزيد من الدقة، من الضروري النظر في مثل حركة من لبسوا الأكفان في ورامين. في هذه الانتفاضة التاريخية الرائدة، حيث تم قتل المتظاهرين في جواد آباد وورامين وقرجك، في 6 يونيو عام 1963م بواسطة  عملاء وأزلام النظام البهلوي بشكل فجيع آنذاك.[6]

يبدو أنه من أجل توفير الوثائق اللازمة لتاريخ الثورة الإسلامية، من الضروري تسجيل وتحرير المذكرات الشفوية لسكان القري. سوف تكشف هذه الذكريات الثمينة عن نقاط جديدة من نضال الشعب الإيراني ضد حكومة بهلوي.

------------------------------

[1] كان عدد سكان قرية ميغان عام 1978م حوالي 3000 نسمة. نشر تقرير هذا البحث قسم الفنون في محافظة سمنان.

[2] ملايي تواني عليرضا، (2009م)، "مراجعة وتحليل بيانات المقابلة" مقابلة حول التاريخ الشفهي (وقائع الاجتماع الخاص الرابع وورشة العمل حول التاريخ الشفهي)،طهران، دار سورة مهر للنشر، ص 105.

[3] (Local History]

[4] ولف،اريك،القرويون والثورات،(2013م) (الدراسات النظرية والمقارنة والتاريخية للثورات)،ترجمة محمد تقي دلفروز،كوير،طهران،الطبعة الثالثة،ص 89 – 100.

[5]أشرف،أحمد،السلطة والمناسبات الإقليمية قبل وبعد الثورة الإسلامية في إيران،ترجمة سهيلا ترابي فارساني،نيلوفر، الطبعة الأولي،2008.

[6] مركز توثيق الثورة الإسلامية - حسين مولايي، قراءات الثورة الريفية http://94.182.131.132/fa/news/85/

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2224



http://oral-history.ir/?page=post&id=9055