العرض الأول لكتاب "من الحرب حتي الدفاع المقدس، النص والهوامش"

سجل تجميع ذكريات الدفاع المقدس

إعداد : ريحانة محمدي
ترجمة: حسن حيدري

2020-02-02


يمكننا القول ببعض الحذر أنّ هذا التاريخ أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية تقريباً. لم ينتظر الناس المؤرخين الرسميين لبدء الكتابة وأخذ الحوارات وقاموا أنفسهم بهذا الأمر. عند القيام بذلك، أعلم أنّ السيدة خاني عادة ما تكون تحمل سؤال أو سؤالين، فهي ليست محاورة سلبية. بسبب النطاق الواسع للحرب العالمية الثانية، كان من الضروري على جميع الجنود الجلوس والتحدث بشكل فردي. في ألمانيا، تم تشكيل المجموعة 47. أي بعد عامين من نهاية الحرب العالمية الثانية، انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 1945. في عام 1947، وبعد عامين، تم تشكيل مجموعة وبدأت في جمع الذكريات وإجراء المقابلات. إذا لم أكن مخطئاً ، فقد حصل ثلاثة من هؤلاء الجنود الذين قاموا بالكتابة، علي جائزة نوبل. آخر حاصل على جائزة نوبل كان  غونتر غراس [1] الجندي الذي كتب  كتاب (طبل الصفيح)[2].وحصل عليها هاينريش بيل. منتصف سبعينيات القرن الماضي، كانوا جنوداً، وكانت الحرب قد انتهت، وكانوا جوعى. كانوا يبحثون عن شيء للأكل. قامت تلك المجموعة 47 بهذا العمل. بدأت، ولم يعدوا ينتظرون العمل الرسمي. لذلك يمكننا أن نقول ببعض الحذر أنه منذ عام 1945 فصاعداً ، بدأوا في جمع التاريخ الشفهي، سواء هم أو عائلاتهم، وحتى عندما عاد جنودهم، وأسرى الحرب أيضاً. تقريباً حتى يومنا هذا. هكذا كان الحال في إيران. حتى في الحرب البوسنية، قاموا بكتابة ذكرياتهم. أي أنّ البوسنيين، على الرغم من وجود حرب أهلية، والتي استمروا لمدة ثلاث سنوات، وأنشأ الجيش البوسني جماعة "تسمى جمعية إنجازات الحرب في البوسنة والهرسك". أقاموا مؤتمرا تذكاريا للحرب قبل بضع سنوات؛ وشارك فيه من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا. الذي كان في سراييفو. شاركت فيه. لقد تحدثنا كثيرًا، لأنه حان الوقت لحربهم. كانوا بعيدين عنا، لكننا لم نكن بعيدين عنهم. مقال آخر قدمته هو أن الجنود كانوا يقفون. إذا كتب جندي مذكراته عن الحرب، فسوف يقف إلى الأبد. إذا لم يكتب ذكريات وقته في الحرب، فسيترك حربه غير مكتملة. ليست كاملة. الجنود الذين يكتبون مذكرات يخبرون أمتهم أننا أكملنا حربنا. حيث كان ينبغي لنا أن نصد الرصاص بصدورنا، وكتبنا إليك حيث يجب أن نكتب. و يعتبر رصيداً وطنياً، لأنه كان من قبل شاهد عيان علي ما قمنا به. وسيذكر في الصحف وفي الأحداث، بمصداقية من الدرجة الأولى. قد يكون هناك حادث في شارع طالقاني، أو في ميدان فلسطين، إنه حادث مرير للغاية، بل قد يتحدث حوله وزير الداخلية، وحتى رئيس الشرطة أو شرطي المرور، ولكن يتحدث عن عمل قريب أو قريب من الحادث، يقول عنه بائع في محل بيع الزهور، وتلك الصيدلية، أو بائع العصائر التي تحمل نفس التعبير: " كنت في حوالي الساعة الثالثة، جاءت سيدة وأردت أن أعطيها عصيراً فسمعت صوتاً مفاجئاً، التفتت فرأيت هذا الحادث". كان يتحدث كالصحفيين. إنه شاهد عيان. يعود الشهود من الحرب ويبدؤون الكتابة، ويروون ما حدث لهم. يقال في بعض الأحيان أنّ هذا الأدب هو شكل راقي ليس ليس له مثيل. الجندي الذي ظل أسيراً لمدة 10 سنوات، ثماني سنوات، وعندما يعود إلى المنزل، يرى الجميع كوابيس ما. لكنهم لايتحدثون عن ذلك.

لفترة مديدة كان أحد الأسري، يستيقظ في تمام الساعة الثانية ليلاً ويبقي واقفاً. كان والده يتحدث عن الأمر، نم يا ولدي. يقول نحن تعودنا علي ذلك لأنّ المكان كان ضيقاً جداً. يجب علي أحد الشباب أن يبقي واقفاً في الليل لينام الآخرون. كان المكان شبراً واحداً وأربعة أصابع فقط. أي لايمكن للأخوة أن يتحركوا. وهذه هي من ضمن الأحداث التي حدثت في الحرب. كانت مثل هذه الأمور تحدث في الحرب ولايعلم عنها أحد، لايمكن لأي أحد أن يمنع هذا الأسير من كتابة هذه الروايات أو غيرها. هذه مأساة إنسان يتألم ويعيش في حمم بركانية هائجة، من ثمّ يكتبها علي الأوراق. لا يمكن لأي شخص أن يمنع كتابة هذه الأحداث والذكريات علي الإطلاق. كما نحن لانستطيع ذلك أيضاً. لدينا أحداث كثيرة في الوقت الراهن.عدد من الأسري الذين كانوا هنا، لم ينبسوا ببنت شفة لغاية اليوم.60 ألف أسير عراقي كنا نطعمهم في ثلاث وجبات. لكن حسبما يقولون ليس كذلك. بالطبع كانت أحوالهم جيدة للغاية. كانوا يسخرون من أجمل الأشياء التي كنا نمتلكها. لكن ينبغي علينا أن نعطيهم ثلاث وجبات من الطعام بشكل يومي. لأننا لانمتلك مطبخين، فكان لنا طاهياً واحداً فقط. نفس الطعام الذي يأكله الأسير العراقي، كان يتناوله القائد وضابط الحراسة وجندينا، حتى أنا الذي كنت مراسلاً، أتناوله أيضاً. كانت أمتعتهم أفضل بكثير من تغذية جريدتنا.

هناك نقطة أخرى حول الفنون التشكيلية والرسم، والدكتورصادقي كان علي علم بذلك الأمر. مع السيد بهبودي، أجرينا ذات مرة مسابقة للذاكرة بين السجناء العراقيين. والرسم والشعر. ثلاثة فروع . لقد عملنا في الغالب مع هذه الذكريات، ولكن خلف هذه الملفات الإدارية المسطحة، جاء إثنان أو ثلاثة منهم ورسموا بعض الرسوم، وشعرنا أنه ليس شيئاً عادياً. لأنني لا أعرف اللوحات على الإطلاق. ليس السيد بهبودي ولا أنا. لا نعرف عن الرسم شيئاً. قمنا بحملها وذهبنا نحو السيد خسروجردي وحبيب صادقي وكاظم جليبا. قلنا لهم لانعرف عن هذه الرسوم شيئاً. قمنا بتقديمها لهم. قلنا لهم هذا عمل أسير عراقي، قالوا كلا بل هذا عمل أستاذ ذي خبرة. من خلال سطرين قام بتحديد مدينة حلبجة. كان شيئاً مذهلاً. لازلنا نحتفظ بها. بأمر منهم ذهبنا وعثرنا علي الرسام. من بين كل هؤلاء الأسرى تعرفنا عليه. كان رجلاً يزيد عمره عن 40 عاماً، ومن قوات الإحتياط. تم استدعائه. يجب أن يكون في حلبجة. كان هناك حوالي سبعة أوثمانية أيام في حلبجة حيث تم أسره بعد هجوم قواتنا، وهكذا يتم القبض عليه. لقد كان هنا منذ ما يقرب عامين. حوالي مائتي لوحة رسم حيث احتفظنا بها  في مستودع الفنون. 50 منها كانت حول حلبجة. تم أسره هناك ورسم ما رآه. في الوقت نفسه، عرضنا هذه اللوحات في معرض الرسوم. ثم كتب السيد زم رسالة إلى القائد يقول فيها إن هذه اللوحة قد تم رسمها هنا من قبل أسير عراقي. قال أيضاً - كما تعلمون، في هذه الحالة، يمكن للقائد الأعلى للقوات المسلحة فقط إطلاق سراح الأسير - لقد كتبوا خطاباً لإطلاق سراح هذا الرجل إحتراماً لمكانة الفن. وتم إطلاق سراحه وجاء إلي دائرة الفنون. كان لفترة من الزمن يصمم غلاف الكتب لنا. ثم ذهب نحوالسيد مجيد نمازي. وكان تخصصه نحت الرخام الإيطاليا. كانت زوجته أيضا في إيطاليا. كأنما تطلق. قال إذا أعطيتني ثلاثة أمتار من الرخام، فسأحفر مشهد رحيل الإمام (رحمه الله) لكم على الحجر. لأنه كان من سعادتي أن أرى عظمة  تشييع جثمانه. وجدنا كل ما طلبه منا. ذهبنا مع أحد الشباب ووجدنا ثلاثة إلى متر واحد من ساحة السوس. ووجدنا أيضا الأقلام والمطارق والمعادن. أخذناه إلى معسكر حيث لا يمكنك حتى الحصول على وتد واحد. تجد هذه اللوحات الآن في الطابق الأرضي علي الجدار. عند مجيئكم إلي هنا يمكنكم مشاهدة تلك اللوحة. وقع عليها قائلاً: ضيف الجمهورية الإسلامية على سبيل المثال. الأسير العراقي، أبوحيرت. من أهالي مدينة البصرة. لأنّ هذا الموضوع كان قريباً من مناقشتنا  قمت بسرده لكم. هذا هو واحد من الأعمال الفنية في زمن الحرب. قالوا إنّ التمثال الذي يوجد بالقرب من جامعة بغداد من أعماله. لقد مر عام من الحرب. وهرب لسنة واختفي في بيت جدته آنذاك. كان يعرفنا جيداً. ذهبنا إلى مشهد معه في رحلة. قلت أنا أريد أن أشتري لك خاتم حسب ذوقك. قال الفيروز النيشابوري فقط. كانت ثقيلة جداً، لكن اشتريته له.

لقد بذلت السيدة خاني جهوداً مضنية من أجل هذا الكتاب، إجراء المقابلات، الجلوس أمام الضيوف، الإعداد والتدوين وتنزيل المقابلات، كل هذه الأعمال تعتبر شاقة وصعبة للغاية. في الواقع هو هذا عملنا ويعطي ثماره بشكل بطيء وتدريجي. لقد مر وقت طويل، وقد استغرق الأمر الكثير من العمل. أهنئ السيدة خاني على العمل الشاق الذي يشاهده الكثير الآن.[4]

 

 

موضوع ذات صلة: مقابلة مع السيدة مينو خاني حول كتاب "من الحرب إلى الدفاع المقدس"

تقرير بالصور/ كشف النقاب ونقد ودراسة كتاب "من الحرب إلي الدفاع المقدس،النص والهوامش"

------------------------------------

[1]غونتر فيليام غراس: بالألمانية: Günter Wilhelm Grass

[2]كتاب The Tin Drum، تأليف غونتر ويلهام غراس

[3] هاينريش ثيودور بيل، بالألمانية: Heinrich Theodor Böl

[4]كلمة السيد مرتضي سرهنكي في إجتماع كشف النقاب عن كتاب "من الحرب إلي الدفاع المقدس، النص والهوامش"، تأليف السيدة مينو خاني، والذي أقيم يوم 2 ديسمبر عام 2019م في دار حوار المدينة (خانه وارطان)،شارع طالقاني غربي،رقم الدار 514.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2346



http://oral-history.ir/?page=post&id=9043